قال الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إنَّ أخطر ما يواجه الأمَّة في حاضرها ومستقبلها هو الانحراف الفكري، بكل أطيافه وألوانه، موضحًا أن هذا الانحراف هو البوابة التي تُفضي إلى تفكيك المجتمعات وتمزيق أوصالها، ويبدأ عادةً من وعيٍ غير منضبط، يتحوَّل سريعًا إلى أرض خصبة لنمو الإرهاب والتطرف.

وأضاف الجندي، خلال كلمته صباح اليوم، الأربعاء، بالندوة الخامسة في الأسبوع الدعوي السابع، الذي تُنظِّمه اللجنة العُليا للدعوة بجامعة الإسكندرية، أنَّ الأزهر الشريف، بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، يمثِّل في منهجه وفكره المعتدل بوصلةً راسخةً لتحقيق الأمن الفكري، باعتباره الحصن الأوثق لحماية الأوطان والعقول من الانزلاق في دوائر التشدُّد والانفلات الفكري.

وأشار إلى أنَّ بناء الوعي لا يتحقَّق إلا من خلال شراكة تكامليَّة بين الأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام والصُّحبة الآمنة.

وأوضح الأمين العام أن ما يُعرف بـ"تشنُّج الوعي الفكري" إنما هو نتيجة مباشرة لترنُّح العقل بين مغذيات معرفية ملوثة تُضَخُّ عبر قنوات تقنية مجهولة، وبتوقيع أقلام مغرضة، تستهدف زعزعة الثوابت، وخلخلة القِيَم، وجرَّ الإنسان نحو دوائر الشك والتشويه، لافتًا إلى أنَّ ضبط هذه المسارات لا يكون إلا من خلال توجيه واعٍ للمنصَّات الرَّقْميَّة لبناء وعي شبابي آمن، يصدِّر خطابًا رصينًا في مواجهة الأفكار الظلاميَّة التي تستغل الإسلام لترويج التطرُّف، والإلحاد، وانحلال الأخلاق، وانهيار الهُويَّة.

وأكَّد فضيلته أنَّ الأمن الفكري ليس خيارًا هامشيًّا؛ بل ركيزة استراتيجية من ركائز الأمن المجتمعي، فهو السور الذي يحتمي به أبناء الأمَّة حين تتكاثر التهديدات، وتتفاقم التحديات، وأنَّ بناء الأوطان مرهون ببناء الوعي، فمِن دون وعي سليم لا يمكن للمجتمعات أن تُبنَى، ولا للأمن أن يتحقَّق، ولا للتنمية أن تُثمر.

وتابع أنَّ الأزهر الشريف قد اضطلع بدَور كبير في ضبط الوعي الفكري؛ من خلال تقديم خطاب عقلاني برهاني لا يقوم على العشوائية؛ بل على الأدلَّة العقلية والنقلية، مع استحضار تجارِب الأمم التي انقلبت على الفطرة، كما في قصَّة قوم لوط؛ إذْ شكَّل التمرُّد على التكوين الإنساني سببًا للعقاب الإلهي، مبيِّنًا أنَّ حماية الإنسان مقصدٌ أساسٌ مِن مقاصد الشرع.

وأردف أنَّ دلالات عبارة (وعي فكري آمن) تنبثق من مكونات تنعكس عنها نتائج؛ هي: المكون الأول (العقدي الإيماني)، ونتيجته ضبط التفكير في مسار العقيدة وتنزيه الله تعالى ورسله وكتبه وجميع ما أمرنا بالإيمان به، وبعيدًا عن هذا يتجه الوعي إلى (إرهاب الإلحاد) وفقدان الوعي للضابط المقدَّس، والمكون الثاني (الروحي والأخلاقي)، الذي يُعد صمام الأمان في وجه موجات الشذوذ والانحلال.

ولفت إلى أن الأزهر قد أولى هذا الجانب اهتمامًا بالغًا في منهجه التربوي والسلوكي، متخذًا من تراث كبار العلماء أمثال الغزالي، والجنيد، وابن عطاء الله السكندري، وغيرهم، منارات في هذا الطريق، والمكون الثالث (العقلي والمعرفي)، الذي يُشكِّل الدرع الواقية من التطرُّف والانحراف عن مقاصد الشريعة، موضحًا أن علماء الأزهر منذ القدم، وعلى رأسهم الأشاعرة، أَوْلَوا العقل مكانته الحقيقية كأداة لفهم النقل، والتمييز بين الحق والباطل.

وشدد الأمين العام في ختام كلمته على أنَّ حماية الوعي مِنَ التردِّي والهذيان لا تتمُّ إلا ببناء الإنسان، وأنَّ بناء الإنسان هو الضامن الحقيقي لحماية الأوطان، لا سيَّما في ظلِّ ما تشهده المنطقة من اضطرابات، مؤكِّدًا أن ما نحتاجه اليوم هو أجيال جديدة تجمع بين العقيدة والعمل، وبين الأخلاق والعِلم، وبين الأصالة والابتكار، وتجسِّد روح علماء الأمَّة، وأنَّ الأزهر الشريف، بتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر، ماضٍ في دَوره العالمي لتعزيز الأمن الفكري، وتحقيق مقاصد التشريع، والعمل على نَشْر ثقافة التعايش والتسامح؛ في سبيل عالَم أكثر أمانًا واستقرارًا.

طباعة شارك محمد الجندي البحوث الإسلامية الانحراف جامعة الإسكندرية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: محمد الجندي البحوث الإسلامية الانحراف جامعة الإسكندرية

إقرأ أيضاً:

إعلام جنوب الوادي تشارك في مؤتمر الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة بجامعة القاهرة

شاركت كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجامعة جنوب الوادي برعاية الدكتور أحمد عكاوي رئيس الجامعة، والدكتور محمد وائل عبد العظيم نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث في فعاليات المؤتمر العلمي الدولي الذي نظمته كلية الإعلام بجامعة القاهرة تحت عنوان: "الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة"، وذلك يومي 7 و8 مايو 2025، برعاية الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، وبحضور نخبة من الباحثين والأكاديميين من الجامعات المصرية والعربية وخبراء في مجال الإعلام من الصين، البرازيل، نيجيريا، الهند، السعودية، الإمارات، والمغرب.

حيث شارك بفعاليات المؤتمر الدكتورة كريمة كمال، وكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث، حيث شاركت في الجلسات العلمية ببحثٍ بعنوان:

"دور الإعلام الرقمي في نشر الوعي بالممارسات الغذائية الصحية في ضوء استراتيجية الصحة 2030/2024"

جاءت أهمية الدراسة مواكبة لاهتمام الدولة المصرية بصحة المواطنين من خلال الاستراتيجية الوطنية للصحة والتي أطلقها الرئيس السيسي ٢٠٢٤ ومدى قدرة التكنولوجيا الحديثة ممثلة في المواقع الإلكترونية والتطبيقات الرقمية والصفحات الرسمية على زيادة وعي الجمهور المصري من خلال تحليل SWOT للتعرف على نقاط القوة والضعف وتأثير الإستراتيجية الوطنية للصحة ٢٠٢٤-٢٠٣٠ في الكشف عن الأمراض ودورها في زيادة الوعي الغذائي لدى الجمهور، وأهمية ذلك في تعزيز سلوكيات صحية مستدامة.

وأكدت د.كريمة خلال مشاركتها على الدور المتنامي للإعلام في دعم خطط التنمية الصحية، مشيرة إلى أن الاتصال الصحي يمثل أحد المحاور الجوهرية لبناء مجتمعات قادرة على التكيف مع التحديات الصحية المتزايدة.

وتأتي هذه المشاركة في إطار حرص كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجامعة جنوب الوادي على الانفتاح الأكاديمي والتعاون البحثي مع المؤسسات العلمية الرائدة، وتعزيز دور الإعلام في خدمة قضايا التنمية الشاملة.

مقالات مشابهة

  • بعد إثارتها الجدل بين الأزهر والإفتاء.. البرلمان يوافق على المادة الخاصة بـ«إصدار الفتوي الشرعية»
  • صورة على تطبيق مواعدة تُطيح بمستشار الأمن السويدي
  • مطاعم دمشق القديمة في قبضة الأمن العام
  • هل قول الرجل علي الطلاق يقع بسببه الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب
  • "الأزهر وصناعة المصلحين".. أول مؤتمر دولي للطلاب الوافدين بكلية العلوم الإسلامية والعربية
  • محذرًا من الغزو الفكري.. إمام الحرم: على الشباب تحصين أفكارهم
  • أحمد بن حمدان يتوِّج الفائزين في بطولات أبوظبي الكبرى لصيد الكنعد
  • إعلام جنوب الوادي تشارك في مؤتمر الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة بجامعة القاهرة
  • أمين البحوث الإسلامية يجتمع بإدارة البعوث ويوجِّه بتطوير ملف الإيفاد
  • هاني إبراهيم أمينًا عامًا للمجلس القومي لحقوق الإنسان