مقديشو- عند مدخل منزلها المكون من الأغصان والبلاستيك، تطبخ النازحة الصومالية عائشة نور وجبة إفطار لا تكفي أسرتها المكونة من 7 أفراد جميعهم صائمون، وذلك بعد غياب المساعدات الإنسانية التي كانت تشكل جزءا كبيرا من مائدة إفطارهم.

وتقول عائشة للجزيرة نت إن "الأيادي الرحيمة كانت ممدودة لنا بفضل هذا الشهر الفضيل، لكن هذا العام بدا الأمر مختلفا تماما، فلم نتذوق طعم المساعدات في مخيم هيران الذي يضم أكثر من 500 أسرة مثل العديد من مخيمات النازحين بضواحي العاصمة مقديشو".

وأضافت أنهم كانوا يعتمدون على بعض الحرف والأعمال اليومية لسد احتياجاتهم، لكنها لا تستمر في رمضان مما يصعب أوضاعهم المعيشية.

جميعة الشيخ عبد الله النوري الخيرية الكويتية توزع سلالا رمضانية للمحتاجين بمخيم هيران (الجزيرة) حياة معدومة

وقد حل رمضان على سكان مخيمات النازحين الصوماليين في ضواحي مقديشو مختلفا تماما عن الأجواء التي كانوا يعيشونها السنوات الماضية، فبعد أن كانت المساعدات الإنسانية تتدفق عليهم لتخفيف معاناتهم، أصبحت أوضاعهم صعبة جدا نظرا لشح هذه المساعدات التي كانت تقدمها الهيئات الخيرية هذا الشهر الفضيل.

وإلى جانب تأثر الصومال بوقف المساعدات الدولية التي توفرها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وفقا لهيئة الكوارث والشؤون الإنسانية الحكومية، فإن شح المساعدات الإنسانية التي كانت تقدمها الهيئات العربية زاد من معاناة النازحين.

وبدورها، تفكر النازحة كلثوم في قوت أطفالها الخمسة الصغار أكثر من حصولها على وجبة إفطار لها ولزوجها، فأولادها لم يتذوقوا سوى وجبة واحدة طوال اليوم بعد أن عاد الأب خالي الوفاض من الأسواق.

إعلان

وتقول للجزيرة نت "الحياة في هذا المخيم شبه معدومة، المياه هي الوحيدة المتوفرة فيه، الأطفال لا يستطيعون تحمل الجوع، يطلبون مني الطعام وليس لدي ما أقوله لهم".

وتوضح مكة علي (رئيسة مخيم هيران) أنهم أرسلوا دعوات إلى الهيئات الإنسانية العربية التي كانت توفر لهم المساعدات "لكن الرد كان غير متوقع فبعضهم أخبرونا بأنهم لا يملكون أي مشروع موسمي خلال رمضان، مما يعني انتهاء بريق الأمل الذي يلوح لسكان المخيمات بعد وقف المساعدات الأميركية".

وأضافت للجزيرة نت أن ظروف العيش في هذا المخيم صعبة للغاية، حيث اضطرت بعض الأسر للتسول لأن هذا المخيم لم يتلق أي مساعدات إنسانية سوى مرة واحدة منذ شهرين.

 

تحذيرات

من جانبه، حذر منسق الشؤون العربية للهيئة الوطنية للكوارث والشؤون الإنسانية عبد الرحمن وحيد -في تصريح للجزيرة نت- من التداعيات الوخيمة التي سيخلفها قرار وقف الوكالة الأميركية مساعداتها، وأكد أن الصومال سيتضرر نتيجة غياب هذا الدعم الدولي، معتبرا أن الوكالة شريك رئيسي للهيئة في الاستجابة للحالة الإنسانية الطارئة في البلاد.

وأضاف أن وقف المساعدات الأميركية في هذا التوقيت، الذي تحذر فيه جميع التوقعات من أزمة إنسانية وشيكة في الصومال، سيزيد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد "لكن الهيئة ستبذل كل ما في وسعها للبحث عن آليات بديلة لسد هذا الفراغ والتخفيف من وطأة معاناة الشعب الصومالي".

وفي هذا السياق، أطلقت الهيئة نداء عاجلا لتوفير الدعم لنحو ثلث سكان الصومال (6 ملايين نسمة) من مجموع 18 مليون نسمة، بينهم 3.2 ملايين شخص يواجهون أوضاعا مأساوية نتيجة نقص حاد في الغذاء والمياه والخدمات الأساسية.

واستجابة لهذا النداء، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير له، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن خطة طوارئ إنسانية بقيمة 1.42 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية في الصومال خلال العام 2025.

إعلان

وكانت الهيئات الإنسانية العربية تتسابق لتقديم سلال غذائية للمحتاجين (إفطار الصائم) في مخيمات النازحين في ضواحي مقديشو خلال الشهر الفضيل "لكن الوضع تغير هذا العام تماما، فحضورها شبه معدوم في هذه المخيمات".

وفي حديثه للجزيرة نت، عزا مدير صندوق الإغاثة الأفريقي بالصومال خالد أحمد شح المساعدات الإنسانية التي تقدمها الدول العربية إلى "توجيه معظمها برامج الإغاثة الرمضانية نحو مناطق اعتبرت أنها أكثر احتياجا من الصومال مثل فلسطين والسودان وسوريا واليمن".

وأضاف "رغم أننا لانزال في الأسبوع الأول من رمضان، فإن هناك تراجعا ملحوظا في المساعدات الإنسانية العربية مما قد يؤثر سلبا على ملايين المحتاجين الذين كانوا يعتمدون عليها" حيث كانت الهيئات الخيرية توزع سلالا غذائية على الفقراء والنازحين، بينما كانت أخرى توفر مطابخ رمضانية تقدم وجبات إفطار جاهزة.

سلال رمضانية في مخيم جرسبالي في العاصمة الصومالية (الجزيرة) قطر الخيرية

وتفاعلا مع الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه النازحون خارج مقديشو، بدأت بعض الهيئات الإنسانية تقديم معونات خلال رمضان في مخيمات النازحين الذين فروا من ويلات الجفاف والصراعات الجارية في بعض أقاليم البلاد.

وفي السياق، يقول -للجزيرة نت- عبد الفتاح آدم مدير مكتب جمعية قطر الخيرية بالصومال إن الجمعية توزع خلال شهر رمضان المبارك 6273 سلة غذائية على المحتاجين والفئات الأكثر ضعفا، في إطار جهودها الإنسانية الرامية للتخفيف من معاناة الأسر النازحة والمحتاجة، لا سيما ضواحي العاصمة.

وأشار إلى أن هذه المساعدات الغذائية تشكل دعما حيويا للأسر التي تعاني من أوضاع معيشية صعبة بسبب الجفاف والتحديات الاقتصادية والصراعات المحلية، حيث تسهم في توفير الاحتياجات الأساسية خلال الشهر الفضيل الذي يزداد فيه الطلب على الغذاء والمستلزمات الأساسية.

إعلان

وأكد آدم التزام الجمعية بمواصلة تنفيذ المشاريع الإنسانية والإغاثية في مختلف أنحاء البلاد، بما يشمل توزيع المساعدات الغذائية، وتوفير المياه الصالحة للشرب، ودعم المشاريع التنموية التي تسهم في تحسين سبل العيش للأسر المحتاجة.

ووفقا له، فإن حجم الاحتياجات يفوق بكثير ما يمكن للمؤسسات الخيرية تقديمه، لا سيما خلال شهر رمضان، حيث يواجه ملايين الصوماليين ظروفا معيشية صعبة تتطلب تكاتف الجهود الإنسانية من مختلف الجهات المحلية أو الدولية، لضمان وصول المساعدات إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين.

ومن جانبها، وزعت جمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية الكويتية، وبتنفيذ صندوق الإغاثة الأفريقي حتى الآن، نحو 150 سلة غذائية على المحتاجين في المخيمات بهدف تحسين الأوضاع المعيشية لهؤلاء النازحين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان المساعدات الإنسانیة مخیمات النازحین الشهر الفضیل للجزیرة نت التی کانت فی هذا

إقرأ أيضاً:

مسؤول عسكري إسرائيلي يكشف سبب تراجع عدد الصواريخ التي تطلقها إيران وتأثيرها

القدس (CNN)-- قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الضربات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل، التي استمرت، ليلة الثلاثاء وحتى يوم الثلاثاء، كانت "الأقل تأثيرا" خلال خمسة أيام من الأعمال العدائية، فيما اعتبره بأنه مؤشر على نجاح إسرائيل في استهداف مخزونات إيران من الصواريخ ومنصات إطلاقها.

وقال المسؤول، الثلاثاء: "كانت هجماتهم الليلة الماضية هي الأقل تأثيرا منذ بدء العملية". وأضاف: "هذه نتيجة عملية اصطياد الصواريخ التي ننفذها- فهي تؤتي ثمارها".

وعندما هاجمت إسرائيل إيران لأول مرة، الجمعة الماضية، حيث استهدفت بعض منشآتها النووية وقتلت عددا من قادتها العسكريين في طهران، استهدفت أيضا الصواريخ الباليستية الإيرانية.

وزعم سلاح الجو الإسرائيلي، الاثنين، أنه دمر حوالي ثلث منصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية.

وذكر معهد دراسات الحرب (ISW)، وهو مركز أبحاث في العاصمة الأمريكية واشنطن العاصمة، الاثنين، أن وابل الصواريخ الإيرانية "أقل بشكل ملحوظ" من هجومها السابق على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2024. وقال المعهد في تقرير: "من المرجح أن الهجمات الإسرائيلية على منصات إطلاق الصواريخ وقواعدها تعيق قدرة إيران على إطلاق وابل كبير من الصواريخ".

ومع ذلك، أكد المسؤول العسكري أن الجبهة الداخلية في إسرائيل لا تزال "تدفع ثمنا باهظا" بسبب الهجمات الإيرانية.

وأوضح أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية قالت: "كانت هناك ضربات على أهداف مدنية، وكانت هناك ضربات على أهداف عسكرية"، رافضة تقديم تفاصيل، لكنها أكدت أن "القدرة العملياتية لإسرائيل لم تتضرر" نتيجة الضربات.

مقالات مشابهة

  • «إغاثي الملك سلمان» يواصل توزيع المساعدات الإنسانية والطبية في سوريا والصومال واليمن
  • مسؤول عسكري إسرائيلي يكشف سبب تراجع عدد الصواريخ التي تطلقها إيران وتأثيرها
  • بقصف إسرائيلي.. مقتل 20 شخصا على الأقل من منتظري المساعدات الإنسانية جنوبي قطاع غزة
  • الأورومتوسطي .. مؤسسة غزة الإنسانية شريك مباشر في آلة القتل والتجويع الإسرائيلية
  • مجزرة صهيونية جديدة بحق طالبي المساعدات الإنسانية بغزة تخلف 220 شهيدا وجريحا
  • “الحملة الأردنية” و”الهيئة الخيرية” تسندان آلاف النازحين بالماء والطعام في جنوب غزة
  • كاتب أميركي: مؤسسة غزة الإنسانية غطاء لحماية إسرائيل
  • تراجع ملحوظ.. كم حققت أغنية محمد رمضان الأخيرة؟
  • إدارة سجون الاحتلال تلغي جميع زيارات الأسرى التي كانت مقررة اليوم
  • بن رمضان.. مواجهة إنتر ميامي كانت مهمة لنا في البطولة.. وجميع اللاعبين قدموا مباراة قوية