عربي21:
2025-12-02@09:21:25 GMT

وضع اقتصادي مخيف في تونس

تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT

«غالب الظن أن تضطرّ تونس خلال الأشهر المقبلة إلى الاختيار بين خيارَين أحلاهُما مرّ: إما اللجوء إلى إعادة هيكلة ديونها، وإما الشروع في مسار تقشّفي بدعم من صندوق النقد الدولي».
هذا ما خلصت إليه دراسة أخيرة مفصّلة لمعهد كارنيغي للشرق الأوسط، ومقره بيروت، رأت أن «أداء الاقتصاد التونسي هو اليوم دون مستوى إمكاناته بكثير.

والواقع أن المشاكل التي تعاني منها الدولة ناجمة عن سلوكها، أي بتعبير آخر مبسّط إلى حدٍّ ما، تكمن المشكلة في حكومةٍ تُفرط في الإنفاق لتيسير الظروف الاجتماعية، وهذا نهجٌ يُبقي النمو منخفضًا».

ولأنه يستحيل فك الارتباط بين الاقتصادي والسياسي، ذكّر التقرير في نهايته بما عرفه لبنان حيث أن «السبب الحقيقي للأزمة اللبنانية واستفحالها، يُعزى إلى ضعف الحوكمة والسياسة الاقتصادية في البلاد». ويضيف التقرير أن «تجربة لبنان تحمل دروسا حول كيفية تجنّب الانهيار وتفادي الغرق في أزمة مالية. ويكمن الحلّ في تقليص العجوزات وإبقاء سعر الصرف عند مستوى تنافسي. علاوةً على ذلك، تتطلّب معالجة المشاكل الاقتصادية التوصّل إلى اتفاق سياسي حول كيفية توزيع الخسائر وتفادي هروب رؤوس الأموال».

وتأكيدا لهذا الارتباط العضوي بين السياسي والاقتصادي كتب الخبير الاقتصادي التونسي هاشمي عليّة في مقالين هذا الشهر خصصهما للوضع الاقتصادي في البلاد، ونشرهما في مجلة «أيكوويك» أن «تراجع فضاء الحريات هو المقلق حقا لأنه يهدد أكثر فرص تونس في النهوض الاقتصادي وعودة النمو» معتبرا أن اقتصاد البلاد الحالي هو «باختصار اقتصاد نفدت ذخيرته بالكامل وفي طريقه إلى التراجع والتفقير».

كل المؤشرات الاقتصادية الحالية في تونس تبدو سلبية في الغالب، آخرها تفاقم عجز الميزان التجاري لتونس لكامل سنة 2024، بنسبة 10،8 بالمائة، وفق ما أظهرته مؤشرات نشرها في يناير / كانون الثاني الماضي المعهد الوطني للإحصاء تناولت التجارة الخارجية، مع تأكيد تراجع معدل تغطية الواردات بالصادرات مقارنة بسنة 2023 ليصل إلى مستوى 76،6 بالمائة. كما أظهرت بيانات للبنك المركزي التونسي في الشهر نفسه أن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي تراجعت إلى 7.3 مليار دولار وهو ما يغطي 104 أيام من الواردات بعد أن سددت 1.1 مليار دولار من الديون الخارجية.

إن غياب الكفاءة واستمرار مسلسل العبث وإدمان الحكم في تونس على إطلاق الشعارات الشعبوية لم يصحّر فقط بالكامل الحياة السياسية بل نراه يوشك الآن على تدمير كامل للاقتصاد في المقابل، تعدّدت القروض المختلفة التي بات البرلمان التونسي يوافق عليها بشكل متلاحق، حتى نعته البعض بأنه بات برلمان الموافقة على القروض ليس إلا، وصولا إلى موافقته الشهر الماضي على قانون يسمح للبنك المركزي بتوفير 2.2 مليار دولار لتمويل ميزانية 2025 لسداد الديون العاجلة، وهي المرة الثانية في أقل من عام التي تلجأ فيها الحكومة إلى البنك للحصول على تمويل.
ويشير خبراء إلى أن إلى اللجوء المتزايد إلى الاقتراض الداخلي سواء من البنك المركزي التونسي أو البنوك المحلية لن يؤدي في النهاية سوى إلى عرقلة توجه المؤسسات الاقتصادية إلى تمويل المشاريع وتنمية الاستثمار وتوفير المزيد من فرص العمل.

المشكل هنا أن أغلب الخبراء الاقتصاديين يرون أن مرحلة التعافي مازالت بعيدة المنال في ظل الظروف الحالية، ففي مقابلات متعددة مع موقع «الجزيرة نت» رسمت مجموعة من الخبراء الاقتصاديين صورة قاتمة للوضع الاقتصادي في البلاد فقد اعتبر رضا الشكندالي هذا الوضع «سيئا للغاية» مبرزا أن السياسات الحكومية تعتمد تدابير تقشفية على غرار التقليص من التوريد، والحد من الاعتماد على التمويل الخارجي بشكل متزايد نظرا لغياب أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ما أدى إلى ارتفاع وتيرة الاقتراض من الداخل وقلّص تمويل الاستثمار الخاص. واعتبر أن السياسات المطبقة حاليا غير قادرة على تغيير الأوضاع نحو الأحسن، بل إنها ستؤدي إلى خلق أزمات أخرى.

ويرى الناطق الرسمي باسم «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» رمضان بن عمر أن «خطاب السلطة السياسية الحالية فيه تناقض صارخ بين ما تروجه للرأي العام حول إعطاء الأولوية للعدالة الاجتماعية وتحقيق السعادة والرفاه وتطوير الخدمات العمومية، وما يرصده التونسيون في حياتهم اليومية من سياسات تثقل كاهلهم بالضرائب وارتفاع الأسعار وندرة المواد الأساسية» وهو ما أدى في النهاية إلى ارتفاع نسبة الفقر وتقلّص الطبقة الوسطى، عماد الاستقرار لسنوات طويلة.

وترفع السلطة التونسية شعار الاعتماد على الذات وعدم اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، ولكن دون أن تمتلك تصوّرات واضحة لخيار كهذا، ودون أن تكون لها كذلك بدائل مقنعة ومجدية، مكتفية بإطلاق مشاريع هلامية سمتها «الشركات الأهلية» التي لا أحد يدري مدى جدواها الاقتصادية. أكثر من هذا، تونس اليوم تكاد تطبّق عمليا بعض ما كان يطلبه منها هذا الصندوق، من تخفيف سياسة الدعم لبعض المواد الأساسية وتجميد الأجور، دون أن تحصل على التمويل الذي كانت تطلبه من المؤسسة المالية الدولية الأكبر وهو في حدود 4 مليارات دولار لم يصلها منه سوى دفعة أولى قبل أن تتوقف المحادثات بين الطرفين بالكامل.

إن غياب الكفاءة واستمرار مسلسل العبث وإدمان الحكم في تونس على إطلاق الشعارات الشعبوية لم يصحّر فقط بالكامل الحياة السياسية بل نراه يوشك الآن على تدمير كامل للاقتصاد، وحين يجتمع الأمران فتلك هي الطامة الكبرى.

(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس تونس النهضة قيس سعيد سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی تونس

إقرأ أيضاً:

الهاربات تتوج بـتانيت قرطاج الذهبي.. تألق عربي على المسرح التونسي

اختتمت الدورة السادسة والعشرون من أيام قرطاج المسرحية فعالياتها في العاصمة التونسية، معلنة فوز المسرحية التونسية "الهاربات" للمخرجة وفاء الطبوبي بأرفع جوائز المهرجان، وهي جائزة التانيت الذهبي، لتتوج بذلك حضوراً بارزاً ولافتاً كان محل إشادة النقاد والجمهور على حدّ سواء.

وقد برز العرض التونسي في منافسة شهدت حضور أعمال عربية وإفريقية متنوعة، ما عزز من مكانة المهرجان كأحد أهم الملتقيات المسرحية في المنطقة.

ولم يكن فوز "الهاربات" بالجائزة الكبرى هو التتويج الوحيد، إذ حصدت العمل عدة جوائز أخرى من بينها جائزة أفضل ممثلة التي ذهبت إلى التونسية لبنى نعمان عن أدائها في المسرحية، إضافة إلى جائزة أفضل نص التي نالتها المخرجة وفاء الطبوبي، في تأكيد جديد على حضورها المتصاعد في الساحة المسرحية التونسية والعربية.



وحلت المسرحية العراقية "الجدار" للمخرج سنان محسن العزاوي في المرتبة الثانية، مُحصلة جائزة التانيت الفضي، بجانب فوزها أيضاً بجائزة أفضل سينوغرافيا، وهو ما يعكس القوة البصرية والتقنية للعمل، أما جائزة التانيت البرونزي فذهبت إلى المسرحية التونسية "جاكرندا" للمخرج نزار السعيدي.

#الجدار يحصد في مهرجان ايام قرطاج المسرحية
الدورة ٢٦
١. جائزة التانيت الفضي / افضل عرض مسرحي
٢. جائزة افضل سينوغرافيا/ د.علي السوداني
٣. ترشيح الفنان حيدر جمعة لجائزة افضل نص
٤.ترشيح الفنان يحيى ابراهيم لجائزة افضل ممثل
مبارك للمسرح العراقي pic.twitter.com/IGJ4W74qcc — Dr.Sinan-AL-azzawi (@azzawi_sinan) November 30, 2025

وفي فئة التمثيل، أعلنت لجنة التحكيم فوز المصري أحمد أبو زيد بجائزة أفضل أداء تمثيلي عن دوره في مسرحية "سقوط حر" للمخرج محمد فرج خشاب، ليضيف المهرجان تتويجاً عربياً جديداً في واحدة من أهم جوائزه.


وأكد مدير المهرجان محمد منير العرقي في كلمة الختام أن دورة هذا العام شكلت "فضاءً حياً للإبداع وتبادل التجارب المسرحية"، مضيفاً أنها سجلت حضوراً جماهيرياً كبيراً، إلى جانب عروض وفعاليات نوعية أثرت المشهد الفني التونسي والعربي.

وشهد الحفل أيضاً تكريم عدد من الأسماء المسرحية والأكاديمية البارزة، من بينهم الأكاديمي محمد مسعود إدريس، والممثل عبد الحميد قياس، والمخرجة والممثلة ليلى طوبال، والممثلة عزيزة بولبيار.

????#تونس: جوائز الدورة 26 لـ #أيام_قرطاج_المسرحية
???? جائزة #التانيت_الذهبي لمسرحية "#هاربات" لوفاء الطبوبي التي تحصلت على جائزة أفضل نص لنفس المسرحية
✅عمل صحفي: إيمان عبد اللطيف#JTC #JTC2025 #أيام_قرطاج_المسرحية pic.twitter.com/07Rbg6Pu4r — ASSABAHNEWS (@ASSABAHNEWS1) November 29, 2025
وفي المسابقات الموازية ركز المهرجان على أعمال مسرح الحرية المرتبطة بالمؤسسات السجنية. فقد نالت مسرحية "الزنوس" للمخرج صالح حمودة جائزة نجيبة الحمروني لحرية التعبير التي تقدمها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.

كما حصدت عروض المؤسسات السجنية جوائز متعددة، إذ فاز السجن المدني ببرج الرومي بـ الجائزة الكبرى عن مسرحية "سد عقل"، فيما حصلت مسرحية "الحاوية" لسجن النساء بمنوبة على المرتبة الثانية، وجاءت مسرحية "مولى الباش" للسجن المدني بالناظور في المركز الثالث.


وفي مسابقة مراكز الإصلاح، تُوجت مسرحية "حياة بلا إدمان" لمركز إصلاح الأطفال الجانحين بالمروج بالجائزة الكبرى، بينما نالت "أولاد عروش" لمركز إصلاح سوق الجديد المركز الثاني، وحلّت "جلسة سرية" لمركز سيدي الهاني في المرتبة الثالثة.

وبهذا تختتم تونس دورة جديدة من أيام قرطاج المسرحية، دورة أكدت استمرار حضور المسرح كمساحة للإبداع والتجديد وقادرة على جذب جمهور واسع رغم التحديات الثقافية والاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • المعارض التونسي جوهر بن مبارك يعلق إضرابه عن الطعام
  • منتخب سوريا يتغلب على نظيره التونسي في كأس العرب
  • أرقام النقد الدولي تفضح المستور
  • خبير اقتصادي: مصر تحتاج برنامجا بديلا للتنمية
  • الترجي التونسي يتظلم إلى كاف بسبب أداء التحكيم
  • صندوق النقد الدولي يحدد موعد انتهاء المراجعة الأخيرة لبرنامج الأردن الاقتصادي
  • الهاربات تتوج بـتانيت قرطاج الذهبي.. تألق عربي على المسرح التونسي
  • الترجي التونسي يتظلم إلى «كاف» بسبب أداء التحكيم
  • إلى أين يتجه المشهد التونسي؟
  • كيف ستتأثر باكستان اقتصاديًا بقرار أفغانستان قطع التجارة؟