على كل مسلم الاستحياء من الله حق الحياء، فلا يراك على معصية، ولتكن في المَواطن التي يحبها الله ورسوله، فالحياء من الأخلاق النبيلة التي حث عليها الإسلام، وهو صفة من صفات الله تعالى، ويجب على المسلم أن يكون على يقين، بأن الله يقبل توبته، وأنه واسع المغفرة، فعن سلمان الفارسي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً»، كما أنه خلق من أخلاق النبي صلى الله عيله وسلم، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئاً يكرهه عرفناه في وجهه»، (متفق عليه).
وقد أثنى القرآن الكريم على امرأة، خلد ذكرها لما امتازت به من حياء، فقال الله سبحانه وتعالى: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيتَ لنَاَ فَلمَّا جَاءَه وَقَصَّ عَليَهِْ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، «سورة القصص: الآية 25».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان».. وقال صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».. وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحياء لا يأتي إلا بخير».. وعن عطاء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل حليم حيي ستير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر».
والحياء ملَكة في الإنسان وهو نوعان: «حياء فطري»، وهو الذي خلقه الله تعالى في النفوس كلها، كالحياء من كشف العورة أمام الناس، أما «الحياء الإيماني» فهو الذي يمنع المؤمن من فعل المعاصي خوفاً وخشية من الله تعالى، وقد دعا النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى التحلي بخلق الحياء وبيّن معانيه، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استحيوا من الله حق الحياء، قال: قلنا: يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء.
رمضان إلى رمضان من المُكفِّرات
يقول الله سبحانه وتعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، «سورة الزمر: الآية 53»، وأخبرت الآية الكريمة أن الله تعالى واسع المغفرة، وأنه لا ذنب يقف في ميزان المغفرة إن تاب العبد، توبة نصوحاً. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»، (صحيح مسلم، 233).
ويجب على العبد أن يعتقد أنه لا ذنب يقف في ميزان المغفرة إن تاب العبد، لأن الإنسان مجبول على الخطأ، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطاءُ، وخير الخطائين التوابون»، (سنن ابن ماجه، 4251).
وفي فضل الصوم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام يوماً في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً»، (صحيح البخاري، 2840).
الثلاث المكفرات
من فضل الله تعالى على الصائم أن أدرك هذه الثلاث المكفرات في رمضان، ففيه يصلي المكتوبات ويحضر الجمعات وهو صائم في رمضان، وهذا الفضل لا يتحقق إلا مرة في كل عام، فصيام رمضان إيماناً واحتساباً يكفّر ما تقدم من ذنوب الصائم. قال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه»، (صحيح البخاري، 38). أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الحياء الأخلاق مكارم الأخلاق التربية الأخلاقية رمضان شهر رمضان قال رسول الله صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه قال النبی صلى الله الله تعالى
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
مكة المكرمة
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني، المسلمين بتقوى الله -عز وجل- وطاعته، تقوى من أناب إليه، والحذر من مخالفة أمره حذر من يوقن بالحساب والعرض عليه، وعبادته مخلصين له الدين، ومراقبته مراقبة أهل الإيمان واليقين.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: تيقظوا من سِنَةِ الغفلات فقد انقضى محرم وحلّ بكم صفر، وتنبهوا من رقدة الجهالات واعتبروا بمرور الأيام، فالسعيد من اعتبر، واعلموا أن الله تعالى بعث رسوله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما- بالهدى، وبصّر به من العمى، ذهبت بأنواره ظلمات الجاهلية الجهلاء، وعصبيتها وفخرها بالآباء، واستقسامها بالأزلام وتشاؤمها بالأيام والأنواء.
وحذّر من التشاؤم والطيرة لأنها تَوَقُّعُ الْبَلَاءِ وَسُوءُ الظَّنِّ، وذلك دأب الجاهلين والكفار قال تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون).
ونهى الشيخ الجهني عن سبّ الأوقات والدهور، والتشاؤم بالأيام والسنين والشهور، ولا تنسبوا النفع والضر إلا إلى من إليه ترجع الأمور، فلا شؤم في شهور ولا أيام، فما قُدِّرَ لا بد أن يكون، ومعاداة الأيام جنون، قال- عليه الصلاة والسلام-:(من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك)، رواه أبو داود.
واختتم فضيلته خطبته قائلًا: أصلحوا ما ظهر من أعمالكم وما بطن، واستعملوا جوارحكم في طاعته شكرًا وحافظوا على ما جاء به نبيكم، وأكثروا من الصلاة عليه، فبالصلاة عليه تنالوا الأجر والفوز والقبول، وبكثرة الصلاة عليه تنحل العقد وتنفرج الكروب وتُقضى الديون.
كما أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم المسلمين بتقوى الله حق التقوى ومراقبته في السر والنجوى.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن من أعظم نعم الله إرسال الرسل فهم سبيل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة ولا يعرف الطيب من الخبيث إلا من جهتهم ولا ينال رضا الله إلا على أيديهم، موضحًا أن الضرورة إليهم أعظم من حاجة البدن إلى الروح، مشيرًا إلى بقاء أهل الأرض لا يكون إلا بآثار الرسالة الموجودة فيهم.
وأوضح فضيلته أن الله تعالى أيد رسله بآيات وبراهين تدل على صدق رسالتهم قال تعالى:(أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ)، مبينًا أن الآيات الدالة على نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم- كثيرة ومتنوعة وهي أكثر وأعظم من آيات غيره من الأنبياء، قال عز من قائل:(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ).
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي أنه بعد ظهور نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم- كثرت طلبات المشركين وتنوعت اعتراضاتهم فاقترحوا عليه آياتٍ يأتيهم بها تكبرًا وعنادًا وقالوا لو أنزل علينا كتاب لأخلصنا العبادة لله قال تعالى:(وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ لَوۡ أَنَّ عِندَنَا ذِكۡرٗا مِّنَ ٱلۡأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ فَكَفَرُواْ بِهِۦۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ).
وبين فضيلته أن المشركين بعد نزول القرآن ورؤيتهم ما فيه من المعجزات قالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل عظيم من أهل مكة والطائف قال تعالى:(وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ).
وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن المشركين لما عجزوا عن تحدي الله بأن يأتوا بمثل هذا القرآن أو ببعضه طلبوا من النبي- صلى الله عليه وسلم- استبدال القرآن بغيره قال تعالى:(وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ ).
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله تعالى لو أجاب المشركين بما طلبوا لطلبوا المزيد استكبارًا وعنادًا، مبينًا أنهم من عتوهم إذا تأخرت الاستجابة لمطلبهم في آيةٍ من الآيات استهزأوا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأن ينشأ آيةً من عنده قال تعالى:(وَإِذَا لَمۡ تَأۡتِهِم بِـَٔايَةٖ قَالُواْ لَوۡلَا ٱجۡتَبَيۡتَهَاۚ قُلۡ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ مِن رَّبِّيۚ).
وتابع فضيلته قائلًا إن الله تعالى بيّن أنه القادر على إنزال الآيات ولا شأن لرسله ولا لأحد من خلقه فيها قال جل من قائل:(وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ).
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أنه لجهل المشركين بحكمة الله لم يحقق الله لهم ما يقترحونه ولأن ما طلبوه من الآيات لا يوجب إيمانًا فقد سألها الأولون وأُعْطُوْهَا ولم يؤمنوا فكان هلاكهم واستئصالهم قال الله تعالى عنهم:(بَلۡ قَالُوٓاْ أَضۡغَٰثُ أَحۡلَٰمِۭ بَلِ ٱفۡتَرَىٰهُ بَلۡ هُوَ شَاعِرٞ فَلۡيَأۡتِنَا بِـَٔايَةٖ كَمَآ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ مَآ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآۖ أَفَهُمۡ يُؤۡمِنُونَ)، مشيرًا إلى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يضيق صدره بما يقولون قال تعالى: (وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ).
وأوضح فضيلته أن الله لم يجر العادة بإظهار الآيات إلا للأمة التي حتم بعذابها واستئصالها محذرًا من الاستهانة بجناب الربوبية أو الرسالة فمن لم يعظمهما هلك.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي بأن الإسلام مبنيٌ على أصلين تحقيق شهادة أنّ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فباتباع محمد- صلى الله عليه وسلم- يكون توحيد الله وهو من خير البرية.