أثار مؤتمر «وحدة الصف والموقف الكردي» الذي عقدته القوى الكردية في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، حالة من القلق العميق لدى أنقرة، وسط تحذيرات تركية واضحة من أي محاولات لفرض واقع جديد في المنطقة يهدد وحدة الأراضي السورية.

إردوغان: لا مكان للفيدرالية في سوريا
وفي تعليق مباشر على المؤتمر، شدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على رفض بلاده التام لأي طرح يتعلق بحكم «لا مركزي» أو «فيدرالي» في سوريا، معتبرًا أن هذه الدعوات مجرد «أحلام بعيدة المنال».

وقال إردوغان: «أنصح باتخاذ قرارات تخدم استقرار المنطقة، لا قرارات مبنية على أوهام حكومة اتحادية في سوريا»، مؤكدًا أن تركيا «لن تسمح بفرض أمر واقع في منطقتها أو بأي مبادرة تهدد استقرار سوريا والمنطقة».

وأضاف إردوغان أن الموقف السوري الرسمي، الرافض لأي سلطة خارج حكومة دمشق أو أي هيكل مسلح خارج الجيش السوري، يتوافق مع نهج تركيا في ضمان أمن الحدود وحماية وحدة الأراضي السورية.

رسائل تركية واضحة: لا للتقسيم


من جانبه، وجه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان رسائل أكثر تحديدًا، مشيرًا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره القطري في الدوحة، إلى أن تركيا «ترغب في رؤية دستور وحكومة يضمنان فرصًا متساوية لجميع المكونات في سوريا»، محذرًا في الوقت ذاته من استغلال الوضع القائم لتحقيق أهداف انفصالية.

وأوضح فيدان أن أنقرة ستقف بحزم أمام أي محاولات تسعى للإضرار بوحدة وسيادة سوريا، مؤكدًا أن «الوحدات الكردية»، باعتبارها الامتداد السوري لحزب «العمال الكردستاني»، لن يكون لها مستقبل في سوريا سواء بطرق سلمية أو غير ذلك.

احتمالات التدخل العسكري: ضغوط قائمة ولكن...


رغم التصريحات المتشددة، يرى مراقبون أن احتمالات التدخل العسكري التركي ضد قوات سوريا الديمقراطية «قسد» تبدو محدودة في الوقت الراهن، خاصة مع اعتماد أنقرة على دمشق في مواجهة هذه التوجهات. وأشار المحلل السياسي مراد يتكين إلى أن تركيا تراهن على نجاح الاتفاق الأخير بين حكومة دمشق و«قسد»، والذي يسعى إلى دمج الأخيرة ضمن مؤسسات الدولة السورية، وهو ما يعتبر مفتاحًا لحل معضلة الوجود المسلح الكردي على حدودها الجنوبية.

دور أوجلان في المعادلة


في سياق متصل، كشفت مصادر دبلوماسية تركية أن أنقرة تراهن أيضًا على استجابة زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، لدعوات حل الحزب وتسليم السلاح، مما سيسهم في إنهاء التهديد القادم من شمال العراق وشمال شرقي سوريا.

وقالت المصادر إن تركيا تأمل في تنفيذ الاتفاق بين دمشق و«قسد»، الذي ينص على منع التشكيلات التابعة لحزب «العمال الكردستاني» من تحقيق أي حضور سياسي أو عسكري مستقل في سوريا.

العامل الأميركي: تراجع الدعم وتغيير الموقف


من جهة أخرى، أضاف الموقف الأميركي بُعدًا إضافيًا للتطورات، إذ أعلنت واشنطن نيتها تقليص وجودها العسكري تدريجيًا في سوريا، مع عدم الإعلان عن جدول زمني محدد، وتشجيع السلطات السورية والعراقية على تعزيز أمن الحدود ومكافحة الإرهاب.

وتأمل أنقرة أن يؤدي هذا الانسحاب إلى تراجع الدعم الأميركي لـ«قسد»، الحليف الرئيسي لواشنطن في الحرب ضد تنظيم «داعش»، وهو دعم ما دام اعتبرته تركيا تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.

وفي ختام تصريحاته، أشار إردوغان إلى إمكانية عقد لقاء قريب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قائلًا: «أعتقد أنني وصديقي ترمب سنضيف زخمًا جديدًا للعلاقات الثنائية، ونفهم بعضنا البعض جيدًا في قضية سوريا».

قلق تركي متواصل


في ظل هذه المعطيات، يبدو أن تركيا تراقب التطورات في شمال شرقي سوريا بقلق بالغ، وتعمل على مزيج من الضغوط الدبلوماسية والتنسيق الأمني لمنع أي تحركات قد تفتح الباب أمام إقامة كيان ذاتي الحكم للأكراد على حدودها، وهو السيناريو الذي تعتبره تهديدًا مباشرًا لوحدة أراضي سوريا واستقرار المنطقة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مؤتمر القامشلي انقرة تركيا قسد قوات سوريا الديمقراطية الفيدرالية في سوريا رجب طيب أردوغان هاكان فيدان حزب العمال الكردستاني اوجلان شمال شرقي سوريا التدخل العسكري التركي وحدة الأراضي السورية دمشق الوحدات الكردية الدعم الأمريكي الانسحاب الامريكي الأمن القومي التركي الاتفاق مع قسد استقرار سوريا الحدود التركية السورية أن ترکیا فی سوریا

إقرأ أيضاً:

إردوغان يحذّر من تحويل البحر الأسود إلى منطقة مواجهةروسيا تكثف هجماتها وترامب يضغط على زلينسكي لإنهاء الحرب

كييف.موسكو"وكالات":

يرسل الرئيس الأميركي دونالد ترامب موفده الخاص ستيف ويتكوف إلى برلين في نهاية هذا الأسبوع، للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين، في وقت تضغط الولايات المتحدة على أوكرانيا لتقديم تنازلات كبيرة من أجل إنهاء الحرب مع روسيا.

وجاء ذلك فيما استمرّت الأعمال العدائية الليلية بين البلدين . فقد أعلنت موسكو اليوم السبت أنها ضربت منشآت للصناعة والطاقة في أوكرانيا ليل الجمعة السبت بصواريخ فرط صوتية، في هجوم قالت إنه يأتي ردا على هجمات أوكرانية طالت "أهدافا مدنية" في روسيا.

من جانبه، قال زيلينسكي إن الضربات الروسية ألحقت أضرارا بأكثر من عشرة مرافق مدنية في أنحاء أوكرانيا، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن آلاف الأشخاص في سبع مناطق.

وقتلت امرأة في الثمانين من عمرها في منطقة سومي (شمال شرق)، وفقا للحاكم الإقليمي.

وفي وسط روسيا، قُتل شخصان اليوم في أعقاب هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني في ساراتوف، بحسب ما أفادت السلطات المحلية.

وكان الرئيس الأمريكي أبدى انزعاجا واضحا بشأن عدم إحراز تقدّم في المحادثات المرتبطة بخطته لحل النزاع الذي اندلع في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 وأسفر عن مقتل وإصابة مئات الآلاف.

وبينما تسعى كييف وحلفاؤها إلى تعديل هذه الخطة التي يعتبرون أنّها منحازة لموسكو، أكد مسؤول في البيت الأبيض ما أفادت به صحيفة "وول ستريت جورنال" عن أنّ ويتكوف سيتوجه إلى ألمانيا.

وفي برلين، سيجتمع المبعوث الأميركي الذي التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في بداية ديسمبر، مع زيلينسكي ومسؤولين أوروبيين لم تُحدد هويتهم.

وكان الرئيس الأوكراني خطط للسفر إلى العاصمة الألمانية للقاء حلفائه الأوروبيين، في إطار الجهود المحيطة بالخطة الأميركية التي جرى الكشف عنها قبل شهر تقريبا.

ووفقا لكييف، فإنّ المفاوضات عالقة بشكل خاص على القضايا المرتبطة بالأراضي، في ظل مطالبة الولايات المتحدة للأوكرانيين بتنازلات كبيرة بشأنها.

- الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي -

وأوضح زيلينسكي أنّ واشنطن تطلب انسحاب القوات الأوكرانية من الجزء الذي تسيطر عليه من إقليم دونيتسك في شرق أوكرانيا، والذي من المفترض أن يصبح "منطقة اقتصاد حر" منزوعة السلاح، من دون المطالبة بالأمر ذاته من القوات الروسية التي تحتل مناطق أوكرانية.

وفي مقابل ذلك، تنص خطة ترامب على انسحاب الجيش الروسي من مساحات صغيرة غزاها في مناطق سومي وخاركيف ودنيبروبيتروفسك (شمال وشمال شرق ووسط شرق)، مع احتفاظه بالسيطرة على أراضٍ أكبر في مناطق خيرسون وزابوريجيا (جنوب).

ومساء الجمعة، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الأوروبيين والأوكرانيين يطالبون الأمريكيين بأن يقدموا لهم "ضمانات أمنية" قبل أي تفاوض بشأن الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق أوكرانيا.

من جانبه، أفاد مسؤول كبيربأنّ خطة السلام الأميركية تلحظ انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي اعتبارا من يناير 2027.

غير أنّ هذا الانضمام يبدو غير مرجّح خلال المهلة المذكورة، لأسباب عدة من بينها المعارضة المحتملة من دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي تربطها علاقات متوترة مع أوكرانيا مثل المجر.

- أضرار في سفينة تركية -

لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يطمح لنيل جائزة نوبل للسلام يبدو مستعجلا للتوصل إلى اتفاق، إذ أعلنت المتحدثة باسمه الخميس أنّه "سئم من الاجتماعات التي ليس لها غرض آخر سوى الاجتماع".

وتأتي الضغوط الدبلوماسية الأميركية في وقت صعب بالنسبة إلى أوكرانيا، حيث تواجه الرئاسة فضيحة فساد كبيرة تورّط فيها مقرّبون من زيلينسكي، وسط تراجع الجيش على الجبهة ومعاناة السكان من انقطاع التيار الكهربائي بسبب الضربات الروسية.

مع ذلك، أعلن الجيش الأوكراني استعادة عدّة مناطق في مدينة كوبيانسك الرئيسية الواقعة في منطقة خاركيف، بالإضافة إلى منطقتين مجاورتين.

وفي جنوب أوكرانيا، تعرّضت سفينة تركية لأضرار إثر ضربة روسية بالقرب من مدينة أوديسا على البحر الأسود. وأظهرت صور متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي ألسنة لهب تتصاعد من السفينة البيضاء والزرقاء.

وأشارت الشركة التركية "سنك شيبينغ" المشغّلة للسفينة في بيان إلى أن ام/في سنك تي "التي تنقل شاحنات محمّلة بالكامل بفواكه وخضار طازجة ومواد غذائية على خطّ كاراسو-أوديسا" تعرّضت "لهجوم جوّي بعيد رسوّها في مرفأ شورنومورسك" القريب من ميناء أوديسا.

وحذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم من تحويل البحر الأسود إلى "منطقة مواجهة" بين روسيا وأوكرانيا، بعد سلسلة ضربات شهدتها الأسابيع الأخيرة.

ونقلت وكالة الأناضول الرسمية عن الرئيس التركي قوله لصحفيين على متن طائرته "يجب ألا يُنظر إلى البحر الأسود على أنه منطقة مواجهة. فهذا لن يفيد لا روسيا ولا أوكرانيا. الجميع يحتاج إلى ممرات ملاحية آمنة في البحر الأسود".

وجاء الهجوم بعد ساعات من طرح إردوغان القضية شخصيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة في تركمانستان.

وكان أردوغان قد دعا خلال محادثاته المباشرة مع بوتين إلى "وقف جزئي لإطلاق النار" في ما يتعلق بالهجمات على الموانئ ومنشآت الطاقة في الحرب الروسية الأوكرانية.

وتسيطر تركيا التي سعت إلى الحفاظ على علاقاتها مع موسكو وكييف طوال فترة الحرب، على مضيق البوسفور، وهو ممر حيوي لنقل الحبوب الأوكرانية والنفط الروسي إلى البحر الأبيض المتوسط.

وخلال الأسابيع الماضية، استهدفت هجمات عدة ناقلات نفط مرتبطة بروسيا في البحر الأسود، بعضها نُفّذ بمسيّرات وأعلنت كييف المسؤولية عنها.

وأثارت هذه الهجمات انتقادات حادة من أنقرة التي استدعت مبعوثين من روسيا وأوكرانيا للتعبير عن القلق بشأنها.

مقالات مشابهة

  • بيان تركي بعد هجوم داعش ضد القوت الأمريكية في سوريا
  • خبير عسكري: هجوم تدمر سيسرع الدعم العسكري الأميركي لسوريا
  • طقس العرب يحذر .. أمطار غزيرة وبرودة كبيرة ومخاوف من كارثة انسانية جديدة في غزة
  • إردوغان يحذّر من تحويل البحر الأسود إلى منطقة مواجهةروسيا تكثف هجماتها وترامب يضغط على زلينسكي لإنهاء الحرب
  • إردوغان يحذّر من تحويل البحر الأسود إلى ساحة مواجهة بين روسيا وأوكرانيا
  • تركيا: لا تعديل على منظومة إس-400 ومحادثات إف-35 مستمرة
  • اعتقال مفاجئ لرئيس تحرير يثير جدلاً واسعاً في تركيا
  • «النواب الأميركي» يصوت بالغالبية لإلغاء عقوبات «قيصر» عن سوريا
  • ما تداعيات التصويت الأميركي على إلغاء قانون قيصر ورفع العقوبات عن سوريا؟
  • بري ينتقد تصريحات المبعوث الأميركي حول ضم لبنان إلى سوريا