مرت عشر سنوات على توقيع مصر والسودان وإثيوبيا إتفاقية "مبادئ سد النهضة" التي كانت في 23 آذار/ مارس 2015، دون تحقيق حتى الآن الوعود التي أطلقها رئيس النظام المصري المصري عبدالفتاح السيسي، وروجها الإعلام المحلي حينها بأنه حل أزمة مياه النيل.

وبينما احتفلت الأمم المتحدة السبت الماضي، بيوم المياه العالمي الذي يحل في 22 آذار/ مارس من كل عام، تمثل قضية مياه النيل خطرا وجوديا على حياة أكبر شعب عربي وأكثر من 107 ملايين مصري يعيشون في الداخل يمثل لهم النيل مصدر المياه الوحيد، وسط معاناة البلاد من فقر وشح مائي.



"توفير التمويل"
البداية جاءت عام 2011، حينما أعلنت أديس أبابا عزمها بناء سد على النيل الأزرق أهم روافد نهر النيل الموسمية وبحجم يقدر بـ80 إلى 85 بالمئة، بمنطقة بني شنقول القريبة من الحدود السودانية، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، معربتين عن مخاوفهما من تأثر حصتيهما التاريخية من مياه النيل (55.5 و18.5 مليار متر مكعب مياه) للأولى، والثانية، تواليا.

ومثل الرفض المصري، خلال حكم المجلس العسكري (2011- 2012) ومن بعده الرئيس الراحل محمد مرسي (2012- 2013)، عائقا أمام تمويل السد الإثيوبي، حيث توقفت مؤسسات دولية عن الإقراض والتمويل، ليعيد اتفاق مبادئ سد النهضة فرص أديس أبابا في البناء بالحصول على 4.7 مليار دولار هي تكلفة السد لإنتاج 6000 ميغاوات من الكهرباء.

وفي نيسان/ أبريل 2014، قرر الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وإيطاليا والبنك الدولي وقف تمويل بناء سد النهضة، وتجميد قروض دولية لإثيوبيا بقيمة 3.7 مليار دولار، بينها قرض صيني بمليار دولار.


لكن الاتفاق الذي وقعه السيسي، والرئيس السوداني السابق عمر البشير، ورئيس وزراء إثيوبيا هايلي مريام دالسين، بالعاصمة السودانية الخرطوم، ورفع ثلاثتهم أيديهم في إشارة للتفاهم التام، وشاهدوا فيلما قصيرا عن "سد النهضة العظيم"، والذي جاء بعد عام من مفاوضات برعاية الإمارات، عمل على فك حظر التمويل.

وكان حضور ممثل البنك الدولي مراسم توقيع الاتفاق، إشارة للمقرضين والممولين الدوليين بانتهاء الأزمة بين الدول الثلاث، وإيذانا برفع الحظر عن تمويل السد الإثيوبي، وفق مراقبين.

"بنود الاتفاق.. وتغيير اللهجة"
 قالت وزارة الخارجية المصرية حينها إن الاتفاق ضم 10 مبادئ تتسق مع القواعد العامة بمبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية، و"يوفر إطارا لتعهدات تضمن التوصل لاتفاق حول أسلوب وقواعد ملء خزان السد، وتشغيله السنوي"، فيما خرجت الصحف المصرية تحمل عنوان: "السيسي حلها".


لكنه ورغم مرور 10 سنوات على الإتفاقية، يزداد ملف مياه النيل تعقيدا، وحققت إثيوبيا هدفها بإنجاز سد النهضة، بينما قال خبراء إن الاتفاق عمل على تقوية ظهر إثيوبيا، وأعاد الحياة لمشروعها، وكان سببا في إفشال عشرات من جولات التفاوض جرت برعاية الأمم المتحدة ومنظماتها والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة.

ويرى خبراء مصريون تحدثوا لـ"عربي21"، أن اتفاق المبادئ دفع إثيوبيا لتغيير لهجتها ورفع سقف طموحاتها وملء السد للعام الخامس على التوالي والذي تم نهاية تموز/ يوليو حتى أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، ودون التوصل لاتفاق ثلاثي ملزم.


وفي تموز/ يوليو 2021، كشف عضو فريق التفاوض الإثيوبي بملف سد النهضة زيرهون آبيبي، عن تأثير اتفاق المبادئ على دولتي المصب، ودوره في اتخاذ إثيوبيا قرارات ملء حوض السد وحجز مياه النيل الأزرق دون توافق معها.

وردا على اعتراض القاهرة والخرطوم على ملء السد بقرار إثيوبي منفرد، قال آبيبي، إنه "من المستحيل إيقاف التعبئة، لاسيما أن دولتي المصب قبلتا بقواعد الملء والتشييد وفق اتفاقية المبادئ".

"حجر في ماء آسن"
والخميس الماضي، وفي تطور جديد، ورغم إعلان مصر فشل المفاوضات وتوقفها لعدم جدواها عام 2023، واتهامها إثيوبيا بـ"التعنت" طوال 13 عاما، وعقد مجلس الأمن الدولي، جلستين دون اتخاذ قرار، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مصر والسودان، للحوار.

آبي أحمد، وفي الوقت الذي أعلن فيه أنه سيفتتح السد خلال شهور، أكد أن السد سيضمن تدفق المياه على مدار العام بعد اكتماله ولن يلحق ضررا بدولتي المصب.

ولم تجد دعوة آبي أحمد، ردا مصريا حتى كتابة هذه السطور، لكنها تتزامن مع زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي الخميس الماضي، إلى تنزانيا، إحدى دول حوض النيل التي تتعاون معها القاهرة لإنشاء سد "جوليوس نيريري"، ومحطة توليد كهرومائية بقدرة 2115 ميغاواط، منذ عام 2018.


"دولة فقيرة مائيا"
وتعاني مصر فقرا مائيا متصاعدا، حيث قال رئيس وزرائها مصطفى مدبولي نيسان/ أبريل 2021، إنها "دخلت مرحلة الفقر المائي الحاد"، فيما تؤكد صفحة وزارة الخارجية المصرية، معاناة مصر من ندرة مائية فريدة، وأنها تأتي على رأس قائمة الدول القاحلة؛ باعتبارها الدولة الأقل أمطارا بالعالم، وتعاني الشح والفقر المائي الشديد، ويبلغ نصيب الفرد نصف حد الفقر المائي المدقع الذي حددته الأمم المتحدة، بـ1000 متر مكعب سنويا.

ومن منظمة "اليونسكو" وفي آذار/ مارس 2024، قال وزير الموارد المائية والري هانى سويلم، إن مصر تعتمد على نهر النيل لتوفير 98 بالمئة من مواردها المائية، و75 بالمئة منها تستخدم لإنتاج 50 بالمئة فقط من احتياجاتها الغذائية، وأنها تواجه نقصا بنسبة 55 بالمئة من احتياجاتها المائية البالغة 120 مليار متر مكعب سنويا.

وفي 27 آذار/ مارس 2024، قال سويلم، إنه وفقا لاتفاقية إعلان المبادئ فإنه لو تسبب سد النهضة بأي أضرار لدول المصب فعلي المتسبب أن يدفع ثمن هذا الضرر، مشيرا إلى أنه من حق الدولة المصرية اتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة التهديد المباشر لأمنها.

وقدم خبراء وسياسيون رؤيتهم في حديثهم لـ"عربي21"، راصدين حجم خسارة مصر بعد 10 سنوات من توقيع اتفاقية مبادئ سد النهضة، مؤكدين أن النظام الحالي من يتحمل أخطاء ذلك الملف، مشيرين إلى موضع صعب لمصر من ملف مياه النيل الآن، وملمحين إلى بعض نقاط الحل والخروج من الأزمة، وفق رؤيتهم.


"انهيار المكانة ثم الإرادة"
وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير الدكتور عبدالله الأشعل: "منذ العام 2013، حتى الآن انهارت مكانة مصر تماما دوليا وقاريا، وفي الإقليمين العربي وبالشرق الأوسط، بل إنها أصبحت دولة محتلة الإرادة، وصارت رجل المنطقة المريض، تماما كاللقب الذي أطلقته أوروبا على الدولة العثمانية في نهاية حكمها".

أستاذ القانون الدولي، والأكاديمي الذي قام بتدريس ملف المياه في القانون الدولي لطلاب كلية الهندسة جامعة القاهرة مدة 20 عاما، أكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "أزمة سد النهضة، كشفت عن الطامعين في مصر، التي أصبحت ضحية الطامعين فيها".

وأشار إلى أنه "قبل سنوات تحدث الرئيس السيسي، عن خسائر الدولة التي ليس لديها قوة وأن هناك من سيأكل قوتها"، ملمحا إلى أن "أول ورقة في أوراق قوة الدولة أن يكون الحكم مدني، ويكون رئيس الدولة مديرا ناجحا، وكي يكون ناجحا عليه أن يستعين بخبرات أبناء مصر في الداخل والخارج بغض النظر عن خلفيتهم عسكرية أم مدنية".

وأضاف: "نريد أن تنفصل الدولة كحقيقة سياسية وقانونية عن نظام الحكم، ويكون نظام الحكم مديرا فقط للدولة، ولكن أن تختلط الدولة بنظام الحكم، فهذا عين الخطأ؛ وبالتالي نحتاج إلى إصلاح جذري، وأن تكون الدولة كيانا منفصلا يتم مراعاة مصالحها المقدسة، ويكون النظام خادما للدولة وليست الدولة هي من تخدم النظام".

ويرى أنه "بالتالي فإن حل ملف سد النهضة سيكون في وقت قصير لو أعطيته لمتخصص يفهم، لأن المسائل واضحة وإثيوبيا تتعمد إبادة المجتمع المصري"، متسائلا: "وإذا لم تكن الحكومة قادرة على حماية المجتمع من الإبادة فما فائدتها؟"، مؤكدا أن "تكلفتها هنا أكثر من منافعها".


"ورقة عرفية"
وفي تقديره لحجم خسائر مصر في 10 سنوات، قال رئيس حزب "الخضر" المصري المهندس محمد عوض، إن "السؤال يتعلق بما تم من تفاعل مصري مع المشروع الإثيوبي، ويطرح أكثر من قضية جوهرية، لم يكن السد إلا  كاشفا لها، كذلك يجب الإقرار بأن الفشل المصري في التعامل مع الملف هو نتيجة لهذه القضايا".

وأضاف السياسي المصري، وفي حديثه لـ"عربي21" أنه "شتان الفارق بين إدارة إثيوبية ناضلت داخليا وكافحت دوليا لتحقيق حلما لشعبها، بإضافة حصة إضافية من ثرواتها الطبيعية لأجيالها القادمة، بينما بالطرف الآخر إدارة مصرية استنزفت طاقاتها دون رؤية واضحة، واكتفت بالاستناد لـ(ورقة عرفية) بمسمى اتفاق إطاري".

وتابع: "ورقة عرفية؛ هي كل ما تمخض عنه فكر الدولة بمؤسساتها ومفكريها وساستها ورجالاتها وأساتذة القانون الدولي، ولم تلتفت إلى أنها التزمت (بتمرير) أهداف إثيوبية من واقع ورقة عرفية لم تقم بتسجيلها ولو على سبيل الإجراء المظهري بعرض الاتفاق على البرلمان، ولنبدو وكأننا دولة تخطط ديمقراطيا، رغم التحفظ على الأداء التشريعي الوطني".

وواصل: "ورقة عرفية؛ لا تحمل من سمات القانون إلا أسماء الموقعين عليها، فلم ترقى حتى للقيمة القانونية لـ(عقد الزواج العرفي)، الذي يتم بشروط معينة حتى يُسمح بعرضه على القضاء".


"خطأ هؤلاء"
وأكد عوض أن "تلك الورقة ليست الخطأ الذي يمكننا تحميله مسؤولية الفشل الكبير بإدارة هذا الملف مصريا، بل الأسباب تمتد لما قبل ذلك"، موضحا أن "قضية مياه النيل مرت على جميع زعماء مصر، من جمال عبدالناصر إلى حسني مبارك".

وبين أنها "لم تكن تستغرق أكثر من كلمتين في دقائق معدودة بخطاب رئيس الدولة أمام شعب مصر، وسرعان ما يتم إغلاقها، وكانت كلماتهم واضحة حاسمة، لا مشاريع على مجرى نهر النيل إلا بالرجوع للحكومة المصرية والسودانية".

ويعتقد أن "كلمات رؤساء مصر السابقين لم تكن من أجبر المتربصين بمصر التزام الصمت وإغلاق الملف؛ ولكن كان ذلك يرجع لاسم مصر، وسياستها وقدرتها وقوتها وريادتها"، مشيرا إلى "كلمة تاريخية لوزير الدفاع المصري المشير عبد الحليم أبوغزالة، هدد باستخدام المواجهة الشاملة ضد أي مشاريع على نهر النيل تهدد حصة مصر".

ومضى عوض، يؤكد أن "القضية إذا ليست فيما أقامته إثيوبيا من سدود على مجرى النهر، بل فيما أصاب مصر من تراجع ووهن أفقد كلمتها الهيبة، وجعل قيمة رسائلها السياسية لا تزيد عن قيمة ورقة عرفية".


"الاندفاع المصري"
ويعتقد أن "الأداء المصري المعتكف على مشكلاته الداخلية منذ 2013 حتى 2015، لم يكن يعيق تنفيذ السيناريوهات المقررة لهذه القضية منذ اجتماع شرم الشيخ عام 2010، لوزراء الري لدول حوض النيل".

وأوضح أن "كل ذلك يعني، أن الإسراع بإبرام اتفاق مع الإدارة الإثيوبية والسودانية لم يكن مبررا، فمصر كانت بدأت مرحلة الاستقرار الداخلي بدليل إقامة مشروع تفريعة قناة السويس عام 2015".

وبيّن أنه "ربما البعض يبرر ذلك الاندفاع المصري لإبرام اتفاق 2015، لغرض إعادة مصر لموقعها بالاتحاد الإفريقي –جرى تجميد عضوية مصر منتصف عام 2013-، وهو ما أظنه لم يكن بالأمر الجوهري الذي يستحق التضحية بالقرار المصري بقضية السد، وهي قلب الأمن القومي".

وفي المحصلة، يرى رئيس حزب "الخضر"، أن "اتفاق 2015، أعطى إثيوبيا ميزة قانونية محدودة يمكنها الارتكاز عليها في المواجهة أمام المجتمع الدولي".

ويعتقد أن من تداعيات السياسة المصرية في التعامل مع ملف السد، أنه "تم استنزاف الوقت بصورة (بدت متعمدة) مع استمرار أعمال الإنشاء بناء على موافقة مصرية وفق اتفاق 2015، حتى اكتمل بناء السد، والملء بمعدلات أفضل مما طالبت به إثيوبيا".

وخلص للقول: "بات المشروع حقيقة واقعة تشكل تهديدا خطيرا لشعب مصر وللأجيال القادمة، هذا التهديد ليس في السد فقط ولكن في شبكة سدود خلفية مزمع إقامتها، وهو الخطر الذي حدا بالإدارة الأمريكية للرئيس دونالد ترامب للتلويح بهذا الملف مؤخرا في مواجهة مصر، وبات لمصر ذراع يمكنها ليه".


"سوء تقدير.. وشك وريبة"
الكاتب والمحلل السياسي السوداني، وائل نصر الدين، قال لـ"عربي21"، "تبين خلال 10 سنوات مرت على الاتفاقية سوء تقدير الإدارة المصرية والسودانية اعتمادا على حسن نوايا إثيوبيا، ولكنهما خلال عقد يجب النظر إليها بنظرة شك وريبة".

وأوضح أنه "بعد الاتفاقية رفضت أديس أبابا عقد أي اتفاق حول الملء والتشغيل، فقط اتفاق مبادئ أخذت به الشرعية لاستئناف التمويل الدولي، ثم لم تبالي بعد ذلك بمصر والسودان".

ويعتقد أن "موقف السودان يختلف عن مصر، ويرى أن السد قنبلة مائية يمكن لإثيوبيا فتحه وإغراق السودان، بينما مشكلة مصر وقوعها تحت رحمة إثيوبيا".

وقال: "لنكون واضحين فإن إثيوبيا ليست وحدها وهي ذراع لتحالف آخر يضغط على مصر في ملفات تهجير الفلسطينيين وقناة السويس، العلاقات مع روسيا والصين"، مؤكدا أن "سد النهضة إحدى حلقات مخطط كبير لأطراف دولية بينها إسرائيل وأمريكا والاتحاد الأوروبي لتطويق مصر استراتيجيا".

ويرى أنه "لذلك دعموا السد وتمويله ودراساته الفنية وحتى حمايته، وتأييد مطلق لإثيوبيا من الديمقراطيين بأمريكا باراك أوباما وجو بايدن، على عكس دونالد ترامب المتعاطف بعض الشيء مع مصر، وضغط لتوقيع اتفاقية ورفضت أديس أبابا".

ويعتقد الكاتب السوداني أن "الجلوس والتفاوض هو الحل لأن الحلول العسكرية أصبحت صعبة إذا ما قلنا مستحيلة، لأن السد ممتلء بمليارات الأمتار المكعبة من المياه، وبالتالي أمام القاهرة والخرطوم التفاوض فقط والضغط على إثيوبيا عبر حلفاء خليجيين وملفات البحر الأحمر والصومال وإريتريا".

وأوضح أن "القيادة السودانية منشغلة بالحرب ضد الدعم السريع، وأولوياتها حماية الحدود السودانية، وسد النهضة لم يعد الأولوية الكبرى حيث شغلوا السودان بنفسه بالحرب منذ عام 2023".

وألمح إلى أن "القيادة السودانية راجعت نفسها في التعاون مع إثيوبيا لأخذ الكهرباء من السد، لأن أطراف دولية قد تستخدم قضية الكهرباء والمياه للضغط على الخرطوم، وابتزازها كما رأينا في ملفات أوكرانيا وغزة وسوريا، والخرطوم لن تكون تحت رحمة إثيوبيا".

لذلك يرى نصر الدين، أنه "لا خيار أمام السودان سوى الضغط على إثيوبيا والتفاوض حول تشغيل السد، لأن تنظيم جريان مياه النيل مهم وينبني عليه مستقبل زراعة السودان، ووضع المدنيين على ضفاف النيل، بجانب وضع الخزانات والسدود السودانية، لذا تنظيم مياه النيل أكثر أهمية من الكهرباء".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مصر سد النهضة السيسي السودانية مصر السيسي السودان أثيوبيا سد النهضة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخارجیة المصری القانون الدولی مصر والسودان أدیس أبابا میاه النیل نهر النیل أکثر من لم یکن إلى أن مصر من

إقرأ أيضاً:

المصري للدراسات الاقتصادية: مشروع قانون الإيجار القديم لا يصلح إلا بتعويض المتضررين

عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، ندوة هامة بعنوان: "قانون الإيجار القديم.. المناقشات وسيناريوهات الحلول"، لمناقشة تعديلات قانون الإيجار القديم، والوقوف على حجم المشكلة وطبيعتها من خلال تحليل أهم المعلومات والبيانات، واقتراح سيناريوهات الحل بما يحقق العدالة الاجتماعية.

وعرض المركز تحليلا شاملا لقضية الإيجار القديم، تضمن استعراض الجذور التاريخية والتشريعية للمشكلة منذ عام 1920 وحتى التعديلات الأخيرة، وتحليل الوضع الراهن بالأرقام والإحصائيات، وتقييم مشروع القانون المقترح حاليا بمجلس النواب، وانتهاء بتقديم رؤية متكاملة ومجموعة من الحلول المقترحة لمعالجة القضية.

 1.8 مليون أسرة معنية بالإيجار القديم

ورصد المركز عددا من الحقائق الإحصائية التى تقيس حجم المشكلة، حيث يؤثر القانون على 1.8 مليون أسرة (حوالي 6 ملايين فرد)، وتتركز المشكلة بشكل كبير في المناطق الحضرية (93%)، حيث تستحوذ 4 محافظات هى: القاهرة الكبرى والإسكندرية والقليوبية على 82% من إجمالي الحالات. 

وأكثر من ثلث الأسر (35%) المتأثرة بالقانون تدفع إيجاراً شهرياً أقل من 50 جنيهاً مصرياً، وهو ما يوضح حجم الخلل الاقتصادي. وتبين الإحصاءات أن الغالبية العظمى من الأسر المصرية (86%) يملكون وحدات سكنية، فى حين أن 13% من إجمالى عدد الأسر تتأثر بقوانين الإيجار، 7% منهم يقعون تحت طائلة قانون الإيجار القديم.

ووفقًا لتعداد عام 2017 يوجد لدينا حوالي 42 مليون وحدة سكنية ما بين إيجار وتمليك، 3 مليون وحدة منهم هي عقود إيجار قديم، حوالي نسبة 7.6% من إجمالي الوحدات، مقسمين على استخدامات مختلفة سكنية وغير سكنية.

وزير قطاع الأعمال العام: مصر مركز واعد للطاقة الخضراء والصناعات الدوائيةالحكومة تستهدف الوصول بالاستثمارات الخضراء لـ60% بحلول 2027

إنشاء صندوق خاص للتعامل مع المتضررين

وعلقت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، بقولها أن جوهر الأزمة يكمن في غياب منهجية واضحة لفهم حجم المشكلة بدقة، مشيرة إلى أن صوت أصحاب المشكلة عالى، ولكن الأهم هو أن تعرف الحكومة حجم المشكلة حتى يتم تقدير مسئوليتها بشكل صحيح واتخاذ قرارات سليمة خاصة فيما يخص تعويض المتضررين، موضحة أن الحكومة لم تتعامل مع قضية الإيجار القديم بشكل سليم من خلال تحليل المشكلة ووضع حلول تراعى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والعدالة بين الأطراف.

وطرحت عبد اللطيف، عددا من التساؤلات حول مشروع القانون الأخير للإيجار القديم، مثل تحديد فترة إنهاء التعاقد بـ7 سنوات دون توضيح آليات التمديد أو الخروج الآمن، وهو ما يفتح الباب أمام تفسيرات متعددة، وتجاهل الفروق بين الحالات مثل غياب التمييز بين مستأجر دفع "خلو رجل"، وآخر يقيم في العقار منذ عقود دون مقابل مناسب، وهو ما يؤدي إلى غياب العدالة ويضر بشرائح غير قادرة على التعامل مع فجائية الإخلاء مثل أصحاب المعاشات وأصحاب الدخول المنخفضة، كما أعربت عن وجود مخاوف من حيادية لجان الحصر التى نص عليها مشروع القانون، وما هى المعايير التى سيتم بها تشكيل هذه اللجان؟ وما الذى يضمن تمثيل المتضررين بها؟ وهو ما يهدد حيادية عملها أثناء التطبيق.

وانتقدت عبد اللطيف وضع حلول عامة غير مدروسة، مقابل ما يفترض أن يكون نهجا مبنيا على "الاستهداف السليم"، القائم على فهم دقيق للمشكلة، وتحليل شامل للبدائل، وتقدير التكلفة والعائد لكل سيناريو، ووضع خطط لتعويض المتضررين، والاستناد إلى حوار مجتمعي ومشاركة جميع الأطراف.

وأكدت أن الدولة تعاملت مع الأزمة كـ"تشريع جامد" بدلا من اعتبارها "سياسة عامة" تتطلب المرور بخطوات التحليل والتقييم والرقابة والمراجعة، مشددة على أن القانون بشكله الحالى لا يصلح إلا بتعويض المتضررين، وهو ما يتطلب معرفة المتضررين بشكل محدد من خلال معلومات وبيانات دقيقة، داعية إلى استخدام الذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة للوصول إلى هذه الفئات وتحقيق الاستهداف السليم، وعدم تعامل القانون مع جميع الحالات بنفس النصوص.

وقدمت عبد اللطيف عددا من المقترحات التى يمكن أن تعالج الأزمة بشكل فعال وأكثر عدالة، تضمنت: أن تأتي اللائحة التنفيذية للقانون معالجة كافة أوجه القصور الموجودة به، على أن يتم عرض اللائحة - قبل إصدارها - على مجلس النواب مرة أخرى في جلسات تضم ممثلين عن الأسر المتضررة، بالإضافة إلى رصد المعلومات المطلوبة عن جميع الحالات المختلفة (مثل الحالات التي تم فيها دفع مبالغ كبيرة كـ"خلو رجل" أو خلافه)، مع وضع حلول مناسبة لكل منها.

كما اقترحت أن تقوم الدولة بإنشاء صندوق خاص للتعامل مع المتضررين من تعديل القانون، كأصحاب المعاشات، ووضع أولوية في تنفيذ القانون المعدل على الحالات المحسوم أمرها، مثل الوحدات المغلقة أو التي تحتاج إلى صيانة وترميم، وضرورة وجود رقابة فعالة على أعمال لجان الحصر، لضمان الشفافية في تصنيف المناطق، والتأكد من أن التصنيف يتم بحيادية ودون تحيز.

وفي ختام حديثها، أكدت أن الحل لا يكمن فقط في تحرير العلاقة الإيجارية، بل في تصميم حزمة سياسات متكاملة تضمن تحقيق العدالة، وتراعي الأبعاد الاجتماعية، وتوفر الحماية للفئات الأكثر ضعفاً، مع تحقيق الكفاءة الاقتصادية، وحذرت من أن تجاهل هذه الاعتبارات قد يؤدي إلى "كارثة اجتماعية واقتصادية"، مؤكدة أن الدولة ما زال أمامها فرصة لتدارك الأمر من خلال إعداد لائحة تنفيذية عادلة ومنصفة.

 تدخل الدولة لسد الفجوة القائمة

من جانبه أكد الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق، أن أزمة تعديلات قانون الإيجار القديم تمثل حالة نموذجية لتضارب مفهومي العدالة القانونية والاجتماعية، مشيرا إلى أن التشريع المطروح لا يمكن أن يعالج بمادة واحدة واقعا متشعبا بهذه الدرجة من التعقيد. وقال إن القانون الجديد يخص عددا محدودا نسبيا من الأسر من حيث النسبة، لكنه يمس فعليا حياة ملايين المواطنين، ويؤثر بشكل مباشر على حق أصيل كحق السكن، الذي لا يمكن اعتباره مجرد ميزة مؤقتة، بل هو حق دستوري وإنساني.

وشدد بهاء الدين على أن مناقشة القانون لا يجب أن تنطلق فقط من زاوية الحقوق المجردة للملاك أو المستأجرين، بل من ضرورة التوفيق بين مفهومين للعدالة: العدالة القانونية، التي تنص على احترام الملكية الخاصة وحرية التصرف فيها، والعدالة الاجتماعية، التي تحمي حقوق من استقرت أوضاعهم لسنوات بناء على تشريعات سابقة وظروف اجتماعية واقتصادية لا يمكن إنكارها. وأكد أن الفجوة بين المفهومين هي ما ينتج الانقسام المجتمعي الحاد حول التعديلات المقترحة، مشيرا إلى أن هذا الانقسام طبيعي ويحدث في قضايا مشابهة، مثل قوانين العمل، التي تهدف بالأساس إلى الموازنة بين مصالح متعارضة.

وأوضح بهاء الدين أن هذه الفجوة لا تُعالج بنص قانوني واحد، بل تحتاج إلى معالجة متدرجة وواقعية تقوم على تصنيف دقيق للفئات المتأثرة مشيرا إلى وجود حالات متعددة لا يمكن مساواتها: منها مستأجرون مهاجرون لا يقيمون في مصر منذ سنوات، وآخرون يمتلكون عدة وحدات سكنية ويحتفظون بوحدة قديمة بإيجار زهيد، وفي المقابل، هناك فئات محدودة الدخل تعتمد كليا على هذه المساكن في حياتها اليومية ولا تملك بدائل أخرى. واعتبر أن غياب هذا التمييز داخل مشروع القانون يُعد إحدى ثغراته الجوهرية.

وانتقد اقتصار تقسيم المشكلة على نوعية العقارات وليس على أوضاع المقيمين بداخلها، مؤكدا أن الحكومة خطت خطوة متواضعة في محاولة التصنيف لكنها لم تصل إلى لب الأزمة. 

كما أكد أن نقص المعلومات الدقيقة عن المستفيدين الحقيقيين أحد أبرز أوجه القصور، رغم توفر أدوات تكنولوجية ومؤشرات واضحة يمكن من خلالها تتبع الأوضاع الاجتماعية للأسر، مثل بيانات التموين، وبرامج الدعم، وفواتير المرافق.

وحذر من أن الشكل الحالي للقانون قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من المنازعات القضائية، لاسيما مع صلاحيات لجان الحصر والتقدير، التي تُعد لجانا إدارية وقد يُطعن في قراراتها أمام القضاء الإداري. وأشار إلى أن الخلاف حول امتلاك وحدة سكنية إضافية من عدمه، مثلا، سيفتح بابا كبيرا من التقاضي، وهو ما يتناقض مع ما قيل عن أن التشريع يستهدف تقليل المنازعات.

واقترح بهاء الدين أن تتدخل الدولة لتسد الفجوة القائمة بين العائد الاقتصادي العادل للمالك، وحق المستأجر في استمرار حياته بكرامة، من خلال آلية دعم اجتماعي موجه، معتبرا أن هذا التدخل ليس بدعة، بل سياسة اقتصادية معمول بها في دول العالم كافة. وأكد أن الدعم حين يُوجه لمستحقيه الحقيقيين، فهو أداة ضرورية لضمان استقرار اجتماعي وعدالة مستدامة.

وفي ختام كلمته، أعرب بهاء الدين عن مخاوفه من أن القانون بصيغته الحالية لن يكون حلا كافيا، وربما يتطلب تعديلا بعد ذلك. ودعا إلى منح البرلمان فرصة إضافية لمراجعة المشروع في شكل أكثر مرونة، ربما عبر قانون إطاري يسمح بتطبيق تدريجي وواقعي، يراعي التنوع الشديد في الحالات، ويجنب الدولة موجة صدام قانوني واجتماعي غير محسوب العواقب.

أزمة الإيجار القديم مسؤولية الدولة

المهندس إيهاب منصور رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي بمجلس النواب، أكد أن أزمة الإيجار القديم لا يتحمل مسؤوليتها لا المالك ولا المستأجر، وإنما هي مسؤولية الدولة بالأساس وفقا لما نص عليه الدستور في المادة 78، التي تلزم الدولة بتوفير مسكن ملائم وصحي وآمن لكل مواطن. وأوضح أن التأخير في تقديم مشروع القانون إلى البرلمان لم يتح الفرصة الكافية للحصول على بيانات دقيقة من الجهات الرسمية، وعلى رأسها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بحجة ضيق الوقت، وهو ما حال دون إعداد قانون أكثر عدالة وواقعية.

وأشار منصور إلى أن عدد الأسر المتأثرة بالإيجار القديم انخفض من 2.6 مليون أسرة عام 2006 إلى نحو 1.6 مليون أسرة في 2017، وتوقع أن ينخفض العدد إلى 756 ألف أسرة بحلول 2027، وإلى نحو 303 آلاف أسرة بحلول 2032، إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه. وشدد على أن هذه الأعداد لا تزال تمثل شريحة واسعة من المجتمع لا يمكن تجاهلها، وأن التعامل معها يتطلب تصنيفًا دقيقًا يراعي من هو قادر على الدفع ومن هو غير قادر، مع توفير الدعم اللازم للفئات غير القادرة، مؤكدًا أن هذا الدعم يجب أن تتحمله الدولة وليس المالك.

ولفت النائب إلى أن مشروع القانون الحالي لم يراعى مجموعة من العوامل الأساسية عند تحديد قيمة الأجرة، من بينها مساحة الوحدة، عمر العقار، موقعه، وتاريخ تحرير العقد، وهو ما يؤدي إلى غياب العدالة في التطبيق. وقال إن المساواة بين شقة مساحتها 40 مترا وأخرى مساحتها 400 متر أمر غير منطقي، كما أن عدم التفريق بين العقود القديمة جدا وتلك التي تعود للتسعينيات يُعد ظلما للمستأجرين الذين دفعوا مقدمات أو خلوا في فترات كان فيها ذلك مقبولا وغير مخالف للقانون.

وانتقد منصور غياب ذكر مسألة الصيانة في مشروع القانون، رغم خطورتها الكبيرة على سلامة المواطنين، مشيرا إلى أن محافظ القاهرة أعلن وجود 5000 عقار في حالة "خطورة شديدة"، بينما في الإسكندرية هناك أكثر من 24 ألف عقار آيل للسقوط. واعتبر أن ما يحصل عليه المالك من إيجارات رمزية لا يكفي لإجراء أي نوع من أعمال الصيانة، ما يهدد حياة السكان، وبالتالي فإن تدخل الدولة في هذا الجانب بات أمرا حتميا.

كما دعا منصور جهاز التعبئة والإحصاء إلى بدء إجراء المسح الميداني من الآن، بدلًا من الانتظار حتى عام 2027، من أجل الوقوف على أعداد المستأجرين من أصحاب المعاشات أو المستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة"، والفئات الأخرى غير القادرة على سداد القيمة الإيجارية الجديدة، مؤكدا أن هذه البيانات هي التي ستحدد مدى قابلية القانون للتطبيق من عدمه.

نائب برلماني: 33% من مستأجري الوحدات بالإيجار القديم من أصحاب المعاشات

وأشار إلى أن نحو 33% من مستأجري الوحدات بالإيجار القديم من أصحاب المعاشات، وطرح نموذجا واقعيًا قال فيه إن أحد المواطنين أخبره أن معاشه 2750 جنيها، بينما الإيجار المقترح عليه سيكون 3600 جنيه، متسائلًا: "يعمل إيه؟"، وأجاب: "هو ما يعملش.. الدولة هي اللي تعمل." وأضاف أنه يرى أن الحد الأقصى لما يمكن أن يدفعه صاحب المعاش يجب ألا يتجاوز 15% من قيمة الإيجار، والباقي تتحمله الدولة، مقترحا تخصيص مليار جنيه سنويا من الموازنة العامة لهذا الغرض، وهو رقم وصفه بأنه "غير كبير" مقارنة بما يُخصص سنويا لدعم الإسكان الاجتماعي والذى يتراوح ما بين 10 – 11 مليار جنيه سنويا.

واختتم النائب إيهاب منصور حديثه بالتأكيد على أن القانون بصيغته الحالية يفتقر إلى بعض الأسس التي تضمن عدالة تطبيقه، وأن استمرار تجاهل هذه الجوانب قد يؤدي إلى الحاجة لتعديله خلال عامين، معتبرا أن تحمل الدولة لمسؤوليتها تجاه الفئات غير القادرة هو أمر دستوري لا يجوز التنازل عنه، وأنه سيطرح هذه التعديلات المقترحة في الجلسة العامة لمجلس النواب الأسبوع المقبل.

فجوة حقيقية بين البيانات المتاحة وصناعة القرار في مصر

الدكتور ماجد عثمان المدير التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأى العام بصيرة ووزير الاتصالات الأسبق، أكد أن هناك فجوة حقيقية بين البيانات المتاحة وصناعة القرار في مصر، وهو ما ينعكس سلبًا على صياغة السياسات والتشريعات، ومنها مشروع قانون الإيجار القديم. وأوضح أن المعلومات المتوفرة حول ملف الإيجار القديم قليلة، ما يجعل الانطباعات والمصالح الشخصية تتغلب على الحقائق في صناعة القرار.

وأشار إلى أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يجري التعداد السكاني كل عشر سنوات، وكان آخر تعداد في 2017، والتعداد المقبل سيكون في مارس 2027، مؤكدًا أنه لا يمكن بأي حال تقديم موعد التعداد، وأنه من غير الواقعي الاعتماد على بيانات دقيقة في هذا الملف قبل هذا الموعد، نظرا لطبيعة التحضيرات المعقدة التي تسبق التعداد.

وأوضح أن بعض البيانات المتاحة لا يمكن الاعتماد عليها أيضا بسبب خلط الإيجار القديم بالجديد في بعض المسوح مثل مسح الدخل والإنفاق، داعيا إلى ضرورة التنسيق مع الجهاز المركزي لضمان دقة التبويب في المسوح المستقبلية.

وتحدث عن أهمية النظر للمشكلة من زاويتين: عدد الأسر وعدد الوحدات، مشيرا إلى أن عدد الأسر التي كانت تسكن مساكن بالإيجار القديم في 2017 بلغ نحو 1.6 مليون أسرة، بينما بلغ عدد الوحدات المؤجرة إيجارا قديما نحو 3 ملايين وحدة، ما يعني أن هناك نحو 1.4 مليون وحدة غير مستخدمة من قبل أسر بالفعل، إما مغلقة أو احتياطية أو في مدينة أخرى.

وأكد أن العدالة القانونية تختلف عن العدالة الاجتماعية، فالأولى قد تعتمد على عدد الوحدات، بينما الثانية تعتمد على عدد الأسر المتضررة فعليا، وهو ما يؤثر على تقدير التكلفة التي قد تتحملها الدولة في حال تدخلها لدعم الفئات غير القادرة.

ولفت إلى أن عدد الأسر من المستأجرين بنظام الإيجار القديم انخفض من 2.6 مليون في 2006 إلى 1.6 مليون في 2017، بنسبة تراجع حوالي 37%، ما يعكس انحسار الظاهرة تدريجيًا، ووفقًا لحساباته، فإن عدد الأسر التي تسكن إيجارا قديما حاليا لا يتجاوز 1.1 مليون أسرة على مستوى الجمهورية. وأوضح أن نسبة الأسر التي كانت تسكن إيجارا قديما في 2006 كانت 15%، وانخفضت إلى 7% في 2017، وتعد المشكلة حضرية بالأساس، حيث تصل النسبة في الحضر إلى 15% مقابل أقل من 1% في الريف، وهو ما يعني أن برامج مثل "حياة كريمة" التي تركز على الريف لن تتأثر كثيرا بمسألة الإيجار القديم.

وبيّن عثمان أن المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية والقليوبية تضم 84% من الأسر التي تسكن وحدات بالإيجار القديم، ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند وضع أي حلول أو تقدير التكاليف، كما أشار إلى أن في القاهرة وحدها كانت النسبة 48% من الأسر في 2006 وانخفضت إلى 26% في 2017، أي أن المشكلة رغم استمرارها، تشهد تراجعا.

وشدد على أن ربع المباني تقريبًا تم إنشاؤها قبل عام 1996، أي أنها قد تخضع لقانون الإيجار القديم، مؤكدا أن هذه الوحدات السكنية هي محل النقاش حاليا، بينما نحو 75% من المباني تم إنشاؤها بعد صدور القانون الجديد للإيجار.

وأكد الدكتور ماجد عثمان أن الدولة يجب أن تتعامل مع الفجوات المعلوماتية بشكل أكثر جدية، مقترحا أن يبادر مجلس النواب بطلب بيانات تفصيلية من الجهات المعنية لتوفير الأساس اللازم لصياغة تشريعات منضبطة. كما دعا إلى تحديث نتائج التعداد بشكل أكثر انتظاما، وليس كل 10 سنوات فقط، واقترح تحسين طرق التبويب في نتائج الجهاز المركزي بما يتماشى مع القوانين القائمة، مثل التمييز بين ما قبل وما بعد عام 1996 بدلا من 2000، وهو ما لا يتطلب تكلفة إضافية.

وأشار أيضا إلى أهمية الاستفادة من قواعد البيانات الحكومية المربوطة رقميا، مثل ربط بيانات الكهرباء والمياه لتحديد الوحدات غير المأهولة فعلا، والاستفادة من مشروع الرقم القومي العقاري الذي بدأ منذ سنوات دون أن تظهر نتائجه على أرض الواقع، مشددا على أن استخدام هذه الأدوات سيساعد في تحقيق العدالة بصورة أدق في معالجة قضية الإيجار القديم.

طباعة شارك المركز المصري للدراسات الاقتصادية قضية الإيجار القديم مجلس النواب الأسر المصرية أصحاب المعاشات

مقالات مشابهة

  • غوتيريش: مبادئ الأمم المتحدة تتعرض لهجمات غير مسبوقة
  • قبل 20 يوليو.. خبير يحذر إثيوبيا من خطــ ر قادم على سد النهضة
  • ماذا يحدث حال عدم فتح بوابات مفيض سد النهضة خلال موسم الأمطار؟ خبير يكشف
  • نبضات أرضية عميقة تهز إثيوبيا.. هل تنذر بتمزق إفريقيا؟
  • مليارات الدولارات.. كم خسرت إسرائيل بعدوانها على إيران خلال 12 يوما؟
  • لابورتا يخالف مبادئ برشلونة في صفقة نيكو ويليامز
  • المصري للدراسات الاقتصادية: مشروع قانون الإيجار القديم لا يصلح إلا بتعويض المتضررين
  • جورج شيحان يهنئ رئيس الجمهورية وقيادات الدولة والشعب المصري برأس السنة الهجرية
  • سد محمد الخامس بالجهة الشرقية يبتلع شقيقين
  • وزيرة البيئة وقّعت اتفاقية التنوع البيولوجي في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات