هل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية تغيِّر مسار مستقبل المهن والوظائف في سلطنة عمان؟
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
يشهد سوق العمل في سلطنة عمان تحولات كبيرة نتيجة التغيّرات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية المتسارعة، مما يجعل التوظيف واستدامة فرص العمل من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، وبرزت الحاجة إلى تهيئة بيئة عمل متكاملة تواكب مستهدفات رؤية عمان 2040، وتعزز دور القطاع الخاص في استيعاب القوى العاملة الوطنية.
ومع تسارع هذا التحول الرقمي وانتشار الذكاء الاصطناعي، باتت طبيعة الوظائف تتغيّر، حيث أصبحت المهارات التقنية والتحليلية والتخصصات المتقدمة من أهم العوامل التي تحدد فرص التوظيف، وتستطلع (عُمان) الآراء والتوقعات حول مستقبل الوظائف والمهن في سلطنة عمان.
أكد سعادة الدكتور عبدالعزيز بن راشد الهاشمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى أن توظيف القوى العاملة الوطنية يشكل عاملا أساسيا في تحقيق التنمية والازدهار؛ إذ تساهم الكوادر الوطنية في عمليات الإنتاج ودفع عجلة النمو الاقتصادي، موضحا أن الدولة تعمل على تنفيذ العديد من البرامج التنفيذية وفق مستهدفات رؤية عُمان 2040، بما يراعي الاستدامة، الجوانب الاجتماعية، وتوفير فرص العمل، مشيرًا إلى أن سوق العمل يخضع لمعادلة العرض والطلب، حيث يمثل العرض الباحثين عن عمل وفق تخصصاتهم وخبراتهم، فيما يعتمد الطلب على القوى العاملة على حجم الاقتصاد وهيكل النشاط الاقتصادي واحتياجاته.
وأضاف الهاشمي أن النمو في القطاع الحكومي محدود، مما ينعكس على محدودية الفرص الوظيفية المتاحة فيه، ما يستدعي تعزيز دور القطاع الخاص في توظيف الباحثين عن عمل، وهنا تبرز مسؤولية الدولة في توفير بيئة داعمة لنمو واستدامة القطاع الخاص من خلال تشريعات وقوانين تحفز الاستثمار وتطور البنية التحتية، إضافةً إلى تنفيذ برامج التنويع الاقتصادي في قطاعات الأمن الغذائي، الصناعات التحويلية، اللوجستيات، التعدين، السياحة، والاقتصاد الأخضر، فضلًا عن دعم ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما يعزز مساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي ويوفر فرص عمل متزايدة.
مبادئ التنافسية والربحية
وأشار الهاشمي إلى أن القطاع الخاص قائم على مبادئ التنافسية والربحية، وبالتالي فإن التوظيف فيه يخضع لمعايير تشمل التخصص، المستوى العلمي، المهارات الشخصية والتخصصية، والخبرة العملية، مؤكدا أن على الدولة مسؤولية تطوير التعليم بمختلف مراحله لضمان توافق التخصصات مع متطلبات سوق العمل، إلى جانب إعداد كوادر تتمتع بالمهارات اللازمة لتعزيز الإنتاجية، وفي المقابل، يقع على عاتق القطاع الخاص مسؤولية تدريب القوى العاملة التي يستقطبها، وتنمية قدراتها المهنية، وتهيئتها لمواكبة متطلبات العمل وتعزيز مساراتها الوظيفية.
وفي ظل التحديات المرتبطة بارتفاع أعداد الباحثين عن عمل مقابل محدودية الفرص في سوق العمل، شدد الهاشمي على أهمية تدخل الدولة عبر أدوات فعالة، مثل برامج التدريب والإحلال، وتحفيز القطاع الخاص من خلال زيادة الإنفاق وتقديم التسهيلات اللازمة، بما يضمن استقرار سوق العمل ويوفر فرصًا وظيفية مستدامة.
وأكد الهاشمي أن التحول الرقمي المتسارع والانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي يشكلان تحديًا كبيرًا لمستقبل التوظيف، حيث تؤدي التقنيات الحديثة وأتمتة العديد من العمليات إلى تقليل الحاجة إلى القوى العاملة في مختلف القطاعات. ولمواجهة هذه التحديات، دعا إلى تطوير التشريعات والأنظمة بسرعة ومرونة، وتحديث المناهج التعليمية والتدريبية، مع التركيز على التخصصات المرتبطة بتقنية المعلومات، والاقتصاد الرقمي، بما يضمن استمرارية النمو الاقتصادي ويوفر فرص عمل مستقبلية للباحثين عن عمل.
مستقبل المهن والوظائف
أكد الأستاذ الدكتور محمد بن زاهر العبري، أستاذ هندسة النفط والكيمياء بجامعة السلطان قابوس ومدير مركز أبحاث تقنية النانو أن مستقبل المهن والوظائف في سلطنة عمان يشهد تحولا جذريا بفعل التطورات التكنولوجية الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والإنترنت والرقمنة، موضحا أن سوق العمل لم يعد يعتمد فقط على العمالة التقليدية، بل أصبح التركيز الأكبر على المهارات العقلية والفكرية والتخصصات المتقدمة، مما يستدعي التركيز على الدراسات المتعمقة والتدريب على المهارات الحديثة.
وأوضح العبري أن القطاعات الأكثر نموًا في سوق العمل العماني تشمل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية والطاقة النظيفة، خاصة مشاريع الهيدروجين الأخضر وتقنيات خفض الانبعاثات الكربونية، وذلك تماشيًا مع التوجهات العالمية والتزامات سلطنة عمان في تحقيق أهداف الاستدامة.
وحول تأهيل الشباب العماني لسوق العمل المستقبلي، أكد العبري أن هناك حاجة إلى مواءمة التعليم مع متطلبات السوق، مشيرا إلى أن التغيير جارٍ بالفعل في المؤسسات الأكاديمية، لكنه بحاجة إلى وتيرة أسرع لمواكبة التطورات المتسارعة، مشددا على أهمية التعلم الذاتي وتطوير المهارات الشخصية، حيث لم يعد التعليم الجامعي وحده كافيًا، بل يتطلب الأمر تطوير القدرات الشخصية، مثل التفكير النقدي وحل المشكلات والتكيف مع المتغيرات.
وفيما يتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف، أوضح العبري أن تأثيره يعتمد على ما إذا كانت السلطنة ستتجه نحو إنتاج وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي محليا، أم ستكتفي فقط باستخدامها، فإذا تمكنت عمان من الاستثمار في توطين وتصنيع الذكاء الاصطناعي، فسيؤدي ذلك إلى خلق فرص عمل متقدمة تتطلب مهارات عالية، وإذا اقتصر الأمر على استيراد التقنية واستخدامها، فقد يحد ذلك من فرص الابتكار والنمو الوظيفي.
وأكد العبري أن التحديات لا تزال قائمة، خاصة مع اعتماد القطاع الخاص في عمان بشكل كبير على تقديم الخدمات بدلا من التصنيع والإنتاج، لافتا إلى أن تعزيز الإنتاج المحلي والقطاعات التكنولوجية المتقدمة سيكون مفتاحا لخلق وظائف نوعية مستدامة في المستقبل.
مستقبل المهن
أوضح الدكتور قيس بن داؤود السابعي، مستشار قانوني وخبير اقتصادي وعضو بالجمعية الاقتصاد العمانية أن الوظائف ومستقبل المهن في سلطنة عمان والعالم بشكل عام يشهد تحولات كبيرة في ظل التطور السريع الذي يشهده العالم، مشيرا إلى أن هذه الوظائف أصبحت جزءا أساسيا ومحوريا في عملية التنمية والتقدم، بل وفي توفير الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للبشرية، موضحا بأننا نشهد تطورا متسارعا في شتى المجالات، حيث كان الناس في الماضي يعتمدون على الأجهزة التكنولوجية البسيطة والهواتف النقالة، بينما أصبح اليوم قطاع التكنولوجيا، بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي، الأتمتة، الخوارزميات، الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي هي المحور الأساسي لحياة المجتمع الحالي.
وأشار السابعي إلى أنه سيكون هناك طلبا متزايدا على الوظائف التي تتطلب مهارات فنية وتقنية، مثل التسويق الإلكتروني والذكاء الاصطناعي، الأتمتة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وإنترنت الأشياء بالإضافة إلى مجالات مثل الطاقة المتجددة والأمن السيبراني والرقمنة، وسيكون هناك طلب على متخصصين في تحليل البيانات، تطوير مواقع الويب، تصميم الأيقونات الإلكترونية، وتوثيق المواقع. وأضاف أن هذه التحولات تتأثر أيضا بالمتغيرات العالمية؛ كالعرض والطلب وتقلبات الأسعار للمواد الاستهلاكية وسلاسل الإمداد والكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى التغيرات الجيوسياسية.
ويلاحظ السابعي بأنه على الرغم من التطور التكنولوجي الكبير، فهناك وظائف بشرية حقيقية لا يمكن الاستغناء عنها، مثل مهنة الطب البشري، فإنه من غير المتوقع أن يكون البشر في الشرق الأوسط أو الدول النامية مستعدين لقبول العلاج من قبل روبوتات أو تقنيات مشابهة، لافتا إلى أن الاختلافات الثقافية تؤدي دورًا كبيرًا في تحديد الوظائف المطلوبة، حيث تُصنف بعض الوظائف على أنها تقليدية أو دنيا وأخرى على أنها عليا، ولكن المستقبل يتجه نحو الوظائف التي تعتمد بشكل أساسي على تقنية المعلومات، وفي الوقت الحالي لا توجد وظيفة يمكن ممارستها دون الإلمام بأساسيات التكنولوجيا، سواء في القانون، الطب، الشركات أو أي مجال آخر، فمن الضروري أن تكون لدى الشخص معرفة بأساسيات استخدام الحاسب الآلي، مثل إتقان برامج "إكسل" و"وورد"، وفتح وإرسال البريد الإلكتروني، واستخدام الإنترنت ومواقع الويب، فقد أصبحت على الأقل هذه المهارات أساسية وضرورية في سوق العمل اليوم.
وشدد السابعي على أهمية تفعيل مادة تقنية المعلومات بشكل أكبر وأعمق مع إلمام الطلبة بالجوانب المتطورة والمتعلقة بهذه المادة في كل المراحل الدراسية، كجزء من مناهجهم الدراسية في جميع التخصصات لتعريف الطلبة بتقنيات المعلومات والبرمجيات الحديثة، بالإضافة إلى أهمية عمل حلقات تدريبية للباحثين عن عمل والموظفين العاملين لإثراء معرفتهم وتثقيفهم ليتمكنوا من مواكبة التحولات التكنولوجية العالمية.
ريادة الأعمال
كما اقترح السابعي أهمية وجود مادة متعلقة بالاقتصاد والاستثمار وريادة الأعمال، حيث أوضح السابعي أن ريادة الأعمال ستؤدي دورا كبيرا في تقليل البطالة في سلطنة عمان، حيث يشكل القطاع الخاص العامل الأساسي في دفع الاقتصاد الوطني، داعيا إلى أهمية توسيع قاعدة القطاع الخاص ودعمه من قبل الحكومة لتعزيز قدرة هذا القطاع على توفير المزيد من فرص العمل.
وفيما يتعلق بتأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على سوق العمل، قال السابعي: "نعم، ستتأثر الوظائف التقليدية، وسيقل الطلب عليها بشكل تدريجي بسبب التحول نحو التكنولوجيا الحديثة والأتمتة". وأوضح أن تطبيقات التكنولوجيا مثل التجارة الإلكترونية والمصارف الرقمية قد تسببت في تقليص عدد الموظفين في العديد من الشركات.
وأوضح السابعي أن العائق الأكبر أمام الباحثين عن العمل في سلطنة عمان هو تباين الوظائف المتاحة وعدم التناسب مع المتطلبات الحالية لسوق العمل، إلى جانب تأثير الظروف الاقتصادية والجيوسياسية على توافر الفرص.
وأكد السابعي أن التحديث المستمر في المهارات المهنية لمواكبة التطورات التكنولوجية أصبح ضروريا لضمان النجاح في سوق العمل، وأن العمل على تحديث المناهج وتطوير المهارات الرقمية سيكون له دور كبير في تقليل البطالة وتحسين الأداء الاقتصادي في السلطنة.
التقنيات الحديثة
أكد المهندس سعيد بن عبدالله المنذري، الرئيس التنفيذي لمجموعة إذكاء التابعة لجهاز الاستثمار العماني أنه بحكم عمله في مجال التكنولوجيا فإن سوق العمل المستقبلي سيشهد تحولات جوهرية، حيث ستزداد الحاجة إلى التخصصات المرتبطة بالتقنيات الحديثة، لا سيما في مجالات تحليل البيانات، الذكاء الاصطناعي، والبرمجة، موضحا أن العديد من الوظائف التي بها تراتبية سوف ستتلاشى لصالح الأنظمة المؤتمتة والروبوتات، مما يستدعي توفير كوادر قادرة على تطوير هذه التقنيات وإدارتها، مبينًا أننا لن نشهد انخفاضا في الوظائف وإنما سيكون هناك تغيير في نوعية الوظائف.
وأشار المنذري إلى أن هذه التحولات تصب في مصلحة سلطنة عمان، إذ يمكن تهيئة الكوادر الوطنية والباحثين عن عمل لتلبية متطلبات سوق العمل المستقبلي، خصوصًا في مجالات التقنية وعلوم البيانات، بينما ستتراجع الحاجة إلى الوظائف ذات المهارات المحدودة وستستبدل بالتقنية.
وحول آليات تأهيل الشباب العماني لسوق العمل الجديد، أوضح المنذري أن هناك مسارين أساسيين: الأول يركز على إعداد الناشئة وخريجي التخصصات التقنية من خلال تعزيز مهاراتهم في مجالات تكنولوجيا المعلومات والوظائف المستقبلية، فيما يتمثل المسار الثاني في دعم رواد الأعمال لإنشاء شركات تقنية ناشئة، مما يسهم في تعزيز ريادة الأعمال وخلق فرص جديدة في السوق.
وفيما يتعلق بالمهارات التي تبحث عنها الشركات عند توظيف الكوادر الجديدة، شدد المنذري على أهمية المهارات التطبيقية إلى جانب المؤهلات الأكاديمية، مؤكدًا أن سوق العمل المستقبلي لن يعتمد فقط على المعرفة النظرية، بل سيتطلب مهارات كفنون التواصل والقدرة في التعامل مع الآخرين والعمل ضمن فريق وحل المشكلات بالإضافة إلى المهارات الفنية المتخصصة في المجالات التقنية، مما يجعل الشهادات المهنية والتقنية ذات أهمية متزايدة.
كما أكد المنذري على ضرورة تحديث المناهج الدراسية لتواكب متطلبات سوق العمل المستقبلي، مشيرًا إلى أهمية إدراج برامج ريادة الأعمال والتقنيات الحديثة في مراحل التعليم الأساسي، بالإضافة إلى تعزيز الجانب العملي في التعليم الجامعي ودمجه بشكل وثيق مع القطاعات الاقتصادية المتنوعة في السلطنة، بما يسهم في إعداد خريجين قادرين على تلبية احتياجات السوق بكفاءة.
وحول التحديات التي يواجهها الشباب العماني في الحصول على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية، لفت المنذري إلى أن بطء النمو الاقتصادي في بعض الفترات وتأخر تنفيذ المشاريع قد يؤثران على سرعة الطلب على الكوادر البشرية، إلا أن التحسن الاقتصادي يسهم بشكل مباشر في توفير المزيد من الفرص الوظيفية.
وأكد المنذري بأنه قد يدّعي البعض أن القدرات لا تتواكب مع المتطلبات، ولكن من خبرتنا في التعامل مع خريجي الكليات التقنية، بأن الخريجين يحتاجون لفترة وجيزة لتهيئتهم لسوق العمل، وهذا الوقت القصير قد يؤتي ثماره لإيجاد كوادر قادرة جدا على أداء مهامهم بكفاءة. وفي هذا السياق، أوضح أن مجموعة إذكاء أطلقت عدة برامج لتعزيز مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، من بينها برنامج "تمكين"، الذي يستهدف خريجي الجامعات من خلال إلحاقهم بتجربة عملية مكثفة، تمتد من 6 إلى 12 شهرًا؛ بهدف سد الفجوة بين الجوانب الأكاديمية والتطبيقية، مما يسهم في تسريع اندماجهم في بيئة العمل الحقيقية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: متطلبات سوق العمل الذکاء الاصطناعی الباحثین عن عمل القوى العاملة ریادة الأعمال فی سلطنة عمان بالإضافة إلى القطاع الخاص فی سوق العمل الحاجة إلى لسوق العمل على أهمیة العبری أن العدید من ا إلى أن من خلال
إقرأ أيضاً:
شراكات اقتصادية عمانية جزائرية وآفاق واعدة
العمانية: أقيم اليوم بالعاصمة الجزائرية منتدى رجال الأعمال العماني الجزائري بعنوان: "الشراكات الاقتصادية الجزائرية العمانية.. مجالات رائدة وآفاق واعدة"، ضمن مشاركة سلطنة عمان ضيف شرف في الدورة الـ 56 لمعرض الجزائر الدولي.
وأوضح معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أن تنظيم هذا المنتدى الذي شهد حضور نخبة من أصحاب الأعمال من البلدين الشقيقين، دليل على الاهتمام المتبادل بين الجانبين لتنمية العلاقات وتعزيز الاستثمار المتبادل والبحث عن فرص استثمارية بين الطرفين سعيًا لإيجاد تبادل تجاري، وبحثًا عن فرص استيراد وتصدير.
وقال معاليه في كلمته إن سلطنة عمان تسعى إلى تنويع وارداتها وتعزيز صادراتها من المنتجات العمانية وإيجاد تكامل استثماري بين البلدين الشقيقين، مشيرًا إلى أن المنتدى يهدف إلى تنمية العمل المشترك ودفع مقومات التكامل نحو آفاق أكثر اتساعًا؛ لبناء اقتصاد تنافسيّ متفاعل مع اقتصادات العالم، ومندمج معها، ومتواكب مع المتغيرات، وقادر على دفع استدامة الاقتصاد الوطني خاصة وأن الحكومتين تسعيان إلى تقديم التسهيلات والحوافز والممكّنات كافة والتي من شأنها منح القطاع الخاص القدرة على الإسهام في تحقيق الازدهار والنمو المستدام.
وأعرب معالي وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار عن أمله في أن تعزز مشاركة سلطنة عمان ضيف شرف بالدورة 56 لمعرض الجزائر الدولي زيادة التبادل التجاري الاستثماري بين البلدين الشقيقين، داعيًا القطاع الخاص في البلدين إلى القيام بدوره المنشود مع استعداد حكومتي البلدين لتوفير كافة الممكنات المطلوبة.
من جانبه عبّر معالي الطيب زيتوني وزير التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية بجمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية عن اعتزازه بالعلاقات التاريخية والأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، والتي بلغت، في السنوات الأخيرة، مستوىً نوعيًّا من التقارب والتفاهم الاستراتيجي.
وأشار معاليه في كلمته إلى أن زيارة دولة التي قام بها فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية إلى سلطنة عمان في أكتوبر 2024، ثم زيارة أخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم إلى الجزائر في مايو 2025، شكلتا محطتين مفصليتين في مسار العلاقات الجزائرية العمانية، توّجتا ببيان مشترك أكد بوضوح إرادة قائدي البلدين في تعزيز الشراكة الثنائية، والارتقاء بها إلى آفاق أرحب، تخدم المصالح المشتركةَ للبلدين والشعبين الشقيقين.
وأوضح معاليه أن التعاون الاقتصادي الجزائري العماني قطع خطوات واعدةً، تجسّدت في مشروعات كبرى على غرار مجمّع إنتاج الأسمدة بمدينة "بأرزيو"، بقيمة تناهز 2.4 مليار دولار أمريكي وإنشاء الصندوق الجزائريّ العمانيّ للاستثمار، إلى جانب مشروعات قيد الدراسة في قطاعات السيارات، والطاقة، والصناعة الصيدلانية، والزراعة، مؤكدًا على إمكانية توسيع آفاق التعاون الاقتصادي لتشمل قطاعات واعدة وحيوية مثل السياحة، والخدمات، والصناعات الثقافية، والصناعات التقليدية، وهي مجالات يملك فيها البلدان إمكانات كبيرة وفرصا استثمارية حقيقية داعيًا إلى مضاعفة الجهود لتطوير قنوات التصدير والاستيراد، واستغلال قدرات البلدَين وتكامل مواردهما الطبيعية والبشرية.
من جهته، قال سعادة فيصل بن عبد الله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان إن الجانبين بحثا خلال هذا المنتدى فرص الشراكة المشتركة، والاطلاع على الفرص الاستثمارية المتاحة في كلا البلدين.
وأضاف سعادته: إنه من المتوقع أن تكون هناك شراكات بين المستثمرين في البلدين الشقيقين في العديد من القطاعات أبرزها الصناعات التحويلية والصيدلة، مشيرًا إلى أن السوق الجزائري يعد سوقًا واعدًا ويتمتع بموقع استراتيجي يتيح للمستثمرين الوصول إلى الأسواق المجاورة لها.
وقد اشتمل المنتدى على إقامة ثلاث جلسات حوارية تطرقت إلى فرص الاستثمار في قطاع اللوجستيات والصناعات التحويلية والتطوير العمراني، كما تم على هامش المنتدى تقديم عروض مرئية وترويجية عن الاستثمار في سلطنة عمان والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. وتم تنظيم لقاءات ثنائية بين رجال الأعمال في البلدين الشقيقين هدفت إلى بحث مجالات التعاون التجاري والاستثماري المشترك عبر فتح منافذ تسويقية لمنتجات كلا البلدين والدخول في شراكة استثمارية مشتركة.
حضر المنتدى سعادة السفير سيف بن ناصر البداعي سفير سلطنة عمان المعتمد لدى الجمهورية الجزائرية الشعبية الديمقراطية وعدد من المسؤولين بالقطاعين العام والخاص ولفيف من رجال الأعمال من كلا البلدين الشقيقين.