هل ينخفض سعر الدولار بانضمام مصر إلى مجموعة "بريكس"؟.. هذا هو السؤال الأبرز بعد انضمام مصر إلى مجموعة "البريكس" في اجتماعات "جنوب أفريقيا".
ولكي نجيب عن هذا السؤال، نبدأ بتعريف المجموعة نفسها وآليات عملها: مجموعة "بريكس"، التي تأسست عام 2006، وتشكل 42% من سكان العالم، باتت قوة اقتصادية كبيرة، حيث تسيطر على ما يناهز 22% من الناتج الإجمالي للعالم.وهنا تجدر الإشارة إلى أنها ليست تحالفاً عسكرياً وحتى الآن لم يتم مناقشة إصدار عملة موحدة كما الاتحاد الأوروبي.. وأهداف المجموعة التى تأسست قبل 14 عاماً تستهدف إرساء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، حيث بدأت المجموعة بأربع دول فقط تحت اسم "بريك" وهي الأحرف الأولى من الدول المشكلة للكيان الجديد، أي البرازيل وروسيا والهند والصين.
وعقدت المجموعة أول قمة لها عام 2009، ثم انضمت جنوب أفريقيا، لتتحول إلى بريكس "BRICS"، واتفقت دول المجموعة على بعض أسس إصلاح النظام المالي والنقدي الدولي، وذلك بإنشاء بنك التنمية الجديد (NDP)، برأسمال قدره 100 مليار دولار مقسمة بالتساوي بين الدول الخمس.
ويقوم البنك بتقديم القروض والمعونات للدول الأكثر احتياجاً؛ ما يعكس اتفاق الدول الأعضاء على الرغبة في إنشاء نظام مالي قائم على المساواة والتكامل بين الدول الأعضاء.
هل انضمت مصر إلى المجموعة بهدف الاقتراض؟.. هذا تفكير قاصر، فالأسس الاقتصادية التي تعمل بها البريكس تقوم على تبادل السلع "الاستيراد والتصدير" بالعملات المحلية للدول الأعضاء، وهذا في حد ذاته كفيل بتقوية "العملة الوطنية" في التعاملات الدولية.. كما يعطي الأولوية للدول الأعضاء في التبادل التجاري فيما بينها.
فلا يصح مثلاً أن تستورد سلعة متوفرة في الصين أو روسيا من خارج البريكس.. وباقي الدول كذلك بالنسبة إليك.. فكيف يؤثر هذا على سعر الدولار في مصر، وهو العملة المهيمنة على حركة الاقتصاد في العالم؟.
أولا سيخف الضغط على الدولار بالنسبة لكافة المستوردين، وبالتالى ينخفض سعره فى السوق السوداء (بالنسبة للسعر الرسمي في البنوك فلا يزال بانتظار تعويم جديد).. ولك أن تتخيل حجم التجارة من مصر والصين مثلا، وكيف ستتم باليوان وتخرج من المعادلة حمى شراء الدولار.. أو افترض أن مصر استوردت لحوماً أو دجاجاً من دولة عضو بالبريكس سوف تنخفض الأسعار، وبالتالى تنخفض معظم السلع الاستهلاكية معها هذه مجرد نماذج لتبسيط الفكرة.
لكن تخيل أن تستورد القمح كاملاً من روسيا بالجنيه المصري وكذلك السلاح!.. (القضية أعقد من ذلك التبسيط لكنه كلام آخر متخصص).
من هنا قد تتضح الصورة فيما يتعلق بسعر الدولار الذي أصبح كل الاقتصاد المصري تابعاً له: المؤكد أنه لن يهبط بسرعة خاصة أن عضوية مصر تبدأ يناير 2024.. لكن هبوط سعر الدولار مرهون فعليا بإجابة السؤال: ماذا تصدر مصر؟.
بحسب "العربية نت" تراجعت صادرات مصر السلعية غير النفطية في الربع الثاني من العام الحالي، بنحو 37% لتسجل 7.2 مليار دولار مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي.
وسجلت قيمة الصادرات غير البترولية المصرية، خلال الربع الأول من العام الحالي نحو 8.8 مليار دولار بانخفاض 6.4% على أساس سنوي.
وسجل النصف الأول من العام الجاري تراجعاً بنحو 17% إلى نحو 16 مليار دولار.
وكانت صادرات مصر السلعية قد سجلت العام الماضي 35.6 مليار دولار بارتفاع نسبته 12% مقارنة بعام 2021.
وأكد مسؤولون في اتحاد الصناعات المصرية أن نمو الصادرات السلعية غير البترولية يواجهه العديد من التحديات أبرزها نقص المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، بسبب شح الدولار.. (هكذا دخلنا في متاهة البيضة الأول ولّا الفرخة).
أعتقد أن الخروج من هذا المأزق هو تنسيق حكومي مع رجال القطاعين العام والخاص للتوسع في عملية التصدير.. فنحن لم ننضم للبريكس لنستدين مجدداً بل لنتحرر من الديون والعجز في الميزان التجارى ومعالجة التضخم الركودي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني سعر الدولار ملیار دولار من العام
إقرأ أيضاً:
بريكس تتمرد على الغرب فهل نشهد تفكك النظام الاقتصادي بقيادة أميركا؟
في لحظة تعكس تصدع التوازنات الجيوسياسية الراسخة، اصطفت قيادات مجموعة بريكس أمام جبل "شوغار لوف" في ريو دي جانيرو، وقد بدت عليهم علامات الثقة والتحدي، خلال القمة التي استضافها الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا.
وفي مشهد بدا وكأنه إعلان ضمني لانطلاق "النظام العالمي البديل"، رفعت المجموعة صوتها عاليًا في مواجهة سياسات الغرب، وخصوصًا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، متبنية مواقف، وصفها مراقبون بأنها "تصعيدية ومناهضة للهيمنة الأميركية".
توسع إستراتيجيوشهدت المجموعة، التي تأسست في 2009 كتحالف اقتصادي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، تحولا نوعيا هذا العام بعد أن توسعت لتضم خمس دول إضافية، ما جعلها تُمثّل اليوم 49% من سكان العالم، أي ما يعادل نحو 3.9 مليارات نسمة، إضافة إلى 39% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وفقًا لإحصاءات بلومبيرغ.
هذا التوسّع رفع من طموحات التكتل وجعل مراقبين يرون فيه تهديدًا مباشرًا لمجموعة السبع (G7) التي طالما احتكرت القرار الاقتصادي العالمي، ومجموعة العشرين التي سعت إلى التمثيل الأوسع دون أن تغير المعادلة الفعلية للهيمنة الغربية.
وأثناء أعمال القمة التي امتدت يومين في ريو دي جانيرو، أصدرت المجموعة بيانا رسميا تضمّن "قلقا بالغا" إزاء تصاعد الرسوم الجمركية العالمية، وهاجم ما وصفه بـ"الإنفاق العسكري المفرط" من جانب الدول الغربية. كما أدانت القمة الغارات الجوية التي استهدفت إيران، وهي عضو في بريكس، في خطوة اعتُبرت ردًا مباشرًا على إدارة ترامب.
ولم يتأخر الرد الأميركي، إذ خرج الرئيس ترامب عبر منصته الخاصة "تروث سوشيال" ليهدد بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على "كل دولة تتماهى في سياسات بريكس المعادية لأميركا"، على حد تعبيره.
إعلانوأضاف: "من يختار الوقوف إلى بريكس، عليه أن يتحمل تكلفة اقتصادية مباشرة".
قوة متنامية رغم التناقضاتورغم أن التكتل يضم دولًا ذات ثقل اقتصادي وجيوسياسي كبير، فإن داخله ليس خاليًا من الخلافات البنيوية. فالعلاقات بين الهند والصين، على سبيل المثال، لا تزال مشوبة بالتوترات الحدودية والمنافسة الإقليمية، بينما لم يحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة، في إشارة فسّرها مراقبون على أنها تحفظ أو توتر غير معلن.
كما أن انضمام السعودية لم يُحسم نهائيا، وسط تقارير عن ترددها في الالتزام الكامل بعضوية قد تضعها على مسار تصادمي مع واشنطن.
وعلى الرغم من هذه التباينات، فإن بلومبيرغ تشير إلى أن مجموعة بريكس لا تزال "تجذب طوابير من الدول الراغبة في الانضمام"، في ظل تصاعد التوترات العالمية وانغلاق الأسواق الغربية أمام بعض الاقتصادات النامية.
نفوذ اقتصادي عالمي يصعب تجاهله
من الناحية الاقتصادية، تُشكل بريكس اليوم:
%49 من سكان العالم %39 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي %25 من التجارة العالمية وتحتفظ بموارد هائلة في الطاقة والمواد الخام، إذ تضم روسيا والسعودية والبرازيل، إلى جانب إيران، كبرى الدول المنتجة للنفط والغاز. تمتلك الصين والهند، وهما عضوان رئيسيان، صناعات تكنولوجية وإنتاجية ضخمة، وتعدّان من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم.ورغم ذلك، تنتقد دوائر غربية –بحسب بلومبيرغ– ما تصفه بـ"عجز بريكس عن تحويل ثقلها العددي إلى نفوذ فعلي"، إذ لم تستطع المجموعة، حتى الآن، إنشاء مؤسسات مالية بديلة قوية تكافئ البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، رغم تأسيسها "بنك التنمية الجديد" في 2015.
وتأتي هذه الديناميات في وقت حرج، حيث يسابق الشركاء التجاريون للولايات المتحدة الزمن لإبرام اتفاقات قبل الموعد النهائي الذي حدده ترامب بعد غد الأربعاء، وسط تهديدات بفرض ضرائب تصل إلى 30% على واردات من دول، مثل جنوب أفريقيا، التي تصدر حاليًا أكثر من 70% من محصولها من الحمضيات إلى السوق الأميركية خلال موسم الشتاء في نصف الكرة الجنوبي.
من جانبه، ألمح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إلى إمكانية تمديد المهلة ثلاثة أسابيع لبعض الدول، مؤكدًا أن "الرسائل التي سترسلها إدارة ترامب هذا الأسبوع، ليست الكلمة الأخيرة في سياسات الرسوم الجمركية".
هل تتحول بريكس إلى محور عالمي؟ورغم أنها لم تصدر بيانات صريحة ضد واشنطن، فإن الرسائل السياسية الصادرة عن القمة كانت واضحة: هناك إرادة سياسية لتقويض الأحادية الأميركية، وبناء نظام أكثر تمثيلًا لدول الجنوب. وعلّق أحد المشاركين في القمة: "الهدف ليس استبدال الهيمنة الأميركية بهيمنة أخرى، بل إنهاء الاحتكار السياسي والاقتصادي لمجموعة صغيرة من الدول".
ويبدو أن القادة في واشنطن يدركون حجم التحدي، إذ بريكس –بكل تناقضاتها– حقيقة جيوسياسية يصعب إغفالها أو التقليل من شأنها.
العالم يتغيّروفي ظل اتساع رقعة الحرب التجارية، وتصاعد النزاعات الجيوسياسية، وتنامي الخطابات القومية في الغرب، تجد مجموعة بريكس نفسها اليوم أمام فرصة تاريخية لصياغة "مرحلة ما بعد الغرب".
إعلانلكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل تستطيع هذه المجموعة، المتناقضة داخليًا والمحدودة مؤسساتيًا، أن تؤسس فعلًا لنظام عالمي جديد؟ أم أن طموحاتها ستُجهض على صخرة الخلافات والتحديات البنيوية؟.