أمريكا تلاحق صانعي الصور الإباحية المزيفة.. ومهلة 48 ساعة للحذف
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
صوّت مجلس النواب الأمريكي هذا الأسبوع بأغلبية ساحقة (409 مقابل صوتين فقط) لصالح قانون جديد يحمل اسم “قانون إزالة المحتوى Take It Down Act”، والذي يهدف إلى مواجهة ظاهرة نشر الصور والمقاطع الإباحية دون موافقة أصحابها، بما في ذلك تلك المصنوعة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المعروفة باسم “ديب فيك” (Deepfake).
ويُلزم القانون منصات التواصل الاجتماعي بحذف هذا النوع من المحتوى خلال 48 ساعة من تلقي إشعار رسمي، في محاولة لوقف انتشار ما يعرف بـ”الإباحية الانتقامية”.
القانون الجديد الذي يشق طريقه الآن إلى مكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يتوقع أن يوقّعه ليصبح نافذاً، يحظى أيضاً بدعم السيدة الأولى ميلانيا ترامب، من خلال حملتها لمكافحة التنمر الإلكتروني “Be Best”.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن أحد الدوافع الأساسية وراء هذا التشريع كان حالة مروعة لفتاة تبلغ من العمر 14 عاماً من ولاية تكساس، أنشأ زميلها في الصف صورة مزيفة لها باستخدام الذكاء الاصطناعي تظهرها عارية، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي. ورغم إزالة الصورة لاحقاً، لم يكن هناك أي قانون يلزم بحذفها بشكل عاجل، ما أدى إلى معاناة نفسية حادة للضحية وعائلتها.
وتشير الإحصائيات إلى أن هذه الظاهرة ليست محدودة، فقد أفادت شبكة NBC News بأن 15% من طلاب المدارس الثانوية يعرفون شخصاً تعرّض لنشر صور “مزيفة” عنه.
ورغم ما يحمله القانون من حماية واضحة للضحايا، لم يسلم من الانتقادات، فقد أعربت مؤسسة “مبادرة الحقوق المدنية الإلكترونية” (CCRI) عن قلقها من أن القانون يوسّع بشكل مفرط من صلاحيات “لجنة التجارة الفيدرالية”، ما قد يستغل سياسياً، خاصة من قبل إدارات لا تتعاطف مع بعض المنظمات غير الربحية.
كما أشارت إلى وجود “ثغرة قانونية” تسمح بنشر الصور الحميمة دون موافقة إذا ظهر الناشر في الصورة أيضاً.
أما مؤسسة “الحدود الإلكترونية” (EFF)، فقد أبدت خشيتها من أن يؤدي القانون إلى تقويض خصوصية المستخدمين. فبحسب المديرة الفيدرالية للمؤسسة، إنديا ماكيني، فإن المنصات قد تلجأ إلى التخلي عن تقنيات التشفير في الرسائل الخاصة لكي تتمكن من مراقبة المحتوى، مما قد يحوّل المحادثات الخاصة إلى ساحات مراقبة دائمة.
وفي ظل تصاعد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى إباحي مزيف، خاصة بحق النساء، لجأت بعض الشركات الكبرى مثل “آبل” إلى إزالة تطبيقات تستخدم لهذه الأغراض من متجرها، فيما قامت مدينة سان فرانسيسكو بمقاضاة 16 موقعاً إلكترونياً تقدّم خدمات “تجريد النساء رقمياً”.
المصدر: جريدة الحقيقة
إقرأ أيضاً:
الفضيحة ليست في الصورة.. بل في غياب القانون
بقلم: الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
في العراق، لم يعد كافياً أن تكوني صاحبة رأي لتدفعي الثمن بالكلمات فقط. بل إن الصوت العالي، خصوصاً إذا كان نسويًّا، سياسيًّا، أو معارضًا، قد يُقابل بمحاولات إسكات خبيثة تنطلق من غرف مظلمة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتحول الخصوصية إلى سلاح، والصورة الشخصية إلى قيد على رقبة الضحية.
انتشر في السنوات الأخيرة ما يمكن وصفه بـ (مسلسل نشر الصور والفضائح الرقمية)الذي يطال شخصيات نسائية معروفة، سواء كنّ إعلاميات، ناشطات، مرشحات، أو حتى نساء عاديات عبرنَ رأيًا لم يعجب أحدهم. وغالباً ما يتم استخدام هذه الصور كأدوات لابتزاز مادي أو تشويه سُمعة سياسي، دون أدنى مراعاة للقانون أو الأخلاق.
اللافت أن هذا الانتهاك لا يستثني أحداً. فقد طالت الحملات الابتزازية رجالاً ونساءً على حد سواء، لكن الضرر المجتمعي يكون مضاعفاً على النساء بسبب النظرة الاجتماعية المحافظة التي غالباً ما تلقي باللوم على الضحية بدل الجاني. فكم من مرشحة اضطرت للانسحاب من السباق الانتخابي خوفًا من تسريب صور قديمة أو مفبركة؟ وكم من ناشطة فضّلت الصمت على المواجهة لأنها بلا حماية حقيقية من الدولة أو القانون؟
ورغم تصاعد وتيرة هذه الانتهاكات، ما زال الغياب التشريعي والرقابي واضحاً. فمجلس النواب العراقي، ورغم كل الجدل المجتمعي، لم يُشرّع حتى اليوم قانوناً واضحاً وصارماً لحماية الخصوصية الرقمية للمواطنين والمواطنات. كما أن الجهات التنفيذية ما زالت تتعامل مع الشكاوى الإلكترونية بعقلية جرائم الشوارع ، متجاهلة أن الأذى الرقمي قد يدمّر حياة بأكملها، وأن الصورة التي تُسرّب في لحظة، قد تقود إلى انتحار أو عزلة اجتماعية أو طلاق أو إبعاد من الوظيفة.
المطلوب اليوم ليس مجرد شجب أخلاقي. بل هو تحرك تشريعي وقانوني واضح، يبدأ من إصدار قانون لحماية البيانات الشخصية، يُجرّم تسريب الصور والمعلومات من دون إذن أصحابها، ويوفر أدوات قانونية حقيقية للضحايا، مع تسريع إجراءات ملاحقة ومحاسبة من يقفون وراء البيجات والصفحات المجهولة التي تمتهن التشهير والابتزاز.
كما يجب إلزام شركات الإنترنت ومشغلي المنصات الرقمية المحلية بالتعاون مع الجهات الأمنية لوقف هذه الجرائم، والكشف عن هويات من يقفون خلف الحسابات المبتزّة. ولا بد من برامج توعية عامة تنقل المسؤولية من الضحية إلى الجاني، وتفكك البنية الثقافية التي ما زالت تعتبر الصور الشخصية جريمة بحد ذاتها.
إن كرامة الإنسان في العراق باتت على المحك، لا لأن هناك من يبتزّ، بل لأن الدولة تصمت، والمجتمع يلوم، والقانون ما زال في سبات. آن الأوان أن نُدرك أن الصورة التي تُسرّب هي ليست الفضيحة، بل الفضيحة الحقيقية هي أن نعيش بلا قانون يحمي ظهورنا عندما نقف ونتكلم.
ختاما لن تنتهي الفضيحة إلا عندما يبدأ القانون.