الرد اليمني السريع يلقي حجرا في فم ترامب
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
يمانيون../
لم يتأخر الرد اليمني على العدوان الأمريكي الأحمق على المحافظات اليمنية، وانطلقت أسراب الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية لتضرب أسطورة الجيش الأمريكي “ترومان” وإلى جانبها القطع الحربية المرافقة لها.
التحرك السريع للقوات المسلحة اليمنية يثبت للغطرسة الأمريكية أن اليمن لم يعد مستباحا وأن زمن الضربات من طرف واحد قد ولّى نهائيا.
التحرك اليمني تجاوز حسابات ردة الفعل المتوقعة من قبل العدو، فاليمن قد امتلك بإرادة من الله سبحانه أدوات الردع “الساحقة والمميتة” رغم أنف أمريكا، وله الحق في الدفاع عن نفسه ولا يمكن لأي قوة أن تنزع عنه هذا الحق، كما ثبّت هذا الرد السريع المسار اليمني الثابت في مساندة الاشقاء في غزة حتى إيقاف الحصار عنهم والسماح للغذاء والمواد الأساسية بالدخول.
التحرك السريع أيضا أثبت عبثية العمليات الأمريكية ومزاعم ترامب وجيشه بأنهم استهدفوا القدرات العسكرية اليمنية، فألقت بضربها حاملات الطائرات “ترومان” ومن معها حجرا في فم ترامب.
وكانت المفاجآت قد بشر بها المجلس السياسي الأعلى بتأكيده بداية أن العدوان لن يثني اليمنيين عن مساندة غزة بل سيجر الوضع إلى ما هو أشد وأنكى، وإن العمليات البحرية اليمنية مستمرة حتى رفع الحصار عن غزة وإدخال المساعدات، متوعدا بتأديب المعتدين وبصورة احترافية وموجعة، وهو ما يعني أن الكيان الأمريكي عليه ترقب المفاجئات.
المجلس السياسي أيضا أخلى مسؤوليته من تأثيرات الرعونة الامريكية الاسرائيلية على المجتمع الدولي. فيما المكتب السياسي لأنصار الله أكد أن “العدوان الأمريكي البريطاني على العاصمة صنعاء لن يمر دون رد”.
أضف إلى ذلك فقد أكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمته اليوم أننا سنواجه التصعيد الأمريكي بتصعيد أكبر، مضيفا أن السفن الأمريكية دخلت في قائمة الأهداف المدنية منها والعسكرية وإذا استمر العدوان الأمريكي فإننا سننتقل إلى خيارات تصعيدية إضافية وشعبنا العزيز سيتحرك تحركا شاملا على مستوى التعبئة العامة وفي كل المجالات.
قصف وخوف وحالة ارباك
مع ذلك فإن الأكيد أن الكيان الأمريكي وهو يشن غاراته على عدة محافظات يمنية لم يكن في الوضعية المريحة، وهو إقرار واضح بإدراكه أن عدوانه يأتي على دولة بمقدورها فعل شيء وبمقدورها التهديد والرد، لذلك فإنه مباشرة وضع قواعده في العراق والأردن والسعودية وقطر في حالة تأهب تحسبا لأي هجوم يمني، كما أنه أطفأ أجهزة الإرسال والاستقبال في طائرته (MQ-4C Triton) مع إقلاعها من قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات في اتجاه اليمن. ثم يدعم هذه الحالة من الإحباط والتسليم باستثنائية اليمنية في معادلة الفعل ورد القعل، مسارعة الكيان الصهيوني لإخلاء ساحته من التورط في الهجوم إذ سارعت مصادر عبرية للتأكيد بأن “الهجوم في اليمن، ليس هجوما إسرائيلياً.”، ومثل الكيان، المملكة المتحدة التي اعلنت صراحة أنها غير مُتورطة في الهجمات على اليمن وأن هذا جهد أمريكي منفرد ولم يتم حتى إخطار الحكومة البريطانية بهذه العملية.
ضف إلى ذلك، حالة الارتباك التي كشفت عنها الغارات العشوائية، فبينما حاول الأمريكي إيهام العالم أنه يقصف أهدافا محددة حساسة باستهداف عدة محافظات، إلا أن ما تبين هو أن ما استهدفه كان مباني سكنية ومواطنين بدو ومئات الأغنام، إضافة إلى مقطعًا للحجارة،
الكذب الأمريكي لإخفاء الشعور بالهزيمة
تدعي واشنطن أن الغارات الأمريكية في اليمن تأتي لغرض فتح ممرات الشحن في البحر الأحمر حسب “نيويورك تايمز” عن مسؤول أمريكي، والحقيقة المعلنة من قبل اليمنيين أن الملاحة البحرية آمنه لكافة السفن باستثناء السفن الإسرائيلية حتى إدخال المساعدات إلى غزة، ويؤكد رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام أن “الحظر البحري المعلن من قبل اليمن إسنادا لغزة يقتصر فقط على الملاحة الإسرائيلية حتى يتم إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة”. ما يؤكد أن واشنطن تعتمد على الكذب لإخفاء الشعور بالهزيمة التي منعتها من التحرك في البحر الأحمر
وتسعى أمريكا بكل ثقلها لاستعادة السيطرة على البحر الأحمر وممر باب المندب وهي مسألة أصبحت مستحيلة فعودة السيطرة تجاوزت نقطة اللاعودة. والسبت (15 مارس) جدد البيت الأبيض الاعتراف بان الهجمات النوعية للبحرية اليمنية قد تسببت في شللٍ شبه كامل لحركة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، وأجبرت السفن الأمريكية والبريطانية على تغيير مساراتها، متكبدة خسائر فادحة في الوقت والتكاليف.
إجرام أمريكا بحق العالم
في الجولة السابقة من المواجهة فعّلت أمريكا قدراتها وحركت أساطيلها وحاملات الطائرات وشكّلت التحالفات مع ذلك، حُرّم عليها البحر ولحق بها عار الهزيمة، كما أن عسكرتها للبحر الأحمر وتّر المناخ الدولي وتسبب في انعدام الأمن على الشركات الملاحية العالمية التي أكدت كثير منها أن المغامرة الأمريكية كانت سببا في تكوّن المخاطر على حركة الملاحة الدولية. ويذكر بيان البيت الأبيض -السبت- أن السفن التجارية التي كانت تعبر البحر الأحمر سنويًا وعند بدء العمليات اليمنية عام 2023 انخفضت من 25 ألف سفينة إلى 10 آلاف فقط، مما أدى إلى أزمة خانقة في الإمدادات العالمية.
كما اعترف التقرير بأن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتمكنوا من حماية سفنهم، ما اضطر 75% منها لتغيير مسارها حول أفريقيا، مما يضيف أكثر من عشرة أيام إلى مدة الرحلات ويرفع تكاليف الشحن بمعدل مليون دولار لكل رحلة.
وأمريكا بتنفيذها العدوان الجديد على اليمن إنما تغامر بالمصالح الدولية ولا يعنيها أحد، لحماية الكيان الصهيوني ما يفرض على المجتمع الدولي بأن يسجل موقف تجاه تجدد هذه الرعونة الأمريكية التي لم تحدث من قبل أي تغيير لصالح وقف العمليات اليمنية عن مساندة غزة.
بين بايدن وترامب الغباء يتكرر
بات مكشوفا أمام كل العالم أن كل التحركات الأمريكية في المنطقة القصد منها حماية الكيان الصهيوني وتمكينه من الاستمرار في إبادة الشعب الفلسطيني، ما يجعلها كيانا مارقا يسعى لاستهداف كل العالم من أجل هذا الهدف غير الأخلاقي.
مع ذلك فترامب الذي كان يقود تحالف العدوان على اليمن وقدم مختلف صنوف الأسلحة والمعلومات الاستخبارية، لم يتمكن من النيل من اليمن، إذ وجده عصي على الانكسار أو التراجع عن الثوابت. وخلال عمليات الإسناد للشعب الفلسطيني في غزة بضرب عمق الكيان ومحاصرته، شهد ترامب تحرك بلاده وتشكيلها التحالفات من أجل استهداف اليمن وتنفيذها هجمات قصف للعديد من المنشآت بمئات الغارات العمياء، إلى جانب العمليات التي نفذها الكيان الصهيوني، مع ذلك فإن هذا التحرك الأحمق لم يكسر إرادة الشعب اليمني ولم يثنه عن موقفه.
يؤكد “معهد دراسات الأمن القومي” للعدو “الإسرائيلي” فشل ما يسمى بتحالف “حارس الإزدهار” بقيادة أمريكا في حماية الملاحة إلى الكيان وفشلهم في ردع اليمنيين. وقال المعهد إن الإجراءات التي اتخذتها “إسرائيل” والتحالف الدولي ضد “اليمنيين” خلال العام الماضي لم تنجح في تحقيق ردع يُجبرهم على وقف هجماتهم في مضيق باب المندب وضد “العدو الإسرائيلي”، كما لم تتمكن من فصل ارتباطهم الوثيق بما يحدث في قطاع غزة.
على ضوء ذلك، ما الجديد الذي جاء به ترامب في حملته العسكرية الجديدة غير تأكيد على النزعة الحيوانية التي لا تراعي قيما ولا أخلاقا ولا تراعي حتى قيم التعايش مع الآخرين وتكامل المصالح معهم.
مع ترامب أمريكا تخسر تريليون دولار
ترامب برعونته لا يبدو أنه سيكون بمقدوره ضبط سلوكه المنفلت، وهو ما بشير إلى أن وعده بالعصر الذهبي لأمريكا سيتبخر وسيتكشّف للأمريكيين فشل الرجل في تقدير متطلبات التحولات التي يعتزم تحقيقها لبلده، فترامب الذي أثار العالم ضده بإثارته المشاكل الاقتصادية مع جيرانه ومع الصين، ونواياه العقيمة باحتلال أراضي الغير، وترامب الذي كان بمثابة فأل شؤم على أمربكا التي خسرته في الأيام الأولى من وصوله إلى البيت الأبيض تريليون دولار، لا يبدو أنه سيكون بمقدوره أن يحقق أي مكاسب.
ربما سيكون من الرجاحة، أن يعمل ترامب على تعويض آثار الخسائر التي تكبدتها أمريكا خلال معركة طوفان الأقصى، وأن يعي بأن إشعال المنطقة سيكلف بلاده أكثر، الأمر الذي سيجعل منه أسوأ رئيس لأمريكا جلب لها الكراهية وزاد من خسائرها الاقتصادية.
موقع أنصار الله وديع العبسي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الکیان الصهیونی البحر الأحمر مع ذلک من قبل
إقرأ أيضاً:
الصاروخ اليمني وتغيير المعادلات.. كيف فرضت اليمن الحصار الجوي على “إسرائيل”؟
في لحظة خاطفة، تهاوى وهم “السماء المحصّنة”. ففي الرابع من مايو 2025، لم يكن الشرق الأوسط على موعد مع مجرّد تصعيد جديد، بل مع ولادة معادلة استراتيجية غير مسبوقة. بإعلان القوات اليمنية المسلحة فرض “حصار جوي شامل” على الكيان “الإسرائيلي”، تحوّلت خارطة الاشتباك من جغرافيا غزّة إلى فضاء إقليمي مفتوح، تجاوز خطوط التماس المباشر، ليضرب أحد أكثر رموز البنية التحتية “الإسرائيلية” حساسية: مطار “بن غوريون” الدولي.
الصاروخ الذي استهدف مطار “بن غوريون” لم يكن اعتياديًا. لقد اخترق طبقات الدفاع المتعددة، الأمريكية و”الإسرائيلية”، ليصيب هدفه بدقة، وسط صدمة استخبارية لم تنفع معها التبريرات. فشل منظومات الدفاع “القبابيّة” كشف هشاشة ما سُمّي لعقود بـ”حصن الردع الإسرائيلي”، وكشف معه محدودية القدرة الأمريكية في تأمين الحليف المدلل في لحظة الحقيقة.
منذ سبتمبر 2024، دأبت القوات اليمنية على إطلاق صواريخها باتجاه البحر الأحمر والأراضي الفلسطينية المحتلة، دعمًا واضحًا وصريحًا للمقاومة في غزة. لكن استهداف المطار المركزي لـ”إسرائيل” شكل نقطة تحوّل: فالأمر لم يعد مجرّد إسناد رمزي، بل دخول فعلي في معركة فرض المعادلات.
ما جرى لم يكن فقط خرقًا أمنيًا؛ بل خرقًا مفهوميًا لمعنى “الحدود الآمنة”، وأسّس لمرحلة جديدة، تُفقد “تل أبيب” تفوقها الجوي والناري، وتضع مطاراتها ومرافئها تحت رحمة قرار يُتخذ من جبال صعدة أو كهوف عمران.
القدرة على التحرك الجوي كانت جزءًا من تفوق “إسرائيل” الاستراتيجي: حركة الطيران المدنية والعسكرية، استقبال الدعم الخارجي، والهروب نحو الملاذات الدولية عند الأزمات. اليوم، كل تلك القواعد باتت مهددة. فحين تُصبح مطارات “اللد” و”إيلات” و”ريشون لتسيون” ضمن مدى نيران منظمة ومتكررة، فإن “إسرائيل” لم تعد نقطة منيعة في شرق المتوسط، بل هدفًا مرصودًا ضمن مجال ناري يمتد من اليمن إلى لبنان، مرورًا بسورية والعراق.
ما يحرج واشنطن أكثر من الضربة نفسها هو العجز عن منعها. الغارات الأمريكية على اليمن، وإسقاط طائرة “إف-18 سوبر هورنت” في البحر الأحمر، والانكشاف الاستخباري أمام منصات الإطلاق المتنقلة، جميعها مؤشرات على مأزق الردع الأمريكي، لا تجاه اليمن فحسب، بل تجاه المحور الذي تقوده طهران ويضم صنعاء وبغداد وبيروت وغزة.
الإدارة الأمريكية، العالقة بين مستنقع أوكرانيا وارتدادات صراع غزة، تدرك أن توسيع الجبهة ضد إيران لم يعد خيارًا واقعيًا، خصوصًا بعد دخول روسيا علنًا على خط الحلف الاستراتيجي مع طهران. فالاتفاقية العسكرية الموقّعة بين موسكو وطهران، والتي دخلت حيز التنفيذ لعشرين عامًا، تقلب طاولة التهديدات، وتجعل أي عدوان على إيران مغامرة غير محسوبة العواقب.
الضربات الأمريكية و”الإسرائيلية” لم توقف مسار الصواريخ اليمنية، بل زادت من وتيرتها ومن دقتها. وهذا بحد ذاته يُسقط إحدى أهم ركائز العقيدة العسكرية الغربية: القدرة على الضرب الاستباقي. فالحوثي – كما تُصرّف النخبة السياسية الغربية اسمه – لم يعد مجرد “متمرّد” في نظرهم، بل فاعل إقليمي يمتلك ناصية القرار في منطقة حساسة، تمتد من باب المندب إلى عمق الأراضي الفلسطينية.
أما التهديدات “الإسرائيلية” بالردّ “بسبعة أضعاف” فهي أقرب إلى الاستعراض الإعلامي منها إلى الخطط الفعلية. فتجربة اليمن أثبتت أن الحرب المفتوحة مع صنعاء مكلفة ومكشوفة ومحفوفة بالمخاطر، سواء من ناحية الجغرافيا أو القدرة القتالية أو حتى مناخ الإسناد الشعبي العربي المتصاعد.
اليوم، لم تعد صنعاء في موقع الدفاع عن غزة، بل أصبحت لاعبًا يفرض مفاعيل قراره على عمق “إسرائيل”. الحصار الجوي لم يأتِ كرد فعل، بل كخيار هجومي مدروس، ينقل المواجهة من الرمزيات التضامنية إلى فرض المعادلات الصلبة.
تل أبيب في مرمى النيران الدقيقة، وواشنطن في مأزق الخيارات، وعواصم الغرب أمام اختبار حقيقي لصدقية تحالفاتها. أما العرب، فإن لحظة الحقيقة أمامهم: إمّا أن يكونوا شهودًا على تغيير التاريخ، أو شهود زور في محكمة تسقط فيها فلسطين مرة أخرى.
الضربة اليمنية لم تُعطّل مطارًا فحسب، بل عطّلت أيديولوجيا بكاملها، تلك التي بُنيت على تفوّق السماء. لقد ولّى زمن الهيمنة الجوية، وبدأ زمن الأهداف المكشوفة. ومن لا يملك سماءه، لن يفرض شروطه على الأرض.