حرب تجارية أميركية صينية والمتضرر الهند
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، باتت الهند في قلب التداعيات غير المباشرة لهذه الحرب الاقتصادية. وكشف تقرير نشرته هيئة البث البريطانية بي بي سي عن تنامي القلق في الأوساط الصناعية والتجارية الهندية من إغراق تجاري صيني متزايد يهدد عددا من القطاعات الحيوية في البلاد.
قطاع الغزل أول المتضررينوفي ولاية تاميل نادو الجنوبية، يعاني مصنع الغزل الذي يديره ثيرونافكارسو (64 عاما) من تباطؤ حاد في الإنتاج، بعد أن تراجعت الطلبات بنسبة تقارب 40% خلال شهر واحد فقط.
ويعود السبب إلى تدفق خيوط الفيسكوز الصينية إلى الموانئ الهندية بأسعار أقل بـ15 روبية لكل كيلوغرام (ما يعادل 0.18 دولار)، مما أدى إلى انخفاض الطلب على المنتج المحلي.
وأوضح ثيرونافكارسو: "لا يمكننا منافسة هذه الأسعار. المواد الخام لدينا أعلى تكلفة، وإذا استمر هذا الوضع، فإن بقاءنا في السوق مهدد".
وتُعد خيوط الفيسكوز مكونا أساسيا في صناعة الأقمشة المنسوجة. وإذ تُمثل الصين أكبر منتج لهذه المادة عالميًا، فإن الهند تعتمد بشكل رئيسي على الإنتاج المحلي مع استيراد كميات محدودة لتغطية الفجوات.
وحسب جادايش شاندرا، من رابطة المغازل في جنوب الهند، فإن قرابة 50 مصنعا صغيرا في مناطق باليبالايم، وكارور، وتيروبور باتت تعمل بأقل من طاقتها الإنتاجية، وبعضها يفكر جديًا في تقليص العمليات أو التوقف الكلي، إن لم تتحرك الحكومة سريعا لضبط السوق.
إعلان تطمين صينيوفي مواجهة هذه الاتهامات، كتب السفير الصيني لدى الهند شو فايهونغ مقالًا في صحيفة "إنديان إكسبريس" قال فيه إن بلاده لا تمارس الإغراق ولا تسعى لتخريب اقتصادات الدول الأخرى، بل ترغب في استيراد المزيد من المنتجات الهندية عالية الجودة.
وقال في مقاله: "لن ننخرط في تنافس مدمّر ولا في إغراق السوق، ولن نعيق نمو الصناعات أو الاقتصادات في دول أخرى".
لكن المخاوف الهندية لا تقتصر على قطاع النسيج، فالقلق يمتد ليشمل الحديد والصلب، والكيميائيات، والمعادن النادرة، والإلكترونيات، إذ تُعد الصين المصدر العالمي الأكبر لمعظم هذه المنتجات.
الرسوم الأميركيةوفرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية تصل إلى 145% على السلع الصينية، مما دفع الشركات الصينية إلى البحث عن أسواق بديلة مثل الهند لتصريف فوائضها.
وعلى الرغم من استثناءات لبعض القطاعات (مثل الأدوية والهواتف الذكية ورقائق أشباه الموصلات)، فإن جزءا كبيرا من الصادرات الصينية أصبح يبحث عن منفذ جديد في الدول المجاورة.
ويشير تقرير لبيت الوساطة الياباني نومورا إلى أن الصين كانت بالفعل تُغرق الأسواق العالمية بالسلع الرخيصة قبل وصول ترامب إلى الحكم مطلع هذا العام، مما يعني أن الظاهرة ليست جديدة لكنها تفاقمت في الآونة الأخيرة.
شكاوى دوليةوشهد عام 2024 ارتفاعًا قياسيًا في عدد التحقيقات ضد واردات صينية، حيث سجّلت منظمة التجارة العالمية نحو 200 شكوى ضد بكين، بينها 37 شكوى قدمتها الهند وحدها.
ويأتي ذلك في وقت ارتفعت فيه واردات الهند من الصين بنسبة 25% في مارس/آذار الماضي، مدفوعة بشكل رئيسي بواردات الإلكترونيات والبطاريات والخلايا الشمسية.
وفي محاولة للحد من هذا التدفق، فرضت وزارة التجارة الهندية رسوما وقائية بنسبة 12% على بعض واردات الصلب، وبدأت تحقيقات تشمل قطاعات متعددة، من بينها الغزل الصناعي، كما أنشأت لجنة خاصة لمتابعة حركة الواردات الصينية الرخيصة.
العجز التجاري بين الهند والصين بلغ 100 مليار دولار، مما يعكس فجوة متنامية في الميزان التجاري (شترستوك)
إعلان الهند عالقة في تبعية هيكليةورغم جهود الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء ناريندرا مودي لتعزيز الصناعة المحلية ضمن حملة "اصنع في الهند"، فإن الخبراء يؤكدون أن الهند ما زالت تعتمد بشدة على الواردات الصينية، لا سيما في السلع الوسيطة.
ويقول الخبير التجاري بيسواجيت دار، من دلهي: "برامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج لم تنجح في تعميق القاعدة الصناعية. نحن نشجع التصنيع، لكننا نُغذي الواردات في الوقت نفسه".
وأضاف بأن نيودلهي يجب أن تستغل تحسن العلاقات الدبلوماسية مع بكين لفتح حوار جاد حول الممارسات التجارية الصينية، على غرار ما قامت به دول غربية مثل الاتحاد الأوروبي، الذي طالب مؤخرًا بضمانات صارمة من الصين بعدم إغراق أسواقه.
وتشير بيانات مبادرة البحوث العالمية للتجارة (GTRI) إلى أن الصادرات الهندية إلى الصين تراجعت إلى ما دون مستويات 2014، رغم ضعف الروبية، في حين بلغ العجز التجاري 100 مليار دولار، وهو ما وصفه الخبير أجاي سريفاستافا بأنه "تحذير هيكلي خطير".
وقال سريفاستافا في منشور عبر منصات التواصل: "هذه ليست مجرد فجوة تجارية. هذا خلل بنيوي في منظومة التصنيع. لا يمكن سد العجز دون سد فجوة القدرة التنافسية."
ويرى أكاش براكيش، من شركة "أمانسا كابيتال"، أن الخوف من الإغراق الصيني يُثبط شهية المستثمرين الهنود للتوسع في الصناعة، وهو ما أكدته دراسة صادرة عن وكالة التصنيف الائتماني "آي سي آر إيه".
ويختم التقرير بالإشارة إلى أن الصين تحاول تعديل صورتها عالميًا في ظل تزايد التدقيق الدولي، وتسعى بوضوح إلى توسيع علاقاتها التجارية بعيدًا عن واشنطن، بينما تجد الهند نفسها في معادلة صعبة: حماية صناعتها المحلية من الإغراق، دون تعطيل علاقتها بأكبر مصدر في آسيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
386 ألف علامة تجارية مُسجّلة بالإمارات بنهاية مايو
أبوظبي (الاتحاد)
وقّعت وزارة الاقتصاد مذكرة تفاهم مع جمعية الإمارات للملكية الفكرية، بهدف تعزيز التعاون المشترك في تنفيذ برنامج تدريبي مخصص لوكلاء تسجيل العلامات التجارية في الدولة، يهدف إلى تزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة للحصول على شهادة اعتماد تؤهلهم لتمثيل العملاء في إجراءات تسجيل العلامات التجارية.
وتشهد العلامات التجارية في الدولة نمواً متواصلاً، حيث وصل عددها إلى 385,774 تجارية وطنية ودولية مُسجّلة في الأسواق الإماراتية، و388 وكيل تسجيل علامة تجارية بنهاية مايو من العام الجاري، وهو ما يعكس جاذبية الدولة بوصفها مركزاً إقليمياً وعالمياً للعلامات التجارية وبيئة أعمال تنافسية ومبتكرة.
وقّع المذكرة عبدالله أحمد آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد، واللواء الدكتور عبدالقدوس عبدالرزاق العبيدلي، مساعد القائد العام لشؤون التميز والريادة بشرطة دبي، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للملكية الفكرية، وبحضور الدكتور عبدالرحمن حسن المعيني، الوكيل المساعد لقطاع الملكية الفكرية بوزارة الاقتصاد.
وفي هذا الصدد، قال عبدالله آل صالح: «تحرص وزارة الاقتصاد على مواصلة جهودها في تطوير الأطر التنظيمية والتشريعية لقطاع الملكية الفكرية، باعتباره أحد القطاعات الحيوية لتعزيز نمو وتنافسية الاقتصاد الوطني، وفي هذا الإطار تمثل الشراكة الجديدة مع جمعية الإمارات للملكية الفكرية، خطوة مهمة لتعزيز كفاءة مكاتب وكلاء تسجيل العلامات التجارية في الدولة، وزيادة أعدادها وفق أفضل الممارسات المتبعة، وكذلك تسهيل إجراءات التسجيل، وتقديم خدمات متميزة لأصحاب العلامات التجارية».
ومن جانبه، صرّح اللواء الدكتور عبدالقدوس عبدالرزاق العبيدلي، رئيس جمعية الإمارات للملكية الفكرية: «نفخر بهذا التعاون البنّاء مع وزارة الاقتصاد لتقديم برنامج تدريبي نوعي يدعم جهود الدولة في بناء كوادر وطنية مؤهلة في مجال الملكية الفكرية، ويُنفّذ البرنامج من خلال مركز ضاحي خلفان للملكية الفكرية المعتمد محلياً من هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، ودولياً من خلال تعاوننا مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، بما يضمن تقديم تدريب احترافي بمعايير دولية. كما نُشرك في تنفيذ البرنامج نخبة من الخبراء والممارسين القانونيين المتخصصين في المجال، لضمان نقل معرفة دقيقة وشاملة للمشاركين».
وتابع: «يغطي البرنامج مجموعة من الموضوعات الحيوية في مجال العلامات التجارية، من بينها القوانين المحلية والدولية، اتفاقيات مثل بروتوكول مدريد، وإجراءات التسجيل، والاعتراضات، والتجديدات، إلى جانب محاكاة للاختبارات الرسمية»، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تأتي في إطار سعي الطرفين إلى تمكين الممارسين القانونيين والعاملين في القطاع من مواكبة التطورات التشريعية والفنية في مجال تسجيل العلامات التجارية، وتعزيز البيئة الابتكارية والتنافسية لدولة الإمارات.
وبموجب مذكرة التفاهم الموقعة، تتولى وزارة الاقتصاد توفير الدعم الفني والإرشادات اللازمة المتعلقة بمتطلبات التدريب والاختبارات لاعتماد وكلاء تسجيل العلامات التجارية، فيما تضطلع جمعية الإمارات للملكية الفكرية بتنظيم الدورات التدريبية المخصصة لتأهيل الوكلاء، وفقاً للضوابط والمعايير المحددة في القرار الوزاري المعني، كما سيعمل الطرفان على تزويد المشاركين في البرنامج التدريبي بالمعرفة الفنية والتطبيقية الخاصة بإجراءات قيد العلامات التجارية في الدولة، بما يعزز من التزامهم بأعلى معايير المهنية والأخلاقية.
وتوفر وزارة الاقتصاد عبر موقعها الإلكتروني خدمة «قيد وكيل تسجيل العلامة التجارية»، والتي تتيح للمتعاملين التقدم بطلب قيدهم في سجل الوكلاء لمزاولة نشاط تسجيل علامات تجارية، إلى جانب خدمة تسجيل علامة تجارية جديدة.