ما يريد الشعب سماعه عن الترابي دوره في إشعال حرب دارفور
تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT
عندما يحتفي الناس بالدكتور الترابي و بذكائه و فقهه ، نذكر أن كثيراً من هذه الصفات و الفتاوي الخاصة به قُتلت بحثاً و نقاشاً. و ربما لأن طلابه مشغولون بإسترداد ملكهم الضائع يلوح لي أنّ كثيراً من أفكاره قد اندثرت أو وُضعت في ركنٍ بعيد و لِما فيها من الغرابة
و الشذوذ.
كان الترابي رجلاً مؤثراً و صاحب قدرة قاهرة على إشغال الناس.
كثير من الأفكار التي دعا لها الترابي و بالتالي عاد الجميع إلى منهج الشيخ حسن البنا السهل الواضح الذي يحفظ رابطة الأخوة و أموال الدعم من الممولين العرب و العجم. أفكار الترابي أخذت من وقته و جهده الكثير. و لم يُبدِ كثير من طلابه استعداداً لمواصلة الصراعات حول الأفكار خاصة مع خصم قويّ مثل السلفيين و هم أهل جلَد في ذلك. يوماً قال الترابي متبرماً في سياق رد على سؤال في ندوة له بسبب إنكاره لحديث الذبابة : ما هذه الذبابة التي تطاردني حول العالم ، إذا ذهبت إلى أوربا أو أي بلد في العالم فلا يسألوني إلا عنها ؟
في ذكرى رحيل الترابي لا بد من تذكر دوره في الحرب و السلام. في إحدى صفحات صراعه مع البشير و محاولته لإظهار القدرة على إحداث أكبر قدر من الدمار و الضرر لهز عرش الذين اختطفوا منه الكرسي ؛ أوقد الترابي حرب دارفور بعد فترة قليلة من طرده من السلطة. و ربما تلبست الرجل روح النمروذ حينها عندما صرخ : ( أنا أحيي و أميت ) ، فأوعز إلى ثلة من طلابه الإسلاميين بإصدار الكتاب الأسود تهيئة للإقليم لحرب هامش كبيرة.
ما يريد الشعب سماعه عن الترابي دوره في إشعال حرب دارفور و ليس عن عبقريته الفطرية. فالرجل كان عبقرياً عندما استلف أفكار خصومه في الحركة الشعبية و أشعل الحريق الكبير الذي امتد لاحقاً ليشتعل في كل الأرض السودانية. الكتاب الأسود كُتب بواسطة طلابه حيث ثم توثيق دور د.خليل إبراهيم في كتابة و نشر الكتاب ثم تهيئة الوضع للحرب بما فيه التحشيد القبلي و البحث عن التمويل. طبعا غاب عن عبقرية الترابي أن الحريق الدارفوري لا يمكن التحكم فيه و أن “جرعة التحريض” الكائنة في الكتاب أوقدت مشاعر الطلب في مكونات قبلية أخرى فانفجرت حركات التمرد يمنة و يسرى و راح مئات الآلاف ضحايا تلك المغامرة المحسوبة بإهمال لتكون تحديّاً إسلامياً مُتحكماً فيه لحكم البشير.
اليوم قد رحل البشير و ما زالت دارفور تنزف . و لقد أشعلت العبقرية الشيطانية التي كتبت ذلك الكتاب نيراناً ظلّت عصية على الإطفاء خلال العقود.
و لقد “شرعن” الكتاب إلحاق الدارفوريين بشعوب الهامش السوداني و أعطاهم
دافعاً لحمل السلاح ضد الدولة أقوى من كل كلمات و محاضرات د.جون قرنق. لقد تفوق الترابي على جون قرنق في ميدانه و بزّه في استخدام وسائله.
الاحتفاء الجدير بالإهتمام بإرث الترابي يقتضي من طلاب الرجل ذكر دوره في تحويل دارفور من أرض وادعة إلى كرة من اللهب. فلقد ظهرت أصابع كثير من طلابه في مفاصل حرب دارفور مثل د.خليل . و ما زالت هناك شهادات لم يسمعها الشعب كشهادة رئيس حزب المؤتمر الشعبي الرجل الدارفوري و الإسلامي المقرب للترابي : د.علي الحاج و غيره من المريدين. فمزاج الحرب و الثأر في السودان لا يجعلنا نطلب في ذكرى رحيل الترابي إلا عن دوره في إشعال حريق ضخم كدليل على الذكاء و القدرة على الإنتقام.
عمار عباس
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: حرب دارفور من طلابه دوره فی
إقرأ أيضاً:
لا بوادر حوار .. حكومة مرتقبة لا يريد الصدر التدخل في تشكيلها
21 نونبر، 2025
بغداد/المسلة: في تطور دراماتيكي يلقي بظلاله على المشهد السياسي العراقي الهش، يبدو أن زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر قد أغلق نهائياً كل الأبواب أمام أي حوار مع الإطار التنسيقي حول تشكيل الحكومة المقبلة، مما يهدد بعمق التوازنات الداخلية في البيت الشيعي .
والى الان لا توجد بوادر لفتح قنوات تواصل، سواء مباشرة أو غير مباشرة، مع قوى الإطار التي سيطرت على أكبر كتلة نيابية بعد انتخابات 11 نوفمبر الجاري .
وعلى هذا النحو، فإن الصدر اختار متابعة التطورات من بعيد، رافضاً أي تدخل في عملية التشكيل.
و يفيد تحليل الوضع بأن هذا الانسحاب الصدري الكلي – بعد مقاطعة الانتخابات التي رفعت نسبة المشاركة – يمنح الإطار التنسيقي حرية حركة غير مسبوقة، لكنه يحمل في طياته مخاطر جسيمة، إذ لا يمكن نسيان أن جماهير الصدر قادرة على قلب الطاولة في الشوارع إذا شعرت بالتهميش التام.
وتشير قراءات مراقبين إلى أن الإطار، الذي شكل لجنتين لاختيار رئيس الوزراء وفق معايير “مهنية ووطنية”، يسعى لحسم الأمر قبل انتهاء المهل الدستورية.
و تؤكد الأحداث أن غياب التيار الصدري عن البرلمان الجديد (329 مقعداً) سوف يسرع التشكيل، لكنه يعزز مخاوف من حكومة “أحادية” تفتقر إلى التوازن، مما قد يشعل فتيل احتجاجات واسعة.
ومن الواضح ان الصدر يراهن على دور معارضة شعبية قوية، مستفيداً من شعبيته .
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts