دمشق-سانا

على خشبة مسرح دار الأوبرا بدمشق، لم يكن عرض فيلم “وما أدراك ما صيدنايا” مجرد عرض سينمائي عادي، بل كان بمثابة شهادة بصرية مؤلمة على فصل شديد القسوة من التاريخ السوري المعاصر.

الفيلم، الذي أخرجه السينمائي السوري عبده مدخنة، وأنتجته قناة الجزيرة، يعيد فتح واحد من أكثر الملفات وجعاً في الذاكرة السورية، وهو ملف الاعتقال في سجن صيدنايا.

صُوَّر الفيلم داخل سجن صيدنايا سيئ الصيت على مدى سبعة أيام، ليقدّم تجربة بصرية وإنسانية تتجاوز حدود العمل السينمائي، ليكون بمثابة وثيقة للعدالة، كما وصفه مخرجه، يمكن أن تُستخدم لاحقاً في محاكمات دولية أو مراجعات قانونية بحق من ارتكبوا انتهاكات بحق المعتقلين.

رمزية ارتباط مشهد “التحريرين”

يرى المخرج عبده مدخنة أن لحظة عرض الفيلم ليست مجرد استذكار لمرحلة، بل استعادة لصوت المعتقلين الذين حاول النظام إسكاتهم لسنوات، حيث قال: “في 8/12، كان الناس في دمشق يعيشون حدثين مترابطين بشكل دراماتيكي، تحرير مدينة دمشق، وتحرير المعتقلين من سجن صيدنايا، بالنسبة لي، كانت هذه اللحظة تختصر وحشية النظام”.

ويضيف المخرج: “قضية المعتقلين لم تكن فقط قضية حقوق، بل كانت جريمة ضد الإنسانية، حيث إن ربع الشعب السوري مرّ بتجربة الاعتقال بطريقة أو بأخرى”.

شهادات من قلب سجن صيدنايا

يكشف الفيلم، من خلال شهادات ولقطات تصوير دقيقة، عن تفاصيل صادمة داخل السجن، منها اكتشاف غرفة الإعدام، التي وصفها المخرج بأنها واحدة من أصعب اللحظات التي مرّ بها أثناء التصوير، رغم معرفته بقضايا الاعتقال وفظاعته، والتي تناولها في أعمال سابقة.

لمحة عن “وما أدراك ما صيدنايا”

يستعرض الفيلم الخلفية التاريخية لهذا السجن الذي افتتح أواخر الثمانينيات كمركز احتجاز عسكري، لكنه سرعان ما تحوّل إلى رمز للقمع والتعذيب، وخلال هذه الفترة استخدم لقمع المعارضين السياسيين والعسكريين، إلا أن تحوّله الجذري حدث مع بداية الثورة السورية، حيث بات مركزاً للإعدامات الجماعية والعنف الممنهج.

يكشف الفيلم من خلال شهادات معتقلين سابقين عن تصميم السجن المعقّد، من الزنازين الضيقة، وغرف الإعدام، كما يعرض تفاصيل يومية لروتين التعذيب القاسي، من الضرب والصعق الكهربائي إلى التجويع والتعذيب النفسي الوحشي.

وتُوثق مشاهد الفيلم كيف أصبحت الإعدامات الجماعية جزءاً من عمل السجن، حيث كانت الجثث تُنقل إلى مستشفيات ومقابر جماعية دون أي إجراءات قانونية، كما يكشف عن أدلة صادمة لوجود نساء وأطفال بين الضحايا، رغم إنكار النظام البائد وجود معتقلات رسمياً.

ويُبرز الوثائقي الدور المركزي للنظام البائد في إدارة هذا “المسلخ البشري”، حيث كانت الأوامر تأتي من مستويات أمنية عليا، ليختتم بدعوة لتحويل السجن إلى متحف للذاكرة، في محاولة لإبقاء الجريمة حاضرة في الوعي كي لا تتكرر.

عن المخرج عبده مدخنة

يُذكر أن المخرج عبده مدخنة حاصل على جائزة “الدلفين الفضي” من مهرجان “كان” عن فيلمه “صراع البقاء” (2020)، ويعرف عنه التزامه بتوثيق قضايا الاعتقال في سوريا، عبر أسلوب يجمع بين الواقعية والإنسانية.

تابعوا أخبار سانا على 

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: سجن صیدنایا

إقرأ أيضاً:

الناطق باسم قافلة الصمود لـعربي21: سنعود لتونس فور إطلاق سراح المعتقلين

كشف المتحدث الرسمي باسم قافلة الصمود لكسر الحصار عن غزة وائل نوار أن القافلة وفور سراح جميع المعتقلين ستتحرك بالعودة لتونس.

وقال نوار في تصريح خاص "لعربي21"،"تم إبلغنا أمس الأحد بغلق المعبر البري تماما والتفاوض انقطع كذلك،وبالنسبة للعبور بحرا وصلت المفاوضات لطريق مسدود في علاقة بليبيا".

بدورها أكدت تنسقية العمل المشترك من أجل فلسطين، أن سلطات شرق ليبيا تواصل اعتقال 9 من المشاركين بقافلة الصمود، محذرة من "خطة صهيونية لكسر وحدة القافلة".



وأشارت التنسقية في بيان الاثنين، إلى الإفراج عن عدد من المعتقلين وأن المفاوضات والاتصالات جارية لإطلاق سراح البقية، مشيرة إلى أنه تم التواصل مع مفقودين آخرين لم يكونوا معتقلين أساسا.

وقالت إن المعتقلين والبالغ عددهم تسعة يتوزعون بين 3 من الجزائر،3 من تونس،و2 من ليبيا وواحد من السودان، مشددة على أن القافلة لن تتراجع مطلقا إلا بسراح الجميع.

وحذرت القافلة من خطة لتفريقها قائلة: "نحذر من الألعاب الصهيونية ، التي تسعى بكل وسائلها لتدمير وحدة صفنا ، وإطباق الحصار على جهود كسره".

وشددت التنسيقية على أن "قافلة الصمود هدفها ثابت وواضح ولن تنجرّ إلى أي تجاذبات خارجة عن رسالتها الإنسانية".

ومنذ الاثنين الماضي، خرجت من تونس قافلة تضم قرابة 1500 مشاركا من دول مغاربية مرورا بليبيا، ولكن بوصولها للمدن الخاضعة لحكومة الشرق تحت حكم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بدأت القافلة تواجه عراقيل وتضييقات بلغت حد الحصار والاعتقالات وقطع الانترنت بشكل كامل والتهديد بالسلاح.

مقالات مشابهة

  • ريهام عياد: نجاح “القصة وما فيها” فاجأني وعودتي لطليقي كانت بداية جديدة
  • الجيو-حرب والجيو-نووية.. حين تتبدل فصول الصراع من الخنادق إلى الظلال النووية!
  • الدفاعات الجوية الإيرانية تُسقط مقاتلة صهيونية من طراز “إف-35” في تبريز… وتُحبط رابع محاولة اختراق متقدمة
  • الناطق باسم قافلة الصمود لـعربي21: سنعود لتونس فور إطلاق سراح المعتقلين
  • على مسرح القباني بدمشق… “سوق الأسئلة” تُحيي ذكرى فؤاد حميرة
  • “الجزيرة المتكررة”… لغز جغرافي يثير جنون رواد الإنترنت
  • قوات الاحتلال تعتقل 40 مواطنا على الأقل من الضفة
  • الحوثي … “إسرائيل” تريد إخضاع شعوب المنطقة كلها
  • شاهد بالفيديو.. مقطع نادر جداً لعروس الموسم الحسناء “حنين” عندما كانت طفلة مع شقيقها التوأم “حاتم” يقدمان عرض مسرحي في حضور والدهما الأسطورة محمود عبد العزيز
  • كتاب “خلاصة التكنولوجيا البيولوجية”… عرض تفصيلي لتطورات العلوم الجينية