مصير "غامض" لسفينة أمريكية محملة بالقمح في طريقها إلى اليمن
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
أبحرت سفينة تجارية محملة بالقمح من ولاية أوريغون الأمريكية في وقت سابق من هذا الشهر، متجهة نحو ميناء عدن في اليمن، ولكن عندما تصل هذه السفينة إلى وجهتها المقصودة في منتصف مايو/ أيار، لن يكون هناك أي شخص مخول باستلام القمح وتخزينه وضمان توزيعه على سكان جنوب اليمن، الذين يعاني الكثير منهم من حاجة ماسة للغذاء.
وقالت شبكة سي إن إن إنه إذا لم تتدخل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فمن المرجح أن يتعفن القمح في الميناء أو يُنهب.
والمصير الغامض لهذه السفينة تحديدا، والذي وصفه لشبكة CNN مصدران مطلعان على الوضع رفضا الإدلاء بأي تصريح رسمي، هو النتيجة المباشرة للانهيار المذهل للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية خلال ولاية ترامب الثانية.
فقد ألغت الوكالة عقود المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة مع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك تلك المخصصة لليمن وأفغانستان.
وما لم تُستأنف هذه العقود، فإن برنامج الأغذية العالمي لا يملك السلطة، ناهيك عن التمويل، للتعامل مع القمح المقرر وصوله إلى اليمن الشهر المقبل، وفقًا للمصدرين.
وأفادت CNN سابقا، نقلا عن مصادر، أنه في حين تراجعت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن مسارها وأعادت بعض التمويل لبرامج برنامج الأغذية العالمي، بما في ذلك البرامج في لبنان وسوريا والعراق والأردن والإكوادور والصومال، إلا أن عقود المساعدات لأفغانستان واليمن لا تزال مقطوعة.
وذكرت الشبكة أنها تواصلت مع وزارة الخارجية الأمريكية للتعليق.
وأحدثت التخفيضات الجذرية في تمويل الوكالة خلال الأشهر القليلة الماضية دمارا هائلا في منظومة المساعدات الإنسانية العالمية، حيث أُلغيت عقود عشرات الشركات والمنظمات أو تلقت مدفوعات متأخرة أو جزئية.
وحتى بالنسبة للمنظمات التي لا تزال لديها عقود سارية مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لا يزال مستقبلها غامضًا للغاية.
وفي حين أن كبار مسؤولي إدارة ترامب صرحوا في البداية بأن البرامج الإنسانية المنقذة للحياة لن تُلغى، إلا أن القرار الذي صدر في وقت سابق من هذا الشهر بإنهاء تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للمساعدات الغذائية الطارئة فاجأ العاملين في المجال الإنساني.
وفي ذلك الوقت، أعرب برنامج الأغذية العالمي، في بيان، عن "قلقه العميق" إزاء إخطارات إيقاف التمويل.
وأضاف البيان: "إذا طبق هذا القرار، فقد يشكل حكمًا بالإعدام على ملايين الأشخاص الذين يواجهون جوعا شديدا ومجاعة، ونحن على تواصل مع الإدارة الأمريكية لطلب توضيحات وللحثّ على مواصلة دعم هذه البرامج المنقذة للحياة".
وذكر أن برنامج الأغذية العالمي يعرب عن "امتنانه للمساهمات التي يتلقاها من الولايات المتحدة وجميع مانحيه".
ويقدّر برنامج الأغذية العالمي أن حوالي نصف سكان اليمن - أي 17 مليون نسمة - يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وعانى الشعب اليمني من دمار حرب أهلية استمرت لسنوات، بدأت باقتحام المتمردين الحوثيين للعاصمة صنعاء وتفكيك الحكومة المعترف بها دوليًا في 2014.
وفي الأسبوع الماضي، صرحت المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، بأن قرار الإدارة بإنهاء منح اليمن يعود جزئيًا "إلى مخاوف من أن التمويل كان يُفيد الجماعات الإرهابية"، بما في ذلك الحوثيون.
وأضافت بروس: "لقد وثقت هذه المخاوف بشأن تمويل الأمم المتحدة ونوقشت لسنوات، ولهذا السبب أوقفت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية جميع المساعدات الغذائية في شمال اليمن عبر برنامج الأغذية العالمي، تحديدًا للحد من أي تدخل من جانب الحوثيين".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا قمح سفينة ترامب الوکالة الأمریکیة للتنمیة الدولیة برنامج الأغذیة العالمی فی ذلک
إقرأ أيضاً:
هوائي غامض بقرية فرنسية.. هل يصعّد حرب الظل بين باريس وبكين؟
باريس- في بلدة بولون سور جيس الهادئة بمنطقة أوت غارون جنوب غربي فرنسا، أثار هوائي معدني يبلغ طوله نحو 7 أمتار ومثبت على شرفة منزل ريفي يطل على حديقة صغيرة، فضول السكان وشكوك السلطات.
ورغم أن شكله يوحي بأنه أداة بث أو استقبال تلفزيوني، فإن عدم حصوله على تصريح رسمي، ومكانه القريب من مواقع إستراتيجية زاد من الغموض، وأدخل القرية في دائرة الاشتباه الأمني.
الوكالة الوطنية للترددات في فرنسا (ANFR) اكتشفت وجود الهوائي في مكان غير مصرح به، مما استدعى تدخل الاستخبارات وفتح تحقيق واسع، وتبين أن المنزل تقيم فيه سيدة خمسينية تدعى "جونغ"، تحمل شهادة من معهد بكين للتكنولوجيا، وعملت سابقا في الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء، وهي مؤسسة حكومية معنية بتطوير الصواريخ.
يقع المنزل بالقرب من محطة "أوساغيل" للكهرباء اللاسلكية قرب تولوز، والمزودة بـ11 هوائيا للأقمار الصناعية، مما عزز فرضية استخدامه للتنصت أو جمع بيانات مرتبطة بالأقمار الصناعية.
وتفيد تقارير إعلامية بأن هذه المحطة تتحكم في أقمار صناعية تستخدم من قبل شركات كبرى مثل تاليس وإيرباص والمركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء.
وأوضح الجاسوس الفرنسي السابق أوليفييه ماس أن مثل هذه القضايا غالبا ما تتعلق بعملاء صينيين لا يحملون الجنسية الفرنسية، فيتم طردهم بدلا من محاكمتهم، كونهم مجرد وسطاء أو أدوات لعمليات محدودة المدى.
وأكد ماس للجزيرة نت أن نشر مثل هذه القضايا في الإعلام يهدف إلى توعية الرأي العام بأساليب التجسس الأجنبية، لافتا إلى أن الاستخبارات الصينية تركز على سرقة الأسرار التجارية والتكنولوجية لتسريع تقدمها، مستخدمة أساليب متنوعة مثل الاختراقات الإلكترونية، أو تجنيد عملاء نفوذ، أو حتى الإغراء الاجتماعي.
إعلانورغم ترجيح ارتباط السيدة بعملية استخباراتية مصدرها بكين، لم تثبت التحقيقات نقل أي معلومات حساسة. وانتهت القضية بإزالة الهوائي ومغادرة المتهمة، تاركة أسئلة بلا إجابات عن حدود صراع الظل بين أجهزة الاستخبارات فوق الأراضي الفرنسية.
هذه الحادثة تأتي في سياق توتر متصاعد بين باريس وبكين بشأن أنشطة التجسس، إذ سبق أن طردت فرنسا مسؤول جهاز المخابرات الصينية في سفارة باريس ونائبه، وكشفت عن عمليات تجسس فضائي وشبكات تستخدم عروض عمل وهمية لاستدراج أهدافها.
ورغم أن حادثة بولون سور جيس بدت في ظاهرها محدودة، فإنها تعكس -بحسب خبراء أمنيين- نمطا أوسع من نشاطات الاستخبارات الصينية في أوروبا، التي تتدرج من محاولات اختراق مراكز الأبحاث الحساسة، إلى استهداف الصناعات الدفاعية والفضائية، وصولا إلى مراقبة المعارضين السياسيين في الخارج.
وتشير تقارير استخباراتية فرنسية إلى أن بكين تستثمر بكثافة في تطوير قدرات التجسس التكنولوجي، ليس فقط لتعويض الفجوات التقنية بينها وبين الغرب، بل أيضا لتعزيز حضورها في سباق الذكاء الاصطناعي والاتصالات الفضائية.
ويؤكد مسؤولون أمنيون أن جزءا كبيرا من هذه الأنشطة يجري عبر "واجهات مدنية" مثل الشركات، والمؤسسات التعليمية، والمراكز الثقافية، وحتى الأنشطة السياحية.
كما أن أسلوب "العمليات منخفضة الحدة" الذي يتجنب المواجهة المباشرة، يسمح بتقليل التكلفة السياسية إذا ما كشفت العملية، خاصة حين تسند المهام لأشخاص من الدرجة الثانية يمكن الاستغناء عنهم بسهولة.
ووفقا لمصادر مطلعة، فإن الهوائي الذي أزيل في بولون سور جيس قد يكون جزءا من شبكة أوسع، يصعب كشفها بالكامل بسبب اعتمادها على عناصر موزعة جغرافيا، تتصل ببعضها عبر قنوات مشفرة.
وفي الوقت الذي تعلن فيه باريس عن تعزيز التعاون بين أجهزتها الأمنية والاستخباراتية لمواجهة هذه التهديدات، يرى مراقبون أن "حرب الظل" بين فرنسا والصين مرشحة للتصاعد، خصوصا مع تزايد المنافسة على الأسواق والتكنولوجيا في مجالات حيوية كالاتصالات والأقمار الصناعية والطاقة المتجددة.
وتظل حادثة هوائي بولون سور جيس حلقة في سلسلة طويلة من الاشتباكات الخفية، حيث تختلط خطوط الاتصالات الفضائية بملفات الأمن القومي، وتبقى الأسئلة معلقة حول حجم ما يجري في الخفاء، وما إذا كانت هذه المواجهات غير المعلنة ستبقى عند حدود الصراع الاستخباراتي، أم ستتحول إلى مواجهة سياسية علنية بين باريس وبكين.