71 مسيرة جماهيرية بالمحويت تأكيداً على ثبات الموقف المساند لغزة ورداً على العدوان الأمريكي
تاريخ النشر: 2nd, May 2025 GMT
يمانيون/ المحويت
شهدت محافظة المحويت اليوم الجمعة ، 71 مسيرة جماهيرية تحت شعار “مع غزة وفلسطين.. في مواجهة القتلة والمستكبرين” تأكيدا على الثبات ومواصلة إسناد الشعب الفلسطيني، وردا على العدوان الأمريكي.
وخلال المسيرات التي تقدمها وكلاء المحافظة وقيادات محلية وتنفيذية وأمنية، ردد المشاركون في مسيرات مديريات شبام كوكبان والطويلة والرجم والمدينة والخبت وبني سعد وحفاش وملحان الهتافات المنددة باستمرار المجازر الصهيونية الأمريكية بحق غزة وجرائم التهجير القسري في ظل صمت المجتمع الدولي.
وثمن أبناء مديريات المحويت في المسيرات المواقف الإيمانية المشرفة لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في نصرة الأشقاء في فلسطين والعمليات البطولية للقوات المسلحة والصاروخية والبحرية في دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية.
وطالبوا القوات المسلحة بالرد المناسب والموجع على العدوان الأمريكي البريطاني حيثما أمكن التنكيل بهم وببوارجهم ومصالحهم.
وأعلن المشاركون في المسيرات البراءة من كل خائن وعميل يتعامل ويعمل لصالح العدو الأمريكي والصهيوني.. داعين الجهات الأمنية لرفع جاهزيتها، وكذلك السلطة القضائية لإيقاع أقصى العقوبة على الخونة والعملاء.
وأكد بيان صادر عن المسيرات أنه “واستمراراً في أداء واجبنا، وثباتاً على الموقف المحق والمشرف ليمن الإيمان والحكمة والجهاد، خرجنا اليوم في المسيرات المليونية مساندة للشعب الفلسطيني المسلم المظلوم، ورداً على جرائم العدوان الأمريكي البريطاني الصهيوني على بلدنا، مجددين العهد والولاء لله ولرسوله صلوات الله عليه وعلى آله، ولأعلام الهدى أوليائه، والبراءة من أعداء الله أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل في الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين”.
وأوضح أنه وفي الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين، كأول تحرك عملي لانطلاقة المشروع القرآني المبارك، نستذكر البدايات الأولى للمسيرة القرآنية والخطوات الثابتة الواثقة بالله، وحجم التحديات والمكائد والمؤامرات التي واجهتها، والتي تحطمت بقوة الله وتلاشت أمام هذا المشروع العظيم.
وأشار البيان إلى أن “الثمار والنتائج العظيمة التي وصلنا إليها اليوم، والوعود الإلهية التي تحققت والمصاديق التي تجلت في موقفنا الإيماني الفريد والمتميز مع غزة، تزيدنا ثقة ويقينا بصوابية هذا المسار القرآني الحكيم الموصل إلى العواقب الحسنة التي وعد الله بها المتقين، وأن ما دونه من سبل الضلال لم تنتج إلا الواقع المخزي لأمة الملياري مسلم التي تعجز اليوم بدولها وجيوشها وثرواتها وشعوبها أن تدخل رغيف خبز أو حبة دواء لغزة المحاصرة”.
دعا البيان الأمة إلى العودة الصادقة إلى نهج القرآن العظيم، ورفع الأصوات بالبراءة من أعداء الله، وتفعيل المقاطعة الاقتصادية، كأسلحة فعالة، وخطوات عملية سهلة ومؤثرة.
كما أكد “ثبات موقفنا مع غزة وفلسطين في مواجهة القتلة والمستكبرين، ونؤكد أن الأمريكي بإسناده للعدو الصهيوني وعدوانه علينا لن يمنعنا من إسناد غزة، وقد فشل في ذلك، ووجه له مجاهدو قواتنا المسلحة الصفعات المتوالية وآخرها ما حدث لحاملة طائراته ترومان وطائراتها”.
وأضاف “وها نحن اليوم نوجه للأمريكي الصفعات أيضاً من خلال خروجنا المليوني الذي لا مثيل له، ومن خلال وقفاتنا القبلية المشرفة، وسنستمر في ذلك متوكلين على الله، وواثقين به بعزم راسخ لا تزعزعه أراجيف العدو، ولا مجازره، ولا حصاره، ولن يتغير موقفنا الإيماني القرآني إلى مواقف النفاق والتخاذل والعياذ بالله بل سيزداد صلابة وتقدما، وعلى الله فليتوكل المؤمنون”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: العدوان الأمریکی
إقرأ أيضاً:
ما بعد المذهبية.. والبحث عن الهدي القرآني
24 مايو 2025م.. حضرت والصديق زكريا بن خليفة المحرمي «ملتقى وعي الأول.. نحو استعادة مركزية القرآن في بناء المعرفة»، في إسطنبول بتركيا. وقد أقيم فيها؛ لمكانتها التاريخية في الضمير الإسلامي، مع طبيعتها الخلابة، وتنظيمها الجميل ما جعلها مهوى أفئدة السائحين. وسبب آخر لإقامة الملتقى في إسطنبول هو أنها محل إقامة كثير من المفكرين العرب، وهذا ما جعل الحوارات الفكرية تمتد خارج أبواب الملتقى.
11 سبتمبر2001م.. اليوم الذي شنت فيه «القاعدة» هجماتها على نيويورك وواشنطن بأمريكا، أعقبه تحولات جذرية عند العرب على المستويين السياسي والثقافي:
- المستوى السياسي.. فإن أخطر عمل قامت به أمريكا هو ما أسمته «الحرب على الإرهاب». وهي لم تكتفِ بالضربات المحدودة كالتي قامت بها في التسعينات الميلادية، وإنما دشنت حربًا مفتوحة لا نهاية لها إلا بالقضاء على كل ما تراه يهددها من العالم العربي والإسلامي، بلغ ذروتها باحتلال أفغانستان والعراق وتدميرهما.
أمريكا.. لم تكتفِ بالعمل العسكري، وإنما عملت على «دمقرطة المنطقة». وهي عملية لم يُرد منها تحول ديمقراطي حر للشعوب بقدر كونها أداة للقضاء على الجماعات الإسلامية التي توجه حرابها نحو أمريكا. هذه المحاولة أدت إلى انفجار الربيع العربي أواخر عام 2010م، ودخول المنطقة في حروب أهلية مدمرة. هذه الحالة أقلقت المسلمين على أنفسهم ودينهم وهُويتهم، فصحبها تحول فكري وسياسي أعمق. وهو محاولة الخروج من مرحلة الإسلام السياسي والانتقال لمرحلة جديدة أسميتها «السياسة الإسلامية المدنية».
لقد ابتدأ هذه السياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وعمل على ترسيخها بتسريب الفكرة لحزب النهضة في تونس الذي اعتمدها في دستور ما بعد ثورة الربيع العربي. بيد أنه لم يفلح مع الإخوان المسلمين بمصر في ذلك، وآثروا الأخذ بمعطيات الإسلام السياسي، مما أدخلهم في مواجهة مباشرة مع العسكر أدت إلى إزاحتهم عن سدة الحكم. والآن، المحاولة قائمة في سوريا ما بعد حزب البعث، وبنظري، هذا مما يجعل تركيا تفتح أبوابها للإسلاميين؛ ليكونوا جسرًا للتحول إلى المرحلة القادمة.
- المستوى الفكري.. والمنطقة تشهد التحول لما بعد المذهبية؛ كان من الرؤى المطروحة الاتجاه نحو القرآن. لقد بدأنا نرقب هذا التوجه منذ أوائل هذا القرن الميلادي؛ حيث ظهرت في العالم الإسلامي طرق كثيرة بعضها منهجي، وبعضها غير منهجي. منها ما يؤكد على صحة الموجود من التفسير، ويدافع عنه -لاسيما «التفسير السلفي»-، وآخر رافض كليًا له، وبينهما طرائق شتى. وقد ظهر ذلك بوسائل مختلفة؛ مثل: تأليف الكتب، وكتابة المقالات، وتخصيص مواقع إلكترونية، وإنشاء معاهد ومؤسسات بحثية، والاختلاء أيامًا للتدبر الفردي والجماعي، وعقد حلقات للتفسير، وهكذا تشكّل تيارٌ واسع في العالم الإسلامي - خاصةً عالمنا العربي- يدعو للعودة إلى القرآن، بغض النظر عن تقييمنا لهذا التيار، ومدى نقدنا لتوجهاته التي لا يكاد يجمعها جامع إلا المناداة بالتوجه نحو القرآن.
هذا التيار رغم مناداته بالأوبة للقرآن إلا أن الفقهاء التقليديين لم يستقبلوه بالتوجيه والترشيد، وإنما واجهوه بالتضليل والتكفير، وبتهمة إنكار السنة والردة عن الدين، لقد جرى تأليب عامة الناس على رموزه في كل البلدان الإسلامية، ومن كل المذاهب، ولا تزال الحرب قائمة على أشدها حتى الآن، إلا أن التيار في تزايد؛ سواء من حيث عدد أتباعه أم الأطروحات التي يقدمها مفكروه.
إن هذه الظاهرة يمكن تفسيرها بالآتي:
أولًا: عدم قدرة المنظومة الفقهية على مواكبة التطلعات التي يصبو إليها المسلمون من نهضة الأمة عبر أدوات الاجتهاد التقليدية. فعلى الرغم من أن مدرسة الإصلاح مر عليها حوالي قرن ونصف؛ إلا أنها لم تستطع إخراج الأمة من الضعف الذي تعاني منه.
ثانيًا: بدلًا من نهضة الأمة عبر المنظومة الفقهية حصل العكس؛ حيث ارتكس المسلمون في مستنقع المذهبية التي استجلبت صراعاتها من بطن التاريخ، فعصفت بالأمة موجة من التكفير تصاعدت إلى قتل المخالف في الرأي والاحتراب بين أصحاب الدين الواحد.
ثالثًا: تصاعد الحداثة الغربية التي طغت على مختلف أوجه الحياة؛ بحيث إنها جرفت حياة المسلمين التقليدية، وغدا أكبر هم للمنظومة الفقهية هو «أسلمة» معطيات الحداثة في المجتمعات الإسلامية؛ فأصبح لدينا مثلًا «اقتصاد إسلامي» شكلي، دون أن يتحرر من ربقة الاقتصاد الرأسمالي.
رابعًا: دخول العالم الإسلامي حلبة الصراع الدولي، وقيام أنظمة هشة اعتمدت في مشروعيتها وبقائها على الاستبداد الذي أتى الربيع العربي بالدمار على بعض دوله، أو التبعية للمنظومة الغربية.
خامسًا: ظهور أنظمة شمولية خلال القرن العشرين الميلادي أبرزها الاشتراكية الشيوعية والقومية العربية، ولم يتمكن الساسة المسلمون من مواجهتها إلا بالاعتماد على الأنظمة الغربية. وفشلت محاولات إيجاد منظومة معرفية سياسية لمواجهة عقائد الأنظمة الشمولية إلا بالإسلام السياسي الذي أفسحت له الأنظمة الحاكمة المجال، ودعمته لمواجهتها.
سادسًا: الإسلام السياسي هو الآخر فشل في إيجاد نظرية معرفية تخرج المسلمين من مأزقهم الحضاري، بل أدخلهم في طاحونة التاريخ التي دارت رحاها حول مركز الجمود بإقصاء الآخر، ورفض التعددية الفكرية والسياسية والفقهية. كما أنه فشل في إدارة الحكم؛ بحيث تورطت أنظمته في صراعات مع بعضها البعض، ومع الغرب، ومع الشعوب؛ فلم تختلف ممارساتها السياسية في الاستبداد عن أنظمة المنطقة.
سابعًا: دخول العالم العصرَ الرقمي الذي أدى إلى تشظٍ معرفي واسع لم يشهده العالم من قبل. ومن أخطر آثاره على المسلمين تصدع نمط تفكيرهم؛ فأصبح يهدد القرآنَ أصلَ دينهم بتعرضه إلى نقد واسع، سواءً أكان معرفيًا - أي: يستعمل الأدوات المعرفية التي تشكك في مصدريته الإلهية، وسلامة حفظه وتواتره، وصحة قصصه وما يرويه عن الأمم السابقة- أم أسلوبيًا بالسخرية منه، والبذاءة في وصف آياته، والطعن في شخصية النبي محمد. ولم تعدم هذه الموجة من مواجهة بمحاولات الدفاع عن القرآن ونبيه الكريم، لكن كثيرًا منها ضعيف، وأغلبه بأدوات تقليدية غير قادرة على الصمود أمام هذه الموجة العاتية، وقليل منها محكم وحكيم.
ثامنًا: جاء طوفان الأقصى محفزًا للتحول عن المذهبية؛ فقد هزمها هزيمة عميقة، فمَن وقف مع المقاومة الفلسطينية بمعظمه محور شيعي، وتعاطف مع الفلسطينيين أحرار العالم من كل المذاهب والأديان.
كل هذه الأسباب جعلت المفكرين المسلمين يواصلون البحث عن حل قرآني، وهذا أمرٌ مطلوب؛ فالقرآن هو المخرج من مأزقنا الحضاري. بيد أن الإبحار المفرد في محيط التدبر القرآني لا يفيد المجتمعات كثيرًا؛ لأن كثرة طرائق التعامل مع القرآن غير المنهجية تولّد انسياحًا معرفيًا، وفلسفيًا، وعمليًا. فمثلًا؛ لو أخذنا موضوع الصلاة لوجدنا بعض الأقوال عجبًا لا يقبلها العقل، ويأباها التنزيل، ويضطرب فيها المسلم. فهناك من جعل الصلاة بمعنى الصلة بالله؛ أي حُسن علاقة الإنسان بربه، وهذا صحيح، لكنه أنكر الهيئة الحركية للصلاة، ومنهم من قال: ثلاث صلوات في اليوم، ومنهم من أنكر التوجه إلى الكعبة، بل عدّه شركًا. هذا بالنسبة للصلاة، وهي ركن التوحيد العملي بعد الإقرار بوحدانية الله، فما بالكم بغيرها من الأحكام؟!
أمام هذه «الفوضى» من التدبر القرآني لابد من وضع منهج يبني عليه المسلمون أحكامهم الدينية، ولا يكون ذلك إلا بنظرية معرفية؛ فكما أنتج المتقدمون نظرياتهم المعرفية التي كانت ضوابط لفهم القرآن، وأصولًا لاستنباط الأحكام الفقهية، وقواعد لتشريع القوانين، فعلى مفكري الإسلام اليوم التداعي لبناء نظرية معرفية تنطلق من القرآن وآياته المحكمات، وقيمه الأخلاقية العظيمة؛ بحيث تعالج تحولات العصر، وذلك بأن يؤسسوا مؤتمرًا سنويًا لتقديم البحوث المنهجية، ومناقشتها، ثم الخروج بمنهج علمي للنظرية، وأدوات لتدبر القرآن سليمة، وطرق لاستنباط الأحكام معتبرة.
خميس العدوي كاتب عُماني مهتم بقضايا الفكر والتاريخ ومؤلف كتاب «السياسة بالدين».