جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-16@12:12:15 GMT

ضجيج الوقت

تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT

ضجيج الوقت

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

نقترب من يوم الوداع، ها هو يمضي حاملًا حقائب سفر كثيرة؛ فيرحل معه الكثير ويبقى شيء قليل لا يكاد يرى، أما الضيوف فرحلوا وسكان البيت بقوا في مشهد معتاد يمر علينا كل عام عندما يغادرنا رمضان.. شهر الصيام.

رمضان وضجة كبيرة في الأسواق وبين حامل ومحمول ومنفق ومنفوق عليه ومُشترٍ وبائع وسفر.

مركز عُمان التجاري يكتظ بالشباب الكبار والصغار وأراني كالأطرش في مكان ليس له مكان، يكتظ عقلي بصورة الراحلين الذين لن يكونوا هذا العيد معنا، والمسافرين والموتى والسجناء والمرضى.

أُشعل شمعة الامل وأسعد بأنه لم يكن رمضانًا عاديًا بالنسبة لي، فقد كنت مجتهدة طبخًا ونفخًا وعبادةً، وفُزتُ بالتحدي الذي أبرمته مع نفسي، وهو أن اختم كتاب الله ثلاث مرات، وفعلت. لذا أستحق أن أفتخر وأسعدُ بهذا النصر؛ لأدرك أننا لاهون كثيرًا، وأننا لو اخترنا الآخرة لوجدنا أنفسنا نحوها نسير، ولبنينا قصورًا في الجنة؛ فالجنة دار الأنقياء الذين لا تغرهم الحياة الدنيا، لا ذهب لا مال ولا جاه ولا منصب ولا أي شيء يدوم، لا يبقى سوى العمل الصالح الذي سعينا واجتهدنا وعبرنا من خلاله.

تضج الأسواق بالمارة وتتناقص الاعداد في المساجد في عدد مهول وكأنهم فرغوا من العبادة والصلاة وكأن الحياة ستنتهي لو لم يتم النزول للأسواق.

كأني كنتُ أتحسس الموت قريبًا، فقد رحل خالي أحمد بن علي الكيومي، مع قائمة الراحلين، وأنا أكتب مقالي طرق بابنا الموت، فأحسستُ بالغربة، وأنا بين الناس، لكن قلبي لا يزال يرى خالي جالسًا على كرسي في المدرسة عند باب الحارس، وأنا أتوجه نحوه لأقول له "خالي خالي"، وها هو الان رحل في شهر كريم وهو رجل صالح.

يُعلِّمُنا رمضان الصبر والقوة على احتمال مصائب الدهر، والسكون الذي يلفنا، والطمأنينة التي تملأنا، نجدها صادقة جدًا لأنه لا يوجد غش ولا كذب في أيامه ولا تلفيق ولا بهتان، لكنه يوجد مع ضعاف النفوس الذين لا يستطيعون السيطرة على مشاعرهم وهم قومٌ يحبون الفتنة ودس السم في العسل والمبالغة بالكذب والتلفيق والافتراء، فلا يغيرهم رمضان ولا يتغيرون في غير رمضان هم عملة لوجه واحد لا يمكن أن يحدث في حياتهم ما يمكن أن يصحي فيهم الضمير الميت.

إن الانشغال في رمضان بأمور الدنيا ومتابعة المسلسلات الدرامية والبرامج التلفزيونية ومنصات التواصل الاجتماعي وغيرها، والنوم عن العبادات والطاعات والانخراط في الأسواق بحثًا عن عذرٍ للهرب والتنصل من المسؤولية التي يجب أن تكون في كل وقت تجاه حرمة الشهر الفضيل وأوقاته المهمة جدًا والتي قد لا تُعوَّض، هو أمر صرنا نبكيه ونحزن عليه؛ لأن أبواب الجنة مفتوحة، وهنا باب مهم ولكنهم لا يفهمون ذلك أو على أعينهم غشاوة أو على القلوب أقفالها.

لن يدرك الإنسان قيمة نفسه إلّا عندما يزنها بميزان العقل والحكمة، ولن يُثمِّن كم من الوقت أهدره على الأمور الدنيوية الزائلة، إلّا عندما يصفعه القدر، لكن يجب عليه أن يخاف؛ فبعض الصفعات لن تكون لتتعلم الدرس وإنما لتنتهي حياتك وأنت في غمرة نفسك لا تدرك أنك ماضٍ نحو أسفل السلم في لوحة من الألوان المنتهية الصلاحية ولا مجال فيها للإصلاح أو إعادة ضبط النفس وإيقافها وتعليمها وإعطاءها فرصة أخرى للتعلم من جديد.

يُغادر رمضان حاملًا أسماءً عديدة تغادر معه؛ فرمضان سيعود، لكنهم لن يعودوا وأن الفرصة لا تُعاد مرتين والمشهد لا يتكرر، والحياة ليست كما نحب، لكن هناك مُتسع للحب.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عندما تطال الفدية حلم التصنيع.. نيسان في مرمى الاختراقات

لم تعد الهجمات الإلكترونية محصورة بقطاعات المال أو الصحة أو الحكومات، بل امتدت إلى قلب الصناعات القائمة على الابتكار والبحث والتطوير، حيث تلتقي الملكية الفكرية مع التنافسية الاقتصادية.

فعلى سبيل المثال أكدت شركة "نيسان" (Nissan) تعرض ذراعها التصميمية "كريتيف بوكس" (Creative Box) لهجوم طلب فدية نفذته "كيلين" (Qilin) قبل فترة.

وزعمت مجموعة الجريمة الإلكترونية أنها استطاعت سرقة ما يزيد على 400 ألف ملف، حيث وصل حجم الملفات المسروقة إلى نحو 4 تيرابايت من البيانات البالغة الحساسية.

ولا تهدد هذه العملية "نيسان" وحدها، بل تبعث رسالة إلى مجمل قطاع السيارات العالمي مفادها أن الابتكار لم يعد آمنًا.

قد تضطر "نيسان" لإعادة تصميم بعض مكونات سياراتها المسروقة لتجنب التقاضي (الفرنسية)تهديدات تطال قطاع السيارات

لم تكن "نيسان" سوى حلقة في سلسلة هجمات ضد قطاع السيارات العالمي، حيث سبق أن تعرضت شركات عدة لهجمات مماثلة.

ويعود سبب هذا الاستهداف إلى عدة عوامل، مثل التحول الرقمي السريع، وسلاسل التوريد المعقدة، والقيمة العالية للبيانات، والحساسية التشغيلية.

ويمثل الهجوم الجديد ضربة موجعة لقطاع السيارات العالمي ككل، ويثير مخاوف جدية بشأن كشف الابتكارات.

وإلى جانب الخسائر المحتملة، يسلط هذا الاختراق الضوء على نقاط ضعف الشركات الفرعية المتخصصة التي تتعامل مع الممتلكات الفكرية العالية القيمة، ولكنها غالبًا ما تفتقر إلى دفاعات سيبرانية قوية.

وغالبًا ما تتمتع استوديوهات التصميم، مثل "كريتيف بوكس" بوصول غير محدود إلى الملكية الفكرية، مع رقابة أمنية محدودة، مما يجعلها أهدافًا رئيسية لمجموعات الجريمة الإلكترونية.

ولا يقتصر استهداف مثل هذه البيانات على دوافع مالية بحتة، بل قد يخدم في بعض الأحيان أهدافًا جيوسياسية أو تنافسية.

وتعني سرقة التصاميم في قطاع إستراتيجي، مثل السيارات، التأثير المباشر في ميزان القوى الاقتصادية والتكنولوجية بين الدول، الأمر الذي يحول الهجمات من جريمة رقمية إلى أداة في سباق النفوذ الصناعي العالمي.

إعلان

كما تعني أن سنوات من البحث والتطوير والاستثمارات الضخمة قد تقع في أيدي المنافسين، مما يمنحهم نظرة غير مسبوقة على إستراتيجية "نيسان" المستقبلية ويقلل من قيمة عنصر المفاجأة في السوق.

وقد تحتوي البيانات المسروقة على معلومات حساسة عن الموردين ومواصفات القطع ومخططات خطوط التجميع، مما يعرض سلسلة التوريد بأكملها للخطر وقد يؤدي إلى عمليات ابتزاز متتالية.

وقد تضطر "نيسان" إلى إعادة تصميم بعض مكونات سياراتها المسروقة لتجنب التقاضي أو فقدان التفرد التكنولوجي، مما يعني تأخيرًا في مواعيد الإطلاق وزيادة في التكاليف.

البيانات المسروقة تحتوي على معلومات حساسة عن الموردين ومواصفات القطع (رويترز)"نيسان" تؤكد اختراق "كريتيف بوكس"

في خطوة تهدف إلى الضغط من جهة والتشهير من جهة أخرى، نشرت "كيلين" عدة لقطات شاشة مأخوذة من البيانات المسروقة.

وتتضمن البيانات المسروقة نماذج تصميمية ثلاثية الأبعاد، وتقارير أعمال داخلية، ووثائق مالية، وصورا وتسجيلات لتصميمات داخلية وخارجية للسيارات، ومستندات وجداول بيانات، وملفات نصية تحتوي على معلومات حساسة.

وهددت "كيلين" بإمكانية نشر الملفات علنًا إذا رفضت "نيسان" الاعتراف بما حدث، الأمر الذي قد يسمح للمنافسين بالوصول إلى بيانات مفصلة لجميع مشاريع استوديو التصميم "كريتيف بوكس".

كما يسمح للجهات الأخرى باستغلال الأصول لأغراض التجسس الصناعي، أو التصميم المضاد، أو الإضرار بالسمعة.

وغالبًا ما تعتبر ملفات تصميم السيارات أسرارًا تجارية محمية بشدة، ويزيد خطر وصول المنافسين إليها من الضغط في مثل هذه الحوادث.

وبالنظر إلى أن سوق السيارات يعيش سباقًا محمومًا نحو المركبات الكهربائية والذاتية القيادة، فإن فقدان سرية هذه التصاميم يعادل خسارة إستراتيجية في السباق العالمي.

ملفات تصميم السيارات أسرار محمية بشدة (الأناضول)تاريخ "نيسان" مع الهجمات الإلكترونية

أقرت الشركة اليابانية بالاختراق، موضحة اكتشافها وصولًا مشبوهًا إلى خادم بيانات "كريتيف بوكس" وحظرها جميع عمليات الوصول إلى الخادم المصاب للحد من المخاطر، والتواصل مع السلطات، ولكن دون الإفصاح عن تفاصيل الفدية أو نيتها التفاوض مع المهاجمين.

وتجري "نيسان" تحقيقًا في الحادث، موضحة أن البيانات المسربة لا تؤثر إلا عليها، حيث إنها العميل الوحيد لاستوديو التصميم الذي يعمل كمركز أبحاث يركز على تصميمات السيارات التجريبية والمفاهيمية.

وبغض النظر عن ذلك، فإن هذا ليس أول اختراق إلكتروني يضرب عملاقة صناعة السيارات، إذ كُشف في مايو/أيار 2024 عن اختراق القراصنة لفرع الشركة في أميركا الشمالية، حيث سرقوا بيانات حساسة لأكثر من 53 ألف موظف وبعض المعلومات.

وفي مارس/آذار من العام نفسه، زعمت مجموعة "أكيرا" (Akira) المرتبطة بروسيا أنها نجحت في اختراق فرع الشركة بأستراليا ونيوزيلندا، حيث اخترقت خوادم تكنولوجيا المعلومات المحلية.

وأثر الاختراق في نحو 100 ألف عميل وتاجر لشركة "نيسان" بمن فيهم موظفون حاليون وسابقون، وكشف عن 10 آلاف بطاقة هوية حكومية، و4 آلاف بطاقة رعاية صحية، و7500 رخصة قيادة، و220 جواز سفر، و1300 رقم ملف ضريبي.

إعلان

وفي أبريل/نيسان 2024، تأثر مركز اتصالات "نيسان" باختراق بيانات "أوراكل سي إم إس" (OracleCMS) وهي الشركة التي تعاقدت معها لإدارة مركز الاتصال المخصص لحوادث الإنترنت عقب الهجوم الإلكتروني السابق.

وعلاوة على ذلك، أعلنت "نيسان" عام 2022 حدوث خرق للبيانات في أحد مزودي خدمات البرمجيات التابعين لجهات خارجية، مما أدى لتسريب المعلومات الشخصية لآلاف العملاء.

نشاط غير مسبوق لمجموعة "كيلين"

مع تسجيل عشرات الضحايا خلال الأسابيع الأربعة الماضية، تعتبر "كيلين" إحدى أكثر مجموعات طلب الفدية نشاطًا، حيث استهدفت الأشهر الـ12 الماضية ما يقرب من 500 ضحية.

واشتهرت "كيلين" -المعروفة أيضًا باسم "أجندة" (Agenda)- باستهداف المستشفيات وقطاع التصنيع، وقد ظهرت أول مرة بدائرة الضوء عام 2022 رغم أنها تدعي أنها بدأت العمل عام 2021.

وتعتمد مجموعة الجريمة الإلكترونية هذه على نموذج "برمجيات طلب الفدية كخدمة" (RaaS) أي أنها لا تنفذ كل الهجمات بنفسها، بل تتيح بنيتها التحتية لشركاء مقابل حصة من الأرباح.

وغالبًا ما تعتمد المجموعة على أساليب الابتزاز المزدوجة، حيث تطلب فدية لفك تشفير بيانات الضحايا، وفي الوقت نفسه تهدد بنشر البيانات إذا لم تحصل على الفدية.

وفي وقت سابق أعلنت "كيلين" مسؤوليتها عن هجوم استهدف شركة أبحاث الأدوية "إينوتيف" (Inotiv) حيث زعمت أنها سرقت 176 غيغابايت من ملفات الشركة الداخلية.

واكتسبت المجموعة اهتمامًا دوليًا بعد هجوم على مزود خدمات المختبرات السريرية التابع لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية "سينوفيس" (Synnovis) أدى إلى إلغاء مئات العمليات الجراحية، وعطل عمليات نقل الدم، وأدى لوفاة مريض، مع تسريب بيانات أكثر من 900 ألف سجل طبي.

ومن بين الضحايا السابقين شركة الطاقة والتصنيع العالمية العملاقة "إس كيه غروب" (SK Group) ومجموعة الصحف "لي إنتربرايزز" (Lee Enterprises) ومحطة "بي بي إس" التلفزيونية (PBS TV) وشركة قطع غيار السيارات "يانفينغ" (Yanfeng) ومركز "أوتسونوميا" (Utsunomiya) لعلاج السرطان.

وختامًا، يوضح هذا الحادث أن الابتكار لم يعد بمنأى عن الخطر، حيث باتت الملكية الفكرية هدفًا مغريًا من الناحية الاقتصادية. ومع دخول قطاع السيارات مرحلة تحول جذري نحو الكهرباء، يصبح الأمن السيبراني جزءاً لا يتجزأ من المعادلة، فإما أن تحمي الشركات أسرارها أو أن تتخلف عن السباق العالمي.

مقالات مشابهة

  • كلوب: أنسى حيادي عندما يلعب دورتموند
  • فلكيا.. أول أيام شهر رمضان 2026 بهذا الوقت
  • علامة في الأنف تفضح الحالة النفسية للشخص
  • عندما يقفز الذكاء الاصطناعي على حواجز اللغة؟
  • عندما تطال الفدية حلم التصنيع.. نيسان في مرمى الاختراقات
  • كيف تصبح قائدا أفضل.. 5 خطوات لتحسين أداء فريقك
  • في رحاب البحر الأحمر.. إرادة السلام تنتصر على ضجيج السلاح
  • ماذا قال ترامب عن قدرة أردوغان على المساعدة في إنهاء حرب أوكرانيا؟
  • دراسة: الوقت الذي تستخدم فيه هاتفك قد يفضح حالتك النفسية
  • نص اتفاق غزة الذي وقع عليه ترامب وقادة العالم في شرم الشيخ