29 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: يعتمد الوصول إلى رئاسة الوزراء في العراق على معادلة معقدة تجمع بين الوزن الانتخابي والتوازنات السياسية.

ويمنح الفوز بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية السياسي أدوات قوة في المفاوضات، لكنه لا يكفي وحده اذ تتطلب العملية تشكيل كتلة سياسية متماسكة قادرة على ترشيح رئيس الحكومة، وهو ما يستلزم توافقات دقيقة بين الأطراف السياسية.

وتبرز هنا ثقافة المحاصصة كعامل حاسم، إذ غالبًا ما تتجاوز أهميتها الأداء الفردي لرئيس الوزراء أو شعبيته.

وتشكل العلاقات بين الفرقاء السياسيين العامل الأقوى في حسم المنصب فيما تظهر التجارب السابقة أن التحالفات الداخلية، وليس فقط النتائج الانتخابية، هي التي تحدد من يتولى المنصب.

يضاف إلى ذلك العلاقات الإقليمية والدولية التي تمنح شرعية إضافية للمرشح فيما يسعى المرشحون إلى كسب تأييد القوى الخارجية، لكن هذا التأييد يثير حساسيات داخلية، مما يعقد المشهد أكثر.

وتشير التجارب إلى أن إبراهيم الجعفري (2005-2006) وصل إلى رئاسة الوزراء بعد مفاوضات مكثفة بين الكتل الشيعية ضمن التحالف العراقي الموحد، رغم أن الانتخابات لم تمنحه تفويضًا مباشرًا.

واختير الجعفري نتيجة توافقات داخلية، حيث لعبت عوامل داخلية وتدخلات إقليمية دورًا في حسم الترشيح، مما قلل من وزن النتائج الانتخابية.

ويتجلى نموذج آخر في اختيار نوري المالكي (2006-2014) لرئاسة الوزراء. ورغم فوز التحالف العراقي الموحد في انتخابات 2005، لم يكن المالكي المرشح الأول، لكنه برز كمرشح توافقي بين الأطراف الشيعية بعد رفض خيارات أخرى مثل الجعفري اذ دعمته قوى إقليمية، خصوصًا إيران، مما عزز شرعيته السياسية على حساب الاستحقاق الانتخابي.

ويبرز عادل عبد المهدي (2018-2019) كمثال لاحق، حيث اختير رئيسًا للوزراء بناءً على اتفاق بين تحالفي “سائرون” و”الفتح” بعد انتخابات 2018.

ولم يكن عبد المهدي زعيم كتلة فائزة، بل مرشحًا توافقيًا لتجاوز الخلافات.

ويكشف اختيار مصطفى الكاظمي (2020-2022) عن استمرار هذا النمط. بعد فشل مرشحين آخرين مثل محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي في كسب تأييد الكتل,
وتعكس هذه الأمثلة إشكالية بنيوية في النظام السياسي العراقي. تتسبب المحاصصة في إضعاف الثقة بالعملية الديمقراطية، حيث يشعر الناخبون بأن أصواتهم لا تترجم إلى قرارات حاسمة.
و ينطيق هذا النسق على رئيس الحكومة الحالي محمد السوداني.

وتكشف هذه الديناميكية عن هشاشة النظام السياسي الذي يعتمد على توافقات مؤقتة بدلاً من مؤسسات راسخة.

كما تتحكم ثقافة المحاصصة في مصير الولاية الثانية لرئيس الوزراء.

ويمكن لرئيس الوزراء أن يحقق نجاحات ملموسة في تقديم الخدمات وكسب تأييد شعبي واسع، لكن ذلك لا يضمن استمراريته.

وتعتمد التجديدات على توافق الكتل السياسية التي غالبًا ما تعطي الأولوية لمصالحها الخاصة على الأداء الحكومي.

ويعكس هذا الواقع تحديًا بنيويًا في العملية السياسية العراقية، حيث تتفوق التحالفات السياسية على إرادة الشارع.

وتبرز إشكالية أعمق تتعلق بغياب إصلاحات سياسية جذرية اذ يعاني النظام من ضعف المؤسسات وسيطرة التوافقات السياسية، مما يحد من قدرة الحكومات على تحقيق استقرار طويل الأمد

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

صحة غزة تحدد موعدا لنقل الجثامين المدفونة بمستشفى الشفاء

أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة أنها ستباشر الأحد المقبل نقل جثامين الشهداء المدفونين داخل مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، ضمن جهود إعادة تأهيله عقب الدمار الذي خلفته إسرائيل خلال حرب الإبادة.

وقالت الوزارة في بيان، اليوم الأربعاء، إن إدارة مجمع الشفاء تعمل على "إعادة تنظيم وتأهيل الخدمة الصحية بالمجمع من خلال إقامة توسعات ميدانية بديلة عن المباني والأقسام المدمرة".

ودعت الوزارة ذوي الشهداء للتواصل معها لنقل الجثامين، وأوضحت أن بعد السابع من الشهر الحالي "سيتم التعامل مع جميع الجثامين الطاهرة على أنها مجهولة، وسيتم نقلها إلى مقبرة دير البلح".

وشهد قطاع غزة خلال الحرب عمليات دفن واسعة للشهداء في مقابر مؤقتة وجماعية، خصوصا في المناطق المحاصرة بمدينة غزة وشمال القطاع، إلى جانب انتشار الدفن العشوائي في ساحات المدارس والمستشفيات والشوارع والأسواق، بسبب عدم القدرة على الوصول إلى المقابر الرسمية.

وكان مجمع الشفاء الطبي من بين المواقع التي دفن فيها الفلسطينيون ذويهم خلال الإبادة الإسرائيلية.

وخلال الحرب، اقتحم الجيش الإسرائيلي المستشفى مرتين، الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والثانية في مارس/آذار 2024، مما أدى إلى تدمير مبانيه وأقسامه وإحراقها بشكل كامل.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، عثرت الطواقم الطبية في مايو/أيار 2024 على مقبرة جماعية داخل مجمع الشفاء، جرى انتشال عشرات الجثامين منها.

ووفق المكتب الإعلامي، فإن المقابر الجماعية تأتي "في إطار حرب الإبادة الجماعية والجريمة التاريخية التي ارتكبها جيش الاحتلال داخل مجمع الشفاء الطبي وأعدم خلالها قرابة 400 شهيد".

وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، بعد حرب الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 70 ألف فلسطيني، وإصابة نحو 171 ألف آخرين، معظمهم أطفال ونساء.

إعلان

مقالات مشابهة

  • وقاحة سياسية
  • الهياكل الجديدة في البرلمان تفتح جدلاً حول التعيينات السياسية وسط ضعف تشريعي غير مسبوق
  • صحة غزة تحدد موعدا لنقل الجثامين المدفونة بمستشفى الشفاء
  • ما علاقة تغريدة السوداني بترشيح ترامب لـ جائزة نوبل؟
  • 1.5 مليون كيلومتر من الكوابل الضوئية تحدد مصير العالم
  • خبير نفطي: دعوة الشركات الأميركية لغرب القرنة سياسية بحتة
  • الأسماء المرشحة لمنصب رئيس الوزراء
  • الصليب الأحمر: آلاف العائلات في غزة لا تعرف مصير أحبائها
  • بنك الإنماء الصناعي مصلحة وطنيه فلماذا تؤجله الحكومات ؟؟
  • خبير عسكري: معركة بوكروفسك تحدد مصير شرق أوكرانيا