مبارك حزام العسالي
لم أتمالك دموعي وأنا أعيش لحظات الحشود المليونية التي ملأت ميدان السبعين اليوم. لم تكن مجرد أعداد غفيرة رأيتها عبر الشاشات، بل كنت هناك، في قلب هذا السيل البشري الهادر، أستشعر عمق الإيمان وصلابة الموقف وعظمة الانتماء. كان مشهداً حيّاً يختزل في طياته معاني العزة والكرامة، ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن من يمتلك شعباً بهذه الروح الوثابة والإرادة الصلبة، لهو عصيّ على الانكسار، مهما تكالبت عليه قوى الشر والطغيان.

إن هذا الشعور العميق بالتأثر والفخر الذي غمرني وأنا جزء من هذا المشهد المهيب، لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتاج إدراك عميق لدلالات هذه المليونية المهيبة التي حملت عنواناً واضحاً وصريحاً: “جهاد وثبات واستبسال.. لن نترك غزة”. لقد خرج هذا الشعب اليمني الأبيّ ليقول كلمته الفصل في وجه العدوان الأمريكي السافر على أرضه، عدوانٍ يستهدف ثنيه عن واجبه الأخلاقي والإنساني والقومي تجاه قضية فلسطين، وتجاه إخوانه المحاصرين في غزة.

إنها رسالة مدوية انطلقت من قلب اليمن الصامد، وشهدتُ بنفسي كيف ارتفعت حناجر الملايين بها، لتصل إلى أرجاء المعمورة، مفادها أن هذا الشعب، ورغم ما يعانيه من تحديات وصعاب، ورغم سنوات الحصار والعدوان، لم ولن يتخلى عن قيمه ومبادئه، ولن يتوانى عن نصرة المظلومين والوقوف إلى جانب الحق. لقد تجسدت أمامي في هذه الحشود روح التضحية والفداء، والإصرار على المضي قدماً في طريق الجهاد والثبات، مهما بلغت التضحيات.

إن خروج هذه الملايين المؤمنة في هذا التوقيت بالذات، يحمل دلالات بالغة الأهمية وشعرت بها وأنا أقف بينهم. فهو أولاً، تعبير صادق عن الغضب الشعبي العارم تجاه العدوان الأمريكي الغاشم الذي يستهدف سيادة اليمن وأمنه واستقراره. وهو ثانياً، تأكيد لمسته في عيون الحاضرين على أن هذا العدوان لن يحقق أهدافه الخبيثة في إضعاف إرادة اليمنيين أو ثنيهم عن دعم قضية غزة العادلة. بل على العكس، فإن هذه الاعتداءات لن تزيدهم إلا صلابة وعزيمة وإصراراً على مواصلة طريق المقاومة والنصرة.

إن هذا المشهد المهيب في ميدان السبعين الذي كنت جزءاً منه يبعث برسالة أمل وتفاؤل إلى الأمة العربية والإسلامية جمعاء. إنه يذكرنا بأن جذوة العروبة والإسلام لا تزال متقدة في قلوب الأحرار، وأن هناك شعوباً لا ترضى بالضيم ولا تستسلم للظلم، بل تنتفض في وجه الطغاة وتعلنها صريحة مدوية: لن نتخلى عن إخواننا، ولن نخذل قضيتنا.
إن اليمن، بهذه المليونية المباركة التي تشرفت بحضورها، يسطر فصلاً جديداً في تاريخ العزة والإباء. إنه يثبت للعالم أجمع أن لديه شعباً عظيماً، شعباً يمتلك من الوعي والإيمان والصلابة ما يجعله قادراً على مواجهة أعتى التحديات ودحر أخبث المؤامرات. شعباً كهذا، حقاً لا يمكن أن يُهزم، لأنه يستمد قوته من إيمانه بالله، ومن وحدته وتلاحمه التي رأيتها بأم عيني، ومن إصراره على الدفاع عن الحق والعدل.
فالتحية لليمن، شعباً وقيادة، على هذا الموقف الشجاع والتاريخي. والتحية لهذه الحشود المليونية التي كنت واحداً منها وأثبتت للعالم أجمع أن اليمن سيبقى سنداً وعوناً لفلسطين وغزة، وأن العدوان لن يزيده إلا قوة وثباتاً على الحق. إن دموعي التي انهمرت فرحاً وفخراً بهذا المشهد العظيم، هي دموع أمة تستمد العزيمة والأمل من صمود هذا الشعب الأبيّ. فمن يمتلك شعباً بهذه العظمة، حقاً لا يمكن أن تغلبه قوى الأرض مجتمعة.
* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

أبناء صعدة يحتشدون في 36 ساحة نصرة لفلسطين

وفي المسيرات التي حملت شعار "لا أمن للكيان.. وغزة والأقصى تحت العدوان"؛ رفع المتظاهرون الأعلام اليمنية والفلسطينية ورايات الحِرْبِ واللافتات المنددة بالجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني في غزة، والمؤكدة على ثبات الشعب اليمني على موقفه المساند لفلسطين.

وشهدت ساحة المولد النبوي الشريف غرب مدينة صعدة المسيرة المركزية بالمحافظة، فيما خرجت بقية المسيرات في ساحات الشهيد القائد، وشعارة، وبني صيّاح، والحِجْلَة، وبني القم، وغربي الشوارق، وبرازح، والسهلين، والعقلين، والبُرقة بآل سالم، وعرو، وجمعة بني بحر، والعين، والقهرة، والسَرْو، والبراك، وساحة لبني سعد والرقة بالظاهر، ورُبوع الحدود ومدينة جاوي، وساحة لولد عمرو وبني عبّاد بمجز، وساحات الجرشة وبقامة والرحمانين بغمر، وقطابر، ويسنِم بباقم، وكتاف، وأملح، والعقيق، وذويب، ومذاب، وآل مقنع، ونيد البارق، والخميس بمنبه، وشدا، والجُفْرَة، وعُضْلَة بالحشوة، وآل ثابت بقطابر.

وفي المظاهرات الغاضبة، استنكر المحتشدون تدنيس آلاف اليهود للمسجد الأقصى خلال الأسبوع الفائت، وإساءتهم لخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

وهتف المحتشدون بعبارات منها (يومُ جهادٍ يومُ نفير.. يا أمـّتـَنا الوضع خطير)، (جُمعتنا غضبٌ لله.. ووفاء لرسول الله)، (يا ختام الأنبياء.. عهداً مِنـّا بالوفاء)، (تدنيس الأقصى المتكرر.. يكفي الأمة أن تستنفر)، (يا أمة هذا أقصاكم.. أين الغيرة أين إباكم)، (غزة شرَّفت الإسلام.. بسراياها والقسَّام)، (مع غزة يمنُ الشرفاء.. غضبٌ ونفير ووفاء)، (مع غزة والقادم أعظم.. وكيانُ الإجرام سيندم)، (واستمعوا لبيانٍ هام.. القادمُ أكثر إيلام)، (الجهاد الجهاد.. كل الشعب على استعداد)، (يا غـزّة واحنا مَعَكـُم.. أنتــم لـسـتم وحدكـم)، (يا غزة يا فلسطين.. معكم كل اليمنيين)، (فوضناك فوضناك.. يا قائدنا فوضناك)، (أيدناك أيدناك.. واحنا سلاحك في يمناك).

وجدد المتظاهرون الولاء لخاتم الأنبياء والمرسلين، وأنهم أمام إساءات اليهود الصهاينة لن يكتفوا بالتنديد، بل بالنفير والعمليات العسكرية وبالمقاطعة الاقتصادية.

ودعوا شعوب الأمة للتحرك في مواجهة العدو، والاقتداء بغزة التي تقاوم كيان العدو المدعوم من أمريكا ومن الغرب الكافر، مطالبين شعوب الأمة بنصرة نبيها الخاتم وعدم السكوت على إساءات اليهود.

وأكدوا أنهم لن يتراجعوا عن موقفهم المساند والمناصر لغزة، وأن العدوان الصهيوني على المطارات والموانئ والمرافق المدنية يؤكد إجرام العدو وصوابية الموقف المواجه والمتصدي له.

ودعوا قواتنا المسلحة إلى تصعيد عملياتها ضد الكيان ما دامت غزة تحت العدوان والحصار، مؤكدين مساندتهم وإسنادهم للقوات المسلحة.

وشدد المحتشدون على أن صبر وثبات الشعب الفلسطيني في غزة، ومساندة الشعب اليمني ستثمر نصرا مؤزرا يخزي الأعداء والمنافقين.

 

مقالات مشابهة

  • توقيت مهم وخطير للعملية اليمنية وهذا ما تم الكشف عنه
  • ''اللوبي الإنساني'' والدور المشبوه في اليمن.. الحكومة تعلق على تصريحات السفير البريطاني السابق وتعتبرها ''شهادة صادمة".. ماذا قال؟
  • الخديعة الامريكية في المفاوضات النووية ماهي خسارة ايران التي لايمكن تعويضها
  • زاوية قانونية:متى يتم تصنيف الدول أو الكيانات أو الأشخاص كمعتدين على الجمهورية اليمنية أو أي دولة عربية أو إسلامية
  • الحوثيون يهددون بالرد على دول في المنطقة في حال تورطها مع إسرائيل بإستهداف اليمن
  • «الوطني الفلسطيني» يثمن موقف مصر في التصدي لمخطط التهجير
  • بين التأييد والنقد.. تصريحات العليمي عن الحوثيين وطائرات اليمنية تُثير الجدل في اليمن
  • مسيرتان حاشدتان في لحج تأكيدًا على ثبات الموقف المساند لغزة
  • توافد جماهيري كبير إلى ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء وساحات المحافظات
  • أبناء صعدة يحتشدون في 36 ساحة نصرة لفلسطين