سقوط الـ”سوبر هورنت”: الفصل الأخير في سردية التفوق الأمريكي
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
يمانيون../
في حادثةٍ هي الثالثة من نوعها خلال عامٍ واحد تتعرّض لها حاملة الطائرات الأمريكية ترومان، أعلنت البحرية الأمريكية فقدانَ طائرة مقاتلة من طراز F/A-18E سوبر هورنت، بقيمة 70 مليون دولار، في البحر الأحمر، إثر مناورةٍ اُضطرّت إليها حاملة الطائرات يو إس إس هاري إس ترومان لتفادي نيران القوات المسلحة اليمنية.
تناقض الرواية الأمريكية: محاولات التستر على الفشل
بدأت القصة ببيانٍ مقتضب للبحرية الأمريكية، أشار إلى سقوط الطائرة أثناء سحبها داخل حظيرة الطائرات، دون ذكر أي تفاصيل عن ظروف استثنائية. لكن سرعان ما انهارت هذه الرواية مع تسريب مسؤولين في البنتاغون لشبكة CNN حقيقةً أكثر إثارة: الحاملة اضطرت لتنفيذ مناورة انعطاف حادة بزاوية 35 درجة – وهو ما يفوق حدود تصميمها الهندسي – لتجنب هجمات يمنية.
هذا التناقض بين رواية “السحب الروتيني” و”الهروب من النيران” أظهر على الأقل في الساعات الأولى لنشر الخبر محاولة أمريكية للتغطية على فشل استراتيجي وُصف بالمهين، ومثّل تخريجة غير موفقة ألحقت ضرراً غير مسبوق في سمعة القوات البحرية الأمريكية تسبب بـ”اتساع الخرق على الراتق” كما يقول المثل العربي، أو كما يقول المثل الشعبي اليمني “جاء يكحّلها أعماها”.
الخبير العسكري الصيني دو ونلونغ في تحليله لشبكة CCTV يورد شهادة مهمة: “اليمنيون حوّلوا سطح الحاملة إلى مسرح فوضى.. الهجمات المتزامنة من اتجاهات متعددة جعلت أنظمة الدفاع الأمريكية عاجزة عن التمييز بين التهديدات الحقيقية والمُزيّفة، ما أجبر الحاملة على مناورات عشوائية كشفت عورتها اللوجستية”.
شهادة الخبير الصيني -والتي ينقلها موقع أنصار الله بعد ساعات من عرضها في شبكة CCTV- تمثّل تفكيكاً استراتيجيا للحادثة، وتسهّل على المتابعين قراءة موضوعية للأزمة التي تتعرّض لها الولايات المتحدة الأمريكية على أيدي اليمنيين. ففي قراءة مفصلة للأحداث، قدم دو ونلونغ، الخبير العسكري تحليلاً يُعتبر مرجعاً لفهم عمق الأزمة الأمريكية:
“حاملة الطائرات ترومان تعيش أسوأ أيامها.. اصطدامها بسفينة تجارية عام 2023، وإسقاط طائرة F/A-18 أخرى بنيران صديقة كما جاء في الرواية الأمريكية في ديسمبر 2024، وسقوط طائرة ثالثة يوم الاثنين – كلها حلقات في مسلسل فشلٍ يُجسّد انهيار الاستراتيجية البحرية الأمريكية. يواصل الخبير الصيني تحليله بالقول:
“الهجمات اليمنية المتواصلة بالصواريخ والطائرات المسيرة أجبرت الحاملة على مناورةٍ كارثية، تسببت في انزلاق الطائرة كـجسمٍ عشوائي فوق سطحٍ مائل. النظام الدفاعي الأمريكي المُعقّد فشل في حماية سفينته الأم، بل أسقط طائراته بنفسه أحياناً، كما حدث عندما أطلقت مدمرة مرافقة صواريخها على مقاتلة F/A-18 أثناء إقلاعها، ظناً منها أنها طائرة مسيرة يمنية!
ويضيف: “اليمنيون يشنون حرباً ذكيةً بموارد محدودة.. صواريخ بـمبالغ محدودة من الدولارات تُجبر أمريكا على إنفاق ملايين للاعتراض، وهجمات متكررة تُنهك طواقم الحاملة وتُعطّل أنظمتها. النتيجة؟ أسطولٌ عاجزٌ عن حماية نفسه، وطائراتٌ غارقةٌ في قاع البحر الأحمر كشواهد على فشلٍ تاريخي”.
الضربات اليمنية تشويه أسوأ من الإغراق
في مقال سابق لكاتب صيني معتبر يقول فيه: إن أفضل وسيلة في مواجهة الهيمنة الأمريكية ليست القضاء عليها تماماً، بل جعلها نصف ميتة؛ إذ أن امتلاك القدرة على إغراق حاملة طائرات أمريكية أمرٌ مهم، لكن الأهم من ذلك هو تشويهها. ويضيف إن خدش وجه الحاملة أفضل من تحطيم رأسها، لأن الدور الأهم لحاملة الطائرات الأمريكية ليس بالضرورة الفوز في حرب معيّنة، بل استعراض القوة والهيمنة في كل مكان. إن تمكّنت من تشويه وجهها وإحراجها وجعلها تشعر بالدونية، فستختفي بذلك صورة هيمنتها.
ويربط حديثه بما تقوم به القوات المسلّحة اليمنية في مواجهة الأمريكيين بقوله:
اليمنيون لم يحطّموا رأس حاملة الطائرات الأمريكية، ولكن أصبح من الواضح أن آثار الخدش على وجهها موجودة. هذه هي أكثر الوسائل فاعلية لمواجهة حاملة الطائرات الأمريكية، أي “تكتيك التشويه”. لا توجد أدلةٌ تُظهر بوضوح أن وجه حاملة الطائرات الأمريكية قد خُدش فعلياً، لكن يكفي أنه توجد أدلّة تؤكد أنها اضطرت لتغطية وجهها والهرب بسرعة.
الخسائر المادية والمعنوية: فاتورة أمريكا الباهظة:
– خسائر الطائرات: 3 طائرات F/A-18 سوبر هورنت (67.4 مليون دولار لكلٍّ منها)، و24 طائرات مسيرة MQ-9 ريبر (30 مليون دولار لكلٍّ منها).
– تكلفة الحملة العسكرية: 3 مليارات دولار منذ منتصف مارس 2025 (وفق موقع Responsible Statecraft)، دون تحقيق أي أهداف استراتيجية.
– الاستنزاف اليومي: 56 مليون دولار تُنفق يومياً على عمليات الاعتراض والردع (نيويورك تايمز).
– تقرير سري للبنتاغون: عزوف كبير عن الالتحاق بالقوة البحرية الأمريكية بسبب الضغوط العملياتية، فضلاً عن أزمة التصنيع وقلة الحواضن وتحديات الصيانة وأزمة مهندسي الصيانة وموظفيها، والذين معظمهم من كبار السن وقد أحيلوا للتقاعد.
إحصائيات Navy Times:
68% من بحارة الحاملة يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة.
نجحت القوات المسلحة اليمنية في تحويل التحديات إلى فرص استراتيجية، عبر فرضها سياقا عملياتيا مغايرا تماماً للأهداف الأمريكية من حملتها العسكرية ضد اليمن، من بينها حرب الاستنزاف الاقتصادي عبر استخدام أسلحة منخفضة التكلفة (طائرات مسيرة، صواريخ باليستية) لاستنزاف موارد الخصم، وهو بحث يطول التفصيل فيه، ويمكن العودة الى التقارير الأمريكية الصادرة عن مؤسسات أمريكية رسمية.
كما أن تكتيكات المراوغة التي برع فيها اليمنيون، ومن بينها إطلاق هجمات متزامنة من اتجاهات متعددة وفي مسارات هجومية متعددة، تعجز الأنظمة التقنية عن تتبعها، ولعل هذا يُفسر تصريحات نشرتها قناة المسيرة حصلت عليها من مسؤول كبير في وزارة الدفاع اليمنية، في حديثه عن ما أسماها تكتيكات عملياتية جديدة خلقت ضغطا هائلا على الجنود الأمريكيين فوق الحاملة أثناء الاشتباك مع الصواريخ اليمنية.
يتوج هذا المشهد النادر في تاريخ الحروب بتثمين اليمنيين له عبر شنهم حربا نفسية ناجحة، من خلال تحويل كل هجوم إلى ضربةٍ إعلامية تُعزز الروح المعنوية في الداخل، وتُضعف الثقة الأمريكية. ولا شك أن لها مفاعيلها المنتظرة في الداخل الأمريكي على الصعيد السياسي والعسكري.
ومن المهم أن نورد جزءا آخر من حديث الخبير العسكري الصيني دو ونلونغ، حيث يوضح:
“اليمنيون لم يكسروا شوكة البحرية الأمريكية بالسلاح وحسب، بل بذكائهم التكتيكي.. لقد حوّلوا البحر الأحمر إلى مختبرٍ لاختبار حدود القوة العسكرية الحديثة، مُثبتين أن الإرادةَ والاستراتيجيةَ هما سلاحا المستقبل”.
في كل الأحوال، يبقى التحذير الذي جاء في تقرير لـ جلوبال تايمز حاضراً:
“اليمنيون يمتلكون ما لا تملكه أمريكا: صبر الشعوب التي لا تخشى الموت. كل محاولات واشنطن لإنقاذ ماء وجهها ستتحول إلى فصول جديدة في ملحمة هزيمتها”.
وبلغة يمنية إيمانية أوضح فإن أحد مفاعيل ما جرى ويجري هو أن اليمنيين، ومنذ بدء عمليات الإسناد وفي مسار معركة الفتح الموعود والجهاد المقدّس، يعلّمون العالم كيف أن قوة المنطق أقوى من منطق القوة، وكيف أن لا قوة إلا بالله
رصد وتحليل: يحيى الشامي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: حاملة الطائرات الأمریکیة البحریة الأمریکیة البحر الأحمر ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
بنات الغربية يتصدرن مشهد التفوق العلمي بالثانوية الأزهرية.. والمحافظ يكرمهن ويهديهن المصحف الشريف
استقبل اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، اليوم، الطالبتين آلاء محمد عبد الفتاح محمد الفقي ومي أحمد عبد الله الشهاوي، من أوائل الشهادة الثانوية الأزهرية “القسم العلمي” على مستوى الجمهورية، وذلك بمقر ديوان عام المحافظة، في حضور فضيلة الشيخ عبد اللطيف حسن طلحة، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة الغربية الأزهرية، حيث قدّم لهما التهنئة بما يليق بهذا الإنجاز الرفيع، وأهداهما نسخة من كتاب الله “المصحف الشريف” تقديرًا لتفوقهما وتكريمًا لما تمثله هذه اللحظة من فخر واعتزاز لكل بيت مصري.
جهود محافظ الغربيةوخلال اللقاء، عبّر محافظ الغربية عن سعادته الكبيرة بتصدر فتيات الغربية للمشهد العلمي على مستوى الجمهورية في التعليم الأزهري، مؤكدًا أن هذا النجاح يجسد الوجه المشرق للمحافظة، ويبرهن على ما تتمتع به بناتها من وعي وعزيمة وقدرة على الإنجاز، قائلاً:
“أنتنّ فخر الغربية وتاج على رؤوسنا.. رفعتم اسم الأزهر ومصر عالياً، وأثبتن أن العلم والإيمان يجتمعان في شخصيتكن الأصيلة.”
وضمّ التكريم الطالبة آلاء محمد عبد الفتاح الفقي، الحاصلة على المركز الثالث على مستوى الجمهورية بمجموع 647 درجة بنسبة 99.54٪ من معهد فتيات القضابة، والطالبة مي أحمد عبد الله الشهاوي، الحاصلة على المركز السادس مكرر بمجموع 646 درجة بنسبة 99.38٪ من معهد فتيات الجابرية، وقد حرص المحافظ على الاستماع إلى تفاصيل رحلتهن الدراسية، مشيدًا بما بذلته الأسر من دعم وجهد ومتابعة، وما قدمته المعاهد الأزهرية من مناخ علمي راقٍ ساهم في تخريج نماذج مشرّفة على هذا المستوى من التميز.
تاريخ ودور عالمي الأزهروأكد المحافظ خلال اللقاء أن مؤسسة الأزهر الشريف، بتاريخها العريق ودورها العالمي، تظل أحد أعمدة القوة الناعمة لمصر، مشددًا على أن ما تحققه بنات الأزهر من تفوق في ظل منظومة تعليمية تضبطها القيم وتغذيها المعرفة، هو دليل على أن الأزهر لا يكتفي بتعليم العلوم، بل يصنع إنسانًا متكاملًا، مضيفًا:
“هذه النماذج المضيئة التي نراها اليوم تؤكد أن الأزهر باقٍ كمنارة للعلم والتنوير، وأن فتياتنا قادرات على كتابة فصول جديدة من التميز والريادة.”
ووجّه اللواء أشرف الجندي الشكر لأسر الطالبتين ومعلميهما، معتبرًا أن هذا التفوق لم يكن ليتحقق لولا التناغم بين الأسرة والمعهد والمجتمع، مشيرًا إلى أن محافظة الغربية تضع على رأس أولوياتها دعم الطلاب المتفوقين في جميع القطاعات التعليمية، وخاصة التعليم الأزهري الذي يمثل أحد المسارات الوطنية الكبرى في بناء الإنسان المصري.
التقاط الصور التذكارية مع الطالبتينوفي ختام اللقاء، تم التقاط الصور التذكارية مع الطالبتين وأسرهما في أجواء اتسمت بالفخر والاعتزاز، ليظل هذا اليوم محفورًا في سجل إنجازات الغربية، كعنوان جديد يسطّره أبناء الأزهر الشريف من قلب هذه المحافظة العريقة.