الإمارات تفتتح مستشفى مادهول الميداني في جنوب السودان
تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT
جوبا - وام
تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» افتتحت دولة الإمارات مستشفى مادهول الميداني في ولاية شمال بحر الغزال بجمهورية جنوب السودان، بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين من دولة الإمارات وجنوب السودان، والمنظمات الدولية.
ويأتي افتتاح المستشفى - بمتابعة مجلس الشؤون الإنسانية الدولية - في إطار الرسالة الإنسانية لدولة الإمارات نحو تنمية المجتمعات الأكثر حاجة، ومساعدة الشعوب التي تواجه صعوبات للحصول على الخدمات الحياتية الأساسية في مناطق تواجدها، خصوصاً خدمات الرعاية الصحية كضرورة مُلحة لتلقي العلاج المناسب الذي تحتاج اليه مختلف الفئات من الرجال والنساء والأطفال، لاسيما في ظل التحديات القائمة التي تواجه الكثيرين كانتشار أمراض الملاريا بسبب نقص الخدمات الطبية وتوفير الأدوية الملائمة.
وفي كلمة ألقاها خلال افتتاح المستشفى، أكد الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وزير دولة أن المشروعات التنموية والإنسانية التي تنفذها دولة الإمارات تُشكل جزءًا لا يتجزأ من التزام الدولة نحو دعم جميع المجتمعات المُحتاجة، حيث تنفذ دولة الإمارات مبادراتها الإنسانية بشراكة وثيقة مع مختلف المنظمات الدولية ذات العلاقة، وبالتركيز على المشروعات ذات الأولوية العالمية مثل التعليم والرعاية الصحية.
وقال «إن افتتاح مستشفى مادهول الميداني تجسيد لإرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لبذل الخير والعطاء، ويترجم الرؤية المُلهمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، للتضامن والإخاء من خلال معالجة التحديات الصحية ووضع الحلول المستدامة للكثير من المناطق التي تواجه نقصاً حاداً في الحصول على خدمات الرعاية الصحية المناسبة».
وأضاف: «تحرص دولة الإمارات في تنفيذها مختلف المشروعات الإنسانية والتنموية على بناء القدرات وتمكين الأفراد عبر تطوير المهارات، ولذا نحتفل اليوم مع الأصدقاء في جمهورية جنوب السودان بحصد ثمار العلاقات الثنائية المتميزة والقيم العميقة المُتجذرة، بالإعلان عن افتتاح مستشفى مادهول الميداني بسعة أولية تضم 100 سرير وعدة عيادات مُتخصصة لخدمة قرابة مليوني شخص من المجتمع المضيف، والجنوب سودانيين العائدين من السودان، واللاجئين السودانيين في ولاية شمال بحر الغزال».
وأشار إلى أن هذا المستشفى يعد الثالث الذي تقوم بتشييده دولة الإمارات لتوفير الخدمات الطبية للاجئين السودانيين في دول الجوار، حيث شيّدت مستشفييْن ميدانيّيْن في مدينتي أمدجراس وأبشي في تشاد.
وقال: «منذ تأسيسها، شكّل الدعم الإنساني وحماية المدنيين وخاصة من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء، محوراً رئيسياً في توجهات دولة الإمارات، كما أن موقفها تجاه الأزمة التي يمر بها السودان منذ إبريل 2023 واضح وراسخ، إذ إنّ تركيزها الأساسي انصبّ على معالجة الأزمة الإنسانية الكارثية وتبني نهج يعطي الأولوية لمطالب المدنيين ويعالج احتياجاتهم».
كما تطرق إلى التزام دولة الإمارات الثابت والدائم بدعم الجهود المبذولة لمعالجة هذه الأزمة الكارثية، وبالعمل الجماعي مع الشركاء الإقليميين والدوليين لضمان تحقيق الاستقرار والسلام للشعب السوداني الشقيق، تعبيرًا عن قيم التضامن الإنساني الراسخة في دولة الإمارات قيادةً وشعباً.
وأضاف: «جسد تعهد دولة الإمارات بمساعدات إنسانية إضافية بقيمة 200 مليون دولار أمريكي خلال «المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان» في أديس أبابا - وهو المؤتمر الأول بشأن السودان الذي يعقد هذا العام ليحدد المسار للمؤتمرات القادمة التي ستعقد لمساعدة الشعب السوداني - التزامها الراسخ والمتواصل بدعم الشعب السوداني الشقيق، حيث خصصت وقدمت منذ بدء الأزمة 600.4 مليون دولار لدعم الاستجابة الإنسانية، ليصل ما قدمته خلال السنوات العشر الماضية 3.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية للشعب السوداني ما يؤكد التزامها الراسخ بتقديم الدعم للمحتاجين خلال الأزمات».
من جانبه، أوضح سلطان محمد الشامسي نائب رئيس وكالة الإمارات للمساعدات الدولية أن العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين تشهد آفاقاً جديدة من التعاون في مختلف المجالات والقطاعات، ويشكل قطاع الرعاية الصحية أولوية دولية تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة بالتركيز على الصحة الجيدة والرفاه من خلال توفير الممكنات الطبية كإنشاء المستشفيات العامة والمراكز التخصصية وتطوير النُظم الصحية، في إطار بناء القدرات وتنمية الكفاءات والتصدي للتحديات المستقبلية مثل تفشي الأمراض والأوبئة، وسيعمل مستشفى مادهول الميداني على توفير الرعاية الصحية الأولية والخدمات العلاجية الأساسية للكثير من الشرائح والفئات في منطقة مادهول والمناطق القريبة منها.
وبدوره، قال الدكتور همبهري كاراماجي ممثل منظمة الصحة العالمية في جنوب السودان: «نشكر الإمارات العربية المتحدة على جهودها الإنسانية الدولية الرائدة في تعزيز قطاع الرعاية الصحية في القارة الإفريقية عبر العديد من المشروعات والمبادرات، ومن بينها إنشاء المستشفيات لتلبية احتياجات ملايين الناس وتحسين الخدمات الصحية المختلفة، ونشهد اليوم افتتاح مستشفى مادهول الميداني كواحد من تلك المشروعات لخدمة الناس من مختلف المناطق المحيطة بما فيهم اللاجئون».
ومن جهته، قال سايمون أوبر ماووات محافظ ولاية بحر الغزال في جمهورية جنوب السودان: «اليوم هي اللحظة التي انتظرناها سوياً، ونشكر دولة الإمارات على إنشاء مستشفى مادهول الميداني الذي سيعمل على معالجة التحديات الصحية في منطقتنا، فاليوم هو يوم تاريخي لسكان ولاية شمال بحر الغزال والإقليم بأكمله».
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات جنوب السودان الرعایة الصحیة دولة الإمارات جنوب السودان بحر الغزال آل نهیان
إقرأ أيضاً:
كيف يفاقم حصار كادقلي والدلنج الأزمة الإنسانية بالسودان؟
الخرطوم- بعد نحو 15 شهرا على حصار قوات الدعم السريع مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور غرب السودان -والتي أصبحت تواجه خطر المجاعة- يزداد الحصار المشابه على كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، والدلنج ثاني أكبر مدن الولاية.
وتقترب السلع الغذائية من النفاد، مما دفع الجهات الرسمية والشعبية إلى التحرك لإنقاذ أكثر من نصف مليون نسمة في المدينتين المحاصرتين.
فمنذ أكثر من عام ضيقت قوات الحركة الشعبية-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو الخناق على كادقلي محاولة اقتحامها مرات عدة، لكن الجيش كبدها خسائر كبيرة، فلجأت إلى قصف المدينة خلال الأسابيع الماضية.
محاولات للسيطرة
كما قطعت قوات الحلو الطريق الرابط بين كادقلي والدلنج، قبل أن يعيد الجيش فتحه، وبعد سيطرة قوات الدعم السريع على شمال الولاية في منطقة الدبيبات القريبة من الدلنج تحالفت مع الحركة الشعبية ضمن "تحالف السودان التأسيسي" في فبراير/شباط الماضي، وسعت القوتان إلى السيطرة على الدلنج، لكنهما لم تتمكنا من ذلك.
الأوضاع الإنسانية في المدينتين كارثية، حيث أدى الحصار إلى تدهور الخدمات وارتفاع حاد في أسعار السلع الغذائية مع اقتراب مخزونها من النفاد، إضافة إلى انعدام السيولة النقدية وشح الأدوية، الأمر الذي دفع آلاف الأسر إلى مغادرة منازلها بحثا عن ملاذ يوفر الخدمات الضرورية.
وتوجد في منطقة الدبيبات شمال ولاية جنوب كردفان -التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع- عشرات آلاف الأسر النازحة بلا مأوى تحت الأمطار وظروف قاسية، إضافة إلى نقص مقومات الحياة.
وأكدت مصادر رسمية أن والي جنوب كردفان محمد إبراهيم عبد الكريم لم يغادر ولايته منذ اندلاع الحرب، في حين توجه نائبه ومسؤولون آخرون إلى العاصمة الإدارية بورتسودان، لنقل صورة تردي الأوضاع الإنسانية في كادقلي والدلنج إلى قيادة الدولة.
ويعاني السكان هناك من انقطاع الخدمات الأساسية مثل الصحة والمياه والكهرباء، إضافة إلى توقف الاتصالات وغياب الخدمات المصرفية نتيجة نقص السيولة وعدم إمكانية نقلها لأسباب أمنية، مما زاد معاناة السكان.
إعلانوخلال أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين وافقت السلطات السودانية والحركة الشعبية-شمال على إرسال مساعدات إنسانية إلى المناطق المتضررة، حيث نفذت الأمم المتحدة 78 رحلة إسقاط جوي للمساعدات على كادقلي ومنطقتي كاودا وجلد انطلاقا من مطار جوبا في جنوب السودان.
وفي مواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة أطلق ناشطون ومجموعات شبابية ومتطوعون مبادرات عدة لتخفيف معاناة سكان كادقلي والدلنج، ومن بين هذه المبادرات "نفير" و"رؤية جيل" اللتان تهدفان إلى توفير الغذاء للفئات غير القادرة على شراء السلع الغذائية بعد ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وأوضح الناشط الإنساني حامد عبد الله للجزيرة نت أن الوضع في المدينتين وصل إلى مرحلة مأساوية، حيث أصبحت المواد الغذائية والأدوية نادرة، والمواطن عاجز عن تأمين وجبة واحدة له ولأسرته يوميا.
وأشار عبد الله إلى لجوء عدد كبير من السكان إلى تناول النباتات والحشائش لتعويض النقص الحاد في الغذاء، نتيجة الحصار المشدد الذي منع دخول السلع خلال الشهور الأخيرة.
كما تحدّث عن ارتفاع معدلات الوفيات -خاصة بين النساء أثناء الولادة- بسبب انعدام الأدوية الأساسية والمحاليل الطبية وغياب مادة التخدير، مما يجعل عمليات الولادة تُجرى في ظروف قاسية وبدائية تهدد حياة الأمهات والأطفال حديثي الولادة.
ودعا الناشط المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية إلى الضغط على قوات الدعم السريع لفتح ممرات إنسانية آمنة تسمح بدخول المساعدات الغذائية والطبية، أو اللجوء إلى عمليات إسقاط جوي للمساعدات كما نفذت الأمم المتحدة سابقا في مناطق الحكومة ومواقع سيطرة الحركة الشعبية بمنطقتي كاودا وجلد.
من جهته، وعد وزير المالية جبريل إبراهيم خلال لقائه عبد الرحمن دلدوم نائب حاكم ولاية جنوب كردفان بالسعي إلى معالجة تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية وشح السيولة لدى مواطني كادقلي والدلنج، نتيجة الحصار المفروض من الحركة الشعبية وقوات الدعم السريع.
كما تعهد إبراهيم بالتنسيق مع الجهات الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة لتنفيذ عمليات إسعافية عاجلة لإسقاط الأدوية والغذاء، والاستفادة من برامج الدعم النقدي، حتى يتم إيجاد حلول جذرية عبر رفع الحصار وفتح طرق الولاية ومسارات العون الإنساني.
تحرك جماعي
ودفعت الأوضاع الإنسانية الصعبة في جنوب كردفان إلى تحرك رموز سياسية واجتماعية، حيث أطلقوا نداء استغاثة عاجل لإنقاذ أكثر من نصف مليون شخص يعيشون في ظروف كارثية تهدد حياتهم بسبب الحرب والحصار الخانق الذي يمنع وصول الغذاء والماء والدواء.
وأكد نداء الاستغاثة أن الحياة اليومية تحولت إلى صراع للبقاء، وأن ما يحدث ليس مجرد أزمة إنسانية، بل كارثة صامتة حيث يموت الناس ببطء وسط تجاهل العالم.
ومن بين الشخصيات التي وقّعت على الرسالة المفتوحة حاكم ولاية جنوب كردفان السابق حامد البشير وعضو مجلس السيادة السابق البروفيسور صديق تاور كافي وعبد الجليل الباشا القيادي في حزب الأمة القومي وزير السياحة السابق، بالإضافة إلى القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي إسماعيل رحال.
إعلانأما الكاتب المتخصص في شؤون غرب السودان يوسف عبد المنان فأوضح أن الدلنج وكادقلي تواجهان خطر مجاعة يهدد نصف مليون شخص، وتتدهور الأوضاع يوما بعد يوم في ظل موسم زراعي شحيح الأمطار.
ولفت عبد المنان إلى أن الحكومة تبدو غير مبالية بمصير سكان جنوب كردفان، وكأنها تسعى إلى التخلص من عبء على كاهلها.
وبعد أن اقترب الجيش في مايو/أيار الماضي من تحرير مدينة الدبيبات وفتح الحصار عن الدلنج تراجع إلى أطراف الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، في حين استعادت قوات الدعم السريع سيطرتها على المنطقة، مما يوضح أن الحكومة تركز على الدفاع عن الأبيض بدلا من إنهاء الحصار عن منطقة جبال النوبة.
ويرى الكاتب في حديثه للجزيرة نت أن توصيل المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة يمكن أن يتم إما عبر الأمم المتحدة أو من خلال توقيع اتفاق جديد على غرار "شريان الحياة" الذي سبق أن وقعته الحكومة لضمان إيصال المساعدات.