د.عبدالحكيم الحسبان

هي الجامعة التي تم تثبيت اسمها منذ سنوات على أجندات كثير من الجهات بسبب كثرة ملفاتها الشائكة وبسبب كثرة القضايا التي ارتبطت بها. وهي الجامعة التي تشغل منذ سنوات كثيرا من محاضر اجتماعات مجلس التعليم العالي ومؤسسات صناعة القرار باعتبارها الجامعة الاكثر أثارة للقلق وللصداع المزمن من بين اكثر من 30 جامعة حكومية وخاصة تحتضنها المملكة من اقصى جنوبها إلى اقصى شمالها.

وأما في صفحات الاعلام وعلى منابر المواقع الاخبارية الالكترونية فاتحدى أن تثبت اي دراسة علمية أن هناك جامعة حظيت بتغطية لاخبار ذات طبيعة سلبية بأكثر منها. وأمال الحال في القضاء والمحاكم، فحدث ولا حرج، فهناك الكثير من الدلائل والمؤشرات التي تقول أن ما من جامعة خرجت، وما زالت تخرج منها الملفات للقضاء والمحاكم بأكثر من هذه الجامعة الحزينة.
منذ سنوات طويلة وجامعة اليرموك تعيش سلسلة من الازمات المتلاحقة، ومنذ سنوات ونحن نكتب لننبه من المسارات الخطرة التي تسير بها المؤسسة، ومن المآلات المأساوية لهذا المسارات إن لم يجر القطع معها، ولكن لا حياة لمن تنادي. فعلى مدى سنين طويلة كان هناك إمعان وإصرار يقترب من التحدي على مواصلة هذه المسارات وعلى الوصول سريعا إلى اللحظة المميتة التي تغرق فيها المؤسسة. أما وقد وصلت المؤسسة إلى هذه اللحظة الحرجة، وصار وجود الجامعة من عدمه هو الذي على المحك بعد أن وصلت مديونية الجامعة إلى رقم يقترب من ماية مليون دينار وبما يتجاوز كثيرا حجم موازنتها السنوية، فقد صار من اللازم دخول الدولة، وعقلها، ومؤسساتها على ملف مديونية الجامعة وأزماتها المتلاحقة المميتة.
وأما الهدف من دخول الدولة على ملف الجامعة ومديونيتها وازمتها، فهو ليس من أجل المعالجة المباشرة لقضية الدين العام للجامعة، ولكن أولا وقبل كل شيء كي لا تبقى أسباب أزمات الجامعة أشبه بالطلسم وحيث تضيع الاسباب الحقيقية للازمة ويتم تجهيل اسم الفاعلين الذين قاموا بكل الارتكابات ثم وعلى طريقة تناول حوادث السطو على البنوك التي تنتهي اخبارها ب”ثم لاذوا بالفرار” دون التمكن من معرفة وجوهمم وأسمائهم.
إغراق الجامعة بهذا الحجم من المديونية يرقى وبدون شك إلى مستوى الجريمة بحق الوطن ومؤسساته، فكيف إذا كان الامر يتعلق بمؤسسة تعليمية جامعية هي الثانية في العراقة والقدم على المستوى الوطني، وهي الأولى على صعيد منطقة الشمال. وأما الامعان في ترك أسباب ما جرى نهبا للاجتهادات الفردية، والاهواء الشخصية، والصراعات الشللية دون اقدام الدولة على الاضطلاع بواجباتها وبما يعزز من النهج المؤسسي في إدارة كل ملفات شؤون البلاد، فهو يمثل جريمة كبرى ربما تفوق في جسامتها جريمة أغراق الجامعة في المديونية والازمات.
إن دخول الدولة ممثلة بوزارة التعليم العالي، ومجلس الامناء، والجهاز القضائي ممثلا بالادعاء العام والنائب العام، بات مطلبا ملحا لتقديم رواية مؤسسية يأنس اليها عقل الناس وقلبهم بدلا من تلك الروايات التي تتقاذفها أطراف متعددة بعضها يشغل مواقع المسؤولية في الجامعة حاليا، وبعضها شغل مثل هذه المواقع في فترات سابقة، وهي تتنصل جميعها من مسؤولية ما وقع من ظلم ومظلومية بحق هذه المؤسسة الوطنية، وهي تلقي في الوقت عينه بالمسؤولية على جهات أخرى غيرها هي. لطالما قالت لنا احداث التاريخ ووقائعه أن للنجاح آباء كثر، في حين أن الفشل يعاني دوما من اليتم، فلا أحد يريد أن يقول أنني أب أو نصف أب أو ثلث أب لهذا الفشل المدوي الذي تراه وقد استوطن في كل متر من أرض المؤسسة.
ففي مسارات التنصل من مسؤولية ما وقع من فشل، وافلاس أصاب المؤسسة يرمي بعض من يتولون صناعة القرار في الجامعة المسؤولية على الدولة وعلى جهات لا تقوم بدفع التزاماتها تجاه الجامعة، كما يتولى مقربون من صناعة القرار فيها بث معلومات عن أن بعثات “الجسيم” هي وراء ما جرى من تراكم في المديونية. كما تستخدم هذه الجهات رواية ثالثة تتهم فيها إدارات سابقة بمراكمة الديون لتتنصل هي من أي مسؤولية عن هذه المديونية الفلكية. وفي موازاة الروايات التي يستخدمها صانعو القرار الحاليون في الجامعة، تبرز روايات مقابلة ومضادة يشهرها من عملوا في الادارات السابقة كي يقولوا أننا سلمنا لكم جامعة سليمة، وصحية، وعفية، وان ما وقع من مرض واعتلال في جسدها ما هو الا نتاج سياساتكم الحالية.
وفي موازاة خطاب التلاوم والتنصل من المسؤوليات من قبل كل عملوا وما زالوا يعملون في مواقع ادارة المؤسسة، ثمة وقائع وأحداث وتفاصيل جرت على الارض يتداولها خطاب مجتمع الجامعة، والمجتمع المحيط. فثمة ملفات كبرى تتحدث بها الالسن مثلت ضربات كبيرة للمؤسسة بالنظر إلى ما تشتمل عليه من سوء غير مسبوق في الادارة، وتطاول كبير على المقدسات في قوانين الجامعة وتعليماتها، وانخراط في ملفات كبيرة يشتم منها رائحة فساد صريح أو مستتر. والحال، أن ما يتناقله الناس والعاملون في الجامعة سرا أو علانية على منتديات العاملين في الجامعة أو على صفحات الاعلام الرقمي ومنتدياته عن ملفات تتعلق بالفساد وسوء الادارة، ومساس بكرامات العاملين وبأرزاقهم، باتت تستدعي من صانع القرار أن يأخذها على محمل الجد وأن يبني على الشيئ مقتضاه، وبما يحمي الجامعة والتعليم العالي والقوانين الوطنية. فابقاء ملفات الجامعة نهبا للكلام الذي يطلق على عواهنه، وتجهيل أسماء المتسببين الحقيقيين في حصول الازمة يمس بالجامعة وبالدولة ويعمق من مظلومية الجامعة كما مظلومية العاملين فيها.
وأما الملفات والوقائع التي يجري الحديث سرا وعلانية في تفاصيلها فهي كثيرة، وهي جرت على مساحة السنوات الاخيرة، وهي ملفات خطيرة ولا يجوز أن تبقى عرضة لاحاديث الشلة والمقهى والشارع. فبدءا من ملف التعيينات بالمئات في أقل من سنة واحدة لاعضاء هيئة تدريس في كليات قيل ان هيئة الاعتماد اشترطت تعيينهم ما زال يكلف الجامعة عشرات الملايين، مرورا بملف تعيينات بعدة مئات بنظام الكارت وفي ذروة اغلاقات الكورونا كلف الجامعة وما زال ملايين الدنانير وصولا لممارسات تتعلق بعلاوات خيالية في بعض الكليات، وانشاء لشركة استثمارية، وملفات كبرى تتعلق بترقيات اكاديمية ارتبطت بسرقات علمية جرى ترقية من تورطوا بها بل وتم تكليفهم بمواقع اشرافية، وملفات اخرى ارتبطت بالمراكز البحثية ومراكز الدراسات واللغات التي لم تعد انتاجيتها تقارن بما كان عليه الحال قبل عشرة اعوام او عشرين عاما، كما تتعلق بالمشاريع الدولية وبعمادة البحث العلمي وبكلية الهندسة، وصولا إلى ملفات تتعلق بالاداء الاداري في السنوات الاخيرة وحيث ثلاثة أو اربعة اشخاص يمسكون بناصية القرار وقد قيض لهم أن يمسكوا باهم المفاصل والمساحات التي تشكل عصب الجامعة وقاطرتها المالية والبحثية والعلمية واعني هنا مجموعة من الاسماء التي جاءت من كلية واحدة بل ومن قسم اكاديمي واحد في هذه الكلية وباتت تشغل مواقع صناعة القرار في الجامعة وحيث تجد بعض اعضاء هذه المجموعة ينتقلون في السنة الواحدة ما بين موقعين او ثلاثة او اربعة مواقع ادارية مختلفة تتطلب مهارات مختلفة ومتباينة بالرغم من حداثة خبرتهم التدريسية والبحثية.
منذ ما يزيد على الاربع سنوات ونحن نطالب بتشكيل لجنة من أعلى مراكز صناعة القرار بالدولة كي تتحقق ثم تحقق فيما حصل في الجامعة، كي لا نصل إلى لحظة تختنق الجامعة فيها ويتهدد وجودها، أما وقد وصلت الجامعة إلى هذه النقطة، فقد بات من الملح أن تكون هناك لجنة تحقق وتحقيق من اعلى الجهات في الدولة تضم خبراء تقنيين واكاديميين كما تضم كفاءات من هيئة النزاهة أضافة ركن اساسي فيها هو الادعاء العام.

مقالات ذات صلة عندما يحتاج الوطن إلى ماء الحياة!! 2025/04/28

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: صناعة القرار فی الجامعة منذ سنوات

إقرأ أيضاً:

الحكومة تدعم نجاح مشروع المدارس اليابانية في مصر والتوسع فيها

ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، الاجتماع الأسبوعي  للحكومة في مقرها بالعاصمة الجديدة؛ لمناقشة عدد من الملفات والموضوعات. وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن هناك عددا من الاجتماعات المهمة التي عقدها  رئيس الجمهورية هذا الأسبوع، حيث ناقش أحد الاجتماعات بحضور وزير التربية والتعليم والتعليم الفني عددا من الملفات المرتبطة بالتعليم العام والتعليم الفني، وبعض المقررات الدراسية المقترح إضافتها مثل مادة البرمجة والذكاء الاصطناعي، وذلك في إطار رؤية الدولة للتحول الرقمي، وكذلك تم استعراض جهود تطوير منظومة التعليم الفني، وغيرها من الملفات ذات الصلة، ولدينا توجيه من  الرئيس في هذا الصدد بالعمل على مواصلة بذل كل الجهود الممكنة، واتخاذ الاجراءات المناسبة للاهتمام بالمعلمين وتوفير الحوافز لهم بشكل مستمر، بما في ذلك تحسين الوضع الاقتصادي لهم، وهو ما تعمل عليه الحكومة لتنفيذ التوجيهات الرئاسية في هذا الشأن.

وأضاف رئيس الوزراء: الأمر الآخر في هذا الشأن الذي شدد عليه الرئيس هو ضرورة مواصلة فرض الانضباط وترسيخ القيم الأخلاقية والإيجابية داخل المنظومة التعليمية، وعدم التهاون في هذا الأمر، واتخاذ إجراءات محاسبة عاجلة وحاسمة تجاه أي تجاوز أو انفلات، ونحن كحكومة نسعى ـ من خلال التنسيق مع وزارة التربية والتعليم ـ لبذل كل الجهود اللازمة، التي تسهم في تحقيق المزيد من انضباط العملية التعليمية بأكملها.

وفي الشأن نفسه، تحدث رئيس مجلس الوزراء عن استقبال فخامة الرئيس هذا الأسبوع مجموعة خبراء التعليم اليابانيين المتواجدين في مصر، مشيرا لتأكيد سيادته حرص مصر على الاستفادة من التجارب التعليمية العالمية الرائدة، بما يتماشى مع رؤية الدولة لبناء الإنسان المصري، وزيادة عدد المدارس اليابانية وخبراء التعليم اليابانيين العاملين في مصر لتحقيق طفرة تعليمية نوعية. وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تدعم نجاح مشروع المدارس اليابانية في مصر والتوسع فيها تنفيذا لتوجيهات فخامة الرئيس.

وانتقل الدكتور مصطفى مدبولي للحديث عن بعض النشاطات التي قام بها هذا الأسبوع، والتي من بينها مشاركته نيابة عن الرئيس في افتتاح فعاليات المؤتمر العالمي الثالث لممثلي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفــاو"، مؤكدا في هذا الصدد أن استضافةَ مصر لهذا المؤتمر تعكس التزام الدولة المصرية الراسخ بدعم المنظمة ودورها المحوري في تعزيز الأمن الغذائي العالمي، وتطوير النظم الزراعية والغذائية، ودعم الدول الأكثر احتياجاً في مواجهة التحديات الإنسانية والاقتصادية.

وفي ضوء حديثه عن هذا المؤتمر، أشار رئيس مجلس الوزراء إلى لقائه بالمدير العام للمنظمة، والتأكيد على الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين مصر والمنظمة منذ نشأتها، وكذا استعداد مصر للمشاركة وتقديم كل أشكال الدعم المطلوب لنجاح المنظمة في تحقيق أهدافها في ملف الأمن الغذائي.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى حرصه على أن يشارك في افتتاح المصانع الجديدة، التي تنفذها مختلف الشركات المصرية والعالمية على أرض مصر، إيمانا من الدولة المصرية بأهمية الصناعة، ووضعها على رأس أجندة أولوياتها، من أجل دفع هذا القطاع المهم لتوطين مختلف الصناعات، ولا سيما صناعة السيارات والصناعات المغذية لها، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لهذا القطاع المهم، مما يعزز ثقة الشركات العالمية في بيئة الاستثمار بمصر، وهو ما يحقق زيادة الإنتاج والتصدير للخارج، وتوفير الآلاف من فرص العمل للشباب المصري.

ولفت رئيس الوزراء في ضوء ذلك لمشاركته هذا الأسبوع في افتتاح مصنع شركة "ليوني" العالمية لتصنيع الضفائر الكهربائية للسيارات، المقام بمدينة بدر، مشيرا إلى أن الدولة المصرية أصبحت مركزًا عالمياً لهذه الصناعة الحيوية، وتحتضن كُبرى الشركات المتخصصة في هذا المجال والتي تنتج مكونات لجميع أنواع السيارات؛ سواء التقليدية أو الكهربائية، مما يؤكد ثقة الشركات العالمية في قوة الاقتصاد المصري وكفاءة العامل المصري، معبرا عن سعادته التي تتجدد مع افتتاح مصنع جديد في أي من القطاعات الإنتاجية والصناعية.

كما أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الحكومة تمضي قدما في التعاون مع الجانب الأوروبي، لتفعيل وتعزيز مستوى الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، ولذا فقد تم توقيع 6 مذكرات تفاهم واتفاقيات بين عددٍ من الجهات الحكومية المصرية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، مشددا على أهمية هذه الاتفاقيات في دعم جهود التنمية الاقتصادية، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتطوير البنية الأساسية لقطاع الطاقة، بما يسهم في تحقيق مستهدفات الدولة في مجالات الاستدامة، وجذب الاستثمارات، وتنمية القدرات الإنتاجية.

وفي سياق آخر، وخلال الاجتماع، قدم مجلس الوزراء التهنئة للدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، لفوزه برئاسة اللجنة الحكومية الدولية للتربية البدنية والرياضة (CIGEPS) التابعة لمنظمة اليونسكو.
وعبر الوزير عن سعادته بهذه التهنئة، مشيرا إلى أن لجنة CIGEPS تعد إحدى أهم الهيئات الحكومية الدولية في منظومة الأمم المتحدة المعنية بالرياضة والتربية البدنية، وتضم 18 دولة عضوًا يتم انتخابها وفق نظام المجموعات الجغرافية الست المعتمدة داخل اليونسكو.

مقالات مشابهة

  • "فيها إيه يعني".. يكتفي بـ 129 ألفًا في آخر ليلة
  • مؤسسة النفط تستعرض الشراكات التي تقيمها مع الشركات الأوروبية وسبل تطويرها
  • بالفيديو.. ياسر مدخلي لـ"ياهلا بالعرفج": مسرح الخشبة هو الحياة الموازية التي نتمناها ونبحث عنها ونصلح فيها ما نعجز عن إصلاحه في الحياة!
  • آخر إيرادات فيلم فيها إيه يعني أمس
  • اجتماع مجلس إدارة المؤسسة العلاجية يناقش ملفات تطوير الرعاية الصحية والتحول الرقمي
  • مدبولي: الحكومة تدعم نجاح المدارس اليابانية في مصر والتوسع فيها
  • الحكومة تدعم نجاح مشروع المدارس اليابانية في مصر والتوسع فيها
  • عقوبات تأديبية بحق 26 طالبا في جامعة اليرموك
  • جامعة اليرموك تصدر عقوبات تأديبية بحق طلبة إثر مشاجرات في الحرم الجامعي
  • خليل: عدم استقرار الأسعار و سيطرة السماسرة وراء أزمة صناعة الدواجن