محمد عبدالمؤمن الشامي
في عالم تسوده الهيمنة والاستعمار، في زمن تتشابك فيه خيوط السياسة والاقتصاد مع دماء الشعوب، يتساءل الكثيرون: ماذا يمكن أن يفعل لك مجلس الأمن؟ سؤال تتردد أصداؤه في آذان كل من يبحث عن العدالة، وكل من يرنو إلى الحرية. في ذكرى الصرخة، التي أطلقها الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي في 17 يناير 2001م، يتأكد لنا مرة أخرى أن واقع الأمة لا يمكن تغييره بالاستجداء، ولا بالتوسل لأعداء الحرية.
في تلك اللحظة التاريخية، اختار السيد حسين بدر الدين الحوثي أن يطلق صرخته في وجه المستكبرين، ليكون بذلك نقطة تحول في تاريخ الأمة، من مجرد شعار إلى موقف، ومن موقف إلى مشروع مقاومة حقيقي. لقد كانت الصرخة في ذلك اليوم إعلانًا جريئًا ضد الظلم والاستبداد، ضد الهيمنة الأمريكية والصهيونية التي كانت، ولا تزال، تسعى إلى تقسيم الأمة، وتمزيق هويتها. “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، كان هذا هو الشعار الذي حمله الشهيد، وهو الشعار الذي أصبح ركيزة للمشروع القرآني، الذي يعكس إرادة الأمة في الوقوف ضد الطغيان.
لكن اليوم، وبعد مرور أكثر من عقدين من الزمن، يظل السؤال مطروحًا: ماذا يمكن أن يفعل لنا مجلس الأمن؟ ماذا يمكن أن يفعل لهذا الشعب الذي يُذبح يومًا بعد يوم؟ ماذا يمكن أن يفعل لهذا الشعب الذي يتعرض للعدوان، حيث تُدمر المنازل، ويُستهدف الأطفال، وتُمحى الحضارة؟ هل يمكن لمجلس الأمن، الذي طالما كان أداة لخدمة مصالح القوى الكبرى، أن يوقف هذا العدوان؟ هل يمكن لمجلس الأمن، الذي يتجاهل تضحيات الشعوب ويأخذ قراراته تحت تأثير القوى الغربية، أن يقدم لنا العدالة؟ الجواب واضح: لا شيء. لا شيء على الإطلاق.
إن الأمم المتحدة، ومجلس الأمن بشكل خاص، لم يكونا يومًا إلا أداة للتغطية على الجرائم التي ترتكبها القوى الاستعمارية الكبرى. في كل مرة يتحرك فيها العدو الإسرائيلي لتدمير غزة أو تهويد القدس، نسمع صرخات الاستنكار والتنديد، لكن ما من فعل حقيقي، ما من خطوة جادة تتخذ لإيقاف آلة الحرب. في هذا الواقع، يصبح السؤال الذي طرحه السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته الأخيرة أكثر إلحاحًا: ماذا يمكن أن يفعل لك مجلس الأمن؟ هل يمكن له أن يوقف العدوان الذي يدمّر أرضنا ويقتل أبناءنا؟ الإجابة واحدة، ومؤلمة: لا، لا شيء.
لكن في الوقت ذاته، لا يمكن للأمة أن تستمر في انتظار الحلول من الخارج، لا يمكن لها أن تبقى مكتوفة اليدين أمام هذا الواقع المظلم. يجب أن نفهم اليوم أن الأمل لا يأتي من القوى الدولية، ولا من مجلس الأمن الذي يعكس مصالح القوى الاستعمارية. الأمل يأتي من إرادتنا، من صرختنا، من مقاومتنا. الأمة التي تبحث عن الحلول في الغرب، يجب أن تدرك أنها بذلك تقبل الذل والهوان. لا يمكننا أن ننتظر من مجلس الأمن أن يحقق لنا العدالة، بل يجب أن نتحرك نحن، يجب أن نكون نحن من يقود المقاومة.
السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي سار على نهج الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، يحمل اليوم لواء المقاومة، ويدافع عن حقوق الأمة التي يُراد لها أن تكون مستعبدة، ضعيفة، غير قادرة على الفعل. في كلمته الأخيرة حول ذكرى الصرخة، أكد على هذه الحقيقة المؤلمة، لكن في الوقت ذاته دعا الأمة إلى النهوض، إلى أن تكون في موقع الفعل لا رد الفعل، في موقع المقاومة لا الاستسلام.
اليوم، كما في الماضي، اليمن بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يقف بكل قوة في وجه العدوان، ويقدم المثال في كيفية الدفاع عن الحق مهما كانت التحديات. إن صرخة السيد حسين بدر الدين الحوثي في 17 يناير 2001م، التي بدأت كرسالة ضد الاستكبار، أصبحت اليوم رمزًا للمقاومة التي لا تعرف الاستسلام. الصرخة التي بدأت بتوجيه أصبع الاتهام ضد أعداء الله وأعداء الأمة، أصبحت اليوم نداء لكل الأحرار في العالم للوقوف ضد الهيمنة والاستعمار.
لا ننتظر إذن من مجلس الأمن أن يحل مشاكلنا، بل ننتظر أن نكون نحن من يفرض الحل. المقاومة هي الطريق الوحيد الذي سيعيد لنا كرامتنا، الذي سيعيد لنا عزتنا، الذي سيعيد لنا قضيتنا. ومهما كان الضغط الدولي، ومهما كانت التحديات، فإننا في اليمن، كما في غزة، كما في أي أرض من أراضي الأمة المستهدفة، سنستمر في المقاومة، وسنصرخ بأعلى صوتنا: “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”.t
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: حسین بدر الدین الحوثی مجلس الأمن لا یمکن یجب أن
إقرأ أيضاً:
مليشيا الحوثي تنشر تفاصيل وأرقام العمليات العسكرية التي نفذتها تجاه القوات الأمريكية وما تعرضت له من غارات جوية
كشفت مليشيا الحوثي عن تفاصيل ما تعرضت له من ضربات عسكرية ن قبل الولايات المتحدة. حيث أوضحت انها شنت عليهم 1712 غارة جوية وبحرية على اليمن، منذ بدء ما وصفتها بـ”العدوان الأمريكي” في منتصف مارس الماضي.
وأفادت وسائل إعلام تابعة للحوثيين بأن واشنطن حشدت حاملتي الطائرات “ترومان” و”فيسنون” لأول مرة في المنطقة، واستخدمت طائرات شبح من طراز “B2”، إلى جانب قاذفات استراتيجية “B52”.
وأشارت المليشيا إلى أنها نفذت أكثر من 131 عملية عسكرية، استخدمت خلالها 253 صاروخًا باليستيًا ومجنّحًا وفرط صوتي، إلى جانب طائرات مسيرة، في إطار ما وصفته بـ”عمليات الإسناد لغزة والتصدي للعدوان الأمريكي”.
وأضافت أن الدفاعات الجوية التابعة لها أسقطت 8 طائرات من طراز “MQ-9” وطائرة استطلاع من نوع “F360”، وتمكنت من اعتراض طائرات شبح ومقاتلات “F-18”، ما أجبرها ـ بحسب الجماعة ـ على الانسحاب من الأجواء اليمنية.
كما تحدثت عن تنفيذ 24 عملية استهداف ضد حاملة الطائرات “ترومان”، ما دفعها إلى التراجع نحو أقصى شمال البحر الأحمر، وإسنادها بحاملة الطائرات “فيسنون”.
ورأت الجماعة أن “ترومان باتت رمزًا لفشل العمليات الأمريكية في البحر الأحمر”، رغم ما وصفته بـ”التكتم الشديد” على حجم الخسائر.
ولفتت إلى إسقاط طائرتين من نوع “F-18” خلال أسبوع واحد.
ورغم الدعم الأمريكي لإسرائيل، بحسب البيان، قالت جماعة الحوثي إنها نفذت عمليات نوعية استهدفت مواقع داخل إسرائيل، من بينها مطار بن غوريون وقاعدة نيفاتيم الجوية، في سياق دعمها للمقاومة الفلسطينية في غزة.
وأكدت أن هذه العمليات أدت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة، بوساطة عُمانية، يقضي بوقف الهجمات الحوثية على السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مقابل وقف واشنطن عملياتها العسكرية في اليمن.
وكانت سلطنة عُمان قد أعلنت، مساء الثلاثاء، نجاح وساطة قادتها بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي، توصلت إلى اتفاق هدنة متبادل بين الطرفين.
وفي المقابل، شددت جماعة الحوثي على أن الاتفاق لا يشمل إسرائيل، مؤكدة استمرار هجماتها ضدها “حتى وقف الإبادة بحق المدنيين في غزة