هل يمكن للعالم الرقمي أن يُطيل أعمارنا؟
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
لم يعد التفكير في "تحميل الوعي" أو "العيش الرقمي" حكرًا على الخيال العلمي، بل أصبح موضوعًا يحظى باهتمام متزايد في الأوساط الأكاديمية والتقنية.
فمع التقدم الهائل في علوم الأعصاب الحاسوبية، وواجهات الدماغ-الحاسوب، والذكاء الاصطناعي، باتت الفكرة تُناقش بوصفها أحد المسارات الممكنة لتطوّر العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا.
تتعمق اليوم فرضية أن العقل البشري ليس سوى شبكة من الأنماط العصبية القابلة للتحليل والمحاكاة، وأن الإدراك والذاكرة والشعور بالذات يمكن – نظريًا – إعادة إنتاجها رقميًا داخل بيئات اصطناعية. في هذا الأفق، تلوح إمكانات غير مسبوقة: أن تنتقل الحياة من الجسد إلى السحابة، وأن يعيش الإنسان، بشكل أو بآخر، بعد الموت البيولوجي في عالم رقمي محوسب.
بعيدًا عن أطروحات نظرية المحاكاة، يكتسب هذا التوجّه العلمي زخمًا متزايدًا، مدفوعًا بتقدم تكنولوجيا واجهات الدماغ- الحاسوب التي تسمح بقراءة الإشارات العصبية وربما إعادة إنتاجها.
في مختبرات مثل "مختبر التجسيد الافتراضي" بجامعة ساسكس، يعمل الباحثون على بناء بيئات غامرة تُحاكي التجربة الإدراكية البشرية بكل تعقيدها، محاولةً محاكاة الشعور بالهوية الذاتية والذاكرة والانفعالات داخل فضاء رقمي.
إعلانوفي مراكز مرموقة مثل مركز العقول والآلات التابع لمعهد MIT، تتواصل الجهود لفهم البنية العصبية للذكاء البشري تمهيدًا لمحاكاتها خوارزميًا، الأمر الذي يغذي طموحات "العيش الرقمي" بوصفه مشروعًا علميًا قيد التشكّل.
ورغم أن هذه التصورات لا تزال بعيدة عن التطبيق الكامل، فإنها تفرض تحديات فلسفية وأخلاقية عميقة حول معنى الوعي وحدوده، وحول ما إذا كان بالإمكان فعلًا نقله من بيئة عضوية إلى أخرى رقمية. هل الوعي مجرّد نشاط كهربائي يمكن ترميزه؟ أم أنه يتجاوز حدود ما يمكن للآلة إدراكه؟ ماذا يحدث للروح، للنية، للشعور بالزمن والانتماء؟ في قلب هذه الأسئلة يتداخل البعد العلمي بالميتافيزيقي، ويُطرح التوتر بين محاكاة التجربة الإنسانية من جهة، وتجسيدها الحقيقي من جهة أخرى.
تظهر في هذا السياق نماذج تخيّلية مثل "دماغ ماتريوشكا" – بنية افتراضية تعتمد على طاقة نجمية هائلة لإدارة حضارات رقمية بالكامل داخل طبقات حوسبة متراكبة – لتجسّد أقصى ما يمكن أن تبلغه هذه التصورات من طموح: أن تصبح الحياة ذاتها مشروطة بالبقاء في الذاكرة الرقمية، لا في الجسد، وأن تصبح "الهوية" شيئًا قابلًا للنسخ والتعديل والحفظ.
ولكن هذه الرؤى – رغم إبهارها – تثير أيضًا قلقًا وجوديًا مشروعًا: هل يكفي أن تُحاكى الذاكرة والسلوك لكي نقول إننا ما زلنا أحياء؟ أم أن الإنسان يتجاوز مجرّد أنماط يمكن تمثيلها رقميًا؟
هنا تبرز الرؤية الدينية كخطاب موازٍ يرفض اختزال الإنسان في بيانات قابلة للترميز. في التصور الديني، لا يُختزل الوعي في تفاعلات عصبية ولا في رموز خوارزمية، بل هو متّصل بنفخة إلهية، وبمصير يتجاوز الحياة المادية.
الموت ليس مجرّد توقف للوظائف البيولوجيّة، بل هو انتقال إلى طور آخر من الوجود لا يمكن للتكنولوجيا إدراكه أو تمثيله. وعليه، فإنّ كل محاولات "تحميل الوعي" تبقى، في أفضل الأحوال، محاولات لمحاكاة القشرة الظاهرة من التجرِبة الإنسانية، دون النفاذ إلى جوهرها الروحي.
إعلانورغم كلّ التقدّم في أدوات المحاكاة، تظلّ هناك فجوة لا يمكن ردمها بسهولة بين ما يمكن للآلة أن تحققه، وما يجعل الإنسان إنسانًا حقًا: الشعور بالمعنى، القدرة على التأمل، الإيمان، الحَيرة، التوق إلى الخلود بمعناه الأخلاقي والروحي، لا الرقمي فقط.
صحيح أنّ الخوارزميات قد تتمكن من إعادة إنتاج السلوك البشري، وربما المشاعر المصطنعة، لكن هذا لا يعني أننا نقلنا "الوعي" فعلًا، بل أننا بنينا "مرآة" رقمية له، بلا ذات ولا عمق.
إنّ التقدّم الهائل في علوم الدماغ والواجهات الذكية والبيئات الافتراضية يفتح أمام البشرية أبوابًا جديدة لإعادة تعريف الذات والوجود، ليس فقط من منظور تكنولوجيّ، بل من منظور وجوديّ عميق.
لم يعد الإنسان مجرّد كائن بيولوجيّ يخضع لقوانين الفناء، بل مشروعًا مفتوحًا لإعادة التّشكيل، يمكن له أن يتجاوز حدوده الجسديّة ويتجسّد في صور جديدة من الوجود الرقْمي.
ومع ازدياد الحديث عن تحميل الوعي والعيش الرقمي، يدخل الإنسان مرحلة جديدة من الحوار مع ذاته، تتجاوز الأسئلة التقليدية حول الهوية والمصير، لتطرح إشكاليات أكثر جذرية: من نكون حين ننفصل عن أجسادنا؟ هل يمكن للهوية أن تظل متماسكة إذا ما انتُزعت من سياقها العضوي وزُرعت في بيئة اصطناعية؟ هل يكفي أن تبقى أنماط وعينا محفوظة في خوادم ذكية حتى نستحق أن نُسمى "أحياء"؟ وما الذي يجعل الوعي حيًّا أصلًا: استمرارية البيانات؟ أم الحضور الذاتي، والشعور الأخلاقي، والقدرة على المعاناة، وتطلّع الأمل؟
وفي موازاة هذه الأسئلة، يلوح احتمال آخر لا يقل إثارة للدهشة والأسى معًا، وهو إمكانية إطالة عمر الإنسان عبر تدخلات بيولوجية ورقمية، تطيل من فعالية الجسد أو تُحاكيه حين ينهار. لكن السؤال الأعمق يبقى: هل تطويل العمر يعني تطويل الحياة، أم مجرّد تمديد للزمن دون المعنى؟ وماذا يحدث للذات حين يُصبح الزمن نفسه مشروعًا تكنولوجيًا؟
إعلانفي هذه اللحظة المفصلية، لا يواجه الإنسان فقط تحدي التكنولوجيا، بل تحدي المعنى. فالمسألة لا تتعلق بإمكانية العيش الرقمي أو إطالة العمر بوصفهما إنجازين علميين، بل بقدرتهما على احتواء عمق التجربة الإنسانية بكل ما تنطوي عليه من هشاشة وغموض وحنين إلى ما لا يُختزل في معادلات.
قد تمنحنا هذه التقنيات امتدادات غير مسبوقة للوجود، وقد ننجح في محاكاة جوانب من وعينا داخل أنظمة رقمية فائقة الذكاء. بل قد نعيش أكثر، وأطول، وربما بأجساد أكثر قدرة، وذكريات محفوظة في سُحب ذكية. ومع ذلك، ما لا يجب أن نغفله هو أن الإنسان، في جوهره، ليس مجرد كائن معلوماتي.
فالوعي ليس فقط ما نعرفه، بل أيضًا ما نجهله عن أنفسنا، وما نشعر به دون أن نستطيع ترجمته. وبينما تتسابق التقنيات لمحاكاة الإنسان وإطالة عمره، تذكّرنا الروح بأن هناك دائمًا ما يفلت من المحاكاة، وهو: المعنى.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ما تحت الحرب.. أو الوعي المأساوي المستحكم
ما تحت الحرب.. أو الوعي المأساوي المستحكم
د. وجدي كامل
كل الشواهد والمؤشرات المرسلة من مراكز حركتنا الاجتماعية والسياسية والثقافية السودانية وأطرافها ومنذ وقت طويل تدل وتدلل على أن وعياً مأساوياً ما نحمله ويتغذى منا يعيق معرفة التاريخ وما تحت سطوره وعلاقاته المشتبكة ورواياته الخفية.
ولكن ما يزيد على ذلك كون أن ذلك الوعي بات يزداد تشكلا ومع مرور الأيام كوعي عائق لذات عجلات الحياة بتجميدها وتعطيلها وجعلها حياة رتيبة ومتقهقرة تمضي إلى موات ومن ثم إلى حرب بدلا عن المضي أماما والتقدم.
فحياتنا ومنذ قرون تكاد لا تبعث فتوحات حضارية وتطورات جمعية رأسية ونوعية بقدر ما تسجل حزمة من التبعيات المتسلسلة ما قبل الاستقلال وما بعده. بل يمكن وصف أن ما جرى ويجري قد تم على أداءات وتصميمات عقلية واحدة حكمت عملها منظومة من المفاهيم المشتركة غير المؤيدة لتنمية التفكير والعمل المنتج المحسن لجودة الحياة.
وطبقا للمائة عام الأخيرة فإن قيادة أمر المجتمعات وتشكيل ثقافاتها المدنية قد اطلعت به طبقة وسطى من كبار وصغار الأفندية والحرفيين والعسكريين، فكانت ذات سهم في التبعية لتنتج تجارب شتى فشلت في صياغة مشروع وطني مستقر ومتجاوز. فقد اتجهت وطارت طلائع وعي المتعلمين أو الخريجين شمالا إلى مصر ورأوا في تجربتها السياسية والأدبية مثالا يجدر الاقتداء به فأعادوا إنتاجه سودانياً.
ولا ضير أن تتأثر تجارب البلدان بعضها ببعض ولا مندوحة من التأثر الإيجابي ولكن فالطبقة الهشة وباعتبارها الابنة المدللة للدولة المصنوعة كولونياليا كانت قد الفت ورعت التناقضات والثنائيات وربت في عقول ناشطيها نرجسية وغلوا في تزكية الذات والفردانية التي شجعتها نظم المنافسة المدرسية على التفوق الفردي والفوز بالوظيفة الحكومية (الميري) مما أدى إلى فصلهم عن مهام المساهمة أحيانا في بناء الوعي بالواقع الاجتماعي وتعدد نماذجه وتنوعها واعتبار أن كل ما هو خارج المركز الجغرافي هامشا لا قيمة لدراسته وتوقعات تطوره مما حدا ببعض المثقفين ككامل محجوب للدعوة للهجرة الريفية واعتماد صيغة انطلاق الثورة من الأرياف كصيغة من صيغ التمرد وسياقاته على العقلية الثورية الاشتراكية المركزية.
ويمكن وصف أن في عدم تبني المشاريع الوطنية الواقعية وقصور نفاذ التفكير السياسي لمتطلبات التنمية الإدارية والتعليمية (من حيث النوع واتساق المحتوى التعليمي التطبيقي حسب الإقليم والمنطقة) قد أعاق التجربة وضربها في مقتل. فثمة أسئلة تنهض هنا على شاكلة لماذا لم تقم كلية الزراعة بجامعة الخرطوم في الجزيرة مثلا حيث أكبر مشروع اقتصادي بالبلاد آنذاك؟ ولماذا لم تؤسس كلية الجيولوجيا بالنيل الأزرق أو ولاية نهر النيل أو دارفور حيث الثروات المعدنية والموارد الطبيعية المعدنية.
أكثر من ذلك فإن ما سمي بالتعليم الفني كان ما يستحق التوسعة والتوسيع وبناء القدرات في كافة مدن السودان بدلا عن كلية يتيمة تقبع بالعاصمة الخرطوم؟ فالتعليم الذي خطط له وصنعت مخرجاته السياسات التعليمية ثبت انه وفي جملة محتوياته قد دفع بالمتعلم للانفصال عن بيئته بدلا عن الاتصال بها وبأسئلة التطور التطبيقية وخدمة واقع الحياة الاجتماعية على نظم ونماذج دقيقة من التنمية.
فمئات الآلاف من الخريجين ومنذ نشأة التعليم لم تتمكن وحتى الآن من تحويل معارفهم العلمية إلى أسلوب تنموي علمي يمكن بدوره من النهوض بأبنية الوعي للمجتمعات ويؤثر تنمويا عليها. بل إن حقيقة ما حدث هو أن المجتمعات في أريفتها وقعودها ونبذ مؤسساتها الاجتماعية الأهلية التقليدية ولكي تحافظ على نمط العيش وما ترتبط به من مصالح هي من أثرت على سلاسل المتعلمين عبر السنين فجعلت من تعليمهم تعليما مظهريا يشغل الوظائف ويطلب ود التفاخر بالشهادات أكثر من خدمته لقضايا ومشكلات الواقع المعقد. والمتعلم وإن تجلت خدماته وبذلت في حقول مثل التعليم والصحة والهندسة ومجالات أخرى إلا أن كل ذلك جاء بما يشبه المهام الوظيفية الواجبة المقررة بتوفر متواضع لمخرجات التفكير الابتكاري والتفكير التحويلي التطبيقي الداعم لتنمية الواقع المحيط.
غير أن مأساوية الوعي لا تقف هنا بل تذهب إلى عادة الهدم المنظم والمتواتر لإنجازات متواضعة كانوا قد حققوها في الخدمة المدنية وضروب العمل الحكومي والخاص فباتوا يقتاتون مما صنعوه قبلا واعتبروه مجدا وفتوحات خارقة.
وإذا ما كان هناك استثناء من بين كل ذلك فالحياة الشعرية والفنية الموسيقية والغنائية والأدبية وكل متعلقات الإنتاج الأدبي والفني تكاد تصبح هي من أفضل ما قدمه السودانيون خلال المائة عام المنصرمة من داخل منظومة الطبقة الوسطى المركزية مع تطبيقات سياسية متنوعة عبر أحزاب سياسية وعسكرية فشلت إلى الآن في إقامة الحكم الوطني التنموي الديمقراطي المشتغل بفكرة تأسيس ورعاية سياسات النهضة التنموية.
غير أن الأقرب والمباشر الذي يساعد في قراءة الوعي المأساوي يتمثل في ارتباط وعي المتعلم بالفضاء التقليدي الديني والأدبي والمدرسي الذي يخشى في جوهر تراكيبه نقد ما كان والعمل على إعادة تخليقه وبحيث ساهم في الفرجة على الواقع واكتفى بالعمل على هوامش مادته بدلا عن عمله بأفكار التنمية ومهامها العاجلة. وعلى تراكم تأجيل المهام لبناء سياسات وطنية ذكية وضالعة في التنمية وأهدافها تفاقمت المأساة الوجودية للسودان والسودانيين.
ويظل سؤال لماذا حدث ويحدث كل ذلك سؤالا مقلقا لمضاجع العديدين ممن يشتغلون بموضوعات التفكير النقدي ولهم في تفسيره أطروحات وآراء وإن كانت لا تزال تواجه المقاومة الشرسة من حراس فكرة ليس بالإمكان أبدع مما كان.
أقرب التفسيرات الغالبة لما يجري تتصل برعاية وتبني وتأييد وعي مأساوي بالحياة نفسها التي يحسبها العقل الجمعي المتواطئ مع تراثه الصوفي وباعتبار عدائه للتنمية إنها دار خراب وليس عمار وتنمية وأن من يجنح إلى عمار الدنيا يخرب آخرته.
والمفهوم الصوفي هذا للدنيا يجردها من خصائص المكان والزمان والوطن والمواطنة وهو ما أفلحت بنشره قوافل وجحافل المهاجرين من مؤسسي الطرق الصوفية وأودعوا مفاهيمها في العقول فأصبحت التغذية المعلوماتية ومهما بلغت شأواً عظيما من الفائدة التطبيقية والنظرية ليست ذات ترحيب وتزكية من العقل التقليدي الداعي للزهد والتطهر من (أدران) وشروط وعلاقات التطور.
هذا العقل الزاهد المضرب بطبيعة الحال عن الدنيا في جوهرها لا ينفي إعجابه بالتقليد للحداثة ومنتجاتها ولكن على نموذج الحصول على الفائدة دون أدنى مسؤولية من متاعب وشروط صناعتها.
الأجيال الجديدة ليست استثناء من ذلك ولكنها ومن شدة فاقة المهم التاريخ خرجت تبحث عن نفسها بنحو مصادم مع المؤسسة السياسية ولا تزال تزاول تلك المهمة النقدية المقدسة بكلفة الدماء وبذل الأرواح. لم لا؟ فالثقافة والثقافة السياسية هي قاتلة أحلام السودانيين بمؤسسات شتى وبنظم تفكير متشابهة ترى في إدارة الدولة مطلبا للتملك دونه خرط القتاد.
والسياسة بوصفها الراعي الرسمي والحصري في إنتاج الوعي المأساوي تصبح أولى المستهدفات بتغيير ثقافتها وإعادة بناء استراتيجيات سياساتها على نحو يلهم بصناعة واقع حضاري وثقافي مختلف بدلا عن مشاغبة حياة السودانيين وتجريحها بدون حساسية ثقافية ووطنية جعلت من السودان مضربا للمثل في وصف الدولة المريضة والبلد التعيس بإدارة حكامه ومجتمعه السياسي.
الخروج لن يكتب إلا بتغيير العقل العام ومنه السياسي والثقافي والاقتصادي بدمقرطة الوعي أولا وإلغاء خاصية تجاذباته وخصوماته حول حقائق التطور باتباع طريق التفكير العلمي وترك القرار للعقل العلمي السياسي بدلا عن العقل المضاد للعلم ونتائجه التي يعمل وفقها العالم وتؤيدها مجريات التطور.
الأحزاب في ذلك مطالبة بخلق الثورة بداخلها أولا وكذلك المنظمات المدنية وترفيع التفكير والثقافة السياسية المؤيدة للعلم والمؤيدة بدعمه غير المحدود لها.
حتى ذلك ستظل مقارعة الفراغ ودوران طواحين الهواء والتكلس ظواهر غالبة ومانعة لانطلاق عجلة التطور العلمي وترك القرار للعقل العلمي السياسي بدلا عن العقل المضاد للعلم ونتائجه التي يعمل وفقها العالم وتؤيدها مجريات التطور.
12 أكتوبر 2023
الوسومالأفندية الاستقلال الاشتراكية الحرب الحرفيين السودان الطبقة الوسطى العسكريين الوعي المأساوي المستحكم د. وجدي كامل مصر