عواصم " وكالات ": قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات تم بثها اليوم الأحد، إنه ليست هناك حاجة إلى استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا بعد، وأنه يأمل ألا تكون هناك حاجة لذلك.

وفي عرض تمهيدي لمقابلة مقررة مع التلفزيون الرسمي الروسي، تم نشرها على منصة "تليجرام"، قال بوتين إن روسيا لديها القوة والوسائل اللازمة لإنهاء الصراع في أوكرانيا "بطريقة منطقية".

وردا على سؤال بشأن الضربات الأوكرانية على الأراضي الروسية، قال بوتين: "لم تكن هناك حاجة لاستخدام تلك الأسلحة (النووية)... وآمل ألا تكون هناك حاجة إليها".

وأضاف: "لدينا قدر كاف من القوة والوسائل لإنهاء ما بدأ في عام 2022 بطريقة منطقية، وبالنتيجة التي تتطلبها روسيا ".

يشار إلى أن بوتين قام بالتوقيع على نسخة محدثة من العقيدة النووية الروسية في نوفمبر من عام 2024، موضحا الظروف التي تسمح له باستخدام ترسانة موسكو النووية، وهي الأكبر في العالم.

وفي فبراير 2022، أمر بوتين عشرات الآلاف من القوات الروسية بالتدخل في أوكرانيا، فيما وصفه الكرملين "بعملية عسكرية خاصة" ضد الدولة المجاورة.

ورغم صد القوات الروسية عن دخول كييف، تسيطر قوات موسكو حاليا على حوالي 20 بالمائة من أراضي أوكرانيا، بما في ذلك معظم الجنوب والشرق.

وعبر بوتين في الأسابيع القليلة الماضية عن استعداده للتفاوض على تسوية سلمية، في حين ذكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يرغب في إنهاء الصراع بالوسائل الدبلوماسية.

وكان الخوف من التصعيد النووي عاملا محوريا في حسابات المسؤولين الأمريكيين منذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وفي شأن آخر، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحاته اليوم إنه يفكر دائما فيمن سيخلفه في الحكم، مشيرا إلى احتمال إجراء منافسة بين عدة مرشحين.

وشغل بوتين، صاحب أطول فترة خدمة على رأس الكرملين منذ جوزيف ستالين، منصب الرئيس من عام 1999 إلى 2008، ثم أصبح رئيسا للوزراء حتى 2012، ثم رئيسا مرة أخرى من عام 2012 حتى الآن. وكان بوتين ضابطا برتبة لفتنانت كولونيل في المخابرات السوفيتية (كيه.جي.بي)، وتسلم الرئاسة من بوريس يلتسن في آخر يوم له في المنصب في 1999.

وعندما سئل عما إذا كان يفكر في مسألة خلافته، خلال فيلم أعده التلفزيون الروسي بمناسبة مرور ربع قرن على توليه السلطة، قال بوتين (72 عاما) "أفكر دوما في هذا الأمر".

وأضاف "في النهاية، الخيار سيكون للشعب، الشعب الروسي... أعتقد أنه يجب أن يكون هناك شخص، أو بالأحرى عدة أشخاص، حتى يكون للشعب خيار".

ولا يوجد خليفة واضح لبوتين لكن بموجب الدستور الروسي يتولى رئيس الوزراء السلطات الرئاسية إذا أصبح الرئيس غير قادر على أداء مهامه.

من جهة اخرى، أعلنت روسيا اليوم أن الرئيس الصيني شي جينبينغ سيحل ضيفا عليها في الفترة من 7 إلى 10 مايو الحالي للمشاركة إلى جانب نظيره فلاديمير بوتين في احتفالات الذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء على ألمانيا.

وتأتي هذه الزيارة التي تظهر التحالف بين روسيا والصين، في خضم مواجهة تجارية بين بكين وواشنطن، وبعدما اقترح بوتين هدنة لمدة ثلاثة أيام (من 8 إلى 10 مايو) في النزاع مع أوكرانيا.

وأشارت الرئاسة الروسية في بيان إلى أن شي سيشارك أيضا في محادثات ثنائية حول "تطوير علاقات الشراكة الشاملة والتفاعل الاستراتيجي" و"القضايا الراهنة على الأجندة الدولية والإقليمية".

وأضاف الكرملين أنه "من المنتظر أن يتم توقيع سلسلة من الوثائق الثنائية بين الحكومتين والوزارات".

في تصريحات نقلها التلفزيون الصيني الأحد، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إلى العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين، معلنا أن شي سيجري محادثات مع بوتين في وقت "يشهد النظام الدولي حاليا تغييرات عميقة".

واوضح المتحدث تشاو لي جيان أن "الصين وروسيا ستعززان تعاونهما الوثيق داخل المنصات المتعددة الطرف مثل الأمم المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة بريكس، وتوحيد الجنوب العالمي الشاسع، وتوجيه الحوكمة العالمية في الاتجاه الصحيح".

واضاف أن موسكو وبكين ستعارضان أيضا "الأحادية وأعمال الترهيب" و"ستعملان بشكل مشترك على تكريس عالم متعدد القطب متساو" و"العولمة الاقتصادية الشاملة"، في اشارة إلى الحرب التجارية التي تشنها الإدارة الاميركية برئاسة دونالد ترامب ضد الصين.

وفرضت واشنطن منذ أبريل رسوما جمركية بنسبة 145% على العديد من وارداتها من الصين التي ردّت بفرض رسوم جمركية بنسبة 125% على السلع المستوردة من الولايات المتحدة.

وفي ما يتعلق بالرموز التاريخية، أشار المتحدث الصيني إلى أن بكين وموسكو قدمتا "تضحيات هائلة" من اجل هزيمة دول المحور خلال الحرب العالمية الثانية.

وإلى جانب الرئيس الصيني، من المتوقع أن يحضر العرض العسكري في التاسع من مايو المقرر في الساحة الحمراء زعماء من نحو 20 دولة، بينهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وحلفاء تقليديون لموسكو.

وتمثل هذه الاحتفالات جوهر سردية الكرملين الذي يؤكد أن الحرب المستمرة ضد أوكرانيا هي امتداد للنزاع ضد ألمانيا.

زيلينسكي يتهم روسيا بـ " السخرية في أعلى درجاتها"

من جهته، اتهم الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي اليوم الأحد موسكو بالسخرية، قائلا إن الهجمات الروسية على أوكرانيا مستمرة بلا هوادة قبل أيام من دخول وقف إطلاق النار الأحادي لمدة ثلاثة أيام الذي أعلن عنه الكرملين حيز التنفيذ.

وكتب زيلينسكي عبر تطبيق تليجرام " الروس يطلبون وقف إطلاق النار في التاسع من الشهر الجاري، ويقومون أنفسهم بإطلاق النار على أوكرانيا يوميا. هذه سخرية في أعلى درجاتها".

وقال إن الجيش الروسي هاجم أوكرانيا بـ1180 طائرة درون و 1360 قنبلة جوية موجهة خلال أسبوع.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال أمس في تصريحات نشرت إن إعلان موسكو بشأن وقف إطلاق نار في أوكرانيا لمدة 72 ساعة الأسبوع المقبل بمناسبة "يوم النصر" خلال الحرب العالمية الثانية، هو مجرد محاولة لتوفير "جو هادئ" قبيل انطلاق الاحتفالات السنوية لروسيا.

وجدد زيلينسكي الدعوات إلى وقف شامل للأعمال العدائية لفترة 30 يوما، مثلما اقترحت الولايات المتحدة في البداية. وقال إنه من الممكن أن يبدأ وقف إطلاق النار المقترح في أي وقت كخطوة ذات مغزى نحو إنهاء الحرب.

وكان بوتين أعلن يوم الاثنين الماضي، وقف إطلاق نار من جانب واحد لمدة 72 ساعة في أوكرانيا بمناسبة "يوم النصر" خلال الحرب العالمية الثانية، بينما تضغط الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاثة أعوام.

وأوضح الكرملين أن الهدنة - التي تم الإعلان عنها "لأسباب إنسانية" - ستستمر منذ بداية الثامن من مايو الجاري وتستمر حتى نهاية اليوم العاشر من الشهر نفسه، لإحياء ذكرى هزيمة موسكو لألمانيا في عام 1945.

جدير بالذكر أن روسيا وأوكرانيا على خلاف بشأن مقترحات وقف إطلاق النار المتعارضة.

وفي السياق، يشير ترامب منذ أسابيع إلى إحباطه من عدم توصل موسكو وكييف إلى اتفاق لإنهاء الحرب، على الرغم من أن الكرملين ذكر أن الصراع معقد لدرجة أن التقدم السريع الذي تريده واشنطن صعب.

وصف الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن وقادة غرب أوروبا وأوكرانيا التدخل الروسي بأنه استيلاء على الأراضي على الطريقة الاستعمارية وتعهدوا مرارا بهزيمة القوات الروسية التي تسيطر على نحو خمس مساحة الجمهورية السوفيتية السابقة.

ويصور بوتين الحرب على أنها نقطة تحول في علاقات موسكو مع الغرب، الذي يقول إنه أذل روسيا بعد سقوط جدار برلين عام 1989 من خلال توسيع حلف شمال الأطلسي والتعدي على ما يعتبره مجال نفوذ موسكو.

وقال ترامب إن الصراع قد يتطور إلى حرب عالمية ثالثة.

وحذر مدير وكالة المخابرات المركزية السابق وليام بيرنز من وجود تهديد حقيقي في أواخر عام 2022 يتمثل في احتمال استخدام روسيا الأسلحة النووية ضد أوكرانيا.

أوكرانيا: إصابة 11 واشتعال نيران بمبان سكنية في هجوم بمسيرات

وعلى الارض، قال تيمور تكاتشينكو رئيس الإدارة العسكرية في كييف على وسائل التواصل الاجتماعي إن حطام الطائرات المسيرة المتساقطة أشعل حرائق في مبان سكنية في منطقتي أوبولونسكي وسفياتوشينسكي في كييف.

وقالت خدمة الطوارئ الأوكرانية عبر تيليجرام إن 76 رجل إطفاء شاركوا في إخماد الحرائق التي اندلعت ليلا في كييف، وشملت أيضا حريقا صغيرا في منطقة شيفتشينكيفسكي بوسط المدينة.

ونشرت صورا لرجال إطفاء يكافحون حرائق كبيرة ليلا في ما بدا أنه مبنى سكني.

وأضافت أن النيران اشتعلت في عدة سيارات في أنحاء المدينة أيضا بسبب حطام الطائرات المسيرة المتساقطة.

وسمع شهود من رويترز عدة انفجارات فيما بدا أنه ناجم عن عمل أنظمة الدفاع الجوي.

وقال الجيش الأوكراني اليوم الأحد إن وحدات الدفاع الجوي أسقطت 69 طائرة مسيرة من أصل 165 أطلقتها روسيا خلال ساعات الليل.

وبالإضافة لهجوم على كييف، ذكر التلفزيون الأوكراني أن طائرات مسيرة هاجمت مدينة تشيركاسي في وسط البلاد وأنه جرى إسقاط 15 طائرة مسيرة من أصل 22 استهدفت المدينة.

وذكرت خدمات الطوارئ أن شخصا واحدا أصيب وتضررت مبان سكنية وبنية تحتية مدنية.

وقال إيهور تابوريتس حاكم منطقة تشيركاسي على تيليجرام "معظم الأضرار لحقت بوسط المنطقة. تضررت بنية تحتية سكنية ومستودعات تابعة لمصنع أثاث ومركز تجاري ومبان داخل حديقة".

وتنفي كل من موسكو وكييف استهداف المدنيين في الحرب.

من جانبه، قال ألكسندر بوجوماز حاكم منطقة بريانسك الروسية اليوم الأحد إن القوات الأوكرانية قصفت مصنعا في المنطقة مما أدى إلى تدمير جزء كبير منه.

وأضاف في بيان عبر تيليجرام أن ورش العمل والمباني الإدارية للمصنع الواقع في قرية سوزيمكا دُمرت. وتقع بريانسك في أقصى غرب روسيا على الحدود مع أوكرانيا وروسيا البيضاء.

وقال بوجوماز إن القصف لم يسفر عن وقوع إصابات.

وذكرت (ماش)، وهي قناة على تيليجرام مرتبطة بأجهزة الأمن الروسية، أن المصنع ينتج معدات كهربائية، مثل المحولات. وأضافت أنه تعرض لقصف بمنظومة صواريخ جراد.

ونشرت القناة مقطعا مصورا لسحابة كبيرة من الدخان تتصاعد فوق أحد المصانع. ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة المقطع.

وتوجه أوكرانيا ضربات لمنشآت صناعية روسية تتهمها بإنتاج معدات للحملة العسكرية التي تشنها موسكو عليها منذ بدء الحرب في فبراير 2022.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار فی أوکرانیا الیوم الأحد هناک حاجة بوتین فی

إقرأ أيضاً:

السفير الروسي في مصر: الغرب يستخدم أوكرانيا لضرب روسيا و”المنطقة العازلة” تحمي أمننا القومي

السفير جيورجي بوريسينكو:

 القيادة الأوكرانية الحالية غير شرعية المنطقة العازلة تحمي الأمن القومي الروسي هدف الغرب استمرار الحرب، وهدف روسيا السلام كنا نأمل أن تكون أوكرانيا دولة جارة مسالمة لا نؤيد فكرة وقف إطلاق النار المؤقت الرئيس بوتين لا يُعير اهتمامًا لتصريحات ترامب الانتخابية الغرب يستخدم أوكرانيا كمنصة لضرب روسيا نعترف باستقلال أوكرانيا منذ عام 1991 وقف الدعم العسكري لأوكرانيا يوقف الحرب نُقدّر دور الرئيس ترامب لحل الأزمة في أوكرانيا الاقتصاد الروسي يتطور بشكل أسرع مما كان عليه قبل العقوبات  الأوروبيين يعانون من العقوبات أكثر من روسيا واشنطن تريد الحفاظ على تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة 

 

حوار/ محمد أبو سبحة
 القاهرة (زمان التركية)ــ يرى السفير الروسي في القاهرة جيورجي بوريسينكو أن دعم الغرب لأوكرانيا بالسلاح أجج الحرب الدائرة منذ أكثر من ثلاث سنوات وأن سعي أوكرانيا منذ القدم للاقتراب من الناتو تسبب في وقوع الأزمة الحالية، معتبرًا في حوار مطول مع  جريدة (زمان التركية) أن العقوبات الاقتصادية الغربية، انعكست سلبًا على أوروبا أكثر من روسيا التي طورت اقتصادها، ودافع  عن مخطط إقامة “المنطقة العازلة” على حدود أوكرانيا، من أجل “حماية الأمن القومي الروسي”، ووصف القيادة الأوكرانية الحالية بأنها “غير شرعية”.

 كيف تنظرون إلى تطور الدور الأمريكي في الأزمة الروسية الأوكرانية بعد فوز ترامب؟ وهل تعهد ترامب يحاول فرض موقفه؟

نحن نُقدّر الرئيس دونالد ترامب وإدارته على الجهود التي يبذلونها لحل هذه الأزمة والتغلب على النزاع في أوكرانيا. إنهم يحاولون منع المزيد من تدمير البنى التحتية وسفك الدماء، ونحن نُدرك في الوقت ذاته أهمية ضمان أمننا القومي، ولهذا السبب لدينا مطالب محددة لضمان هذا الأمن.

نحن لا نؤمن بفكرة وقف إطلاق النار المؤقت لبضعة أسابيع كما تطرح بعض الدول الغربية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية. الأمر لا يتعلق بمجرد هدنة قصيرة، بل نحن بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار بشروط واضحة ومضمونة. ما نراه حاليًا هو أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تزود أوكرانيا بالمعدات العسكرية، مثل صواريخ “تاوروس” الألمانية ومكونات أخرى أمريكية الصنع.

السبيل الحقيقي الوحيد لإنهاء هذا الصراع، سواء بالنسبة للولايات المتحدة أو باقي الدول الغربية، هو التوقف عن دعم القوات الأوكرانية. إذا توقفت الدول الغربية عن تزويد أوكرانيا بالمعلومات الاستخباراتية والمعدات العسكرية، فإن الحرب ستنتهي خلال بضعة أشهر. فالحرب الأوكرانية تعتمد بشكل شبه كامل على الدعم الغربي، في حين أن روسيا تقاتل باستخدام أسلحتها الخاصة، دون أن تطلب دعماً من أحد.

الأوكرانيون يعتمدون بالكامل على الدعم العسكري واللوجستي من الغرب، وإن توقف هذا الدعم، فإن الحرب ستتوقف. لكن الحقيقة هي أن الغرب لا يريد انتهاء هذه الحرب، بل يريدون استمرارها واستنزاف روسيا، كما حاولوا في الماضي.

ما نراه اليوم ليس جديدًا، إنه يشبه ما حدث في القرن التاسع عشر، عندما غزا نابليون روسيا، ولم تكن جيوشه فرنسية فقط، بل ضمت جنودًا من دول أوروبية عديدة. ثم في القرن العشرين، قامت دول مثل فنلندا، وإسبانيا، ودول أوروبية أخرى، بالانضمام إلى هتلر في حربه ضد روسيا.

اليوم، تحاول أوروبا مجددًا الانتقام من روسيا على هزائمها السابقة، ويبدو أن هناك محاولة ثالثة لإلحاق الهزيمة بنا. شخصيات مثل بوريس جونسون، ومسؤولين فرنسيين وألمان، أعلنوا صراحة أن هدفهم هو “إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا في ساحة المعركة”، وهذا هو هدفهم المعلن.

لهذا السبب، نحن نصر على ضرورة ضمان أمننا القومي. نعم، نرى أن الإدارة الأمريكية الحالية تحاول الآن البحث عن طرق لفرض وقف إطلاق النار، لكن وقف إطلاق النار لا يكفي. ما نحتاجه هو سلام دائم ومستقر، ويجب أن يكون هذا السلام مشروطًا بعدة أمور، من بينها: وقف كامل لإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، وعدم وجود أي تدريبات أو عمليات عسكرية مشتركة على الأراضي الأوكرانية، بجانب انسحاب القوات الأوكرانية من جميع الأراضي الروسية، لأن بعض المناطق التي يدور فيها القتال الآن هي جزء من الأراضي الروسية وقد تم ضمها رسميًا. نحن نبحث عن سلام حقيقي، وليس هدنة مؤقتة تخدم الغرب لإعادة تسليح أوكرانيا.

ما تعليقكم على على قول الرئيس ترامب إن الرئيس الروسي “يلعب بالنار” ولا يريد السلام؟

الرئيس بوتين لا يُعير اهتمامًا لتصريحات الرئيس الأمريكي، فمن مسؤولية الإدارة الأمريكية أن تفسر وتوضح مقاصد كلمات رئيسها. أستطيع أن أتفهم أن مثل هذه التصريحات قد تكون لها دوافع داخلية تتعلق بالسياسة الأمريكية المحلية، خاصةً في ظل الأجواء الانتخابية.

ولكن، كما قلت سابقًا، من الضروري معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، والتي تبدأ من توسع حلف الناتو المستمر شرقًا. حتى بعض المسؤولين الأمريكيين اعترفوا مؤخرًا بأنهم يدركون موقف روسيا، وأن هذا النزاع ما هو إلا حرب بالوكالة يشنّها الناتو ضد روسيا.

الناتو يستخدم أوكرانيا، ويستخدم الأوكرانيين أنفسهم، كأداة لمهاجمة روسيا. للأسف، الغرب لا يهتم بمصير الشعب الأوكراني. هم على استعداد للتضحية بكل الأوكرانيين في سبيل إضعاف روسيا. وعندما يُستنزف الشعب الأوكراني تمامًا، سيبدأون باستخدام دول أخرى مثل بولندا لتنفيذ نفس الدور.

الهدف الغربي واضح: إضعاف روسيا. لأن روسيا دولة كبيرة وقوية، وتشكل عائقًا أمام الهيمنة الغربية العالمية. لذلك، يحاولون بشتى الطرق إضعافها — تمامًا كما فعلوا في القرن التاسع عشر مع نابليون، وفي القرن العشرين مع هتلر، والآن يحاولون مجددًا.

ونحن نقدّر رغبة الرئيس ترامب في وقف هذه السياسات العدوانية، ونُثمّن موقفه في السعي إلى التهدئة. بالطبع لدينا مصالح قومية، وهذه المصالح قد تتوافق مع مصالح الأمريكيين في حال وجود نية صادقة للسلام. نحن بلد ذو سيادة، ولا نعطي أهمية لما يُقال عنا في الإعلام أو في الأروقة السياسية الغربية، وأولويتنا الأولى هي ضمان أمن روسيا القومي، وهذه هي القاعدة التي نبني عليها كل مواقفنا.

 كيف استطاعت روسيا الصمود أمام العقوبات الغربية واسعة النطاق؟ 

فرضت العديد من الدول الغربية  -مثل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان ودول أخرى من المعسكر الغربي- عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا. نعم، هذه العقوبات سبّبت بعض الأضرار في البداية، وواجهنا تحديات اقتصادية، لكن على المدى الطويل، استطاع الاقتصاد الروسي أن يتعافى ويتطور بشكل أسرع مما كان عليه قبل العقوبات.

بعد انسحاب العديد من الشركات الغربية من السوق الروسية، سارعت الشركات المحلية الروسية لملء هذا الفراغ، وبدأنا في تطوير تقنياتنا الخاصة، والاعتماد على مصادر بديلة من دول أخرى في آسيا، إفريقيا، وأمريكا اللاتينية. في الواقع، العقوبات الغربية لم تعزل روسيا، بل عزلت الغرب نفسه عن روسيا.

إذا نظرت إلى خريطة العالم، سترى أن الجزء الوحيد الذي لا يريد التعاون مع روسيا هو أوروبا الغربية، بينما بقية دول العالم تتعاون معنا بشكل طبيعي. ومن المفارقات أن الأوروبيين الذين فرضوا هذه العقوبات هم أنفسهم يعانون منها الآن أكثر منّا.

على سبيل المثال، ألمانيا كانت تشتري الغاز الروسي عبر الأنابيب بأسعار معقولة، لكنها الآن مضطرة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة بأسعار تزيد عن الضعف. وهذا الأمر رفع تكلفة الإنتاج على الشركات الألمانية، وأضعف قدرتها التنافسية أمام نظيراتها الأمريكية. حتى المواطن العادي في أوروبا أصبح يدفع أكثر للحصول على الكهرباء والتدفئة.

النتيجة؟ شركات كبرى مثل “فولكس فاجن” أصبحت تجد صعوبة في مواصلة الإنتاج داخل ألمانيا بسبب ارتفاع التكاليف. أما الولايات المتحدة فقد ربحت مرتين: مرة ببيع الطاقة لأوروبا بأسعار مرتفعة، ومرة أخرى بإضعاف الاقتصاد الأوروبي لصالح الاقتصاد الأمريكي.

حتى بعض الصناعيين والمزارعين الروس يعارضون رفع العقوبات، لأنهم استفادوا من غياب المنافسة الغربية. السوق الروسية الآن مليئة بالمنتجات المحلية، والعديد منها يتم تصديره إلى الخارج. لذلك هم لا يرغبون بعودة الشركات الغربية، ولا برفع العقوبات.

 

إعلان الرئيس بوتين إنشاء “منطقة عازلة” على الحدود مع أوكرانيا، ألا يشكل عقبة أمام جهود السلام؟

الهدف من إنشاء المنطقة العازلة ليس تعطيل عملية السلام، بل حماية الأمن القومي الروسي. وكما ذكرتُ سابقًا، هناك قذائف تطلق من الأراضي الأوكرانية نحو الأراضي الروسية، إضافة إلى محاولات تسلل من قبل مجموعات تخريبية تستهدف منشآت داخل روسيا. لذلك، نرى أنه من الضروري إنشاء منطقة عازلة تبعد القوات الأوكرانية والأسلحة الغربية عن حدودنا.

هذه المنطقة ستكون بمثابة حزام أمني لمنع تسلل العناصر العدائية ووقف تدفق الأسلحة والمعدات الغربية التي تصل إلى أوكرانيا، والتي تُستخدم لاحقًا في الهجوم على أراضينا. نحن لا نرفض فكرة السلام، لكن لا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي ومستقر دون وجود مسافة آمنة تفصل بين القوات المعادية وحدود روسيا السيادية.

وإذا تم تحقيق الشروط الأمنية، يمكننا مناقشة تفاصيل شكل هذه المنطقة العازلة، حجمها، وآليات مراقبتها لاحقًا. لكن في الوضع الراهن، إنشاء هذه المنطقة هو شرط مسبق لا يمكن التنازل عنه إذا كنا نتحدث عن سلام دائم وشامل.

 

ما تعليقكم على تصريح السفير الأوكراني في مصر بأن بلاده لن تقدم أي تنازلات إلا إذا قدمت روسيا تنازلات مماثلة؟

كما ذكرتُ سابقًا، فإن الأولوية القصوى بالنسبة لروسيا هي ضمان أمنها القومي، وكذلك الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها. مناطق مثل دونيتسك، لوغانسك، خيرسون، وزابوروجيا أصبحت الآن جزءًا من الأراضي الروسية، ولا يمكن التفاوض بشأنها. لذلك فإن على القوات الأوكرانية الانسحاب الكامل من هذه المناطق.

علاوة على ذلك، ونظرًا للتهديدات المستمرة من الجانب الأوكراني، نرى أن هناك حاجة حتمية لإنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي الأوكرانية، تفصل بين الحدود الروسية ومواقع الانتشار العسكري الأوكراني. هذه المنطقة العازلة ضرورية لحماية أراضينا ومنع تسلل المجموعات التخريبية أو إطلاق القذائف باتجاه الأراضي الروسية.

روسيا مستعدة لوقف القتال، لكن بشروط واضحة تشمل: نزع سلاح أوكرانيا، إنهاء النزعة القومية المتطرفة، وانسحاب كامل للقوات الأوكرانية من الأراضي الروسية.

أما من الناحية السياسية، فنحن نواجه مشكلة تتعلق بشرعية القيادة الأوكرانية الحالية. فترة رئاسة فلوديمير زيلينسكي قد انتهت في عام 2024، ووفقًا للقانون الأوكراني، لم يتم تمديدها عبر انتخابات شرعية. وبالتالي، يعتبر الرئيس زيلينسكي الآن شخصية فاقدة للشرعية القانونية، ولا يمكن التعامل معه بصفته رئيسًا رسميًا.

البرلمان الأوكراني، المعروف بـ”المجلس الأعلى”، ما يزال يُعتبر مؤسسة شرعية، ولكن الرئيس نفسه بات بمثابة شخص عادي أو “رئيس فعلي لجماعة حاكمة” وليست له صفة قانونية لتوقيع معاهدات أو اتفاقيات دولية.

وهنا يكمن التحدي: من سيوقع الاتفاق مع روسيا إذا كانت القيادة الأوكرانية الحالية غير شرعية؟ هذا الوضع يجعل من الصعب التوصل إلى أي تسوية سياسية دائمة ما لم يُحل موضوع الشرعية أولًا.

   بعد المناورات العسكرية المشتركة بين روسيا ومصر في شرق المتوسط، هل أبدت القاهرة اهتمامًا بالحصول على منظومات تسليح روسية متطورة؟

إن مصر وروسيا، التي كانت تُعرف سابقًا بالاتحاد السوفييتي، تفخران بعلاقاتهما التاريخية. ويوجد متحف في قلعة صلاح الدين بالقاهرة يعرض أسلحة سوفييتية وروسية استُخدمت في حرب أكتوبر، من بينها الجسور العائمة والدبابات وغيرها من المعدات. وأشهر صورة من حرب أكتوبر هي لجندي مصري على الضفة الشرقية لقناة السويس، يرفع بندقية كلاشنيكوف – وهي أشهر سلاح روسي – فوق رأسه تعبيرًا عن النصر.

أصدقاؤنا المصريون يعرفون الأسلحة الروسية جيدًا، ولديهم معرفة ممتازة بالضباط العسكريين الروس. وخلال تلك الحرب، وُجد ما يصل إلى 30 ألف جندي سوفييتي على الأراضي المصرية، قاتلوا إلى جانب الجنود المصريين ضد إسرائيل. كما كان هناك مستشارون عسكريون سوفييت في صفوف الجيش المصري، وساهموا في تحقيق النصر.

واليوم، لا يزال هناك تعاون مكثف بيننا في المجالين العسكري والفني العسكري. ونحن فخورون بأن القوات المسلحة المصرية تستخدم الآن معدات روسية حديثة ومتطورة.

وكما تعلمون، فإن الولايات المتحدة لا تبيع بعض الأسلحة لمصر لأنها تريد الحفاظ على تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة. لكن مصر دائمًا ما تملك بدائل، ويمكنها شراء أسلحة متقدمة من دول أخرى، ومنها روسيا. كما أننا نجري تدريبات عسكرية مشتركة، حيث تتدرب قوات المظلات والدفاع الجوي معًا، وبالتالي فإن عناصرنا العسكرية يعرفون بعضهم جيدًا، ويفهمون بعضهم جيدًا. وهذا يمثل أساسًا قويًا للتعاون بيننا.

Tags: أوكرانيا وروسياأوكرانيا ومصرالحرب الروسية الأوكرانيةالدعم العسكري لأوكرانيا يالسفير الأوكراني في مصرالسفير جيورجي بوريسينكوالمنطقة العازلةتفوق إسرائيل العسكريجيورجي بوريسينكوحدود أوكرانياسفير روسيا في مصرشروط روسيا للسلام مع أوكرانياشروط روسيا لوقف الحرب

مقالات مشابهة

  • أسلحة نووية وصواريخ.. إسرائيل تحصي نتائج هجومها الأخير على إيران
  • روسيا تسيطر على بلدتين بشمال شرق أوكرانيا وتكثف ضرباتها على كييف
  • روسيا تعلن السيطرة على بلدتين شرقي أوكرانيا وإسقاط 236 مسيرة
  • ترامب يخاطب بوتين: أوقف الحرب على أوكرانيا قبل التوسط في صراع إسرائيل وإيران
  • ترامب عن وساطة بوتين بين إيران وإسرائيل: توسط في أوكرانيا أولا
  • الخارجية الروسية: إجراءات إسرائيل ضد إيران غير قانونية وتنذر بكارثة نووية
  • موسكو: روسيا تسعى لتطوير اقتصادها عبر المنصات الرقمية والتحول الهيكلي
  • روسيا تعيد 1245 جثة إلى أوكرانيا وتكمل عملية أرجاع 6057 جثة
  • السفير الروسي في مصر: الغرب يستخدم أوكرانيا لضرب روسيا و”المنطقة العازلة” تحمي أمننا القومي
  • بوتين يلوّح بالخطر من قلب موسكو: تحذير ناري لخامنئي بعد مكالمة مع ترامب