تقول مجلة إيكونوميست البريطانية إن الصين -في حربها التجارية مع الولايات المتحدة– أصبحت تعتمد على سلاح سري للتصدي للتهديدات الواضحة للوظائف المرتبطة بقطاع التصدير.

وأشارت إلى أن التهديدات المذكورة بدأت تظهر مع تصاعد حدة الحرب التجارية بين البلدين، وتأثير الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي والتي بلغت 145%.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الحصار يطحن غزة.. أطفالها جوعى ومرضاها في عداد الموتىlist 2 of 2صحيفة روسية: باريس وواشنطن تخوضان صراعا في الفاتيكانend of list

وذكرت أن التقديرات البنكية تشير إلى أن نحو 16 مليون عامل صيني يشاركون في إنتاج سلع موجهة للسوق الأميركية، وأن الصدمة التجارية قد تؤدي إلى فقدان ما يصل إلى 15.8 مليون وظيفة على المدى البعيد.

الاقتصاد غير التقليدي

وفي مواجهة هذه التحديات، اتخذت الحكومة الصينية خطوات لدعم الاقتصاد، منها تعويضات للشركات المتضررة، لكنها في الوقت ذاته أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الاقتصاد غير التقليدي أو ما يعرف بـ"الاقتصاد المستقل" كوسيلة بديلة لدعم سوق العمل واحتواء الأثر الاجتماعي للأزمة.

ويشمل هذا القطاع العمال الذين يعملون عبر تطبيقات توصيل الطعام، وخدمات طلب السيارات، والعمال المستقلين، وغيرهم من أصحاب العمل غير المنتظم.

ووفقا للبيانات الرسمية، كما تقول إيكونوميست، فإن هناك ما لا يقل عن 84 مليون عامل يعتمدون على "أشكال جديدة من التوظيف" بينما يقدر العدد الكلي للعمال المستقلين، بمن فيهم العاملون بدوام جزئي والذين يعملون لحسابهم الخاص، بـ200 مليون عامل وهو رقم يتجاوز عدد العاملين في الشركات الحكومية الصينية بكثير.

إعلان

وتبرز شركات مثل ميتوان، وهي إحدى أكبر منصات التوصيل في الصين، التي تشغّل أكثر من 7.5 ملايين سائق توصيل، كمثال حي على هذا التحول.

ويمثل هؤلاء السائقون طوق نجاة لكثير من الأسر، حتى وإن كانت ظروف عملهم شاقة وساعات دوامهم طويلة. ويصف كثير منهم وظائفهم بأنها مؤقتة، ومجرد "مرحلة عبور" إلى مستقبل أفضل.

تغيير موقف الحزب الشيوعي

ورغم أن الحكومة الصينية كانت في السابق تنظر بعين الريبة إلى هذه الشركات، بل ووصفتها عام 2020 بأنها تمثل "توسعا غير منظم لرأس المال" فإن موقف الحزب الشيوعي تغيّر مؤخرا.

فقد بدأ هذا الحزب يثني على الدور المتنامي لهذه المنصات في تحفيز الاستهلاك وتوفير الوظائف، لا سيما بعد إشادة رئيس الوزراء بها عام 2023.

ونتيجة لهذا التغيير في الموقف الرسمي، بدأت الدولة تشجع هذه المنصات على توفير مزايا اجتماعية للعاملين، مثل توفير التأمين الاجتماعي للعاملين معها أو دفع اشتراكات التقاعد للعاملين، كخطوة نحو إنشاء نظام رعاية مواز يشمل التأمين الصحي والمعاشات.

تساؤلات ومخاوف

لكن هذه الجهود أثارت تساؤلات جدية حول من يتحمل الكلفة الحقيقية. ويخشى كثير من العمال أن تُقتطع هذه المزايا من رواتبهم، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وفي إحدى المدن رفض بعض السائقين الانضمام لبرامج التقاعد، قائلين إن النظام في المستقبل لن يكون قادرا على دعمهم عندما يكبرون في السن بسبب قلة عدد السكان العاملين آنذاك.

وهناك تحد آخر يتمثل في أن التكنولوجيا تهدد مستقبل وظائف هذا القطاع. فقد بدأت بعض الشركات باستخدام الروبوتات والطائرات المسيرة في توصيل الطلبات، وقد نفذت ملايين عمليات التوصيل بهذه الوسائل بالفعل.

وختمت إيكونوميست تقريرها بالقول إنه مع التقدم السريع في الأتمتة، فقد تتقلص فرص العمل البشرية حتى في القطاع المستقل المرن. ورغم ذلك، يظل هذا الاقتصاد مثالا على قدرة النظام الصيني على التكيّف مع الأزمات.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

برلمانيون: الإصلاح الهيكلي هو طوق النجاة لإنعاش الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية

نواب البرلمان عن الإصلاح الاقتصادي: ليس مجرد أرقام بل مستقبل يُبنى بدعم القطاع الخاصالإصلاح الهيكلي هو الخيار الوحيد لإنعاش الاقتصاد
برنامج الحكومة خطوة في الاتجاه الصحيح
 

اكد عدد من أعضاء مجلس النواب الحكومة المصرية دخلت مرحلة جديدة من الإصلاح الاقتصادي عنوانها "العمق والعدالة"،لافتين إلى أن الانتقال من إجراءات مالية إلى إصلاحات هيكلية حقيقية هو ما تحتاجه الدولة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها الاقتصادي.

قال النائب علي الدسوقي، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن ما جاء في كلمة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بشأن برنامج الإصلاح الاقتصادي، يعكس توجهًا حقيقيًا لبناء اقتصاد أكثر عدالة واستدامة، وليس مجرد حزمة من الإجراءات التقليدية.

عرض موازنة شباب البحر الأحمر أمام اللجنة المختصة بمجلس النوابطلب إحاطة بمجلس النواب للتحذير من استمرار بيزنس الحج في الموسم الجديدالتنسيقية تنظم زيارة لوفد من طلاب جامعة بنها إلى مجلس النوابعزوز يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس النواب خلفا للراحل سعداوي راغب

وأكد “الدسوقي” في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن البرنامج الجديد المعلن للفترة من 2024/2025 إلى 2026/2027 يمثل تحولًا نوعيًا في الفكر الاقتصادي المصري، حيث لم يعد الحديث عن رفع معدلات النمو هو الغاية، بل التركيز الأكبر أصبح على نوعية هذا النمو، ومدى عدالته، وتأثيره المباشر على حياة المواطنين، خاصة الفئات الهشة.

وأضاف: "ما يميز هذا البرنامج هو التركيز الجاد على تمكين القطاع الخاص، وتوسيع دوره في الاقتصاد، وهو ما طالما نادينا به في لجنة الشئون الاقتصادية. الدولة لم تعد تقوم بدور المستثمر الأوحد، بل تسعى لتهيئة بيئة جاذبة، ومنظمة، ومحفزة على الاستثمار، عبر ما أشار إليه رئيس الوزراء من تنفيذ أكثر من 500 إصلاح خلال الفترة من 2022 إلى 2024".

وأوضح الدسوقي أن ارتفاع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمارات إلى 43% خلال العام المالي 2023/2024، ثم التوقع ببلوغها 50% في 2024/2025، هي مؤشرات حقيقية على هذا التغيير. وتابع: "وثيقة سياسة ملكية الدولة كانت نقطة الانطلاق، لكنها الآن تتحول إلى تطبيق فعلي، عبر التخارج المدروس من بعض القطاعات وإطلاق برنامج الطروحات من جديد، وهو ما يعيد الثقة للمستثمر المحلي والدولي".

كما أشار إلى أهمية التوازن بين الإصلاحات الاقتصادية والحماية الاجتماعية، مؤكدًا أن الحكومة نجحت في تخصيص موازنات غير مسبوقة لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، بزيادة 16.8% في بند الحماية الاجتماعية، و35% في مخصصات "تكافل وكرامة".

واختتم تصريحه قائلًا: "نحن أمام برنامج إصلاحي يستند إلى فكر تشاركي، يوازن بين السوق والعدالة، بين الكفاءة والرحمة، وهو ما نأمل أن يترجم إلى نتائج ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية".

ومن جهتها، قالت النائبة إيفلين متي، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن الحكومة المصرية دخلت مرحلة جديدة من الإصلاح الاقتصادي عنوانها "العمق والعدالة"، مشيرة إلى أن الانتقال من إجراءات مالية إلى إصلاحات هيكلية حقيقية هو ما تحتاجه الدولة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها الاقتصادي.

وأضافت في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن البرنامج الذي عرضه الدكتور مصطفى مدبولي يُبرز بوضوح نية الدولة في تغيير هيكل الاقتصاد المصري من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي، خاصة من خلال توطين الصناعة وتعزيز القطاعات القابلة للتصدير.

وأكدت متى أن الحكومة بدأت تُنفذ فعليًا خطوات نحو تعزيز التنافسية الصناعية من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع التوسع في المناطق الصناعية، وتقديم حوافز حقيقية للمستثمرين، مضيفة: "لا يمكن أن نبني اقتصادًا قويًا دون أن نُعيد الاعتبار للصناعة الوطنية".

وأشارت إلى أهمية ما جاء في خطة الدولة من التركيز على الابتكار وريادة الأعمال كجزء من الاقتصاد الجديد، الذي لا يعتمد فقط على البنية التحتية، بل على القدرات البشرية والبحث العلمي والتكنولوجيا، مؤكدة أن الموازنة الجديدة رصدت اعتمادات غير مسبوقة لدعم تلك المجالات.

وأوضحت متي أن لجنة الخطة والموازنة ستُولي اهتمامًا خاصًا بمراجعة جداول البرامج والأداء في الموازنة الجديدة، لضمان توافق ما يُصرف من أموال مع ما يتم تحقيقه من نتائج.

واختتمت النائبة حديثها قائلة: "نحن أمام فرصة ذهبية لتصحيح المسار، ولن نقبل أن تضيع. نجاح الإصلاح الاقتصادي يعتمد على وضوح الرؤية، ومتابعة التنفيذ، واستمرار الدعم للفئات المتضررة، وهو ما بدأت الحكومة فعليًا في تنفيذه ونحن سنكون سندًا لها في ذلك داخل البرلمان".

كما، قال النائب محمد بدراوي، عضو مجلس النواب، إن برنامج الحكومة الجديد يعكس تطورًا في الفكر الاقتصادي الرسمي للدولة، لا سيما في الانتقال إلى مفهوم الإصلاح الهيكلي طويل المدى القائم على الشراكة مع القطاع الخاص، ودعم الفئات الأولى بالرعاية.

وأكد في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن هذا التحول في المنهجية لم يعد رفاهية بل ضرورة وطنية، خاصة مع التحديات العالمية مثل التضخم، وأسعار الطاقة، وتقلبات الأسواق العالمية، والتي تؤثر على الاقتصاد المصري بشكل مباشر.

وأضاف بدراوي: "من المهم أن نُدرك أن نجاح أي برنامج إصلاحي لا يُقاس فقط بنيات جيدة، بل أيضًا بآليات تنفيذ واضحة، وقدرة مؤسسية، وإرادة سياسية. والحكومة أبدت التزامًا قويًا بتطبيق وثيقة سياسة ملكية الدولة، وبدعم القطاع الخاص ليصل إلى 50% من الاستثمارات الكلية خلال عام واحد".

وشدد على أهمية أن يتواكب هذا التوجه مع حماية حقيقية للمواطن البسيط، مشيدًا بزيادة مخصصات الحماية الاجتماعية، ورفع موازنة الدعم النقدي "تكافل وكرامة"، حيث قال: "هذه الأرقام تعني أن الدولة لا تنتهج إصلاحًا اقتصاديًا جافًا، بل تحاول إحداث توازن بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية".

كما طالب بدراوي بمزيد من الشفافية في متابعة نتائج البرامج الحكومية، وتقييم الأداء من خلال مؤشرات واقعية، وربط الإنفاق العام بتحقيق أهداف قابلة للقياس، داعيًا إلى تعزيز دور مجلس النواب في المتابعة الدقيقة والمستمرة لتنفيذ تلك السياسات.

واختتم تصريحه قائلًا: "برنامج الحكومة هو خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن الطريق ما زال طويلًا، والمطلوب هو الالتزام بالتنفيذ، والإيمان بأن المواطن هو الغاية الأساسية لأي إصلاح اقتصادي".

تأتي تصريحات رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في إطار إعلان الحكومة المصرية عن رؤيتها الجديدة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي ضمن برنامجها للفترة 2024/2025 – 2026/2027، والذي يحمل عنوان "معًا نبني مستقبلًا مستدامًا".

ويُعد البرنامج استكمالًا لمسار الإصلاح الذي بدأت مصر تطبيقه في عام 2016، والذي تضمن تحرير سعر الصرف، وإعادة هيكلة منظومة الدعم، وتنفيذ مشروعات كبرى في البنية التحتية والطاقة. إلا أن البرنامج الجديد يتميّز بالتحول نحو إصلاحات هيكلية أعمق وأشمل تستهدف تحسين نوعية النمو وليس فقط معدلاته.

من أبرز محاور البرنامج:

دعم وتمكين القطاع الخاص عبر إصلاحات قانونية ومؤسسية وإطلاق برنامج طروحات واسع النطاق.

توسيع قاعدة الاستثمار الصناعي والتجاري مع رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي.

تعزيز الحماية الاجتماعية من خلال زيادة الإنفاق على برامج مثل "تكافل وكرامة" بنسبة 35% ورفع مخصصات الحماية إلى 742.5 مليار جنيه.

الالتزام بالحوكمة والشفافية في إدارة الأصول العامة طبقًا لوثيقة سياسة ملكية الدولة، والتي وصفتها مؤسسات دولية بأنها الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تنفيذ إصلاحات مالية وضريبية تهدف إلى تحقيق العدالة وتوسيع القاعدة الضريبية دون الضغط على المواطنين.

يحظى البرنامج بدعم واسع من شركاء دوليين، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، حيث أعلنت المفوضية الأوروبية عن حزمة دعم مالي بقيمة 7.4 مليار يورو حتى عام 2027، في إطار الشراكة الاستراتيجية مع مصر.

طباعة شارك الإصلاح الاقتصادي القطاع الخاص إنعاش الاقتصاد الإصلاح الهيكلي برنامج الحكومة مجلس النواب الحكومة المصرية

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بسبب التوترات التجارية
  • أسعار النفط تتجه لمكاسب أسبوعية مع تراجع نبرة الحرب التجارية
  • محمد أنيس: التغييرات التجارية الأمريكية تؤثر على الاقتصاد العالمي
  • وزير الزراعة: رفع العقوبات خطوة نحو تحقيق الأمن الغذائي وتفعيل دور سوريا في الاقتصاد العالمي
  • اتفاق خفض الرسوم الجمركية.. مكسب للصين وأمريكا والعالم
  • هدنة الحرب التجارية تدفع بورصتي الصين وأمريكا للصعود
  • منذ اليوم.. نهاية الحرب التجارية بين أمريكا والصين رغم بقاء التعرفة أعلى من السابق
  • أسعار النفط تنخفض بفضل تهدئة الحرب التجارية وضعف الدولار
  • أكد نمو الإسهام الاقتصادي للقطاع.. الخطيب: رؤية المملكة أسهمت في جذب 100 مليون سائح
  • برلمانيون: الإصلاح الهيكلي هو طوق النجاة لإنعاش الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية