الجزيرة:
2025-05-13@06:29:44 GMT

حرب تجارية أميركية صينية والمتضرر الهند

تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT

حرب تجارية أميركية صينية والمتضرر الهند

وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، باتت الهند في قلب التداعيات غير المباشرة لهذه الحرب الاقتصادية. وكشف تقرير نشرته هيئة البث البريطانية بي بي سي عن تنامي القلق في الأوساط الصناعية والتجارية الهندية من إغراق تجاري صيني متزايد يهدد عددا من القطاعات الحيوية في البلاد.

قطاع الغزل أول المتضررين

وفي ولاية تاميل نادو الجنوبية، يعاني مصنع الغزل الذي يديره ثيرونافكارسو (64 عاما) من تباطؤ حاد في الإنتاج، بعد أن تراجعت الطلبات بنسبة تقارب 40% خلال شهر واحد فقط.

ويعود السبب إلى تدفق خيوط الفيسكوز الصينية إلى الموانئ الهندية بأسعار أقل بـ15 روبية لكل كيلوغرام (ما يعادل 0.18 دولار)، مما أدى إلى انخفاض الطلب على المنتج المحلي.

وأوضح ثيرونافكارسو: "لا يمكننا منافسة هذه الأسعار. المواد الخام لدينا أعلى تكلفة، وإذا استمر هذا الوضع، فإن بقاءنا في السوق مهدد".

منطقة الصباغة في أحد مصانع النسيج في الصين (غيتي)

وتُعد خيوط الفيسكوز مكونا أساسيا في صناعة الأقمشة المنسوجة. وإذ تُمثل الصين أكبر منتج لهذه المادة عالميًا، فإن الهند تعتمد بشكل رئيسي على الإنتاج المحلي مع استيراد كميات محدودة لتغطية الفجوات.

وحسب جادايش شاندرا، من رابطة المغازل في جنوب الهند، فإن قرابة 50 مصنعا صغيرا في مناطق باليبالايم، وكارور، وتيروبور باتت تعمل بأقل من طاقتها الإنتاجية، وبعضها يفكر جديًا في تقليص العمليات أو التوقف الكلي، إن لم تتحرك الحكومة سريعا لضبط السوق.

إعلان تطمين صيني

وفي مواجهة هذه الاتهامات، كتب السفير الصيني لدى الهند شو فايهونغ مقالًا في صحيفة "إنديان إكسبريس" قال فيه إن بلاده لا تمارس الإغراق ولا تسعى لتخريب اقتصادات الدول الأخرى، بل ترغب في استيراد المزيد من المنتجات الهندية عالية الجودة.

وقال في مقاله: "لن ننخرط في تنافس مدمّر ولا في إغراق السوق، ولن نعيق نمو الصناعات أو الاقتصادات في دول أخرى".

لكن المخاوف الهندية لا تقتصر على قطاع النسيج، فالقلق يمتد ليشمل الحديد والصلب، والكيميائيات، والمعادن النادرة، والإلكترونيات، إذ تُعد الصين المصدر العالمي الأكبر لمعظم هذه المنتجات.

الرسوم الأميركية

وفرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية تصل إلى 145% على السلع الصينية، مما دفع الشركات الصينية إلى البحث عن أسواق بديلة مثل الهند لتصريف فوائضها.

وعلى الرغم من استثناءات لبعض القطاعات (مثل الأدوية والهواتف الذكية ورقائق أشباه الموصلات)، فإن جزءا كبيرا من الصادرات الصينية أصبح يبحث عن منفذ جديد في الدول المجاورة.

ويشير تقرير لبيت الوساطة الياباني نومورا إلى أن الصين كانت بالفعل تُغرق الأسواق العالمية بالسلع الرخيصة قبل وصول ترامب إلى الحكم مطلع هذا العام، مما يعني أن الظاهرة ليست جديدة لكنها تفاقمت في الآونة الأخيرة.

شكاوى دولية

وشهد عام 2024 ارتفاعًا قياسيًا في عدد التحقيقات ضد واردات صينية، حيث سجّلت منظمة التجارة العالمية نحو 200 شكوى ضد بكين، بينها 37 شكوى قدمتها الهند وحدها.

ويأتي ذلك في وقت ارتفعت فيه واردات الهند من الصين بنسبة 25% في مارس/آذار الماضي، مدفوعة بشكل رئيسي بواردات الإلكترونيات والبطاريات والخلايا الشمسية.

وفي محاولة للحد من هذا التدفق، فرضت وزارة التجارة الهندية رسوما وقائية بنسبة 12% على بعض واردات الصلب، وبدأت تحقيقات تشمل قطاعات متعددة، من بينها الغزل الصناعي، كما أنشأت لجنة خاصة لمتابعة حركة الواردات الصينية الرخيصة.

العجز التجاري بين الهند والصين بلغ 100 مليار دولار، مما يعكس فجوة متنامية في الميزان التجاري (شترستوك)

إعلان الهند عالقة في تبعية هيكلية

ورغم جهود الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء ناريندرا مودي لتعزيز الصناعة المحلية ضمن حملة "اصنع في الهند"، فإن الخبراء يؤكدون أن الهند ما زالت تعتمد بشدة على الواردات الصينية، لا سيما في السلع الوسيطة.

ويقول الخبير التجاري بيسواجيت دار، من دلهي: "برامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج لم تنجح في تعميق القاعدة الصناعية. نحن نشجع التصنيع، لكننا نُغذي الواردات في الوقت نفسه".

وأضاف بأن نيودلهي يجب أن تستغل تحسن العلاقات الدبلوماسية مع بكين لفتح حوار جاد حول الممارسات التجارية الصينية، على غرار ما قامت به دول غربية مثل الاتحاد الأوروبي، الذي طالب مؤخرًا بضمانات صارمة من الصين بعدم إغراق أسواقه.

وتشير بيانات مبادرة البحوث العالمية للتجارة (GTRI) إلى أن الصادرات الهندية إلى الصين تراجعت إلى ما دون مستويات 2014، رغم ضعف الروبية، في حين بلغ العجز التجاري 100 مليار دولار، وهو ما وصفه الخبير أجاي سريفاستافا بأنه "تحذير هيكلي خطير".

وقال سريفاستافا في منشور عبر منصات التواصل: "هذه ليست مجرد فجوة تجارية. هذا خلل بنيوي في منظومة التصنيع. لا يمكن سد العجز دون سد فجوة القدرة التنافسية."

ويرى أكاش براكيش، من شركة "أمانسا كابيتال"، أن الخوف من الإغراق الصيني يُثبط شهية المستثمرين الهنود للتوسع في الصناعة، وهو ما أكدته دراسة صادرة عن وكالة التصنيف الائتماني "آي سي آر إيه".

ويختم التقرير بالإشارة إلى أن الصين تحاول تعديل صورتها عالميًا في ظل تزايد التدقيق الدولي، وتسعى بوضوح إلى توسيع علاقاتها التجارية بعيدًا عن واشنطن، بينما تجد الهند نفسها في معادلة صعبة: حماية صناعتها المحلية من الإغراق، دون تعطيل علاقتها بأكبر مصدر في آسيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

أحمد زكي: الصادرات المصرية في مأمن من تبعات الأزمة الهندية -الباكستانية

أكد أحمد زكي، أمين عام شعبة المصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الصادرات المصرية لن تتأثر إطلاقاً بالتطورات العسكرية بين الهند وباكستان، مشيراً إلى أن طبيعة التبادل التجاري بين مصر وهاتين الدولتين واستراتيجية التنوع الجغرافي التي تنتهجها مصر في صادراتها تضمن حماية الاقتصاد المصري من أي تداعيات سلبية.

توقع زكي أن التصعيد الحالي بين الهند وباكستان لن يستمر طويلا، ولن ينزلق إلى حرب شاملة أو حرب نووية بين الجانبين، ولكن ستكون هناك نقاط اشتباك وتصعيد محسوب، ومن ثم تراجع حتى لا تسقط اقتصاديات البلدين.

وأوضح  أن حجم التبادل التجاري بين مصر والهند بلغ 4.2 مليار دولار في عام 2024، وتستهدف البلدان الوصول به إلى 12 مليار دولار، وذلك وفقاً لما تم التوافق عليه خلال اجتماعات اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين التي عُقدت في سبتمبر 2024.

كما توجد 55 شركة هندية تنشط في السوق المصرية باستثمارات تتجاوز 3.75 مليار دولار.

أما بالنسبة لباكستان، فقد أكد زكي أن إجمالي التبادل التجاري بين القاهرة وإسلام أباد بلغ حوالي 400 مليون دولار في عام 2022، مع تركيز الصادرات المصرية على المنتجات الزراعية مثل البصل والثوم والحمضيات. وتسعى باكستان إلى توقيع اتفاقية تجارة تفضيلية مع مصر لرفع حجم التبادل التجاري إلى 4 مليارات دولار، مما يمثل زيادة بنسبة 900%.

وأضاف زكي أن هذه الأرقام تؤكد محدودية التعرض المصري لتداعيات الأزمة، حيث لا تمثل الصادرات إلى البلدين سوى نسبة ضئيلة من إجمالي الصادرات المصرية التي تتجاوز 45 مليار دولار سنوياً.

وأشار إلى أن تنوع الأسواق التي تعتمد عليها الصادرات المصرية في أفريقيا وأوروبا والعالم العربي يقلل من مخاطر الاعتماد على أي سوق بعينه، كما أن طبيعة الصادرات إلى الهند وباكستان، التي تركز على سلع استراتيجية ومواد خام، تضمن استمرار الطلب عليها بغض النظر عن التطورات السياسية.

ولفت زكي إلى أن العمليات العسكرية الجارية تتركز في المناطق الحدودية بين الهند وباكستان، بينما تواصل الموانئ الرئيسية مثل مومباي وكاراتشي عملها بكفاءة، مما يضمن استمرار تدفق السلع. وأكد أن هذا التوتر الإقليمي قد يحمل في طياته فرصاً جديدة للصادرات المصرية، خاصة في ظل بحث العديد من الدول عن بدائل للسلع الهندية والباكستانية.

سعر الدولار الأمريكي اليوم السبت 10-5-2025 فى مصرالتصديري للصناعات الكيماوية: 27 شركة مصرية تشارك في معرض "ليبيا بيلد – طرابلس"

وأشار أمين عام شعبة المصدرين إلى أن قطاعات المنسوجات والمنتجات الزراعية والمواد الكيماوية تمثل فرصاً واعدة لمصر في الأسواق الدولية حالياً، خاصة بعد تعطل بعض مصانع النسيج في منطقة بنجاب الباكستانية وتباطؤ الإنتاج في بعض المناطق المتأثرة بالصراع. 
وذكر أن مصر لديها فرصة ذهبية لتعزيز وجودها في أسواق كانت تعتمد بشكل شبه كامل على الهند وباكستان، خاصة في أفريقيا وجنوب شرق آسيا.

طباعة شارك الصادرات الصادرات المصرية الهند بالتطورات العسكرية الاقتصاد المصري

مقالات مشابهة

  • العالم بأكمله سيخسر إذا اشتعلت الحرب الهندية الباكستانية
  • تفاؤل أميركي في اليوم الثاني من محادثات تجارية مع الصين
  • الخارجية الهندية تتهم باكستان بانتهاك وقف إطلاق النار
  • القاهرة الإخبارية: دوى انفجارات فى جامو الهندية
  • محادثات أميركية صينية.. حوار متأخر ومجابهة اقتصادية عنيفة
  • ترامب: الهند وباكستان وافقتا على وقف النار بعد وساطة أميركية
  • محادثات صينية-أميركية في جنيف لمحاولة احتواء الحرب التجارية
  • إيكونوميست: هذه المواجهة الهندية الباكستانية مختلفة بشكل خطير
  • مقتل 13 مدنيا وإصابة 50 برصاص القوات الهندية في كشمير الباكستانية
  • أحمد زكي: الصادرات المصرية في مأمن من تبعات الأزمة الهندية -الباكستانية