في عالم ريادة الأعمال، قد تبدو فكرة “الريادي المنفرد” جذابة في ظاهرها؛ فهي تمنح صاحبها حرية القرار، وسرعة التنفيذ، والتحكم الكامل بمسار مشروعه دون الحاجة للتنسيق مع أحد. هذا النموذج، الذي اكتسب زخماً كبيراً في عصر التكنولوجيا والعمل عن بُعد، يبدو للبعض وكأنه مفتاح النجاح الخالص. لكن، كما بيّن رجل الاعمال عمر زنهم في بودكاست “The $100 MBA Show” الذي اتسمت اليه مؤخرا، فإن الصورة خلف هذا البريق أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه.


العمل كريادي منفرد يعني ببساطة أنك وحدك في ساحة المعركة. أنت المدير، والمحاسب، والمصمم، والمسوق، بل وأحيانًا عامل الدعم الفني. هذا التعدد في الأدوار، وإن بدا بطوليًا، إلا أنه يُفضي غالبًا إلى إرهاق نفسي وجسدي شديدين، يُنهكان الروح قبل الجسد. ومع استمرار الضغط وتراكم المهام، يفقد الريادي تركيزه على الجوانب الاستراتيجية لمشروعه، ويتحول من قائد إلى عامل إنقاذ يسعى فقط لإبقاء المركب عائمًا.
في مقالي السابق “احذر من شوك”، تطرقتُ إلى وهم القصص الرومانسية حول النجاح الفردي، تلك التي تصور الطريق إلى القمة كرحلة عزلة واستبسال. والحقيقة أن كثيراً من هذه القصص تحجب ما وراء الكواليس: فرق الدعم، والمستشارين، والأدوات التي ساعدت في البناء، حتى وإن لم تُذكر صراحة.
الاعتماد المفرط على الذات لا يحدّ فقط من الطاقة والوقت، بل يُقيد فرص التوسع. فمشروع قائم على شخص واحد، محدود بقدراته ومهاراته، قد يصطدم بسقف لا يمكن تجاوزه، مهما بلغت جودة الفكرة أو إخلاص صاحبها. كما أن أي طارئ — مرض، ظرف شخصي، أو حتى لحظة إنهاك — قد يوقف العمل تمامًا، فينقلب الحلم إلى عبء.
لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الحل هو التخلي عن الاستقلالية. عمر زنهم يدعو إلى صياغة جديدة للريادة الفردية، تبدأ بالاستعانة بمصادر خارجية: توظيف مستقلين للمهام المتخصصة، استخدام أدوات تقنية لأتمتة العمليات، وبناء شبكة من العلاقات المهنية تُسهم في الإلهام وتبادل الخبرات. فليس في التعاون ضعف، بل هو رافعة للنمو وتوسيع الأفق.
النجاح الحقيقي لا يُقاس فقط بقدرات الفرد على العمل بجهد، بل بقدرته على بناء نظام يعمل حتى في غيابه، ويستمر في العطاء والتطور. فالسؤال ليس: “هل يمكنك أن تفعل كل شيء بنفسك؟”، بل: “هل يجب عليك أن تفعل كل شيء بنفسك؟”
هناك إذًا مفترق طرق: هل تريد مشروعًا يستنزفك وحدك، أم منظومة تثمر من حولك؟ هل تسعى لرحلة قصيرة تبرق بالحرية، أم لمسيرة طويلة تنبض بالاستدامة؟ هل تختار المجد الفردي المؤقت، أم البناء الجماعي الدائم؟
أسئلة ليست سهلة، وربما لا توجد إجابة واحدة صحيحة لها. لكنها، بلا شك، جديرة بالتأمل قبل أن تخطو خطوتك القادمة في عالم الريادة.

jebadr@

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: بدر الشيباني

إقرأ أيضاً:

الأردن: وصول 45 شخصا من معتقلي (أسطول الحرية)

عمان - أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، الأحد، وصول 45 شخصا من رعايا 10 دول إلى المملكة، ممن اعتقلتهم إسرائيل على متن سفن "أسطول الحرية" أثناء ابحاره باتجاه قطاع غزة الفلسطيني المحاصر.

وقالت الوزارة في بيان: "وصل 45 شخصا من رعايا عدد من الدول الشقيقة والصديقة كانوا على متن أسطول الحرية إلى أراضي المملكة، عبر جسر الملك حسين (مع الضفة الغربية المحتلة)".

وأوضحت أن الإجلاء شمل رعايا دول تونس وإسبانيا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأيرلندا وفنلندا والولايات المتحدة وكندا.

وقبل أيام، اعتقلت إسرائيل بشكل غير قانوني 145 ناشطا مدنيا من جنسيات مختلفة بالمياه الدولية قبالة سواحل غزة، بينما كانوا في طريقهم لكسر حصارها عن القطاع الفلسطيني.

وذكرت الخارجية الأردنية أنه "تم التنسيق مع سفارات الدول الشقيقة والصديقة لتنظيم وتسهيل مغادرة رعاياها أراضي المملكة".

والسبت، أعلنت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن قطاع غزة أن ناشطي "أسطول الحرية" المحتجزين في إسرائيل سيصلون صباح الأحد إلى العاصمة الأردنية عمّان.

وأعلنت عبر صفحتها بمنصة "فيسبوك" أن إجراءات سفرهم إلى بلدانهم ستتم "خلال اليومين المقبلين".

فيما قال "أسطول الصمود" المغاربي لكسر الحصار عن غزة، عبر "فيسبوك"، إنه جرى ترحيل 98 ناشطا من "أسطول الحرية".

وأفاد بأنه "لا يزال 47 شخصا محتجزين في سجون الاحتلال، بينهم التونسي علي كنيس، لرفضهم توقيع "طلب المغادرة الفورية".

و"يتيح هذا الرفض للاحتلال احتجازهم لمدة 72 ساعة (ثلاثة أيام)، على أن تنتهي الـ72 ساعة يوم الأحد"، وفقا لـ"أسطول الصمود" المغاربي.

والأربعاء، أعلنت "اللجنة الدولية لكسر الحصار" تعرض "أسطول الحرية" لهجوم إسرائيلي في المياه الدولية، عقب أيام من هجومه على "أسطول الصمود" العالمي.

وانطلق "أسطول الحرية"، الذي يضم 11 سفينة قبل أيام، وعلى متنه ناشطون مدنيون ومساعدات إنسانية للقطاع المحاصر، حيث يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني في أوضاع كارثية.

وقبل أسبوع، هاجمت إسرائيل في المياه الدولية بالبحر الأبيض المتوسط "أسطول الصمود" العالمي أثناء إبحاره باتجاه القطاع الفلسطيني.

واعتقلت إسرائيل تعسفيا مئات الناشطين الذين كانوا على متنه، قبل أن تفرج عن معظمهم، وسط أحاديث عن تعرضهم لـ"تعذيب" و"سوء معاملة".

ومنذ نحو 18 سنة، تحاصر إسرائيل قطاع غزة، حيث يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني في أوضاع كارثية، جراء تداعيات حرب الإبادة التي شنتها لأكثر من عامين منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وأسفرت الإبادة الإسرائيلية، بدعم أمريكي، في غزة عن 67 ألفا و682 قتيلا، و170 ألفا و33 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 463 فلسطينيا بينهم 157 طفلا.

مقالات مشابهة

  • الأردن: وصول 45 شخصا من معتقلي (أسطول الحرية)
  • وصول 45 ناشطاً من معتقلي أسطول الحرية إلى الأردن
  • أمين العاصمة يتفقد العمل في مشروع تأهيل وترميم بعض شوارع حي الأمناء
  • هيئة الاتصالات: الخطوط القطرية تفعل الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت
  • وصول 45 شخصًا من معتقلي "أسطول الحرية" إلى الأردن
  • جمال الكشكي يتغنّى بدور مصر الريادي في إعادة إعمار غزة.. فيديو
  • الراعي استقبل السفير الإيراني ويشدد على أهمية الاستقرار ودور لبنان الريادي
  • ليتك لم تفعل يا بروفيسور ياغي!
  • ماذا تفعل إذا تعرضت لعضة أو خدش من حيوان؟ خبير يجيب
  • المغرب بين بريق المونديال وأزمة الشارع| جيل جديد يصرخ الصحة أولا.. وخبير يفسر سر مظاهرات زد