أكد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا أن خطة الاتحاد الأوروبي المرتقبة للتخلص التدريجي من واردات الوقود الأحفوري الروسي ستفتح الباب أمام الشركات لزيادة مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال الأميركي.

من المقرر أن يكشف التكتل المكون من 27 دولة عن خطته لتقليص مشتريات الطاقة من موسكو في السادس من مايو، بعد أن خفضت روسيا صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا بشكل حاد عقب شنها حرباً على أوكرانيا في عام 2022، مما أدى إلى زيادات غير مسبوقة في أسعار الوقود والكهرباء.

في مقابلة أجراها مع "بلومبرغ نيوز" في هامبورغ مطلع الأسبوع، أوضح كوستا أن اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي انخفض إلى نحو 19% من إجمالي الإمدادات خلال العام الماضي، مقارنةً بأكثر من 40% قبل اندلاع الحرب، مشيراً إلى أن التوجه نحو تقليص الاعتماد سيستمر.

وأضاف أن "هذا يخلق مساحة في السوق للاستيراد من موردين آخرين، ما يفتح الباب أمام فرص جديدة للولايات المتحدة".

فرص واعدة أمام الغاز الأميركي

تأتي هذه التدابير وسط سعي الاتحاد الأوروبي إلى التوصل لاتفاق محتمل مع الولايات المتحدة لتسوية النزاع التجاري القائم بينهما. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد دعا مراراً أوروبا إلى زيادة مشترياتها من منتجات الطاقة الأميركية إذا أراد الاتحاد تفادي فرض رسوم جمركية.

تُعد الولايات المتحدة حالياً ثالث أكبر مورد للغاز إلى الاتحاد الأوروبي.

على الرغم من أن المفوضية الأوروبية تتولى قيادة مفاوضات التجارة مع الولايات المتحدة، فإن قرار توقيع عقود جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي المسالمن أميركا يظل بيد الشركات الأوروبية نفسها، ويعتمد على تقييمها للسوق والأسعار. ووفقاً لتصريحات كوستا، فإن العديد من هذه الشركات لا تزال مرتبطة بعقود طويلة الأجل مع روسيا.

وأوضح كوستا أن "الرسالة السياسية التي توجهها المفوضية مفادها أن هناك أسباباً وجيهة تدفع الشركات الأوروبية إلى البحث عن أسعار مناسبة في الولايات المتحدة. وهناك فرصة كبيرة لزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة".

تعمل الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي حالياً على إعداد خارطة طريق تهدف إلى تزويد الشركات الأوروبية بآليات لإنهاء العقود طويلة الأجل مع روسيا. وتدرس المفوضية الأوروبية إمكانية التوصية باستخدام تدابير متعلقة بالتجارة، مثل الحصص أو الرسوم الجمركية، على مستوى الاتحاد الأوروبي، بحسب ما ذكرته "بلومبرغ نيوز".

ورغم أن فرض عقوبات على واردات الغاز الروسي يُعد، من الناحية النظرية، أقوى أداة قانونية تتيح للمشترين في الاتحاد الأوروبي إعلان حالة القوة القاهرة وإنهاء العقود، إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يتبنَّ هذا الخيار حتى الآن بسبب عدم توفر الإجماع المطلوب، في ظل معارضة المجر وسلوفاكيا.

في المقابل، تتيح القواعد الأوروبية اعتماد الإجراءات التجارية بأغلبية مؤهلة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الوقود الأحفوري الاتحاد الأوروبي الغاز الغاز الطبيعي الغاز الروس المزيد الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة الغاز الطبیعی

إقرأ أيضاً:

أوروبا تتبرأ وعواصم عربية تمول الاحتلال.. كيف انقلبت الصورة؟

في وقت تتواصل فيه الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة للشهر الثاني والعشرين على التوالي، تتباين المواقف الدولية إزاء الاحتلال بشكل لافت. ففي حين تسارع بعض الحكومات العربية إلى إبرام صفقات اقتصادية ضخمة مع تل أبيب، تتجه دول أوروبية وغربية نحو خطوات غير مسبوقة بالاعتراف بدولة فلسطين، وفرض قيود على تصدير السلاح للاحتلال الإسرائيلي، استجابة لضغوط شعبية ونقابية متصاعدة.

مصر.. أكبر صفقة غاز في ذروة الإبادة
في خطوة وُصفت بأنها "أكبر صفقة غاز في تاريخ العلاقات المصرية–الإسرائيلية"، أعلنت شركة "نيو ميد إنرجي" الإسرائيلية، الشريك الرئيسي في حقل "ليفياثان" شرق المتوسط، عن توقيع اتفاق جديد لتصدير الغاز إلى مصر بقيمة 35 مليار دولار.

الاتفاق يقضي بمضاعفة واردات القاهرة من الغاز الفلسطيني الذي يسيطر عليه ويسرقه الاحتلال من 850 مليون قدم مكعبة يومياً إلى 1.7 مليار قدم مكعبة، ورفع سعر التوريد من 5.5 دولارات إلى 7.67 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، أي بزيادة تتجاوز 30%. 

ويمتد العقد حتى عام 2040، أو حتى اكتمال تسليم 130 مليار متر مكعب من الغاز المستخرج من "ليفياثان"، الذي يحتوي على احتياطي يقدر بـ600 مليار متر مكعب.

وأكدت مصادر بوزارة البترول المصرية أن الاتفاق، وإن كان منفصلاً من الناحية الإجرائية، يعد امتداداً لاتفاق 2019 الذي أتاح دخول الغاز الإسرائيلي إلى السوق المصرية لأول مرة، وتم تعديله عدة مرات لزيادة الكميات الموردة. 

واللافت أن توقيع الاتفاق جاء بعد أشهر من انقطاعات متكررة في إمدادات الغاز المحلي، ما أدى إلى توقف مصانع حيوية وارتباك في تشغيل محطات الكهرباء خلال الصيف الماضي، في ظل تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع الطلب الصناعي والاستهلاكي.

وتؤشر هذه الصفقة على عمق التحالف الاقتصادي بين القاهرة وتل أبيب، حتى في ظل انتقادات واسعة للتطبيع الاقتصادي مع الاحتلال، خاصة مع استمرار المجازر في غزة.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
عمال الموانئ الإيطالية يوقفون سفينة سعودية
على النقيض تماما، تتخذ موانئ أوروبية مواقف ميدانية مباشرة لعرقلة الدعم العسكري للاحتلال الإسرائيلي. ففي مدينة جنوة الإيطالية، أعلن اتحاد عمال الموانئ USB تحقيق "انتصار هام" بعد نجاحه في منع تفريغ حاويات تحمل معدات عسكرية متجهة لجيش الاحتلال، وإعادتها إلى بلد المنشأ.

وجاءت هذه الخطوة ضمن سلسلة من التحركات النقابية المتزايدة في أوروبا، حيث أعلن عمال الموانئ في مرسيليا وبيريوس وهامبورغ وطنجة تضامنهم مع القضية الفلسطينية، مؤكدين أن "إيقاف اللوجستيات الحربية ممكن ومشروع وضروري".

وفي واقعة أخرى، اعترض عمال ميناء جنوة الإيطالية سفينة سعودية تدعى "بحري ينبع" كانت محملة بأسلحة قادمة من الولايات المتحدة لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وفرضوا حصاراً على مرورها. وصعد نحو 40 عاملاً إلى السفينة ووثقوا الشحنة رغم محاولات الطاقم منعهم.

وتؤكد النقابات العمالية الإيطالية أن القانون المحلي يسمح بالإضراب إذا كان الهدف حماية الأمن الجماعي ووقف الأعمال الحربية، وهو ما يعتبرونه حقاً مشروعاً في مواجهة الإبادة في غزة.
عمال الموانئ الإيطاليون يعترضون سفينة سعودية تحمل أسلحة متجهة إلى إسرائيل...

السفينة "بحري ينبع" المخصصة لنقل الأسلحة كان ورد اسمها في الكثير من الأخبار المماثلة، حيث احتج عمال أوروبيون على شحنات أسلحة نقلتها السفينة في أوقات سابقة.

عمال الميناء، بقيادة خوسيه نيفوي من "التجمع… pic.twitter.com/25Ww8sWhrG — رؤى لدراسات الحرب (@Roaastudies) August 10, 2025
ثماني دول أوروبية: غزة جزء من دولة فلسطين
سياسيا، أصدرت ثماني دول أوروبية أيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورغ، مالطا، النرويج، البرتغال، سلوفينيا، وإسبانيا بياناً مشتركاً يرفض بشكل قاطع خطة الاحتلال الإسرائيلي لاحتلال قطاع غزة أو إجراء أي تغييرات ديمغرافية أو إقليمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وشدد الوزراء على أن غزة يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من دولة فلسطين، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، معتبرين أن الاحتلال العسكري الكامل سيعمق الكارثة الإنسانية ويهدد حياة الرهائن المتبقين.

وتزامن البيان مع تحذير مفوضة الاتحاد الأوروبي للمساواة وإدارة الأزمات، حاجة لحبيب، من أن التوسع العسكري الإسرائيلي في غزة "سيؤدي إلى تفاقم الوضع الكارثي" على الأرض.

النرويج تسحب استثمارات من شركات إسرائيلية
وفي خطوة تحمل أبعادا اقتصادية وسياسية، أعلن صندوق الثروة السيادي النرويجي، الأكبر في العالم بقيمة تريليوني دولار، عن بيع حصصه في 11 شركة إسرائيلية، وقطع علاقاته مع مديري الأصول الذين يستثمرون في الاحتلال الإسرائيلي، مبرراً قراره بـ"الظروف الاستثنائية" الناجمة عن الكارثة الإنسانية في غزة.

وجاء القرار بعد تقارير كشفت استثمارات الصندوق في شركات إسرائيلية تقدم خدمات عسكرية، بينها صيانة الطائرات المقاتلة لجيش الاحتلال. ورغم أن البرلمان النرويجي رفض في حزيران/يونيو الماضي سحب جميع الاستثمارات من الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن إدارة الصندوق تعهدت بمراجعة شاملة قد تؤدي إلى خطوات إضافية.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
ألمانيا.. أغلبية تؤيد الاعتراف بفلسطين
تغير المزاج العام في أوروبا لا يقتصر على النخب السياسية، بل يشمل الرأي العام أيضاً. فقد أظهر استطلاع لمعهد "فورسا" أن 54% من الألمان يؤيدون اعتراف بلادهم بدولة فلسطين، مقابل 31% يرفضون. الدعم كان أكبر بين الشباب (60%) وسكان شرق البلاد (59%).

ويأتي الاستطلاع في وقت تتعرض فيه حكومة المستشار فريدريش ميرز لانتقادات حادة بسبب موقفها الداعم للاحتلال الإسرائيلي، ورفضها الانضمام لموجة الاعترافات الأوروبية بفلسطين.

أستراليا تلتحق بركب الاعتراف
خارج أوروبا، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أن بلاده ستعترف رسمياً بدولة فلسطين خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل. 

كما اعتبر ألبانيزي أن حل الدولتين هو "أفضل أمل للإنسانية" لإنهاء دوامة العنف في الشرق الأوسط، مؤكداً أن المخرج سياسي لا عسكري. وأوضح أن قراره جاء نتيجة تجاهل إسرائيل لدعوات المجتمع الدولي ورفضها الالتزام بالقانون الدولي، إضافة إلى التوسع الاستيطاني وتهديد ضم الأراضي.

وتكمن المفارقة الصارخة في المشهد الدولي في أن بعض الدول العربية، وعلى رأسها مصر، توسع تعاونها الاقتصادي مع الاحتلال الإسرائيلي في ملفات استراتيجية كإمدادات الطاقة، بينما تتجه دول أوروبية وغربية نحو تقليص تعاملاتها الاقتصادية والعسكرية مع تل أبيب، بل ودعم الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة.

وتعكس هذه التحولات الأوروبية، المدفوعة بضغوط شعبية ونقابية غير مسبوقة، تآكلاً تدريجياً في الدعم الغربي التقليدي للاحتلال٬ مقابل صعود خطاب يرى أن استمرار الاحتلال يشكل تهديداً للسلم العالمي ويغذي الأزمات الإنسانية والإبادة في غزة.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏

مقالات مشابهة

  • هيئة الطيران الفيدرالية الأمريكية تعلن إغلاق المجال الجوي فوق مدينة أنكوريج
  • الاتحاد الأوروبي: الحرب لا يمكن أن تحل مشكلة قطاع غزة
  • أوروبا تتبرأ وعواصم عربية تمول الاحتلال.. كيف انقلبت الصورة؟
  • الشركات الأمريكية الصغيرة تواجه خسائر سنوية 202 مليار دولار بسبب رسوم ترامب
  • الاتحاد الأوروبي يطالب إسرائيل بعدم التضييق على عمل المنظمات الإنسانية في فلسطين
  • سلوتسكي: قادة أوروبا يستحقون الشفقة وهم يحاولون اللحاق بـ”القاطرة” الروسية الأمريكية
  • بشأن أوكرانيا.. ماذا تريد أوروبا من الاتفاق المنتظر بين أمريكا وروسيا؟
  • الاتحاد الأوروبي: حضورنا وأوكرانيا ضروري لأي اتفاق أميركي روسي
  • المهندس “بالقاسم حفتر” يوقع اتفاقيات شراكة مع كبرى الشركات الأمريكية
  • ليبيا تحفز الشركات العالمية لتأسيس صناعات نفطية محلية ضمن استراتيجية تنمية جديدة