الصواريخ اليمنية لا تتوقف عند عواء ترامب وضجيج طائراته
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
يمانيون/ تقارير
تتواتر التقارير الدولية وفي معظمها أمريكية لتؤكد بأن قوة الردع في البحر الأحمر وأن توجيه الأحداث في المنطقة، باتت تتسرب من يد الجيش الأمريكي، يأتي هذا الإقرار، المباشر أحيانا، والضمني أحيانا إثر هذا التتابع المثير للعمليات اليمنية سواء في البحر الأحمر أو في عمق العدو الإسرائيلي.
الإدارة الأمريكية وعلى لسان وزير دفاعها وصف فعلا اليمن بـ”المرعب”، ما يشير إلى أن الغارات التي تشنها طائرات البنتاغون على المنشآت اليمنية ليست إلا مكابرة يحاول من خلالها ترامب الحفاظ على تماسكه أمام العالم وهو الذي بدأ عنيفا في إطلاق تهديداته ووعيده هنا وهناك بما في ذلك للشرق الأوسط.
حتى الآن يبدو أن ترامب لم يفق بعد من صدمة المفاجأة التي لم يتوقعها من اليمن، إذ ظل يتوعد بتدفيعه الثمن الباهض وهو الثمن الذي أراده تأديبيا على المشاركة اليمنية الإسنادية للفلسطينيين في غزة خلال عدوان الـ(15) شهرا. ظن ترامب أن إطلاق التهديد ثم شن عدد من الغارات سيكون كافيا لارتداع اليمن بحيث لا يكون له بعدها موقف مشابه لما كان عليه، مع أي عدوان إسرائيلي جديد على غزة.
المفاجأة التي أربكت ترامب أن اليمن أثبت بأنه ليس بتلك الروحية التي يمكن أن تنهزم مع مجرد الوعيد أو حتى مع التعرض لأي هجوم غادر، لذلك كررت الطائرات الأمريكية غاراتها لتعود لتقصف ما قد تم قصفه، ومقابل ذلك كان اليمن يسير في المسار الطبيعي سواء في الدفاع عن النفس أو الدفاع عن الشعب الفلسطيني المستضعف في غزة، دون أن يعير عواء ترامب وأزيز طائراته أي اهتمام.
فضرَب حاملة الطائرات الأمريكية عدة مرات كرد طبيعي على العدوان على المحافظات اليمنية، وقصف عمق الكيان الإسرائيلي عملا بالالتزام الديني والإنساني والأخلاقي، كما وفي الوقت ذاته لا يزال يؤكد على أن حظر حركة الملاحة الإسرائيلية قرار لا رجعة عنه.
ولا يزال الكيان الأمريكي يحاول فهم ما يحدث، أو كيفية التعامل معه، فالهيبة الأمريكية غرقت في وحل البحر، بما يعنيه ذلك من فقدان كثير من المصالح في المنطقة أبرزها استمرار قوة “العسكري الإسرائيلي” الذي يريده الأمريكي عامل ردع وإرهاب في المنطقة لتغذية اقتصاد الولايات المتحدة من ثرواتها.
هجمات ووعيد بالتصعيدنجح اليمن في أن يفرض حقيقة في الذهنية الأمريكية بأنه قد أمسك خيوط الردع، وزوبعة ترامب لا تخيف، ودعم ذلك باستمرار عملياته الهجومية في الاتجاهين أمريكا في البحر وكيان العدو وزد على ذلك تهديده بالتصعيد أكثر.
لا تأتي صدمة واشنطن هنا في جرأة اليمن على تجاوز كذبة الردع الأمريكية، لا بل في القدرة على الاستمرار رغم الضربات التي كان يفترض حسب تصور ترامب أن تشل من قدرات القوات اليمنية ولو نسبيا بحيث لا يمكن لها على الأقل أن تبقى في ذات المستوى من التحدي والجرأة وفي توجيه الضربات والتهديد بالتصعيد.
ترامب قرر الانتحار يوم تحرك عمليا للدفاع عن الكيان الصهيوني بعد أن فشل في تحقيق ذلك بتصريحاته العبثية الحمقاء، وأصبح الأكيد أن استمراره في خوض هذه المغامرة ستفقد بلاده الكثير من التأثير على دول العالم والتي اعتمد فيها على الدعاية. ولذلك حذرت الكثير من المؤسسات البحثية والنخب الأمريكية من الاستمرار في هذا الطريق الطائش بعد أن ثبت أنه لا جدوى منه وأن نهايته ستكون الضعف في مواجهة خصوم كالصين.
يحذر خبراء عسكريون من حرب استنزاف طويلة الأمد، لموارد البحرية الأمريكية في البحر الأحمر. وتؤكد مجلة “فورين بوليسي”، بأن عمليات القصف الجوي وإطلاق صواريخ كروز المكلفة مثل “توماهوك” قد تؤدي إلى استهلاك سريع لمخزونات الذخائر الأمريكية، مما قد يضعف قدرة واشنطن على الاستجابة لصراعات أخرى محتملة، خصوصا في ظل تصاعد التوتر مع الصين في المحيط الهادئ.
“القوة المميتة” ترتد على ترامب
ترامب بحديثه عن استخدام “القوة المميتة الساحقة” ضد اليمن، أصبح مثيرا لسخرية حتى الأصدقاء، خصوصا بعد أن جاء رد اليمن سريعا باستهداف “ترومان” وتراجع حاملة الطائرات إلى أقصى شمال البحر الأحمر، مع استمرار الهجمات اليمنية.. تتساءل صحيفة “ديلي ميل” البريطانية “لماذا تخسر البحرية الأمريكية أمام الحوثيين في الشرق الأوسط”؟ وهو عنوان لتقرير نشرته الصحيفة وذكر أن أحد أبرز أسباب فشل أمريكا “يكمن في عدم نجاح ما تسمى بعملية “حارس الرخاء”، التي أطلقتها واشنطن في ديسمبر 2023 بالتعاون مع بريطانيا ودول غربية أخرى، في استعادة الأمن بالممرات البحرية. وبعد غارات جوية مباشرة بدأت في يناير 2024، ظلت حركة الشحن عبر قناة السويس منخفضة بنسبة 50% مقارنة بما قبل نوفمبر 2023، ولم تعد السفن الأمريكية قادرة على العبور بسلام منذ أكثر من عام وأن هذا الفشل يعود إلى صمود الحوثيين وقدرتهم على استمرار الهجمات رغم القوة العسكرية الأمريكية الهائلة”، حسب تعبير الصحيفة.
كما لفت التقرير إلى سبب آخر لعجز أمريكا، وهو “التكلفة الباهظة للتصدي لهجمات الحوثيين، حيث تتراوح تكلفة اعتراض طائرة مسيرة بـ50 ألف دولار بين مئات الآلاف و3 ملايين دولار لكل صاروخ أمريكي، فيما ترتفع تكاليف نشر حاملات الطائرات والطائرات المقاتلة إلى مليارات الدولارات”. بينما أكد موقع “ريسبونسبل ستيتكرافت” الأمريكي بأن الضربات لم ولن تضعف أنصار الله الذين صمدوا أمام القصف السعودي لسنوات. فيما ذكرت مجلة “Sourcing Journal” أن تجدد الضربات الأمريكية على اليمن يزيد من “احتمالية تصعيد اليمنيين هجماتهم ضد الأصول البحرية الأمريكية”.
وقالت وكالة بلومبرج إن “واشنطن فشلت سابقا في إيقاف عمليات القوات اليمنية عبر القصف الجوي”، مشيرة إلى أن “سنوات من الغارات لم تؤثر على قدرة اليمنيين في تنفيذ عملياتهم”
وذكرت صحيفة Indian Express الهندية أن “الحوثيين، منذ عام 2015، اعتمدوا على قوة صاروخية وطائرات مسيّرة. لذا، ورغم استمرار القصف الجوي من قِبل عدة قوى أجنبية، بما فيها الولايات المتحدة، فإن معيار نجاحهم يتمثل في الحفاظ على قدراتهم العملياتية وبالنظر إلى استمرار هجماتهم بالطائرات المسيرة والصواريخ على السفن العسكرية والتجارية، فمن الواضح أن هذه القدرة لا تزال قائمة”.
كل هذه الاستخلاصات القائمة على دراسة المعطيات تُبين كيف أن الخناق يشتد على ترامب وقد بات في موقف لا يُحسد عليه، واستمراره في تنفيذ عمليات ضد اليمن إنما تنفيس ومكابرة.
نقلا عن موقع أنصار الله
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: البحر الأحمر فی البحر
إقرأ أيضاً:
مجلة بريطانية تكشف سلسلة إخفاقات محرجة لحاملة الطائرات الأمريكية “ترومان “في البحر الأحمر
يمانيون../
في تقرير تحليلي مطوّل حمل نبرة نقد لاذعة، كشفت مجلة The Economist البريطانية تفاصيل مثيرة ومقلقة عن مهمة حاملة الطائرات الأمريكية USS Harry S. Truman، التي انتهت مؤخرًا بخروجها من البحر الأحمر وانتقالها إلى المتوسط، بعد سلسلة من الحوادث التي وصفتها المجلة بأنها “أحد أكثر الفصول البحرية إثارة للجدل والفشل في تاريخ البحرية الأمريكية الحديث”.
المهمة التي كانت تهدف إلى تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في واحدة من أكثر المناطق توتراً في العالم، تحوّلت – بحسب المجلة – إلى “دراما عملياتية عرّت ثغرات بنيوية في أداء البحرية الأمريكية”، وذلك بعد تتابع وقائع كارثية، من بينها فقدان ثلاث مقاتلات من طراز F/A-18، واصطدام مباشر مع سفينة تجارية، وفشل في نظام إيقاف الطائرات، أدى إلى إقالة قائد الحاملة وفتح تحقيقات موسعة داخل البنتاغون.
وأكدت The Economist أن الحاملة، وخلال فترة انتشارها، نفذت عمليات قتالية جوية معقدة، وشاركت في الحفاظ على وجود أمريكي في مياه تعتبر من أخطر بؤر التوتر، ضمن ما أسمته “استراتيجية الاحتواء البحري الأمريكية” لمواجهة تصاعد الهجمات اليمنية وتنامي التهديدات في الشرق الأوسط.
غير أن هذه الاستراتيجية اصطدمت بواقع ميداني مرتبك. ففي فبراير الماضي، وأثناء وجود الحاملة قرب ميناء بورسعيد المصري، اصطدمت بسفينة تجارية ضخمة، مخلّفة أضرارًا في الهيكل أجبرت الحاملة على الرسو في قاعدة أمريكية لإجراء إصلاحات عاجلة، أعقبتها إقالة قائد السفينة وسط تكتم رسمي لافت حول تفاصيل الاصطدام.
وفي حادث ثانٍ وقع في أبريل، وبينما كانت الحاملة تعود إلى البحر الأحمر، انزلقت مقاتلة F/A-18 ومركبة جرّ إلى البحر خلال عملية نقل روتينية، بعد أن كانت السفينة تقوم بمناورة تفادي مفاجئة. وقد نجا الطيار من الموت بأعجوبة، بعد أن قفز من الطائرة قبل لحظات من سقوطها.
ثم توالت الكوارث، ففي الأسبوع نفسه، فشل نظام الكابل الخاص بإيقاف الطائرات على متن الحاملة في الإمساك بمقاتلة أخرى أثناء محاولة هبوط، ما أدى إلى تحطم الطائرة وسقوطها في البحر، إلا أن الطيارين تمكنا من القفز والنجاة عبر قذف طارئ.
هذه الحوادث، وفق المجلة، سلّطت الضوء على اهتراء في أنظمة السلامة والتشغيل داخل البحرية الأمريكية، خصوصًا أن كل طائرة من طراز F/A-18 تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات، ناهيك عن الحاملة نفسها التي تقدر تكلفتها بما يفوق 6 مليارات دولار.
وتؤكد المجلة أن الضغط الشديد الذي تعرض له الطاقم على مدار شهور طويلة من الانتشار، في ظل تصاعد عمليات الاستهداف اليمنية والمخاطر الإقليمية المتصاعدة، شكّل بيئة مثالية لوقوع هذه الإخفاقات، ما دفع دوائر داخل البنتاغون للمطالبة بمراجعة جذرية للمهمة بأكملها، بما في ذلك إجراءات القيادة، وأنظمة السلامة، وأهلية الطواقم.
وبحسب التقرير، فإن عودة الحاملة إلى قاعدتها في نورفولك بولاية فرجينيا ستكون بداية لمسار طويل من المراجعات والتقييمات، وسط دعوات لتحديث بروتوكولات السلامة والاعتماد على أنظمة متقدمة، وربما غير مأهولة، لتقليل الخسائر البشرية والمادية.
وفي ختام التقرير، خلصت The Economist إلى أن مهمة USS Truman، التي كان يُراد لها أن تكرّس التفوق الأمريكي في البحار، تحوّلت إلى فضيحة مؤسسية تُظهر حجم الترهل في البحرية الأمريكية، وقد تترك أثرًا بعيد المدى على مستقبل نشر حاملات الطائرات الأمريكية في بؤر التوتر، في ظل تصاعد التحديات من خصوم واشنطن، وعودة الأسئلة الجوهرية حول فاعلية هذه السفن العملاقة في حروب القرن الحادي والعشرين.