صيد الصفيلح .. موروث بحري ومورد اقتصادي
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
يُعد موسم صيد الصفيلح في محافظة ظفار أحد مواسم الصيد التي تبرز فيها مظاهر الهوية العمانية، حيث يتجسد فيه التوازن بين الحفاظ على البيئة ومصادر الرزق المستدامة للمجتمع المحلي، وعلى الرغم من انقطاع الموسم لفترة طويلة، إلا أنه برز بشكل جلي التزام الصيادين العمانيين بالحفاظ على هذه الثروة البحرية والاهتمام بالاستدامة، ولا يقتصر الموسم على كونه موسم صيد فحسب، بل هو تعبير عن التزام المجتمع العماني بتقاليده العريقة، وتعزيز الهوية الوطنية التي ترتبط بشكل وثيق بالبحر وموارده، ولقد تأثر هذا الموسم بشكل ملحوظ نتيجة التنظيمات الحكومية المتنوعة لضمان استدامة هذا المورد الاقتصادي المهم ولضمان حفاظ هذه الممارسات على الروابط الاجتماعية ووراثة التقاليد للأجيال القادمة.
ويتجلى ارتباط الهوية العمانية بالبحر من خلال تقاليد صيد الصفيلح الذي يمارسه الصيادون باستخدام أدوات وتقنيات موروثة، وهذه الممارسات تتجاوز الجوانب الاقتصادية لتعكس روح المواطنة العمانية، وبناء مجتمع متماسك يحترم تاريخه وتراثه، ويتم نقل هذه المعارف من جيل إلى آخر، مما يعزز الهوية العمانية ويضمن استمراريتها، حيث يسعون لحماية بيئتهم البحرية والحفاظ على مواردها، وتجسيدًا لتعزيز الهوية العمانية المرتبطة بالبحر وموروثها العريق، تؤدي المرأة العمانية دورًا مهمًا في موسم صيد الصفيلح، حيث تشارك في جمعه خلال فترة الجزر، وهذه المشاركة تعكس التزام المجتمع العماني بالقيم الوطنية التي تجمع بين الرجل والمرأة في الحفاظ على التراث البحري، لتساهم المرأة في تعزيز الهوية العمانية والمواطنة من خلال دورها الفاعل في استدامة الموارد البحرية وحماية البيئة.
لقد لعبت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه دورًا مهمًا في تنظيم الموسم، وضمن هذه الجهود، وضعت الوزارة خططًا لتنظيم الصيد، تشمل إصدار التصاريح اللازمة للغواصين والتجار، وتخصيص مراكز استقبال الإنتاج في مواقع مثل وادي عين وحينو بولاية مرباط لضمان استدامة المخزون وإدارة الموارد البحرية بكفاءة، حيث شهد القطاع نشاطًا متزايدًا هذا الموسم، وبلغ عدد تراخيص الغواصين 2369 ترخيصًا، وعدد تراخيص التجار 106 تراخيص، ونتيجة لهذا التنظيم، زادت كميات الإنتاج والإنزال لهذا الموسم إلى أكثر من 76.201 طن من الصفيلح.
ورغم الجهود التنظيمية المبذولة لتنظيم موسم صيد الصفيلح في محافظة ظفار، فإن هذا القطاع لا يخلو من التحديات، وتتعدد الصعوبات التي تواجه الصيادين، والغواصين، والتجار في هذا الموسم، بين متطلبات تنظيمية وإجراءات تهدف إلى تحقيق الاستدامة، وبرزت الحاجة إلى الالتزام بإجراءات تنظيمية كأبرز التحديات التي واجهها الموسم، وكذلك الحصول على رخص الغوص، وتقديم الضمانات البنكية للتجار، وتحديد الكميات المسموح بصيدها، ومع أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية الثروة البحرية وضمان استدامة الصفيلح كمورد اقتصادي حيوي، بالإضافة إلى الحفاظ على التراث البحري العماني وضمان استمراره للأجيال القادمة، إلا أن الموسم واجه صعوبات تتعلق بصعوبة تقديم الطلبات إلكترونيًا بسبب الازدحام وضعف الشبكة، واستطاعت الجهات المختصة التغلب على بعض هذه التحديات من خلال التعاون مع فرق تقنية المعلومات على ابتكار حلول عملية، منها توفير منافذ عبر مكاتب سند لتسهيل الإجراءات، وتكاتف وتنسيق الجهود بين مختلف الجهات لتذليل هذه الصعوبات والتحديات.
ومن جانب آخر، يواجه الصيادون والغواصون تحديات أخرى، حيث تبرز في أساليبهم التقليدية التي يستخدمونها في عملية الصيد؛ فهم يعتمدون على الغوص التقليدي دون استخدام أجهزة الأكسجين، مما يجعل العمل محفوفًا بالمخاطر، مثل مواجهة تيارات البحر القوية، ودرجات الحرارة المنخفضة، والأسماك البحرية الخطرة، ومع ذلك، يظل هذا العمل جزءًا من الهوية العمانية، ويعكس الصمود والمثابرة في الحفاظ على الموروث البحري العماني.
ورغم التحديات التي واجهها القطاع في فترات سابقة، يعكس الموسم الحالي استقرارًا اقتصاديًا ملحوظًا، حيث يواصل المواطن العماني، سواء كان تاجرًا أو صيادًا، التزامه بروح المواطنة والعمل الدؤوب للحفاظ على هذه الثروة البحرية وتنميتها، كما يبرز دور المرأة العمانية الفاعل في هذا المجال، مما يجسد التعاون المجتمعي والروح الوطنية التي توحد الجميع لضمان استدامة هذا المورد الثمين والحفاظ على الهوية العمانية.
مع التحسن الملحوظ في جودة المحصول وحجمه لهذا العام، نتيجة التنظيم الحكومي، يعزز الفرص لتصدير الصفيلح العماني إلى الأسواق الدولية، بما يعكس القيمة العالية لهذه الثروة البحرية، ويمثل موسم الصفيلح مرحلة حيوية تنعكس فيها أهمية الموارد البحرية ودورها في تنمية الاقتصاد المحلي، ومن خلال التعاون بين الجهات المختصة والصيادين والتجار لتنظيم ووضع الإجراءات المناسبة لاستدامة مواسم الصفيلح، التي تضمن الحفاظ على جودة الصفيلح وتقديمه بشكل يلبي متطلبات السوق ويحقق العائد المادي الجيد للفرد والمجتمع، ومواسم الصفيلح ليست فقط فرصة اقتصادية، بل هي أيضًا تعبير عن التراث البحري وتقاليد المنطقة، مما يجعل من الصفيلح رمزًا ثقافيًا وتاريخيًا يعزز هوية المجتمع وارتباطه بالبحر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الهویة العمانیة الثروة البحریة صید الصفیلح هذا الموسم الحفاظ على موسم صید من خلال
إقرأ أيضاً:
بن حبتور: عدن يمنية الهوية وما يجري في المحافظات المحتلة مسرحية لتقاسم النفوذ السعودي الإماراتي
الثورة نت/ يحيى الرازحي
في قراءتين سياسيتين متكاملتين لمشهد المحافظات الجنوبية والشرقية، قدّم عضو المجلس السياسي الأعلى الدكتور عبد العزيز بن حبتور، عبر حلقتين متتاليتين بثتهما قناة عدن الفضائية، رؤية شاملة لما وصفه بـ«مشروع الاحتلال وتقاسم النفوذ» الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن، مؤكداً أن ما يجري على الأرض لم يعد خافياً على أحد.
وأكد بن حبتور أن مدينة عدن تمثل جزءاً أصيلاً من اليمن، بهويتها وتاريخها وثقافتها ومكانتها الاقتصادية والتجارية، مشيراً إلى أن إخضاعها بالقوة العسكرية عام 2015 شكّل نقطة تحول خطيرة في مسار الأحداث، وكشف أن المدينة تعرّضت في السابع والعشرين من رمضان 2015 لاحتلال مباشر نفذته قوات سعودية وإماراتية وخليجية، بمشاركة آلاف المقاتلين ومئات المدرعات والأسلحة المتنوعة.
وأوضح أنه تولى منصب محافظ عدن في مرحلة بالغة الحساسية، شهدت تدخلاً خارجياً واسعاً في الشأن الداخلي، مبيناً أنه تم اتخاذ قرار رسمي آنذاك بتحييد المدينة عن الصراع القائم بين أطراف سياسية متنازعة، حفاظاً على أمنها واستقرارها.
وفي سياق متصل، اوضح بن حبتور ان الفار عبد ربه منصور هادي، قدم استقالته قبل فراره الى عدن، الا أنه تراجع عنها لاحقاً تحت ضغوط لوبيات خارجية، كاشفاً عن لقائه بالسفير الأمريكي وطلبه التدخل لمنع دخول أنصار الله إلى عدن.
وعن واقع المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة، أكد بن حبتور أن ما يجري فيها ليس سوى «مسرحية مكشوفة» لتقاسم النفوذ بين السعودية والإمارات، تعكس مستوى عالياً من التنسيق وتبادل الأدوار بين الطرفين، في إطار مشروع يستهدف تمزيق اليمن ونهب ثرواته.
وأشار إلى أن تلك المحافظات تعيش فشلاً خدمياً وسياسياً وتنموياً شاملاً، في ظل سيطرة المرتزقة والعملاء، وتحويل الموارد والمنح المالية إلى حسابات قوى الفساد والعصابات المرتبطة بالرياض وأبو ظبي، بدلاً من توجيهها لخدمة المواطنين.
وأوضح أن عملاء الإمارات يسيطرون على الجزر والموانئ اليمنية، فيما تنشغل القوى التابعة للتحالف بالصراعات المفتعلة وجمع المال وتحقيق المصالح الشخصية، مؤكداً أن الخلافات المعلنة بين ما يسمى بحكومة “الشرعية” والمجلس الانتقالي ليست سوى ألاعيب سياسية تخدم أجندة الاحتلال.
ولفت بن حبتور إلى أن التطورات الأخيرة في حضرموت تأتي ضمن تكتيك سعودي إماراتي لإدارة الصراع بين أدواتهما، كاشفاً عن وجود غرف عمليات مشتركة في عدن تدير تحركات المرتزقة في مختلف المحافظات المحتلة.
وفي المقابل، شدد على أن أنصار الله وحلفاءهم، ورغم الحصار الجوي والبحري والاقتصادي، نجحوا في ضبط إدارة الدولة سياسياً وأمنياً ومعيشياً، الأمر الذي شكل إحراجاً كبيراً لدول تحالف العدوان أمام الرأي العام الدولي.
واختتم الدكتور بن حبتور بالتأكيد على أن السعودية والإمارات فشلتا في إضعاف مركز القرار الثوري والسياسي في صنعاء، رغم مرور أكثر من عشر سنوات على العدوان، معتبراً أن الصراع معهما هو صراع وجود وسيادة، عسكري وسياسي وإعلامي وفكري، ولن يُحسم إلا برحيل الاحتلال وأدواته.