ملاحظات سريعة عن السرديات الشعبية المصاحبة لواقع الحرب
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
ملاحظات سريعة عن السرديات الشعبية المصاحبة لواقع الحرب
بكري الجاك
منذ اندلاع الحرب و مع تصاعد جرائم الاغتصاب و السرقة و القتل بدأت تتصاعد نبرة من شاكلة أن هذا ما كان يعانيه الناس في دارفور وفي الجنوب و في جبال النوبة وفي النيل الأزرق عليكم انتم سكان الخرطوم من التذوق من ذات الكأس. ومثلها أيضا تتعالى أصوات تقول بأن نهاية الحرب في الخرطوم ستكون وبالا علي دارفور و الي حد ما كردفان لأن هذه القوات اذا ما خرجت من الخرطوم و اتخذت من هذه المناطق وجهة لها فهي لا محالة ستعوث في الأرض قتلا واغتصابا و نهبا، و لعمري هذا منطق معوج و قائم على مغالطات منطقة بائنة، فحرب الخرطوم و احتلال بيوتها لم يوقف جرائم الحرب و الاغتصاب في دارفور، بل حتى هذه اللحظة ما حدث ويحدث في غرب دارفور أمر خارج عن قدرة الإنسان علي تخيل مستوي الشر الذي يمكن أن يبلغه البشر.
من غير اطالة مسألة الوجدان المشروخ لدينا نحن في مسألة الهوية أمر لا جدال حوله، و في بلد اهتمت في مناهجها بالقضية الفلسطينية أكثر من مسألة العدالة و الحقوق في أرضها فمن الطبيعي أن يعرف الناس عن غزة و يافا و حيفا أكثر من أن يعرفوا عن خور ملح و خور برنقا (فوربرنقا) و الخوي و تلكوك. وصحيح أن سكان وسط السودان لم يكونوا أكثر جدية في رفض هذه المظالم التي تمت بواسطة حكومات متعاقبة ظلت تستخدمهم كرأس مال رمزي لهذه الجرائم، و لكن يا هداك الله هنالك منطق بسيط هو أن البعيد عن دائرة الناس قلما يكترثون له و هذا صحيح عن جل البشر و ليس السودانيون وحدهم. الأمر الثاني أن ما حدث في دارفور من جرائم و قبلها في جنوب السودان و جبال النوبة و النيل الأزرق أدين بواسطة العديد من الناس و منهم من وقف ضده و حمل السلاح ضد الحكومات التي شرعنت مثل هذه الممارسات، فمنطق تعميم الإدانة على الجميع هذا غير أنه غير صحيح أخلاقيا هو مجافي للواقع من حيث الحقيقة العارية. هذه الجرائم خطأ ان كانت في دارفور أو في جبال النوبة أو في الخرطوم و يجب ادانتها ورفضها و التمسك بمحاسبة المجرمين من قوات الدعم السريع أولا و بقية القوات المقاتلة من قوات مسلحة و غيرها من العصابات، و كما قيل قديما two wrong don’t make it right خطأين لا يجعلان من الأمر صواب.
اخيرا، فكرة أن الحرب وما يتبعها من جرائم و تدمير يجب أن يطال الجميع حتى يتساوى الجميع في البؤس لا يحقق عدالة لاي من الضحايا، فالمغتصبة في دارفور لا يتحقق لها عدل اذا اغتصبت سيدة أخري في الخرطوم او في كوستي. و حجة أن يتساوى الناس في المأساة أمر يعكس عقم الفكر و بؤس الخيال، و فكرة أن نهاية حرب الخرطوم هي وبال على بعض مناطق السودان ايضا قائمة على فكرة المساواة في البؤس و المأساة، إذا أردنا أن نبني وطن من خراب حرب الخامس عشر من أبريل فنحن في حاجة إلى عقل مغاير و مخيال يخرج من إطار القبيلة و المنطقة الي رحاب المواطنة المتساوية القائمة على اعلاء قيمة الانسان و تقديس حقه في الحياة و صيانة حقوقه بغض النظر عن جنسه ولونه و عرقه و موقعه الاجتماعي ونوعه رجلا كان أم امرأة. ما لم نقطع مع مثل هذه الحجج ذات التسويف الأخلاقي الذي يبرر للعنف و استمراره سوف لن نغادر محطات الخراب هذي حتى و إن وقفت الحرب
بكري الجاك
26 اغسطس 2023
الوسومأزمة الحرب الجيش الدعم السريع السودان بكري الجاكالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أزمة الحرب الجيش الدعم السريع السودان
إقرأ أيضاً:
تحركات سعودية أمريكية لتحييد تشاد ودفعها إلى التخلي عن “الدعم السريع”.. هل تفلح المحاولة؟
الوكالات- متابعات تاق برس- انعقد اليوم الخميس لقاء رسمي جمع بين الرئيس التشادي الجنرال محمد إدريس ديبي، ونائب وزير الخارجية السعودي الدكتور وليد الخريجي، ومسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية، لمناقشة الأزمة السودانية وتعزيز جهود السلام والاستقرار في المنطقة.
ورجح مراقبون أن الاجتماع للضغط على تشاد للتخلي عن دعمها المستمر لقوات الدعم السريع، الذي يعد أحد أبرز عوامل استمرار النزاع في السودان.
وركزت المباحثات على الحد من التدخلات العسكرية والتأثيرات اللوجستية التي توفرها تشاد للقوات غير النظامية، بما في ذلك فتح المطارات والطرق لاستقبال الشحنات والطائرات القادمة من الإمارات، وتهيئة قواعد لوجستية وطبية لعلاج الجرحى واستقبال المرتزقة.
ويأتي اللقاء في ظل توتر مستمر بين الخرطوم ونجامينا، إذ تتهم الحكومة السودانية تشاد بتسهيل دعم الدعم السريع عبر أراضيها، بينما تنفي الحكومة التشادية هذه الاتهامات، مؤكدة أنها تعمل من أجل السلام في السودان. وتعتبر الخرطوم تشاد شريكًا رئيسيًا في استمرار العمليات العسكرية لقوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني.
كما استعرض الاجتماع آخر المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مع التركيز على التنسيق الدولي لوقف الدعم الخارجي لقوات الدعم السريع، وتقليل تداعيات النزاع على المدنيين، والمساعدة في تثبيت الاستقرار في السودان.
ويمثل هذا اللقاء جزءًا من تحركات سعودية وأمريكية مستمرة لضمان موقف حيادي من تشاد تجاه النزاع السوداني، والضغط عليها لإيقاف الدعم المباشر لقوات الدعم السريع، تمهيدًا لتحقيق حلول سلمية تقلل من الأزمة الإنسانية وتضع حدًا لتصاعد العنف على الأرض.
الدعم السريعالسعوديةامريكا