المشتقات المالية في مصر: أداة لـتجميل الأزمات السياسية أم قنابل موقوتة تُهدد الاقتصاد؟
تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT
في ظل تراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى 35 مليار دولار، وارتفاع الدين العام إلى 95 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تسعى الحكومة المصرية إلى إطلاق سوق المشتقات المالية بحلول الربع الثاني من 2025 كجزء من إصلاحات مدعومة من صندوق النقد الدولي.
لكنّ هذا التوجه يثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية: هل هو محاولة لامتصاص السيولة من الاقتصاد الموازي "الذي يعطل قدرة صندوق النقد على امتلاك الاقتصاد المصري"، أم استراتيجية لتحويل الأنظار عن فشل الحكومة في معالجة الاختلالات الهيكلية للاقتصاد المصري؟
المشتقات "مِظلة" لسحب الدولار من الاقتصاد الموازي
بعد تحرير سعر الصرف في آذار/ مارس 2024، انخفض سعر الدولار في السوق السوداء من 70 جنيها إلى 50.
المضاربة غير المنضبطة: تكرار سيناريو أزمة النفط 2020
تشير تجارب الأسواق الناشئة إلى أن المشتقات المالية قد تتحول إلى أدوات مضاربة عالية الخطورة في غياب البنية التنظيمية. ففي 2020، أدت المضاربة على العقود الآجلة للنفط إلى انهيار الأسعار إلى سالب 37 دولارا للبرميل. وفي مصر، حيث تصل الفائدة الحقيقية (مع اعتبار احتمالية تحرك سعر الصرف) إلى 11.75 في المئة بعد خفض الفائدة الأخير، قد ينجذب المستثمرون إلى الرافعة المالية العالية للمشتقات، مما يزيد تقلبات الجنيه ويُعرضه لانهيارات مفاجئة.
إخفاء الفشل الهيكلي: عجز الإصلاحات عن مواجهة الأسباب الجذرية
تعاني مصر من عجز تجاري مزمن (85 مليار دولار واردات مقابل 45 مليارا صادرات)، وتضخم مرتفع (13.6 في المئة في آذار/ مارس 2025)، إلا أن الحكومة تروج للمشتقات كبديل عن الإصلاحات المنتجة. فبدلا من تنويع الصادرات أو دعم الصناعة المحلية، تُستخدم العقود المستقبلية لـ"تجميل" مؤشرات الاقتصاد الكلي.
تهديد السيادة النقدية: ضغوط على البنك المركزي
تتطلب المشتقات المالية ضمانات بالدولار لتنفيذ العقود، وهو ما يزيد الضغط على الاحتياطيات الهشة أصلا (35 مليار دولار)، مع توقعات وصول سعر الدولار إلى 55 جنيها بنهاية 2025، قد تضطر الحكومة إلى رفع الفائدة مجددا لاحتواء التضخم، مما يزيد تكلفة خدمة الدين العام التي تلتهم 50 في المئة من الإيرادات الحكومية، وفقا لوزير المالية السابق محمد معيط.
إذا استمرت الحكومة في الاعتماد على أدوات مالية معقدة كغطاء لأزماتها؛ فسينتهي الأمر بتحويل الجنيه إلى عملة هشة، وسوف تتكرس التبعية لشروط الدائنين الدوليين
التأجيل المتكرر: دليل على عدم الجدية
أجلت مصر إطلاق سوق المشتقات مرتين (2023 و2024) بسبب عدم جاهزية البنية التحتية التنظيمية. هذا التأجيل يُظهر أن الحكومة تُقدم على خطوة استباقية لاسترضاء صندوق النقد الدولي دون استعداد حقيقي، مما يعرض السوق لانهيارات تشبه أزمة "العقود غير المسعرة" التي ضربت اقتصادات ناشئة سابقة.
والخلاصة: المشتقات هي "مسكن" لأعراض مُميتة
وبينما لا يمكن إنكار دور المشتقات في أسواق مالية ناضجة، لكنّ استخدامها في مصر -دون معالجة الفساد الهيكلي- يشبه إعطاء "مسكن" لمريض يعاني من نزيف داخلي. وإذا استمرت الحكومة في الاعتماد على أدوات مالية معقدة كغطاء لأزماتها؛ فسينتهي الأمر بتحويل الجنيه إلى عملة هشة، وسوف تتكرس التبعية لشروط الدائنين الدوليين، الذين يمكنهم وقتها وضع مندوب (ربما صهيوني) لإدارة الاقتصاد المصري.
والسؤال هنا: هل تريد الحكومة بناء اقتصادٍ مصري حقيقي.. أم وهما يسلم الاقتصاد المصري لمندوب صهيوني؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء المصرية صندوق النقد الاقتصاد الدولار الجنيه مصر اقتصاد صندوق النقد الدولار الجنيه قضايا وآراء مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد مقالات اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المشتقات المالیة الاقتصاد المصری صندوق النقد الحکومة فی فی المئة
إقرأ أيضاً:
توجيه رئاسي بتعزيز الانضباط المالي لتطوير أداء الاقتصاد المصري.. نواب:الاقتصاد العالمي تضرر من حرب إيران وإسرائيل.. ومصر قادرة على تجاوز أزمات وتوترات المنطقة بهذه الإجراءات
الرئيس السيسي :استمرار تعزيز المُخصصات المُوجهة لصالح الحماية الاجتماعية لمُساندة الفئات ذات الأولويةبرلماني:الأحداث الإقليمية فرضت واقعا خطيرا على جميع دول العالم لاسيما الأوضاع الاقتصاديةنائبة: تعزيز الشراكات الدولية يضمن توافق المسارات التنموية لمصر مع المتغيرات العالميةفي خطوة تعكس حرص القيادة على تعزيز الاستقرار في ظل التحديات الراهنة، وفي وقت تشهد فيه المنطقة والعالم متغيرات متسارعة، مما يفرض ضرورة اتخاذ إجراءات استباقية لضمان الأمن المالي والسلعي وحماية الفئات الأكثر احتياجًا، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي ثلاث توجيهات رئاسية عاجلة تُركز على محاور أساسية لتعزيز صمود الاقتصاد الوطني.
و وجه الرئيس السيسي، خلال اجتماع ع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وأحمد كجوك وزير المالية،بمُواصلة الجهود المُكثفة الرامية لتعزيز الانضباط المالي من خلال الإجراءات الحكومية، بما يُسهم في تطوير أداء الاقتصاد المصري ويدعم جهود التنمية الوطنية، مع استمرار تعزيز المُخصصات المُوجهة لصالح الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية وبرامج مُساندة الفئات ذات الأولوية.
في هذا الصدد، أشاد النائب عبد الفتاح يحيي، بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن تعزيز الانضباط المالي من خلال الإجراءات الحكومية لدعم الاقتصاد المصري، مؤكدا أنها خطوة هامة للتحوط ضد مخاطر الظروف الجيوسياسية الإقليمية.
و أشار« يحيي» في تصريح خاص لـ«صدى البلد» إلى أن الأحداث الإقليمية فرضت واقعا خطيرا على جميع دول العالم ، لاسيما الأوضاع الاقتصادية، والتي تتطلب أخذ الاحتياطات الواجبة لضمان استمرار سياسات الانضباط المالي، وتوجهات ترسخ دعائم النهوض الاقتصادي وتصديه للأزمات .
و أكد عضو البرلمان أن الحكومة تتخذ خطوات حثيثة للعمل على خلق اقتصاد مرن يواجه التقلبات والتغيرات العالمية المتسارعة التي تشهدها المنطقة في الوقت الحالي جراء العدوان الاسرائيلي على إيران .
في سياق متصل، ثمنت النائبة ميرفت الكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، توجيهات الرئيس السيسي بشأن تطوير أداء الاقتصاد المصري بما يدعم جهود التنمية الوطنية، مؤكدة أن حزمة الإصلاحلات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة مؤخرا، تعزز من قدرة الدولة على تحقيق نمو حقيقي مستدام.
و أشارت« الكسان» في تصريح خاص «صدى البلد» إلى ضرورة توجه الدولة إلى تعزيز الشراكات الدولية بما يضمن توافق المسارات التنموية لمصر مع المتغيرات العالمية، مؤكدة أن مصر تتميز بالتنوع في مصادر النمو ، والذي يعد دليلا على نجاح السياسات الحكومية في تحفيز القطاعات الإنتاجية
.
وشددت عضو النواب على ضرورة دعم قطاعي الصناعة والزراعة، باعتبارهما عصب التنمية الاقتصادية في مصر ، كما يعدوا من أكثر القطاعات قدرة على تحقيق معدلات نمو مرتفعة ، بالإضافة إلى دورهما المهم في دعم الناتج القومي.