حين تصبح كشمير "عروس الوطن".. لماذا اختارت الهند اسم "السِندور" لعمليتها ضد باكستان؟
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
ما هي دلالات اختيار الهند اسم "عملية السندور" على عمليتها العسكرية ضد باكستان في كشمير؟ وهل للاسم معانٍ أبعد مما يبدو في ظاهر الأمر؟ اعلان
أثار إطلاق الهند على عمليتها العسكرية ضد باكستان اسم "السِندور" تساؤلاتٍ حول دلالات الاختيار، وارتباطه بالسياق الجاري بين البلدين في قضية كشمير، وبالصراع الأوسع الذي تحول إلى سلسلة من الحروب المحدودة بين القوتين النوويتين.
والأمر يبدو أنه يهدف إلى استحضار منظومة من الرموز الثقافية والدينية، توظّفها الهند في لحظة توتّر سياسي لترسيخ سرديّة سيادية، على الأرض كما على المعنى ذاته. فما هو "السندور"؟ ولماذا يبدو أن اختيار الاسم أعمق بكثير من مجرد صدفة بيروقراطية أو استهلاك إعلامي؟
السندور، في المخيال الثقافي للهندوسية، هو أكثر من مجرد مادة حمراء يتم ذرّها فوق شعر المرأة المتزوجة، بل هو إعلان اجتماعي علني عن الرباط الزوجي، وعلامة تُظهر الحماية، الانتماء، والاستمرارية. يوضع في خط الشعر الأمامي، وهو ما يجعل رمزيته أقرب ما تكون إلى الجبين (مركز الهوية والكرامة).
وتستعير الدولة الهندية هذه الرمزية وتُسقطها على الإقليم الأكثر نزاعًا في تاريخها الحديث: كشمير. فكما أن السندور في الأعراف الاجتماعية يُحافظ على رباط الحياة، فإن عملية "السندور" تأتي -وفق خطاب نيودلهي- لتأكيد أن كشمير جزءٌ لا يتجزأ من "جسد الوطن"، تُمسح جبينه بهذا الرمز ليُعلن ولاءه الأبدي لسلطة "الزوجة الكبرى": الأمة الهندية. (وهنا يمكن استحضار استقلال الهند عن بريطانيا، وتفكك شبه الجزيرة الهندية بين باكستان وبنغلادش والهند).
Relatedإسلام أباد تعلن إسقاط عدة طائرات هندية بعد قصف نيودلهي مواقع في كشمير وباكستانمقاتلات هندية تنسحب من أجواء كشمير بعد تحرك باكستاني فوريأزمة كشمير: وزير الخارجية الإيراني يزور إسلام أباد في مهمة وساطة بين الهند وباكستانبهذا المعنى، فإن الهند تُطلق النار في ظل معنى جديد للسيادة، كفعلٍ سياسي من ناحية، وكطقسٍ مقدّس من ناحية ثانية. وكأنها تُحوّل النزاع إلى شعيرة وطنية تُمارَس لتكريس "العقد الاجتماعي" بين كشمير والأمة والأرض.
في قلب المعنىما يُلفت النظر في هذا التوظيف الرمزي هو التحول في طبيعة الخطاب السيادي نفسه. فالهند، منذ تولي حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة ناريندرا مودي، بدأت تتخلى تدريجياً عن خطاب الدولة الوطنية العلمانية، متبنية بدلاً من ذلك سردية تقوم على تأصيل الهوية الهندوسية كإطار مؤسس للدولة.
"السندور"، إذًا، ليس فقط ردًا عسكريًا على عمليات عبر الحدود، بل تعبير عن رغبة دفينة في "هندسة الهوية الوطنية" لكشمير نفسها، عبر إخضاعها لرموز ثقافية هندوسية أبعد من تركيبتها المجتمعية المتنوعة، بل تُقْصيها. إنه إعلان ثقافي قبل أن يكون عسكريًا، وإعادة ترسيم للحدود، لا عبر الخرائط، بل عبر الرموز والمعاني.
رسائل محتملة إلى الداخل والخارجفي الداخل، تخاطب عملية "السندور" القاعدة الانتخابية الهندوسية عبر استعارات مألوفة ووجدانية، تعيد صياغة الصراع الجغرافي بلغة الشرف الأسري، والحماية، والأنوثة المقدسة. أما في الخارج، فترسل العملية إشارة تحدٍ مزدوجة: إلى باكستان، عبر ترسيخ فكرة السيادة الثقافية لا الجغرافية فقط، وإلى المجتمع الدولي، بتقديم الصراع بوصفه إعادة ترتيب للشرعية التاريخية لا مجرد حرب حدود.
لكن الأخطر من الرسالة هو صيغتها. فاللجوء إلى الرموز الدينية في سياق جيوسياسي ملتهب يزيد من قابلية الانزلاق إلى صراعات طائفية. فحين يُحرم العدو من "اللغة المشتركة" (أي الرموز التي يمكن أن تُفهم عالميًا بوصفها محايدة) يصبح الفعل العسكري نفسه طقسًا للنبذ، يُقصي الآخر من الأرض، ومن الانتماء الرمزي للأمة.
رمزٌ يتأرجح بين الحب والحربحين يُستخدم رمز الزوجة المحمية (السندور) في وصف عملية عسكرية، تتحول كشمير من ساحة صراع إلى "امرأة مستردة" في خيال الدولة، ما يحمل إيحاءات عنيفة وخطيرة. إذ تختزل هذه الاستعارة سكان الإقليم (بغالبيتهم من المسلمين) في موقع "المفعول به"، وتُكرّس خطابًا سلطويًا يُقصي حقّهم في تقرير المصير، ويعيد إنتاج مفاهيم التملّك لا التعايش.
كأن الدولة تقول: "كشمير هي زوجتنا الشرعية، والسندور الذي نضعه فوق رأسها هو دم السيادة"، دون أن تأبه بموافقة هذه الزوجة الرمزية، أو بانتماءاتها الدينية والاجتماعية.
وهكذا، فإن "عملية السندور" تمثل إعلاناً عن لحظة تحوّل في الخطاب السياسي الهندي، تُستخدم فيها الرموز القديمة في مقاربة مشروعات جديدة.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة حركة حماس سوريا باكستان إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة حركة حماس سوريا باكستان باكستان كشمير الهند إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة حركة حماس سوريا باكستان الضفة الغربية هجمات عسكرية الهند الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أحمد الشرع
إقرأ أيضاً:
باكستان تعلن بدء عملية "البنيان المرصوص" ضد الهند.. وتسقط 77 مسيّرة إسرائيلية
أعلن الجيش الباكستاني فجر السبت إطلاق عملية "البنيان المرصوص" التي تستهدف قواعد ومعسكرات الجيش الهندي.
وبالتزامن، أغلقت باكستان مجالها الجوي أمام كافة الطائرات القادمة والمغادرة.
وأظهرت مشاهد لحظة قصف الجيش الباكستاني مواقع ومعسكرات للجيش الهندي، ووثقت مشاهد لقصف قاعدتي "باثانكوت" و"أودامبور" الجويتين في الهند.
وقبل ساعات، قالت باكستان، إنها أسقطت 77 طائرة مسيّرة هجومية إسرائيلية الصنع تابعة للهند، في أحدث تصعيد بين الجانبين على خلفية هجمات متبادلة.
جاء ذلك على لسان مدير إدارة العلاقات العامة في الجيش الباكستاني الفريق أحمد شريف تشودري، خلال مؤتمر صحفي تناول فيه تطورات الأوضاع العسكرية في المنطقة، بحسب ما أوردته صحيفة "داون" المحلية.
وأكد تشودري، أن حصيلة القتلى المدنيين جراء الهجمات الهندية ارتفعت إلى 33 مدنيا، في حين بلغ عدد المصابين 62 شخصا، متهمًا الهند بـ"العدوان المتعمد واستهداف المناطق المدنية".
وفي رده على المزاعم الهندية بشأن إسقاط طائرات باكستانية أو تنفيذ باكستان لهجمات داخل الهند، قال تشودري: "على الهند أن تعرض حطام طائرة واحدة على الأقل إن كانت صادقة".
وكشف أن الجيش الباكستاني لم يفقد أيًا من عناصره في الاشتباكات بين البلدين، رغم وجود مصابين في صفوفه.
ووجّه تشودري، رسالة إلى الهند قال فيها: "إذا كنتم تستمتعون بردنا، فسنلبي طلبكم في الزمان والمكان وبالوسيلة التي نختارها".
وتابع: "نحن مستعدون لكل الاحتمالات. وإذا قرروا مواصلة التصعيد، فليعلموا أننا من سينهي ما بدؤوه"، قبل أن ترد باكستان بالفعل فجرا.
والخميس، أفادت وسائل إعلام هندية، بأن باكستان نفذت ضربات استهدفت مخازن ذخيرة في الجانب الهندي من إقليم جامو وكشمير، وهو ما نفته وزارة الخارجية الباكستانية لاحقًا، مؤكدة أن المزاعم بشأن هجمات في منطقتي باثانكوت وسريناغار، "لا أساس لها من الصحة".
جدير بالذكر أن الهند أطلقت في 6 أيار/ مايو الجاري، ضربات صاروخية استهدفت ما وصفته بـ"أوكار إرهابية" داخل الأراضي الباكستانية، ردًا على هجوم دامٍ وقع في 22 نيسان/أبريل الماضي، في منطقة باهالغام، وأسفر عن مقتل 26 شخصًا.
وبحسب نيودلهي، استهدفت ضرباتها 9 مواقع تابعة لجماعات مسلحة، فيما قالت إسلام آباد إن الضربات أصابت 6 مواقع مدنية وأدت إلى مقتل 33 شخصًا وإصابة 62 آخرين.
كما أعلنت باكستان أنها أسقطت 5 طائرات حربية هندية خلال الهجوم، وهو ما لم تؤكده السلطات الهندية بعد.