من الأخوة إلى العزل.. كيف تؤثر الخيارات السياسية على مستقبل الصومال ..عندما يتحول الارتماء في أحضان أمريكا إلى انتحار سياسي!
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
يمانيون// تقرير خاص
تطفو على السطح الإقليمي تطورات بالغة الخطورة، تحمل في طياتها تهديدات جسيمة للأمن القومي اليمني والعربي والإسلامي، وتستدعي وقفة تحليلية معمقة لكشف خباياها واستشراف تداعياتها المحتملة. ففي خطوة مفاجئة ومثيرة للقلق، كشفت تقارير إخبارية عن عرض تقدم به الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى الولايات المتحدة الأمريكية، يمنحها بموجبه “سيطرة تشغيلية حصرية” على قواعد عسكرية وموانئ استراتيجية في بلاده.
تورط ضره أقرب من نفعه
إن الجمهورية اليمنية لتنظر ببالغ الاستياء والدهشة إلى هذا المنحى الخطير الذي تسلكه الجارة الصومال، والتي طالما جمعتها بها أواصر الأخوة المتينة والروابط التاريخية العريقة التي صمدت في وجه أعتى التحديات وتقلبات الزمن. كان من المفترض على القيادة الصومالية أن تستحضر عمق هذه العلاقات الراسخة، وأن تضع في حسبانها حساسية الظرف الإقليمي الراهن وما يقتضيه من تضافر للجهود ووحدة للصف لمواجهة التحديات المشتركة، لا الانزلاق نحو أحضان قوى خارجية تسعى لتمزيق الأمة وتكريس هيمنتها.
إننا نوجه عبارات اللوم للرئيس الصومالي على هذه الخطوة غير المسؤولة، والتي تمثل خروجاً صريحاً عن مقتضيات حسن الجوار والتضامن الإسلامي. ونحذره بشدة من مغبة الانخراط في تحالف مشبوه مع العدو المشترك للأمة الإسلامية، أمريكا وإسرائيل. إن هذا التحالف الآثم سيفتح بلا شك أبواباً لمواقف سلبية البلدين في غنى تام عن تحمل تبعاتها. فالتاريخ يشهد بأن من استعان بالظالم على أخيه، وجد نفسه في نهاية المطاف وحيداً يواجه مصيره المحتوم.
صلف أمريكي وشراكة مع العدو الصهيوني
لا يخفى على ذي بصيرة أن الولايات المتحدة الأمريكية ما فتئت تمارس أبشع صور الصلف والغطرسة في تعاطيها مع القضية الفلسطينية، بل وتتمادى في انحيازها الأعمى والشائن للعدو الصهيوني المحتل. لقد تجاوز هذا الانحياز حدود الدعم السياسي والعسكري ليتحول إلى شراكة فعلية في جرائم الإبادة والتهجير والتجويع الوحشية التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق الشعب الفلسطيني الصامد في غزة والضفة الغربية.
إن الدماء الزكية لأطفال ونساء وشيوخ فلسطين، والتي تراق يومياً بأسلحة أمريكية الصنع وبضوء أخضر من الإدارة الأمريكية، لهي شاهد حي على هذا التواطؤ المخزي. فبدلاً من أن تضطلع واشنطن بدورها كقوة دولية يفترض بها حفظ الأمن والسلم العالميين، اختارت أن تكون شريكاً كاملاً في أبشع جريمة عرفها التاريخ الإنساني على مر العصور، متجاهلة بذلك كافة القيم والمبادئ الإنسانية والقوانين والأعراف الدولية.
فشل المساعي في تحييد الموقف اليمني
إن المحاولات الأمريكية المستميتة لتحييد الموقف اليمني الثابت والمساند للمقاومة الفلسطينية الباسلة في غزة والضفة لن تجني سوى خيبة الأمل والفشل الذريع. لقد أثبتت الوقائع على الأرض فشل هذه المساعي في البحر والجو، وهي موعودة بالويل والثبور في حال فكرت أن تغزو اليمن براً، حيث يقف الشعب اليمني وقواته المسلحة الأبية صفاً واحداً في وجه العدوان الأمريكي والصهيوني، مستمدين العزم والقوة من إيمانهم العميق بعدالة قضيتهم وتأييدهم المطلق لإخوانهم في فلسطين.
إن محاولة أمريكا اليائسة لتفريغ حمولتها العدوانية في جعبة الدول المجاورة لليمن، سواء في الخليج أو الجزيرة العربية، ولو استطاعت أن تحشد في حلفها العالم أجمع، فالمصير هو الفشل الذريع. هذا الفشل سيقابله حتماً نصر مؤزر من الله عز وجل لليمن ولقواته المسلحة الباسلة، ولسيدها وقائدها الحكيم السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي يقود الأمة بحكمة واقتدار إلى سبيل النجاة من بوابة الانتصار للمظلومية الفلسطينية وقضية الأمة المركزية، ألا وهي تطهير حرم الأقصى الشريف من دنس الغدة السرطانية “إسرائيل”، وإعلان القدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني.
الدوافع والمخاطر المحتملة
إن اللجوء إلى الارتماء في أحضان العدو ليس إلا طريقاً إلى المهالك التي لا تحمد عقباها، وهو خيار يُعدُّ غريباً وغير مبرر، خاصة عندما يأتي على حساب علاقات جوار متميزة عُرفت عبر التاريخ بالقوة والصلابة. نلاحظ اليوم أن العاصمة الصومالية، مقديشو، تسعى لتعزيز موقعها كفاعل مؤثر في المنطقة، مستفيدة من حالة عدم الاستقرار الإقليمي وتصاعد التوترات في البحر الأحمر، الناتجة عن العدو الهجمي الإسرائيلي على غزة والضفة وتداعياتها. ولكن هل يستحق هذا السعي أن يُبنى على حساب التضحية بعلاقات الأخوة مع دول الجوار، مثل الجمهورية اليمنية؟
إن الحكومة الصومالية قد تكون تسعى للحصول على دعم أمريكي قوي لمواجهة التحديات الداخلية، بدءاً من الحفاظ على وحدة البلاد في ظل الحركات الانفصالية المتنامية، ووصولاً إلى تصاعد خطر ما تسميه بالجماعات الإرهابية، وعلى رأسها حركة الشباب. إلا أن لهذه الخطوة تداعيات خطيرة يمكن أن تعود بالضرر على الصومال، حيث إن السعي لكسب ود واشنطن عبر استمالتها يعكس خوف مقديشو من احتمال اعتراف إدارة أمريكية محتملة بقيادة ترامب باستقلال إقليم أرض الصومال.
إلا أن تعزيز التعاون الأمني والعسكري مع الولايات المتحدة يحمل مخاطر جسيمة، من أبرزها:
1. تصعيد حدة التوتر: إن هذا التحرك الأمريكي لن يُنظر إليه إلا على أنه تصعيد خطير يستهدف اليمن وحلفاءه، مما قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار والصراعات في المنطقة.
2. تأليب الرأي العام: من المرجح أن تستغل القوى المناوئة للوجود الأمريكي هذا التحرك لتصويره كاحتلال جديد يهدد سيادة البلاد، مما يعزز رفض المجتمع المحلي لهذا التعاون ويدفع نحو المقاومة.
3. تعزيز التمرد: لن تتردد المعارضة السياسية في الصومال في استغلال هذا العرض للانتقاد الحكومة الفيدرالية، مما يزيد من حدة الاستقطاب السياسي ويعرقل جهود المصالحة الوطنية. كما قد تستفيد حركة الشباب من هذا الوضع لتجنيد المزيد من المقاتلين، إذ ستعتبر الوجود العسكري الأمريكي هدفاً مشروعا لهجماتها.
4. تدهور العلاقات الإقليمية: هذا التحرك سيؤدي حتماً إلى تدهور ملحوظ في العلاقات بين اليمن والصومال، وقد تضطر اليمن لتصنيف المصالح الأمريكية في الصومال كأهداف استراتيجية للقوات المسلحة في سياق حق الردع.
وبالتالي، فإن العواقب المحتملة لهذا التعاون الصومالي الأمريكي تتسم بالتعقيد وعدم اليقين، رغم أن الولايات المتحدة قد تحصل على موطئ قدم استراتيجي مهم يُعزز من قدرتها على مراقبة التهديدات والتحكم في الممرات البحرية الحيوية. لكن هذا التعاون قد يوقع الحكومة الصومالية في فخ الاعتماد المتزايد على الدعم الأمريكي، مما سيزيد من حالة عدم الاستقرار نتيجة ردود فعل عنيفة من الجماعات المسلحة.
في النهاية، إن العرض الصومالي للولايات المتحدة يمثل تطوراً خطيراً في المشهد الإقليمي، يحمل في طياته مخاطر جمة على الأمن والاستقرار في المنطقة. وبينما تسعى مقديشو لتحقيق مكاسب آنية من خلال هذا التحالف، فإنها قد تجد نفسها في نهاية المطاف أمام تداعيات وخيمة تهدد وحدتها واستقرارها. أما بالنسبة لليمن، فإن هذا التحرك لن يثنيها عن موقفها المبدئي الداعم للقضية الفلسطينية ومقاومة قوى الهيمنة والاستكبار، بل سيزيدها إصراراً على المضي قدماً في طريق الحق والعدل حتى تحقيق النصر الكامل. إن الأيام القادمة ستكشف المزيد عن طبيعة هذا التحالف وتأثيراته على مستقبل المنطقة بأسرها.
وبالتالي، يجدر بالقيادة الصومالية أن تعيد التفكير في هذا الخيار، وأن تدرك أن الارتماء في أحضان العدو لن يؤدي إلا إلى تفكيك الروابط التاريخية وتعميق الجراح التي تحتاج إلى الشفاء بدلاً من الانغماس في صراع لا مبرر له.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی المنطقة هذا التحرک
إقرأ أيضاً:
الحوار لا التصعيد.. المملكة تؤكد أن "الدبلوماسية" هي السبيل الوحيد لحل المشكلات السياسية
- القيادة تبذل جهودًا دبلوماسية مكثفة مع الأطراف المؤثرة لاحتواء التوترات
- المملكة تدعو دائمًا إلى الحلول السلمية والدبلوماسية وتجنُّب التصعيد العسكري
أخبار متعلقة القيادة تعزي رئيسة الهند في ضحايا حادث تحطم طائرة الركابالأكبر من نوعها.. حزمة من البرامج والمبادرات في موسم العمرة 1447- محاولة إيجاد حلول سياسية فاعلة تمنع الانزلاق نحو مواجهات مسلحة
- القيادة تؤكد أن تحقيق تطلعات شعوب المنطقة يمر عبر التكامل والتعاون بعيدًا عن الحروب.
تواصل المملكة العربية السعودية تأكيدها على نهجها الثابت تجاه التوترات والأزمات الإقليمية والدولية، إذ تدعو دائمًا إلى الحلول السلمية والدبلوماسية وتجنُّب التصعيد العسكري الذي يهدد الأمن والاستقرار.
وتشدد المملكة على أهمية تهيئة البيئة السياسية والأمنية لتحقيق الأمن والسلم في المنطقة والعالم.التحذير استمرار التصعيدفي ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من توترات متصاعدة وأوضاع أمنية متأزمة، ترى المملكة أن استمرار هذا التصعيد لن يؤدي سوى إلى مزيد من التعقيد في المشهد الإقليمي والدولي، وهو ما يُحتِّم على المجتمع الدولي تحمُّل مسؤولياته والعمل على نزع فتيل الأزمة.
وتؤكد المملكة ضرورة توحيد الجهود من أجل إيجاد حلول سياسية فاعلة تمنع الانزلاق نحو مواجهات مسلحة لا تُحمد عواقبها.
عاجل | #وزارة_الخارجية: #المملكة تدعو المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق والتعاون معه في كل ما يخدم #سوريا ويحقق تطلعات شعبها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.#اليوم @KSAMOFA
للمزيد: https://t.co/WUzPKJdCBK pic.twitter.com/nj2637cKYW— صحيفة اليوم (@alyaum) December 8, 2024تحركات دبلوماسية واسعة للقيادةتحرص القيادة الرشيدة -حفظها الله- على التواصل المستمر مع قادة الدول الشقيقة والصديقة، إضافة إلى الأطراف المؤثرة في المجتمع الدولي، وذلك في إطار جهود دبلوماسية مكثفة لاحتواء التوترات.
كما تجري القيادة مباحثات مباشرة ومستمرة حول آخر تطورات الأوضاع الإقليمية، بهدف بناء شراكات استراتيجية تساهم في إرساء قواعد السلام والتعاون في المنطقة.دعوة إلى تفعيل دور مجلس الأمنوفي ضوء مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليين، دعت المملكة العربية السعودية إلى اضطلاع مجلس الأمن الدولي بدوره الكامل في مواجهة التهديدات التي تُنذر بمزيد من التدهور في المشهد الأمني والسياسي للمنطقة.
وترى المملكة أن الوقت قد حان لإعادة تفعيل آليات المجتمع الدولي لحل النزاعات بالطرق السلمية، وتعزيز مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
#عاجل | #المملكة تدعو لعقد قمة عربية إسلامية بـ #المملكة لبحث استمرار العدوان الإسرائيلي على #فلسطين و #لبنان وتطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة
للتفاصيل | https://t.co/5vsTeDyqW7#اليوم pic.twitter.com/eC2li4aoLQ— صحيفة اليوم (@alyaum) October 30, 2024رؤية المملكة لمستقبل المنطقةتمضي المملكة بخطى واثقة نحو بناء مستقبل مستقر ومزدهر للمنطقة، و تسعى القيادة -أيدها الله- إلى نقل الشرق الأوسط من مرحلة النزاعات والصراعات إلى مرحلة الأمن والاستقرار والتنمية.
وتؤمن المملكة بأن الطريق إلى تحقيق تطلعات شعوب المنطقة يمر عبر التكامل الاقتصادي، والتعاون الإقليمي، وتحقيق الرخاء الجماعي، بعيدًا عن أجواء الحروب والخصومات.