أثناء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي دارت رحى حرب آيديولوجية بين النظامين، تباهت أمريكا والغرب من ورائها بالنظام السياسي الرأسمالي القائم على مبدأ الحرية في كافة نواحي الحياة، الحرية السياسية التي تحمي حرية الرأي والتعبير وتخلق بيئة التعدد والتنوع الفكري، والحرية الاقتصادية التي تقوم على السوق الحرة باعتبارها مضمار تنافس يولد إبداعات، والسوق الحرة توفر بيئة آمنة وجاذبة للاستثمارات.


وإثر سقوط الاتحاد السوفيتي واستفراد أمريكا بقيادة العالم، صار نظامها الاقتصادي القائم على حرية السوق مفروضاً على العالم، وألزمت دول العالم أن توقع على اتفاقية التجارة الدولية والانضمام إلى منظمة التجارة الدولية “الجات”، كما فرضت على العديد من الدول برامج الخصخصة وإلغاء أي قوانين حمائية، بموجبها تم تحرير الأسواق وفرض تعرفة ضريبية موحدة على مختلف السلع.
لقد وضعت ضوابط وقواعد وألزمت دول العالم على القبول بها، وعند صعود ترامب للرئاسة في الدورة الأولى أخذ يتنصل عن هذه الاتفاقيات ويفرض رسوماً ضريبية على كثير من السلع بالمخالفة لاتفاقية التجارة الدولية، كما أخذت أمريكا الترامبية تتنصل عن اتفاقية المناخ والعديد من الاتفاقيات الدولية، وحالياً يواصل ترامب نفس السياسات، لا بل أخذ يتوسع فيها.
ويمكن القول إن أمريكا التي وضعت ضوابط وقواعد ألزمت بموجبها العالم، العمل بمقتضاها باتت اليوم تقود انقلاباً عليها، لا بل أن الاقتصاد الذي كانت تتباهى به خلال الحرب الباردة القائم على فكرة الحرية الفردية وحرية السوق تنصلت عنه، وباتت تتخذ سياسات اقتصادية حمائية وتؤسس لنظام رأسمالي شمولي.
ومن المعروف أن الاستثمارات عبارة عن رؤوس أموال تنتقل طوعياً إلى هذه السوق أو تلك بناءً على توفر بيئة آمنة تشجع أصحابها على الاستثمار فيها.
ولقد سعت كثير من الدول ومن خلال حكوماتها أن تضع قوانين غايتها توفير بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية، ولأجل ذلك أنشأت هيئات للاستثمار تهتم بهذا الأمر.
وكانت رؤوس الأموال تذهب إلى هذه البيئة أو تلك بشكل طبيعي وفق تقديرات أصحابها أو من خلال الاستعانة بمراكز دراسات متخصصة تهتم بدراسة البيئات الاقتصادية، تقيس مخاطر الاستثمار فيها وتقدم نصائحها لرؤوس الأموال.
حاليا وفي مرحلة ترامب، فلم يعد استثمار رؤوس الأموال تحددها آليات السوق الحرة، بل يتم فرضها عبر الابتزاز والتنمر السياسي.
مؤخراً فرض ترامب على المملكة مثلاً أن تستثمر تريليون دولار خلال أربع سنوات داخل أمريكا بالأمر، لقد فقدت رؤوس الأموال حريتها في الانتقال، وصار الابتزاز والتنمر السياسي يتحكم بحركتها.
مع أن أمريكا التي أخذت توزع عقوباتها على دول العالم واحدة تلو الأخرى وتجمد أو تصادر أحيانا أرصدتها المالية، كما حدث مع إيران منذ عقود ومع روسيا أثناء الحرب مع أوكرانيا، حيث تم مصادرة أصول روسية داخل أمريكا، وما جرى حالياً مع الصين، إذ حكمت محكمة أمريكية بأن بكين أخفت الحقيقة بشأن كوفيد-19 وأمرت الحكومة الصينية بدفع 24 مليار دولار، وأنه سيجري انتزاعها من أرصدة الصين في البنوك الأمريكية.
بالإضافة إلى الوقائع السابقة، فإن التضخم والدين الأمريكي العام الذي بلغ مستويات قياسية ويتصاعد 36 تريليون دولار وتصاعد هذا الدين العام بوتيرة متسارعة.
وعليه فإن هذه الوقائع السابقة كلها تؤكد – بما لا يدع مجالاً للشك – أن لا بيئة استثمارية آمنة في أمريكا، والسوق الأمريكية في مثل هذه الأوضاع ينبغي أن تثير مخاوف المستثمرين.
بالمختصر.. أمريكا دولة مارقة لا تلتزم بعهود ولا مواثيق ولا تحترمها، فما الذي يضمن عدم مصادرة الاستثمارات الحالية مستقبلاً عند أبسط خلاف سياسي أو اقتصادي أو ذهاب الرئيس الحالي ومجيء رئيس آخر، وما الذي يضمن عدم تعرض أصحاب رؤوس الأموال لعقوبات من أي نوع تحت أي ذريعة، خصوصاً أن أمريكا لديها سوابق؟!.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

"بيئة المدينة المنورة" تستكمل جاهزية أسواق الأنعام والمسالخ استعدادًا لعيد الأضحى

كثف فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة المدينة المنورة جهوده لضمان جاهزية المنشآت الخدمية خلال عيد الأضحى المُبارك.

ويشرف الفرع على تشغيل ستة مسالخ رئيسة، وأكثر من 200 حظيرة، و106 مستودعات للأعلاف، بالإضافة إلى 227 موقعًا مخصصًا لبيع الأغنام عبر السيارات "الجالبة"، مع التأكيد على التزام البائعين بالتواجد في المواقع المؤقتة المخصصة لهم، وتطبيق أعلى معايير السلامة والنظافة والرفق بالحيوان.

من جهة أخرى، تفقد مدير عام فرع الوزارة بالمنطقة المهندس أيمن السيد، خلال جولة ميدانية جاهزية الأسواق والمسالخ، واطلع على سير تنفيذ الخطة التشغيلية للفرع، الهادفة إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين تزامنًا مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك.

وأكد أن الفرق الميدانية تعمل على مدار الساعة لمتابعة التزام المنشآت بالاشتراطات الصحية والفنية، وضمان انسيابية الخدمات المقدمة وفق الأنظمة المعتمدة.

المدينة المنورةالمسالخعيد الأضحىقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • 50 مليون جنيه.. سقوط 5 أشخاص لقيامهم بغسل الأموال من تجارة المخدرات
  • سقوط 6 أصحاب مخابز استولوا على 45 جوال دقيق مدعم بالغربية
  • الحكم محمود عاشور يطير إلى أمريكا للمشاركة في كأس العالم للأندية
  • 50 شخصية بريطانية بارزة تطالب حكومة ستارمر بالتحرك العاجل لوقف الكارثة الإنسانية في السودان
  • Sportify تطلق بودكاست «الأهلي في أمريكا» لتوثيق ملحمة بطل إفريقيا في كأس العالم للأندية
  • العرموطي محذرا: أكاذيب لا أساس لها من الصحة
  • "بيئة المدينة المنورة" تستكمل جاهزية أسواق الأنعام والمسالخ استعدادًا لعيد الأضحى
  • اكتمال عقد المتأهلين لكأس العالم للأندية في أمريكا
  • ريبيرو يحسم موقف العائدين من الإعارة قبل السفر إلى أمريكا للمشاركة بالمونديال
  • البلشي : جزء من مهنيتنا الصحفية الحرية في الشارع لا العمل بتصريح أمني