الاعيسر: الشعب اصبح بأسره اليوم في “الغابة” بمعناها الرمزي القتالي، متمرداً على كل المفاهيم الخاطئة
تاريخ النشر: 1st, April 2025 GMT
دعا وزير الثقافة والاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الاستاذ خالد الاعيسر السودانيين الى فتح صفحة جديدة عنوانها البناء والتعمير، والقبول بالآخر، والعيش في سلام، والتشارك في الخير الوفير الذي يكفي الجميع، بدلاً من معاداة الآخرين أو ترهيبهم بالتمرد وحمل السلاح بحجة المظالم التاريخية والتهميش.
واوضح الاعيسر فى منشور على صفحته بالفيسبوك ان الدرس المستفاد لكل سوداني يسعى لبناء وطنه بصدق هو أن يتخلى عن فكرة تخويف الآخرين بالتمرد، فقد أصبح الشعب بأسره اليوم في “الغابة” بمعناها الرمزي القتالي، متمرداً على كل المفاهيم الخاطئة.
واضاف ان من أكثر المفاهيم الخاطئة التي حطمتها الحرب في السودان إلى الأبد هي الاعتقاد بأن الشجاعة والبسالة امتياز مناطقي أو جغرافي أو قبلي، يقتصر على فئة دون أخرى وهذا خطأ كبير كرسته المناهج الدراسية في كتب التاريخ القديم .
واضاف لقد أثبت السودانيون جميعاً، في كل شبر من أرض الوطن، أنهم رجال قلوبهم من حديد والأهم من ذلك، أنه لم يعد بإمكان أي أحد في السودان بعد اليوم تهديد إخوانه بالتلويح بالتمرد أو “دخول الغابة”.
سونا
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الانتصار الرمزي في العقل الشيعي: من كربلاء إلى طهران.. كيف تتحوّل الهزائم إلى فتوحات؟
العقل الشيعي، بنسخته السياسية الثورية كما تمثّله ولاية الفقيه في إيران، يتغذى على مفهوم "الانتصار الرمزي" بوصفه بديلا عن النصر الواقعي الميداني، وهذا ليس أمرا طارئا، بل بنية ذهنية متجذّرة، تضرب جذورها في خطاب المظلومية التاريخية، وتُعيد إنتاج الفقد والهزيمة على هيئة بطولات، وتُسبغ على الانكسار هالة من القداسة.
كربلاء: النكسة المؤسسة
في وجدان الشيعة الاثني عشرية، تُعد واقعة كربلاء سنة 61هـ (680م) لحظة التأسيس المركزي للهويّة الشيعية، فرغم أن الحسين بن علي قُتل ومعه العشرات من أهل بيته وأصحابه، وتم سحل جثثهم، وسُبيت نساؤهم، إلا أن الحدث لم يُصوّر كهزيمة عسكرية أو انهيار سياسي، بل أُعيدت صياغته على مدى قرون باعتباره "أعظم نصر أخلاقي في التاريخ".
هذا الفهم يظهر جليا في قول المرجع الشيعي محمد مهدي شمس الدين:
"الحسين لم يُقتل، بل انتصر على يزيد.. كربلاء كانت لحظة انتصار على الظلم، حتى وإن بدا فيها الحسين مهزومًا في الظاهر"
(من كتاب الثورة الحسينية في الوجدان الشيعي).
ويؤكد المرجع الشيعي مرتضى مطهري في كتابه الملحمة الحسينية:
"الناس يرون أن الحسين خسر المعركة، لكن الثورة لا تقاس بالنتائج العسكرية، بل بالأثر الروحي والبُعد الرمزي".
وبدلا من مساءلة خيارات الحسين السياسية أو حساب نتائجها الواقعية، حولت المدرسة الشيعية الحدث إلى ملحمة فداء أبدية، تجعل من القتل انتصارا، ومن العجز مشروع مقاومة لا ينتهي.
الهزائم الحديثة: نسخة مكررة من كربلاء
ما نشهده اليوم من احتفالات إيران ومن يدور في فلكها بعد كل هزيمة أو ضربة عسكرية قاصمة، ليس سوى نسخة محدثة من ذلك النمط الكربلائي، فعندما استهدفت إسرائيل القيادات الإيرانية في سوريا، أو قصفت المنشآت النووية في نطنز وأصفهان، أعلنت طهران أن "العدو فشل في كسر الإرادة"، واعتبرت الصمت عن الرد تكتيكا استراتيجيا!
وعند اغتيال قاسم سليماني، قال المرشد الإيراني علي خامنئي: "استشهاد سليماني نصر عظيم، فقد وحّد الأمة، وجعل من دمه شعلة لن تنطفئ" (خطاب 3 يناير 2020)، بينما الحقيقة هي أن الرجل قُتل في عملية دقيقة بلا أي رد نوعي بعدها.
الإنكار كآلية دفاع
ما يُغذي هذا السلوك ليس فقط الخطاب الديني، بل أيضا آلية نفسية يطلق عليها "الإنكار الجمعي"، بحسب علم النفس السياسي، فالنظام الإيراني، وأذنابه العقائدية، عاجز عن الاعتراف بالفشل، لأن الاعتراف يعني سقوط أسس شرعيته التي تقوم على ولاية منصوصة من الله، وعلى مشروع إلهي لا يُهزم.
في كتاب ولاية الفقيه للخميني، نقرأ: "الفقيه لا يخطئ لأنه ينوب عن المعصوم، فإذا أخطأ الناس، فهو لا يخطئ، لأن الله يؤيده"، وبالتالي، يصبح من غير الممكن الاعتراف بالهزيمة، لأنها تتناقض مع العصمة السياسية المفترضة.
شعارات بلا مضمون.. ومقاومة بلا نتائج
كم من نصر إلهي احتفل به إعلام طهران، وما الذي تغيّر على الأرض؟
الجواب الصادم: كل تلك الانتصارات مجرد شعارات فارغة، فمن لبنان إلى اليمن، ومن العراق إلى سوريا، تتكاثر الهزائم المدمّرة، وتزيد أعداد القتلى ويقبر المشروع الإيراني فتحفل المراجع بالإذلال.
يقول المرجع الشيعي محمد صادق الصدر في إحدى خطبه: "نحن لا ننتصر بالسلاح، بل بمظلوميتنا وهذا سرّنا" (خطب الجمعة، 1998).
وهنا يتضح جذر المفارقة: الهزيمة في الفكر الشيعي ليست شيئا يجب الحذر منه، بل تُستثمر طقوسيا وتُقدّس شعائريا وتُنتج كرمزية متعالية على الواقع.
خلاصة القول:
الانتصار في العقل الشيعي ليس ما تحققه في الواقع، بل ما تتخيله وتُقنع به جمهورك، والدماء وقود للدعاية، والشعارات تُقدَّس أكثر من الإنجازات، والهزائم تُحتفى بها كأنها انتصارات، فقط لأن مشهد كربلاء يتكرر، خسرنا كل شيء، لكننا انتصرنا في الرواية!
لكن في عالم السياسة والجغرافيا والاقتصاد، الروايات لا تُقيم دولا، ولا تُحرر شعوبا، ولا تُوقف القنابل، ولا تُصلح الاقتصاد، ووحده النصر الحقيقي هو ما يصنع الفارق.
*صفحة الكاتب على منصة إكس