قمة التحولات الكبرى.. الخليج وأمريكا يعيدان رسم المشهد في ظل حرب غزة
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
تستضيف الرياض غدًا الأربعاء قمة خليجية ـ أمريكية بالغة الأهمية، تتجاوز في أبعادها كونها لقاءً بروتوكوليًا بين الحلفاء التقليديين. تأتي هذه القمة في لحظة جيوسياسية حاسمة، يتقاطع فيها دخان الحرب في غزة، وتعثر الاتفاق النووي الإيراني، وتبدلات خريطة النفوذ في المشرق العربي. وهي أيضًا قمة تعكس تغير موازين التأثير في المنطقة، لا سيما مع فتور العلاقات المصرية الأمريكية، وصعود أدوار جديدة لفاعلين غير تقليديين، مثل أحمد الشرع (الجولاني) في شمال سوريا.
أولًا.. غزة في قلب المشهد
لا يمكن فصل القمة عن المجزرة المستمرة في قطاع غزة، التي تضع واشنطن في موقف شديد الحرج إزاء حلفائها العرب. فبينما تدعم إدارة بايدن إسرائيل عسكريًا ودبلوماسيًا، تواجه الرياض والعواصم الخليجية ضغطًا شعبيًا وإعلاميًا متصاعدًا للمطالبة بمواقف أكثر صرامة. هذه المعادلة المعقدة تجعل من القمة اختبارًا دقيقًا لقدرة الطرفين على التوفيق بين حسابات التحالف الاستراتيجي، والموقف الأخلاقي والرمزي تجاه فلسطين.
ثانيًا.. إيران الغائب الحاضر
الحضور الإيراني غير المباشر يلف كافة محاور القمة. من ملف اليمن، حيث لا يزال الحوثيون يشكلون تهديدًا للأمن الخليجي، إلى لبنان والعراق وسوريا، حيث تتجلى بوضوح مفاعيل النفوذ الإيراني. الفشل في التوصل إلى اتفاق نووي جديد، وتزايد الضربات بين إسرائيل وأذرع إيران في المنطقة، يعيدان الملف الإيراني إلى مركز الاهتمام. القمة تمثل فرصة للولايات المتحدة والخليج لمراجعة استراتيجية "الاحتواء" واستكشاف أدوات جديدة لتقويض النفوذ الإيراني، سواء عبر التطبيع الإقليمي، أو بإعادة ترتيب الجغرافيا السياسية في المشرق.
ثالثًا.. فتور العلاقة المصرية الأمريكية
تأتي القمة في ظل ما يشبه القطيعة الصامتة بين واشنطن والقاهرة. فقد تراجعت حدة الاتصالات، وبرزت مؤشرات واضحة على استياء أمريكي من السياسات المصرية الداخلية، لا سيما في ملف الحريات وحقوق الإنسان. في المقابل، تحاول السعودية والإمارات التقدم كبديل قيادي للمحور العربي، مستفيدة من التردد المصري، والتغيرات الجذرية في مشهد النفوذ.
رابعًا.. سورية تعود من دمشق
أحد أكثر المؤشرات اللافتة في القمة هو سورية، لكن هذه المرة عبر بوابة النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع (الجولاني)، الذي بات عمليًا زعيمًا في البلاد. استقباله مؤخرًا في فرنسا بحفاوة، يشير إلى تحولات عميقة في مقاربة الغرب والعرب للإسلام السياسي.
الجولاني، الذي كان يومًا ما مطلوبًا على قوائم الإرهاب، يُعاد اليوم تقديمه كلاعب محلي قابل للتفاهم، منضبط أمنيًا، ويملك شرعية في سورية. هل تكون سورية، بهذه الصيغة الجديدة، أداة خليجية وأمريكية للضغط على إيران؟ هل يمثل الجولاني نسخة مُعدّلة من الإسلام السياسي المقبول؟ هذا ما ستكشفه مخرجات القمة والتموضع المستقبلي للدول الخليجية.
خامسًا.. نحو شرق أوسط جديد بتوازنات مختلفة
القمة، برأي مراقبين، تمثل نقطة انعطاف نحو شرق أوسط لا تقوده محاور تقليدية، بل تحالفات مصالح متغيرة، يتقدم فيها الفاعل الاقتصادي والدبلوماسي على العسكري والعقائدي. السعودية، بقوتها الاستثمارية، وقطر بنفوذها الإعلامي والدبلوماسي، والإمارات بقدراتها اللوجستية والتقنية، يعاد تشكيل المشهد حول هذه المراكز، في ظل تراجع أدوار سورية، وعراق ما بعد الاحتلال، ومصر المنهكة.
قمة الرياض الخليجية ـ الأمريكية، ليست مجرد اجتماع دوري، بل لحظة لإعادة تعريف معادلة النفوذ والشرعية، في زمن تتقاطع فيه الحرب في غزة، وصعود قوى محلية غير تقليدية في سورية، واحتدام المنافسة مع إيران، مع تآكل المحاور القديمة وولادة اصطفافات جديدة تُرسم في قاعات القرار، لا على ميادين الصراع فقط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية قمة الخليجية الخليج امريكا قمة ملفات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
قمة تاريخية مرتقبة في ألاسكا بين روسيا وأمريكا
العُمانية: يتجه العالم نحو قمة تاريخية مرتقبة في ألاسكا يوم الجمعة المقبل، حيث سيلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة سبل إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية إلى جانب عدة ملفات أخرى.
ويأتي هذا اللقاء وسط توقعات حذرة وتصريحات متباينة من الجانبين، بالإضافة إلى قلق أوروبي من تسوية قد تأتي على حساب كييف.
ووصف الرئيس الأمريكي الاجتماع بأنه "استكشافي"، مؤكداً أنه سيُعرف ما إذا كانت هناك جدية لإبرام اتفاق لإنهاء الحرب، كما ألمح إلى إمكانية أن يتضمن الحل "تبادل أراضٍ" بين روسيا وأوكرانيا، وهو اقتراح أثار حفيظة كييف.
من جانبه، أبدت موسكو استعدادها للتنازل عن بعض الأراضي في إقليمي سومي وخاركوف مقابل اعتراف أوكرانيا بسيطرة روسيا على خيرسون وزاباروجيا. ووفقًا لمصادر مقربة من الكرملين، فإن هذا التبادل المقترح يمثل تنازلًا كبيرًا من الجانب الروسي، وقد يُعلن عنه خلال القمة.
وأعربت أوكرانيا وعدد من الدول الأوروبية عن قلقها من أن يتم التوصل إلى اتفاق دون مشاركتها، حيث حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن "أي قرار ضدّنا، أي قرار من دون أوكرانيا هو أيضاً قرار ضد السلام"، مؤكداً أن الأوكرانيين "لن يتخلوا عن أرضهم".
وفي هذا السياق، عقد الرئيس الأمريكي اجتماع افتراضي مع قادة أوروبيين وأوكرانيين تحضيرًا للقمة، بهدف تنسيق المواقف، وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن ترامب منفتح على حضور زيلينسكي، لكن الاستعدادات حاليًا تُجرى لعقد اجتماع ثنائي مع الرئيس الروسي.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته إن اتفاق السلام المستقبلي لا يمكن أن يتضمن اعترافًا قانونيًّا بالسيطرة الروسية على الأراضي الأوكرانية، على الرغم من أنه قد يتضمن اعترافًا بحكم الأمر الواقع.
من جهة أخرى قال السياسيان بيتر راف، وجان كاساب أوغلو: في تحليل نشرته مجلة ناشونال انترست الأمريكية إن بوتين حاول خلال اجتماعه الأسبوع الماضي مع المبعوث الخاص للولايات المتحدة ستيف ويتكوف تفادي العقوبات الأمريكية الوشيكة باقتراح مسار للمضي قدمًا في أوكرانيا.
وتردد أن بوتين وافق، مقابل انسحاب أوكرانيا من منطقة دونيتسك، على وقف الحرب على طول خطوط المواجهة. واعتبر الرئيس دونالد ترامب عرض بوتين جديرًا بالاهتمام بما يكفي للموافقة على طلب الرئيس الروسي المستمر منذ فترة طويلة لعقد قمة رئاسية.
يُذكر أن القمة ستكون أول لقاء ثنائي بين الرئيسين خلال فترة ترامب الثانية، مما يعطيها أهمية خاصة في ظل التوتر المستمر في العلاقات الدولية.