معسكر زمزم للحركات أم النازحين ؟ معضلة الحركات المسلحة الإخلاقية في الفاشر !
التحليل في الفيديو المرفق يشرح بوضوح كيف تتسبب الحركات المسلحة في تعريض المدنيين في الفاشر للخطر.

مدخل :
الواقع الآن أن سلاح الجو – وهو الشريان الوحيد المتاح لإيصال الإغاثة والسلاح إلى الفاشر – لم يعد قادرًا على التحليق فوق سماء المدينة.

وبهذا فإن الموارد القليلة أصلاً والتي كانت تصل بصعوبة إلى الفاشر أصبحت الآن شبه معدومة.

ولا ننسى أن الجنجويد منتشرون في المالحة، وجبل راهب، والصياح، ومليط، ما يجعل إمكانية إيصال أي إمداد بري إلى المدينة مغامرة خاسرة محفوفة بخسائر كبيرة، وهو أمر لا تريده الحركات المسلحة، أو بالأصح لا تجرؤ عليه.

الجنجويد مجرمون، هذا أمر مفروغ منه. لكن السؤال الحقيقي هو: كيف نحمي المدنيين المحاصرين في الفاشر من الجنجويد؟
الخيارات المطروحة أمامنا لا تتجاوز خمسة:
1. إرسال قوات لفك الحصار وتعزيز دفاعات المدينة مع الحفاظ على خط إمداد دائم. وهذا الخيار رغم مثاليته، إلا أنه صعب جدًا عسكريًا ولوجستيًا.

2. إرسال قوات في مهمة محدودة إنتحارية لإيصال مواد إغاثية وذخائر للجيش و البقاء داخل الفاشر ، وهذا حل قصير المدى، لكنه أفضل من لا شيء.
3. عقد اتفاق مع المليشيا لتسليم المدينة دون قتال، مع إخلاء الجيش والمدنيين بضمانات إقليمية ودولية، وتحت غطاء جوي من دولة مؤثرة – كالسعودية مثلاً.
4. الاستجابة لمبادرة الجنجويد بإجلاء المدنيين عبر قوات حجر وإدريس إلى مكان آمن بضمانات، مع بقاء المقاتلين في الفاشر. مع الأخذ في الاعتبار أن المدينة لا يمكن إمدادها جوًا، ولا يمكن للجيش الصمود للأبد.
5. الإبقاء على الوضع كما هو: مزيد من الموت، والجوع، والانهيار الكامل للمدينة، والنتيجة معروفة سلفًا.
تحليل :
لكن السؤال الأهم: لماذا لا تريد الحركات المسلحة – وتحديدًا حركتي جبريل ومناوي – إرسال قوة برية للفاشر رغم ضغطها على الجيش للبقاء؟

الجواب بسيط. جبريل ومناوي ينتمون للزغاوة، بينما الفاشر ليست مدينة زغاوية، بل هي مدينة متعددة القوميات، وغالبية سكانها اليوم من الزُرقة من غير الزغاوة . ولذلك، فليست لهم روابط اجتماعية عميقة تدفعهم للمخاطرة.

سقوط الفاشر ليس في صالح الحركات المسلحة، لأن ذلك يعني انهيار آخر مدن دارفور الكبرى، وهو ما يضعف أوراقهم التفاوضية ومواقعهم السياسية.

لكنه أيضًا إذا كانت ساقطة لا محالة فليس من مصلحتهم أن تسقط الفاشر بسهولة، بل يريدونها أن تسقط بعد معركة دامية تستنزف الجنجويد وتفقدهم جزءًا كبيرًا من قوتهم الضاربة. فالمعركة الأهم بالنسبة لجبريل ومناوي ليست في الفاشر، بل في حاكورتهم بوادي هور – هناك، حيث ستدور المعركة الحاسمة. ولهذا، فهم يستخدمون الفاشر الآن كمصيدة ذباب.
أما الجنجويد، فهم يفضلون مدينة خالية من السكان. ليس رحمةً بالمدنيين، ولكن خوفًا من تكرار مجازر كتلك التي ارتكبوها ضد المساليت، والتي أصبحت عبئًا على سجل انتهاكات حمدان وشقيقه عبدالرحيم.

لكن إذا لم يجدها الجنجويد خالية، وإذا استمر ضغط الحواضن الاجتماعية علي حمدان و شقيقه، وإذا ظلّت الشكوك حول كفاءته في القيادة قائمة – فإنه سيدخل المدينة أيا كانت العواقب. هو الآن في لحظة قمار سياسي وعسكري.

والحركات تعلم ذلك تمامًا، وتدير هذه اللعبة بدم بارد، غير آبهة بالمواطنين الذين لا ينتمون إلى قبائلهم أصلاً.

أما الجيش، فالمعادلة واضحة بالنسبة له. البرهان يعلم جيدًا أن أي جيش بلا خط إمداد محكوم عليه بالهزيمة. لكن لأسباب سياسية، لا يستطيع سحب القوات من الفاشر، حتى لا يغضب حلفاءه من الزغاوة، الذين يرون في المعركة فرصة ذهبية لاستنزاف الجنجويد.

الحركات الزغاوية تريد معركة كبرى تُفني فيها قوة الجنجويد قبل أن تندلع المعركة الحقيقية في وادي هور. حتى لو خسر الجيش الفاشر، فهذا ثمن مقبول بالنسبة لهم.
وفي المقابل، لا الجيش ولا الحركات على استعداد لإرسال قوات إضافية لفك الحصار أو لإيصال مساعدات. الحركات تحتفظ بقواتها في نهر النيل والشمالية والجزيرة لحماية مكاسبها السياسية، لأنها ببساطة لا تثق في البرهان، ولا في الشماليين.
هذه هي المعادلة كما شرحتها لكم في البث المباشر على يوتيوب.
مشاهدة طيبة.
عبدالرحمن عمسيب
12 أبريل 2025

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الحرکات المسلحة فی الفاشر

إقرأ أيضاً:

عزيزتي صمود، نصفك يراقص الجنجويد

عزيزتي صمود، نصفك يراقص الجنجويد:
كم أفتقدك. أما بعد. موقفك في الصورة أدناه واضح، ولك كل الحق في تبني ما ترينه من آراء سياسية – وافقك الناس أم خالفوك. لكن ليس من حقك، يا عزيزتي، أن تتنصلي من التبعات المنطقية لموقفك ثم تدَّعي عكسها. لنكن صريحين:

موقفك يعني بوضوح أن أولويتك ليست إيقاف الحرب “بأي ثمن”، بل القضاء على المؤتمر الوطني الذي تزعمين أنه يسيطر على الجيش ويُدير الحرب. فكيف تُدَّعين السلمية بينما الأولوية لهدفك المعلن تصفية طرفٍ من المعادلة العكسرية-السياسية؟ أسمعك تقولين تبا للمؤتمر الوطني ولترق كل الدماء.

لا يجوز لكِ التلون بين صورة “الحمامة” واتهام الآخرين بالدموية – خاصةً حين يكون موقفك مطابقًا لموقف من تُهاجمينهم! والأدهى أنكِ تتجرئين على اتهام من لا يعترضون مبدئيا علي حلول سلمية – وإن اختلفوا معك في التفاصيل – بأنهم “دعاة حرب”. أليس هذا تناقضًا صارخًا؟
أنتِ أولى بلقب “بلابسة الحرب” ممن تهاجمينهم:

ترفضين التفاوض مع من تقولين إنه يتحكم بالجيش (أي المؤتمر الوطني)، بينماينضم نصفك “القحتي” لحكومة الجنجويد رسميًا وعمليًا – وهي قواتٌ عصابة ثبت ارتكابها جرائم حرب، وتطهيرًا عرقيًا، وعنفًا جنسيًا ممنهجًا. إن لم يكن نصفك الذي تجنجو دعاة حرب فان المصطلح لا معني له.

فكيف تصفين مثقفين لا يحملون سلاحًا بـ”الدمويين”، بينما تصمتين عن شريكك الذي يتعاون مع أسوأ جلادي الشعب؟ إن كان هذا ليس نفاقًا، فما هو؟
اتهاماتك المُبطَّنة بالخيانة تُفضح تناقضك:
تُهددين مُعارضيك الفكريين – الذين لم يحملوا سلاحًا قط – بالشكوى للخواجات، بينما يُشارك نصفك في القتال مع الجنجويد! أليس موقفك هذا هو الأقرب إلى “دعوة للحرب”؟. بل وتقولين أن نصفك المنضم للجنجويد زملاء تتفقين معهم في الغاية وان أختلفت الوسيلة. هل المشاركة مع ميليشيا أرتكبت مجازرا وجرائما ضد الإنسانية مجرد وسيلة حلال؟ هل تنفصم الغاية عن الوسيلة بهذه الدرجة؟

لو كنتِ حقًا “حمامة سلام”، لكان نقدك شملَ كل المُتحاربين، لا خصومك السياسيين فحسب.
ختامًا:
لا يُمكنكِ الهروب من حقيقة أن موقفك يُكافئ – بل ويتجاوز – مواقف من تُسمينهم “دعاة حرب”. فإن كنتِ جادةً في السلام، ابدئي بنقد نصفك الجنجويدي. واعترفي بأن هدفك ليس إنهاء الحرب، بل هزيمة المؤتمر الوطني، خصمك الذي أوشكت أن تدخلي معه في شراكة تحت غطاء إنتخابات ٢٠٢٠ لو لا أن فاجأتك الثورة التي نشلتيها بخفة يد ثورية تحسدين علي مهارتها.. أما أن تستمري في ادعاء السلمية وأنتِ تُشرعنين للجنجويد وتُهاجمين السلميين – فهذا لا يُخدش مصداقيتك فحسب، بل يطعن في ذكاء من يصدقون أكاذيبك الضحلة.
مع حبي – الذي تعرفين عمقه.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • خلو الجيش يشتغل شغلو
  • أنقذوا الفاشر حملة في السودان لفك حصار المدينة ووقف تجويعها
  • مناوي: مستعدون للتواصل مع “الدعم السريع” في هذه الحالة…
  • الجيش ينظم عروضا جوية وقفزات استعراضية بالمظلات بساحل المضيق احتفالا بعيد العرش
  • دور محوري للتحالف الوطني.. ربع مليون متطوع مصري يعملون على توفير المساعدات لغزة
  • أبو نمو.. يدعو الجيش والقوات المساندة لفتح الطريق الي الفاشر
  • مصدر أمني:ميليشيا كتائب حزب الله الحشدوية وراء قتل وإصابة الشرطة الاتحادية في مديرية زراعة الدورة
  • معهد أمريكي: السعوديون فشلوا عندما حاربوا اليمن
  • نشأت الديهي: تنظيم الإخوان أساء إلى القضية الفلسطينية.. وقدموا لإسرائيل ما لم تقدمه الحركات الصهيونية
  • عزيزتي صمود، نصفك يراقص الجنجويد