اليسار السوداني في حاضر الملتيميديا
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
اليسار السوداني في حاضر الملتيميديا
صلاح شعيب
كان اليسار السوداني- وفي قيادته الحزب الشيوعي- حتى لحظة غياب تطبيقات الميديا الحديثة فاعلاً، وقادراً على التأثير في مناطق تحركه المقفولة تقريباً. فيسارنا ولد في زمان الموصلات الإعلاميّة التقليدية مدفوعاً بموقع عضوية طبقته ضمن الحوزات المجتمعية التي ازدهر فيها.
وحتى قبل زمان الإنترنت ركزت الحركة الإسلامية- الخصيم الأشرس لليسار- على أن يستهدف انقلابها مواطن حركة اليسار بعد أن تحولت الدولة إلى ضيعة استبدادية. وكانت أكبر ضربة تلقاها اليسار تمثلت في إجبار كوادره للفرار إلى هجرة مستدامة للخليج، أو الدول الغربية حضارياً. وعلى الصعيد الداخلي جففت الإنقاذ النقابات بعد مذبحة الصالح العام التي استهدفت أول ما استهدفت كوادر الحزب الشيوعي، والبعثيين، والمستقلين، وهؤلاء جميعاً يشكلون حركة الاستنارة الفكرية مع اختلاف توجهاتهم الأممية، والعروبية، والسودانوية.
هناك عوامل أخرى لضمور تأثير اليسار تعلقت بتراجع الزخم الذي اكتسبه في فترة الخمسينات لأسباب جيوبوليتيكية، فضلاً عن الضربات المتوالية التي تلقاها من اليمين الذي سيطر على حركة المجتمع، وقام برد مكوناته إلى وحدات عشائرية. وذلك ما أدخل المطالب الجهوية في الصراع الوطني، وبالتالي أصبح صوت الدفاع عن الأفكار المناطقية أكثر علواً من صوت الدفاع عن كل المناطق. لقد صارت الجغرافيا أثقل تاثيراً من التاريخ. إذ تحولت القناعة بدور تمرد الحركات المسلحة أكبر من القناعة بدور فكر الأحزاب المركزية في حلحلة القضايا التاريخية التي تعمقت أكثر من لحظة وراثتها في زمان الاستقلال. ومع بروز صوت الهامش صارت مدرسة التحليل الثقافي أكثر قدرة على مزاحمة مدرسة التحليل المادي للتاريخ في القول إن هناك نظراً اعمق، وأفضل، لبحث جذور أزمة الوجود السودانية. وهكذا برزت نظرية السودان الجديد لقرنق كمعادل موضوعي للنظريات المتجذرة في مركز السلطة.
-٢-أذكّر أنني كتبت مقالاً قبل ثلاثين عاماً عن ما سميته يسارية الفكر والإبداع السودانيين فزجرني الأستاذ حسين خوجلي في صحيفته بكلمة قادحة دون أن يفند فرضيتي التي بنيتها وفقاً لحجم التحديث الذي بذله المبدعون اليساريون في مجالات الفكر، وعموم البحث الأكاديمي، والسينما، والدراما، والشعر، والتلحين، والنقد، والمسرح، وفن التشكيل. ولكن الحقيقة أن ما بذله اليساريون من تجديد للفكر، والأدب، والفن، كان ثمرة اللحظة التاريخية التي فرضت مفاهيم التقدم، والواقعية الاشتراكية، على سائر المنطقة العربية، والعالم الثالث، والتي صبغت إبداعها بثيمات التحرر، والعقلانية، والحداثة.
ولو أن الأستاذ حسين نافح بالقول إنه ليس كل مفكرينا، ومبدعينا من ذوي الوجهة اليسارية لكان قد أفادنا في جدل الحوار، خصوصاً أننا نعرف أن كثيراً منهم مستقلون يميلون ليسار الوسط، أو ليبراليون بقيم تحررية، أو يساهمون بمنطلقات سودانوية. ولكن معظم هؤلاء المبدعين الذين ظهروا في مرحلة الخمسينات كانوا أميل لتبني قيم التقدم التي فرضتها المرحلة بسبب سطوة اليسار العالمي، والعربي، آنذاك. بل وجدنا بعض قادة ينتمون لأحزاب دينية المنشأ ينادي بالاشتراكية الإسلامية، وتحرير المرأة، وتجديد الفقه الأصولي السني ليتوافق مع تطلعات الدولة القطرية.
اعتقد أن كل تلك الظروف التي هيأت توطن قيم اليسار في ذهن الانتلجنسيا خصوصاً بعد الاستقلال هي التي أتاحت التحديث في إنتاجنا الفكري، والأدبي، لدى المشتغلين فيه. ومن ناحية أخرى قادت تلك الظروف اليمين ليتحسس أدواته للاستفادة من مناخ السعي لتحقيق النهضة التقدمية. ولكل هذا اعتقد أن اليسار نفسه أثر على أهم منظرين يمينيين وهما الصادق المهدي، وعبدالله الترابي، في الاقتراب من منطقة التحديث لتنظيميهما ما جعل هناك إمكانية للإسلام السياسي السوداني للخروج من الإسار السلفي للتنظيم العالمي، وتبني الترابي مفاهيم تجديدية تعارض مفاهيم المؤسسين لفكر الإخوان المسلمين الاوائل لدرجة تكفيره. وبالنسبة للصادق المهدي فقد حاول مجاراة الإسلام السياسي المستحدث بتطوير حزب الأمة باتجاه طرح مفاهيم حديثة تختلف عن مفاهيم جده، وعمه الذي ثار عليه. على أن الجدير بالذكر هنا أن محاولات الترابي، والمهدي، ركزت على التحشيد أكثر من أصالة التجديد الذي ينطلق من تبني خط سياسي يضع في صلب اهتمامه قضايا الطبقة الفقيرة.
-٣-ولما كان محور فكرة المقال تقصي أبعاد تأثير اليسار السوداني فكرياً، وسياسياً، وإبداعياً، في الميديا الجديدة فإن الصورة التي بدا عليها هذا التأثير تظل محل مراجعة نقدية لمساجلة طرق المشرعين اليساريين في سدة القيادة السياسية لتمديد فرص ذلك التأثير. وصحيح أن محاولات الحوار حول تفعيل العمل داخل بنية أحزابنا اليسارية لم تتوقف سوى أنها ما تزال بحاجة إلى استنباط تكتيك جديد يحول اليسار من تيارات متناثرة إلى تيار واحد. ذلك الذي يستوعب عموم المؤمنين بتحقيق دولة المواطنة، والذين لا يختلفون كثيراً في أنواع تكتيكاتهم الفكرية، والسياسية، والثقافية. والأهم من كل هذا أن هذا التعدد السياسي الوطني في أغلبه يضع السودانوية في اعتباره كمدخل أساسي للمراجعة النظرية على النحو الذي بذله الراحلان عبد العزيز حسين الصاوي، ومحمد علي جادين، في مراجعاتهما للفكرة البعثية في وطن التعدد الإثني، والأيديولوجي، والثقافي.
ويسارنا السوداني أصلاً مهما تسربلت قراءاته لدراسة أزمة الوجود السوداني فقد كان يتشارك مع مساهمات الحركة الوطنية في إيلاء خصوصية لواقعنا المجتمعي المتعدد عرقياً. ذلك بما يجعله مقربا لليبراليين، والوسط، ويسار الوسط، أو المستقلين. فمصطلح أصدقاء اليسار من غير المنتمين إليه يستبطن وجود مناطق لقيا لمواجهة اليمين الذي يستفيد من التناقضات الطبقية لتحشيد طاقته انطلاقا من توظيف ماكنيزمات التدين، وحضورها في الجيش، والقطاع الاقتصادي، ودعمها بالمال الطفيلي.
عوداً إلى بدء، عصر الملتيميديا الذي دخلنا فيه، ووجدنا أن مواطننا قد تحرر من التدجين الفكري، والسياسي للقوى التقليدية، يتطلب اتحاد اليساريين الإصلاحيين في منظومة إعلامية تتناوب في دفع مساهمات التنوير السودانية لإقامة الدولة الوطنية.
اعتقد أن نخبة الحزب الشيوعي هي أكثر نخبة تستطيع قيادة توحيد أسس المساهمة في العرض الملتميدي لما لديها من قدرات تنظيمية، وخبرات عملية، وعلميّة، في مجال نشر التنوير السياسي. ويمكن لهذه النخبة بعلاقاتها المتميزة مع النخب التي تشاركها حلم الدولة الوطنية بناءً على التحالفات السابقة، والراهنة، أن تبدأ حوارات كهذه لتمديد فرص التلاقي الوطني. وبغير ذلك أرى أن مجهوداتنا في الميديا الحديثة ستظل مشتتة أمام محاولات سيطرة اليمين الإسلاموي، وسعيه الدائم إلى القبض على روح الرأي العام بواسطة ملايين الدولارات التي يمتلكها لوحده من أجل عودته للحكم مرة ثانية.
الوسومالحركة الإسلامية الحزب الشيوعي السودان السودانوية القوى التقليدية الملتميديا اليسار السوداني حسين خوجلي صلاح شعيبالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحركة الإسلامية الحزب الشيوعي السودان السودانوية القوى التقليدية اليسار السوداني حسين خوجلي صلاح شعيب الیسار السودانی الحزب الشیوعی
إقرأ أيضاً:
ما الذي اشترته نتفليكس؟ 100عام من التاريخ المرئي لـوارنر براذرز
(CNN)-- أعلنت نتفليكس، الجمعة، أنها وافقت على الاستحواذ على استوديو الأفلام التابع لشركة وارنر براذرز ديسكفري وأصول HBO، ومنها خدمة البث، مقابل 82.7 مليار دولار، بما في ذلك الديون.
وتفوقت نتفليكس على شركتي "باراماونت" و"كومكاست" الإعلاميتين في حرب مزايدة، والتي بدأت بعد إعلان وارنر براذرز ديسكفري في يونيو/حزيران عن انقسامها إلى شركتين في منتصف عام 2026.
ووارنر براذرز ديسكفري هي الشركة الأم لشبكة CNN.
وتتوقع نتفليكس إتمام عملية الاستحواذ خلال 12-18 شهرا.
و"وارنر براذرز بيكتشرز" هي واحدة من أكبر 5 استوديوهات في هوليوود، والتي تضم باراماونت بيكتشرز، وسوني بيكتشرز، ويونيفرسال بيكتشرز، واستوديوهات والت ديزني.
وتأسست شركة وارنر براذرز بيكتشرز عام 1923 على يد الإخوة هاري، وألبرت، وصامويل، وجاك وارنر. وتعمل الشركة في الوقت الحالي على قطعة أرض مساحتها 110 أفدنة في بوربانك بولاية كاليفورنيا.
فيما يلي نظرة موجزة عن تاريخ شركة وارنر براذرز الممتد على مدار 102 عام.
عشرينيات القرن العشرين
كان أول إصدار رسمي للاستوديو هو الدراما الصامتة "Main Street" عام 1923.
استثمر الإخوة في وقت لاحق في الصوت باستخدام جهاز التسجيل الصوتي "فيتافون"، بدءا من فيلم "Don Juan" (1926) الذي يتميز بالموسيقى التصويرية المتزامنة، وصولا إلى فيلم "The Jazz Singer" (1927)، أول فيلم بحوار متزامن.
كان الفيلم الموسيقي "On With the Show" عام 1929 أول فيلم ملون ناطق بالكامل، وثاني فيلم ملون تصدره وارنر براذرز.
ثلاثينيات القرن العشرين
أنتجت شركة "وارنر براذرز" حوالي 100 فيلم سينمائي سنويا بحلول ثلاثينيات القرن العشرين، واستحوذت على 360 دار عرض سينمائية في الولايات المتحدة.
وفي عام 1930، تم إنتاج أفلام الرسوم المتحركة القصيرة "Looney Tunes" لمنافسة والت ديزني. اشتهرت شركة وارنر براذرز بإصدار أفلام العصابات، بما في ذلك فيلميThe Public Enemy” و"Little Caesar" في عام 1931.
تمتلك وارنر براذرز أيضا حقوق أفلام إم جي إم الكلاسيكية، مثل فيلمي "ساحر أوز" و"ذهب مع الريح" عام 1939.
أفلام وارنر الكلاسيكية
شكلت الحرب العالمية الثانية خلفية للعديد من الأفلام خلال أربعينيات القرن الماضي، بما في ذلك فيلم الدراما الحربية الرومانسي الشهير "كازابلانكا". وانطلق عرضه على نطاق واسع في يناير/كانون الثاني عام 1943، وكان من أكثر الأفلام تحقيقًا للإيرادات في ذلك العام.
واصلت وارنر براذرز إصدار أفلام ناجحة، مثل A Streetcar فيNamed Desire” ،(1951) “East of Eden” ،(1955) “Rebel Without a Cause” ،(1955) في “My Fair Lady” (1964) وWho’s Afraid of Virgina Woolf في 1966.
وفي عام 1955، توسّعت شركة وارنر براذرز في مجال التلفزيون بمسلسلاتٍ متتابعة، بما في ذلك أفلام الغرب الأمريكي "شايان" (1955-1962) و"مافريك" (1957-1962)، ومسلسل الدراما البوليسية "77 صن ست ستريب" (1958-1964).
أعمال مُقتبسة من أفلام الجريمة والرعب والدراما
وفي عام 1967، استحوذ إليوت وكين هيمان على الشركة، لتصبح شركة وارنر براذرز-سيفن آرتس. وفي العام نفسه، أصدرت فيلم العصابات الكلاسيكي "بوني وكلايد".
وأصدر الاستوديو لاحقا أفلام “Exorcist” ،(1973) “Blade Runner”في (1982)، و “The Color Purple” (1985).
كما أطلقت وارنر براذرز سلسلة أفلام متنوعة، مثل "Dirt Harry" (1971)، والذي اختُتم عام 1988 بفيلمها الخامس " The Dead Pool".
امتلاك عالم DC
اشترت شركة "كيني ناشيونال" شركة "وارنر برذرز-سيفن آرتس" عام 1969، وأُعيدت تسميتها إلى "وارنر كوميونيكيشنز". كما امتلكت كيني دار النشر الوطنية الدورية، المعروفة الآن باسم "DC Comics".
وأصدرت وارنر برذرز فيلم "سوبرمان" عام 1978، ثم فيلم "باتمان" بعد 11 عاما. وتلتها أجزاء تالية، وكذلك إصدارات جديدة بعد عقود.
ويتولى المخرج جيمس غان إعادة إطلاق DC Universe، وكان آخرها إعادة إنتاج فيلم "سوبرمان" في يوليو/تموز. ومن المتوقع إصدار جزء ثان من فيلم "باتمان" (2022) في عام 2027.
بداية الألفية الثانية
في عام 1980، أصدرت وارنر برذرز فيلم الرعب النفسي The Shining، وفي 1981، أصدرت الدراما الرياضية الأولمبية “Chariots of Fire”.
وتضمنت قائمة Warner Bros المتنوعة في الثمانينيات “National Lampoon's Vacation” (1983)، “Once Upon a Time in America” (1984)، “Pee-Wee’s Big Adventure (1985) ، و"The Lost Boys" (1987).
واندمجت استوديوهات "وارنر براذرز للسينما والتلفزيون" مع شركة "تايم إنك" عام 1989 ليشكلا شركة "تايم وارنر". وشملت بعض الشبكات التلفزيونية التابعة للشركة: HBO، وCNN، وTBS، وTNT، وكرتون نتورك، وتيرنر كلاسيك موفيز. وفي عام 2000، اندمجت "أمريكا أونلاين" مع "تايم وارنر" في صفقة بقيمة 350 مليار دولار، وهي أكبر عملية اندماج في تاريخ الأعمال الأمريكية، والتي ثبت فشلها في نهاية المطاف.
في عام 1999، أصدرت الاستوديهات فيلم “The Matrix”، والذي أعقبه ثلاثة أجزاء متتالية، وفيلم “Pokemon: The First Movie”، والذي تضمن جزأين تاليين من إنتاج شركة Warner Bros.
وفي الوقت نفسه، دخلت شركة نتفليكس الناشئة إلى الساحة في عام 1997 كخدمة لتأجير أقراص DVD. وفي عام 2007، طورت Netflix خدمة البث المباشر وفي عام 2012 أطلقت أول مسلسل أصلي لها "Lilyhammer".
في عام 2001، أصدرت وارنر براذرز فيلم "Harry Potterthe Sorcerer’s Stone"، وهو الفيلم الأكثر تحقيقا للربح في ذلك العام، وأصدرت 7 أفلام أخرى من سلسلة "هاري بوتر"، واختتمت السلسلة عام 2011 بفيلم Harry Potter and the Deathly Hollows: Part 2.
كانت مسلسلات "Sex and the City" (1998-2004)، وSopranos (1999-2007)، و"Game of Thrones" (2011-2019)، و"Succession" (2018-2023) مجرد أمثلة على نجاح برامج HBO.
وفي عام 2018، أكملت AT&T صفقة استحواذ على Time Warner بقيمة 85 مليار دولار، وبعد 4 سنوات، تم تشكيل Warner Bros Discovery من خلال اندماج وحدة WarnerMedia التابعة لـAT&T وDiscovery.
وإلى جانب مكتبة الأفلام التي تمتد لأكثر من 100 عام، من المتوقع أن تستفيد Netflix أيضًا من بعض أفلام Warner Bros التي تم إصدارها هذا العام، بما في ذلك فيلم ”A Minecraft Movie“، وهو الفيلم المحلي الأكثر تحقيقا للأرباح لهذا العام، والفيلم الذي حقق نجاحا مفائجا "Sin".