في وقت تتواصل فيه الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة للشهر الثاني والعشرين على التوالي، تتباين المواقف الدولية إزاء الاحتلال بشكل لافت. ففي حين تسارع بعض الحكومات العربية إلى إبرام صفقات اقتصادية ضخمة مع تل أبيب، تتجه دول أوروبية وغربية نحو خطوات غير مسبوقة بالاعتراف بدولة فلسطين، وفرض قيود على تصدير السلاح للاحتلال الإسرائيلي، استجابة لضغوط شعبية ونقابية متصاعدة.



مصر.. أكبر صفقة غاز في ذروة الإبادة
في خطوة وُصفت بأنها "أكبر صفقة غاز في تاريخ العلاقات المصرية–الإسرائيلية"، أعلنت شركة "نيو ميد إنرجي" الإسرائيلية، الشريك الرئيسي في حقل "ليفياثان" شرق المتوسط، عن توقيع اتفاق جديد لتصدير الغاز إلى مصر بقيمة 35 مليار دولار.

الاتفاق يقضي بمضاعفة واردات القاهرة من الغاز الفلسطيني الذي يسيطر عليه ويسرقه الاحتلال من 850 مليون قدم مكعبة يومياً إلى 1.7 مليار قدم مكعبة، ورفع سعر التوريد من 5.5 دولارات إلى 7.67 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، أي بزيادة تتجاوز 30%. 

ويمتد العقد حتى عام 2040، أو حتى اكتمال تسليم 130 مليار متر مكعب من الغاز المستخرج من "ليفياثان"، الذي يحتوي على احتياطي يقدر بـ600 مليار متر مكعب.

وأكدت مصادر بوزارة البترول المصرية أن الاتفاق، وإن كان منفصلاً من الناحية الإجرائية، يعد امتداداً لاتفاق 2019 الذي أتاح دخول الغاز الإسرائيلي إلى السوق المصرية لأول مرة، وتم تعديله عدة مرات لزيادة الكميات الموردة. 

واللافت أن توقيع الاتفاق جاء بعد أشهر من انقطاعات متكررة في إمدادات الغاز المحلي، ما أدى إلى توقف مصانع حيوية وارتباك في تشغيل محطات الكهرباء خلال الصيف الماضي، في ظل تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع الطلب الصناعي والاستهلاكي.

وتؤشر هذه الصفقة على عمق التحالف الاقتصادي بين القاهرة وتل أبيب، حتى في ظل انتقادات واسعة للتطبيع الاقتصادي مع الاحتلال، خاصة مع استمرار المجازر في غزة.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
عمال الموانئ الإيطالية يوقفون سفينة سعودية
على النقيض تماما، تتخذ موانئ أوروبية مواقف ميدانية مباشرة لعرقلة الدعم العسكري للاحتلال الإسرائيلي. ففي مدينة جنوة الإيطالية، أعلن اتحاد عمال الموانئ USB تحقيق "انتصار هام" بعد نجاحه في منع تفريغ حاويات تحمل معدات عسكرية متجهة لجيش الاحتلال، وإعادتها إلى بلد المنشأ.

وجاءت هذه الخطوة ضمن سلسلة من التحركات النقابية المتزايدة في أوروبا، حيث أعلن عمال الموانئ في مرسيليا وبيريوس وهامبورغ وطنجة تضامنهم مع القضية الفلسطينية، مؤكدين أن "إيقاف اللوجستيات الحربية ممكن ومشروع وضروري".

وفي واقعة أخرى، اعترض عمال ميناء جنوة الإيطالية سفينة سعودية تدعى "بحري ينبع" كانت محملة بأسلحة قادمة من الولايات المتحدة لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وفرضوا حصاراً على مرورها. وصعد نحو 40 عاملاً إلى السفينة ووثقوا الشحنة رغم محاولات الطاقم منعهم.

وتؤكد النقابات العمالية الإيطالية أن القانون المحلي يسمح بالإضراب إذا كان الهدف حماية الأمن الجماعي ووقف الأعمال الحربية، وهو ما يعتبرونه حقاً مشروعاً في مواجهة الإبادة في غزة.
عمال الموانئ الإيطاليون يعترضون سفينة سعودية تحمل أسلحة متجهة إلى إسرائيل...

السفينة "بحري ينبع" المخصصة لنقل الأسلحة كان ورد اسمها في الكثير من الأخبار المماثلة، حيث احتج عمال أوروبيون على شحنات أسلحة نقلتها السفينة في أوقات سابقة.

عمال الميناء، بقيادة خوسيه نيفوي من "التجمع… pic.twitter.com/25Ww8sWhrG — رؤى لدراسات الحرب (@Roaastudies) August 10, 2025
ثماني دول أوروبية: غزة جزء من دولة فلسطين
سياسيا، أصدرت ثماني دول أوروبية أيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورغ، مالطا، النرويج، البرتغال، سلوفينيا، وإسبانيا بياناً مشتركاً يرفض بشكل قاطع خطة الاحتلال الإسرائيلي لاحتلال قطاع غزة أو إجراء أي تغييرات ديمغرافية أو إقليمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وشدد الوزراء على أن غزة يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من دولة فلسطين، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، معتبرين أن الاحتلال العسكري الكامل سيعمق الكارثة الإنسانية ويهدد حياة الرهائن المتبقين.

وتزامن البيان مع تحذير مفوضة الاتحاد الأوروبي للمساواة وإدارة الأزمات، حاجة لحبيب، من أن التوسع العسكري الإسرائيلي في غزة "سيؤدي إلى تفاقم الوضع الكارثي" على الأرض.

النرويج تسحب استثمارات من شركات إسرائيلية
وفي خطوة تحمل أبعادا اقتصادية وسياسية، أعلن صندوق الثروة السيادي النرويجي، الأكبر في العالم بقيمة تريليوني دولار، عن بيع حصصه في 11 شركة إسرائيلية، وقطع علاقاته مع مديري الأصول الذين يستثمرون في الاحتلال الإسرائيلي، مبرراً قراره بـ"الظروف الاستثنائية" الناجمة عن الكارثة الإنسانية في غزة.

وجاء القرار بعد تقارير كشفت استثمارات الصندوق في شركات إسرائيلية تقدم خدمات عسكرية، بينها صيانة الطائرات المقاتلة لجيش الاحتلال. ورغم أن البرلمان النرويجي رفض في حزيران/يونيو الماضي سحب جميع الاستثمارات من الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن إدارة الصندوق تعهدت بمراجعة شاملة قد تؤدي إلى خطوات إضافية.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
ألمانيا.. أغلبية تؤيد الاعتراف بفلسطين
تغير المزاج العام في أوروبا لا يقتصر على النخب السياسية، بل يشمل الرأي العام أيضاً. فقد أظهر استطلاع لمعهد "فورسا" أن 54% من الألمان يؤيدون اعتراف بلادهم بدولة فلسطين، مقابل 31% يرفضون. الدعم كان أكبر بين الشباب (60%) وسكان شرق البلاد (59%).

ويأتي الاستطلاع في وقت تتعرض فيه حكومة المستشار فريدريش ميرز لانتقادات حادة بسبب موقفها الداعم للاحتلال الإسرائيلي، ورفضها الانضمام لموجة الاعترافات الأوروبية بفلسطين.

أستراليا تلتحق بركب الاعتراف
خارج أوروبا، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أن بلاده ستعترف رسمياً بدولة فلسطين خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل. 

كما اعتبر ألبانيزي أن حل الدولتين هو "أفضل أمل للإنسانية" لإنهاء دوامة العنف في الشرق الأوسط، مؤكداً أن المخرج سياسي لا عسكري. وأوضح أن قراره جاء نتيجة تجاهل إسرائيل لدعوات المجتمع الدولي ورفضها الالتزام بالقانون الدولي، إضافة إلى التوسع الاستيطاني وتهديد ضم الأراضي.

وتكمن المفارقة الصارخة في المشهد الدولي في أن بعض الدول العربية، وعلى رأسها مصر، توسع تعاونها الاقتصادي مع الاحتلال الإسرائيلي في ملفات استراتيجية كإمدادات الطاقة، بينما تتجه دول أوروبية وغربية نحو تقليص تعاملاتها الاقتصادية والعسكرية مع تل أبيب، بل ودعم الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة.

وتعكس هذه التحولات الأوروبية، المدفوعة بضغوط شعبية ونقابية غير مسبوقة، تآكلاً تدريجياً في الدعم الغربي التقليدي للاحتلال٬ مقابل صعود خطاب يرى أن استمرار الاحتلال يشكل تهديداً للسلم العالمي ويغذي الأزمات الإنسانية والإبادة في غزة.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مصر أستراليا مصر المانيا السعودية أستراليا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی عمال الموانئ دول أوروبیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

8 دول أوروبية ترفض خطة إسرائيل لاحتلال غزة

أعربت 8 دول أوروبية، اليوم الأحد 10 أغسطس 2025، عن رفضها خطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة ، مؤكدة أنه يجب أن يكون جزءا من دولة فلسطين بجانب الضفة الغربية و القدس الشرقية.

جاء ذلك في بيان مشترك لوزراء خارجية أيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا والنرويج والبرتغال وسلوفينيا وإسبانيا.

وقال الوزراء إنهم "يدينون بشدة الإعلان الأخير لحكومة إسرائيل عن تكثيف الاحتلال والهجوم العسكري، بما في ذلك في مدينة غزة".

وحذر وزراء الخارجية من أن قرار احتلال غزة "لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة الإنسانية، وتعريض حياة الرهائن المتبقين للخطر".

كما حذروا من أن "الاحتلال المخطط له سيؤدي إلى ارتفاع غير مقبول في عدد القتلى والتشريد القسري لنحو مليون مدني فلسطيني".

تابع الوزراء الأوروبيون "نرفض رفضا قاطعا أي تغييرات ديموغرافية في الأرض الفلسطينية المحتلة". وأكدوا أن هذه الإجراءات تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي".

وأشاروا إلى أن تصعيد الهجوم العسكري واحتلال مدينة غزة يمثلان "عقبة خطيرة" أمام تنفيذ حل الدولتين.

وشدد الوزراء على أن "قطاع غزة يجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من دولة فلسطين، إلى جانب الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية".

وأضاف الوزراء: "نواصل الدعوة إلى اتفاق فوري لوقف إطلاق النار وإنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن لدى حماس ، وإدخال المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق وعلى نطاق واسع".

وفجر الجمعة، أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" خطة تبدأ باحتلال مدينة غزة، عبر تهجير سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية.

ويلي ذلك مرحلة ثانية تشمل احتلال مخيمات اللاجئين وسط قطاع غزة، والتي دمرت إسرائيل أجزاء واسعة منها، ضمن حرب متواصلة بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ومنذ 7 أكتوبر 2023 يرتكب الاحتلال الإسرائيلي إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلّفت الإبادة 61 ألفا و430 شهيدا فلسطينيا و153 ألفا و213 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 217 شخصا، بينهم 100 طفل.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية مظاهرات حاشدة تجتاح عواصم أوروبية احتجاجا على إبادة وتجويع غزة الإمارات والأردن يواصلان إيصال المساعدات إلى غزة عبر الإنزال الجوي الـ66 الإمارات تنفذ الإسقاط الجوي رقم ٦٤ للمساعدات على قطاع غزة ضمن عمليتها طيور الخير الأكثر قراءة استشهاد أسير من جنين في سجون الاحتلال الإسرائيلي القسام :مستعدون للتعامل بإيجابية لإدخال أطعمة وأدوية للأسرى الإسرائيليين نتنياهو يبحث الثلاثاء توسيع العمليات العسكرية في غزة تفاصيل مقتل طالب سعودي يدعى محمد يوسف القاسم في بريطانيا عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • وزير الطاقة الإسرائيلي السابق يشرح مزايا صفقة الغاز مع مصر وكيف مُررت؟
  • دول أوروبية تدين خطة العدو الإسرائيلي لاحتلال غزة وتحذر من تغيير ديموغرافي
  • مصر: جدل بعد تعديل صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي.. وخبراء يعلقون
  • 8 دول أوروبية ترفض خطة إسرائيل لاحتلال غزة
  • الاقتصاد المصري رهينة للغاز الإسرائيلي باتفاق جديد
  • مندوب فلسطين بالجامعة العربية: الاحتلال الإسرائيلي ينتقل إلى استعمار استيطاني كامل
  • وزير الطاقة الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن صفقة كبرى مع مصر
  • فلسطين: القرار الإسرائيلي باحتلال غزة يعكس النوايا الحقيقية لدولة الاحتلال
  • سعيد: الجغرافيا السياسية مع الجانب الفلسطيني الإسرائيلي جزء من الكينونة المصرية