جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-06@19:16:02 GMT

"حد يخبر سهيل"

تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT

'حد يخبر سهيل'

 

 

 

علي بن سالم كفيتان

في زاويتي الأسبوعية سأقتبس كلمات نشرها الشاعر الكبير سالم بن عويدة الدارودي (المسافر) على حسابه في منصة "إكس" مؤخرًا. الكلمات فيها من الدارجة الظفارية وتحمل الكثير من الصور الشعرية المُعبِّرة؛ فرغم أبياتها الثمانية إلّا أنها تحمل في طياتها معاني مُعلَّقة، حسب تقديري، وأنا لست بشاعر؛ بل مُتذوِّق للشعر، وخاصةً النبطي.

شاعرنا غني عن التعريف من حيث تاريخه الشعري بكل صنوفه واقتران كلماته المُغناة بأشهر الفنانين على المستوى المحلي والخليجي، ولا شك أنَّ بن عويدة له بصمته التي لا يُخطئها كل من تابع ذلك الهاجس الغامض والروح الحزينة والغموض السهل والرمزية القوية للكلمات، بحيث يجعل المتلقي سابحًا في عوالمه المختلفة؛ فكلٌ سيجد ضالته في فكر هذا الأديب والشاعر الكبير. لم ألتقِ بالرجل إلّا إذا كان بمحض الصدفة في مُناسبة عامة، لكننا نتابع بعضنا في العالم الافتراضي منذ سنوات. تأسرني أفكاره الغائرة، وتأخذني كلماته الملتصقة بالتراب، فكل ما يطرح بن عويدة هو من أديم الأرض التي يُحبها، وأحسُ أنها تُعبِّر عني واعتقد أن كثيرًا من مُتابعيه ينتابهم نفس الشعور.

تابعتُ بشغفٍ مقابلة يتيمة أجراها (المسافر)- كما يكني نفسه- مؤخرًا مع إحدى محطات التلفزة المحلية، تحسستُ من خلالها بعضًا من شخصيته الجميلة وروحه الطاهرة وسموه وترفعه في كل ما يكتب عن الزلل. فسألت نفسي: هل لا زلنا نمتلك هكذا قامات رفيعة؟ ولماذا باتت بعيدة عن الساحة؟ لم أجد إجابات مُقنعة لهذا التساؤل من خلال تلك المقابلة، ولا من خلال متابعتي للرجل، وربطت لا شعوريًا هذا الإبداع الشعري بشاعر كبير آخر هو علي بن عبد الله بن يوسف بن صواخرون أو كما يعرف في الوسط العام (علي الصومالي) عليه رحمة الله، وحقيقةً لا أعلم صلة القرابة بينهما، لكن كليهما أبدعا في سماء الأغنية العُمانية منذ البدايات وأنتجا نصوصًا لا يُمكن نسيانها؛ حيث شدت بها نخبة من الفنانين العُمانيين البارزين، منهم من رحل عن عالمنا أمثال سالم بن علي، ومنهم من لا يزال يحاول مجابهة تيار حداثة الأغنية، ومنهم من انزوى بعيدًا عن الساحة الفنية وانضم للمشاهدين.

عنوان المقال هو عنوان لتغريدة للشاعر بن عويدة على منصة "إكس"، وتحتها ثمانية أبيات من نسج بن عويدة، وجدتُ فيها روح الماضي بأصالة الكلمات التي أتت من الماضي، وكثيرًا من الحاضر الذي نعيشه اليوم. ويظل كما يقولون المعنى في جوف الشاعر؛ فسُهيل هو بطل القصيدة شبهه الشاعر بمن يسقي (يسني) المزرعة (الذبر) فخاطبه قائلًا:

ما دمت تسني هذا الذبر يا سهيل

لا تأمل الضامي وتخليه عطشان

خلي مجاري السيل ....... للسيل

ما حد يريد يبات خايف وهمران

نخشى الطواريش كلما خيم الليل

والغارف اللي حارسه دوم نعسان

يا فلان بُنَّك مُر.. يحتاج إلى هيل

ما ينشرب من قهوتك نص فنجان

وكانت سقاية المزارع في ظفار توكل في الماضي لرجل مقابل أجر، وغالبًا ما يُشرف على جر الماء إلى السطح من العمق، عبر إبل مربوطة تسير بحركة دؤوبة، لتجُر القرب من أعماق البئر، مُحمَّلة بالمياه، ليتم سكبها في الساقية التي تُغذي الذبر (البستان). وفي هذه القصيد يبدو أن سهيل مكلف بهذه المُهمة الصعبة والحساسة، وعليه أن يكون محافظًا على صحة الركاب التي تعمل مكان الآلة، وفي ذات الوقت يُشرف على ارتواء كل أطراف البستان، ولا يأمل الضامي- وهو الزرع وربما رمزية لشيء آخر- ويخليه عطشان. ومعلوم أن مجرى السيل لا أحد يبني فيه، ولا يبات، خوفًا من مُداهمة الطوفان. وبعدها يتوجس الشاعر من الطواريش كلما جَنَّ الليل، خاصة إذا كان حارس الغارف (المزرعة) "دوم نعسان"، كما تقول القصيدة. فقد ينهبون المحصول وهو نائم وتضيع الغلة التي ينتظرها أهل الغارف. وختم الشاعر قصيدته بعتبه على (فلان) كرمزية لمن ضيَّع المحصول مخاطبًا بقوله: "يا فلان بُنَّك مُر.. يحتاج إلى هيل.. ما ينشرب من قهوتك نص فنجان". 

يظل هذا الأدب الراقي الخفي الظاهر إحدى أدوات التعبير عمَّا يدور في خلجات النفس، وغالبًا الشاعر يُعبِّر عن حالة جماعية. لهذا يبقى الشعر بأصالته؛ سواءً كان بالفصحى أو النبطي أو الحُر، مثارًا لاهتمام الناس، وفي كثير من الأحيان يُسقطونه على واقعهم المُعاش، حتى ولو كان الشاعر يرمي إلى شيء يدور في خلجات نفسه؛ بعيدًا عنهم، وعن حياتهم وهمومهم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فيلم “بوحة”.. أيقونة العيد التي لا تغيب عن الشاشة رغم مرور 20 عامًا

 

يطل علينا كل عيد أضحى بروح فكاهية لا تُنسى، إنه فيلم بوحة الذي تحوّل إلى طقس سينمائي خاص في احتفالات الوطن العربي بالعيد. وعلى الرغم من مرور عقدين على عرضه الأول عام 2005، ما زال الفيلم يحجز مكانه على شاشات الفضائيات وفي قلوب المشاهدين، كأنه يُعرض للمرة الأولى.

 

بوحة ليس مجرد فيلم كوميدي، بل نافذة على عالم الجزارين الشعبي في قلب منطقة “سوق المدبح” بالسيدة زينب، حيث تدور أغلب أحداثه، كاشفًا تفاصيل يومية وعلاقات إنسانية في إطار ساخر ومليء بالمواقف الساخنة.

 

من أشهر الإفيهات التي رسخها الفيلم في وجدان الجمهور وتُردد في كل عيد:
“العيد فرحة ماء”، “صبح صبح يا عم الحاج”، “تصدق سلخت قبل ما أدبح”، و“طور هايج في عنبر 7”، وهي عبارات تحوّلت إلى جزء من الذاكرة الشعبية للعيد.


أبطال فيلم بوحة

الفيلم من بطولة محمد سعد في واحدة من أبرز أدواره، إلى جانب مي عز الدين، لبلبة، حسن حسني، مجدي كامل، سليمان عيد، هشام المليجي، وغريب محمود، ومن تأليف نادر صلاح الدين، وإخراج رامي إمام. وقد حقق عند عرضه إيرادات كبيرة وأثبت نجاحه جماهيريًا.

 

أحداث فيلم بوحة

تدور القصة حول “بوحة الصباح”، الذي يفقد والده، ويكتشف أن له ميراثًا يقدّر بنصف مليون جنيه لدى المعلم محروس الضبع، ينطلق في رحلة من قريته إلى القاهرة بحثًا عن المال المفقود، وفي “المدبح” يتقاطع طريقه مع الست “حلويات” وابنتها “كوته”، ليواجه ظلم المعلم فرج ويخوض مغامرات تنقله من البساطة إلى المواجهة.

رغم بساطة الحكاية، فإن بوحة ترك بصمة خالدة، ليصبح فيلمًا لا يكتمل العيد إلا بضحكاته.

مقالات مشابهة

  • الشاعر مشعل الحارثي يبدع في قصيدة حفل استقبال ولي العهد: “معزي الثاني ما يشبهه أربعين” .. فيديو
  • فيلم “بوحة”.. أيقونة العيد التي لا تغيب عن الشاشة رغم مرور 20 عامًا
  • رحل في ليلة العيد.. موعد تشييع جنازة الملحن محمد كرارة
  • وفاة الشاعر محمد كرارة وتشيع جثمانه بعد صلاه الجمعة
  • اليد التي تُدافع عن شرف الأمة لا تُدان
  • مصر.. تصاعد الخلاف بين محمد الباز وابنة الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم
  • من هي الحاجة الأردنية التي توفاها الله في عرفات اليوم؟
  • تفاقم الأوضاع الإنسانية التي يواجهها المواطنون في مدينة الفاشر – فيديو
  • اختتام الجولة الرابعة من مسابقة "مثايل" بتأهل الشاعر سلطان دخيل الحربي
  • أدباء وشعراء المحلة يحيون ذكرى فريد عثمان في حفل تأبين على مسرح 23 يوليو