عربي21:
2025-05-14@02:00:12 GMT

ماذا يعني أن تغتال الإبادة الصحفي حسين اصليح؟!

تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT

حتى آخر لحظة من حياته قبل استشهاده، كان الصحفي الفلسطيني حسن اصليح ينقل أخبار حرب الإبادة الجماعية على غزة وضحاياها؛ تحليق الطيران الإسرائيلي، وقصفه، والقصف المدفعي، وأعداد الشهداء الفلسطينيين، بعد قليل صار حسن واحدا من هؤلاء الشهداء، انضم إليهم صباح اليوم وهو يتشافى داخل مجمع ناصر الطبي؛ من إصابته حينما استهدفت حرب الإبادة خيمة الصحافيين في مستشفى ناصر في شهر نيسان/ أبريل الماضي.



يُقصف حسن مرتين في المستشفى، يصاب في الأولى ويستشهد في الثاني. ماذا يلاحق الاحتلال، والحالة هذه؟! يلاحق المستشفيات والصحافيين، تلك المستشفيات لا تؤوي أسرى إسرائيليين، وهؤلاء الصحافيون لا يفيد قتلهم الإسرائيليين أيّ فائدة أمنية أو عسكرية، بيد أنّه لا ينبغي أن يتوقع عارف بهذا الاحتلال شيئا آخر، وبينما هذه هي الحقيقة الوحيدة الظاهرة من غبار الحرب المسعورة على غزة، حرب الموت والنار والجوع والدمار والعطش والنزوح المستمر في العراء، في مساحة ضيقة لا تزيد على 365 كيلومترا مربعا، بحيث لا مهرب ولا مخرج لهؤلاء الناس؛ فإنّ البعض لا يرى من هذه الحقيقة إلا تصفية حساباته النفسية، بالبحث عن مكان يصلح لأن يطعن منه غزيين آخرين ظلوا واقفين على أقدامهم يواجهون هذه الحرب. على جثث هؤلاء الناس، الأشبه بفلسطين، تتراكم أطروحات التنظير عن صوابية مواقفنا السياسية، هكذا فقط يجد البعض سبيله للانتصار للناس، الناس العاديين، المحروقين بالنار الإسرائيلية!

القضية بالنسبة للإسرائيلي، ليست أنّه ممنوع عليك أن تكون صحافيّا حرّا صادقا منحازا إلى شعبك وملتحما بهم فحسب، يبدو أنّه ممنوع عليك وجودك، ممنوع أن تحيا
هل كان حسين اصبيح يتوقع بدوره شيئا آخر؟! انتظار الموت هو معنى الحياة للغزيين الآن، وتوقع فقْد الأصحاب والمعارف هو الأكثر حضورا وتداولا، والأكثر حصولا وتحققا، وعلاوة على هذا الوجه الغزي الأصيل، الذي لا يدلّك شيء على معنى المأساة الفلسطينية مثله، فإنّ خلف كلّ وجه حكاية إنسان، لم يقتل الاحتلال حياته فقط، ولكن دفن معه كلّ شيء اختلج في نفسه. هذا شاب فلسطيني، لم يغادر غزة، ولم ينزوِ في مكان داخلها يبحث عن النجاة، ولم ينغمس في التنظير، ولكنه لاحق بكاميرته معاناة شعبه وأهله، وجعل من حضوره على مواقع التواصل الاجتماعي المصدر الأوثق لأخبار الغزيين في غمرة المذبحة والمجاعة، وهو لم يكن يبني شهرته على لحمهم المحروق وعظامهم المسحوقة، بل كان يضمّ لحمه إلى لحمهم وعظمه إلى عظامهم، ليدفع ثمن شهرته ملاحقة بالقصف، إلى حين استشهاده.

يبدو أنّ القضية بالنسبة للإسرائيلي، ليست أنّه ممنوع عليك أن تكون صحافيّا حرّا صادقا منحازا إلى شعبك وملتحما بهم فحسب، يبدو أنّه ممنوع عليك وجودك، ممنوع أن تحيا. يتكشف هذا الغيظ من وجود مجموعة بشرية أخرى بالإبادة والتجويع، وتحقق هذا الغيظ من الوجود الفلسطيني في غزة بهذا النحو، لا ينبغي أن يلغي الدهشة والحيرة من درجة هذا الغيظ ومستويات تحققه، إذ ماذا تبقّى لتدميره؟ وكم ينبغي أن يقتل من الغزيين ليشفى هذا الغيظ؟! لا يمكن قبول التصالح مع استمرار حادثة الإبادة اليومية للغزيين المحشورين في هذا الساحل الضيق لليوم 585، ولا يدري أحد كم ستمتد أكثر، فإن وجد أحدنا نفسه قد اعتاد على ذلك، ينضم حسن إلى عدد غير معروف من الصحافيين قبله، كما ينضم إلى عدد غير معروف من الفلسطينيين الأكثر نجاحا وتضحية وإصرارا على البقاء بين أهلهم وناسهم بالرغم من مواهبهم ومهاراتهم، وينضم إلى عشرات الآلاف الذين دُفنت معهم حاجاتهم، وطموحاتهم، وأحلامهم، وأمانيهمولا يتحسس الخزي والعار في نفسه، وعبثية حياته إن استمرت على حالها، فعليه أن يرثي نفسه قبل رثائه للغزيين، بيد أن رثاء عن رثاء يختلف، رثاء نفس ماتت الحياة فيها بالعار، ليس كرثاء نفس قُتِلت في موقف بطولة، أو طحنها القصف والجوع والمرض وبرد العراء وحرّه.

ينضم حسن إلى عدد غير معروف من الصحافيين قبله، كما ينضم إلى عدد غير معروف من الفلسطينيين الأكثر نجاحا وتضحية وإصرارا على البقاء بين أهلهم وناسهم بالرغم من مواهبهم ومهاراتهم، وينضم إلى عشرات الآلاف الذين دُفنت معهم حاجاتهم، وطموحاتهم، وأحلامهم، وأمانيهم. ألا يحق لهذا الصحفي أن يحلم بفرصة مهنية أفضل؟ كم من غزي عرفناه، وكان يتحدث عن مجموعته القصصية القادمة، وروايته، ودراسته العليا التي يخطط لها، ومستقبله المهني الذي يسعى إليه، وكم من مهندس وطبيب، وسوى ذلك من أصحاب المهن والمهارات أخذتهم الحرب، وكم من نفس طيبة خدومة معطاء ذهبت بها الحرب، وكم من ضحكة طفل وطفلة بشرت بجمال إنساني قادم قطفتها قذائف الإبادة قبل أن تتحقق بشراها؟!

ممنوع على الغزي أن يكون ذلك كله، ممنوع أن يحلم، وممنوع أن تتحرك في صدره الأماني، وعلينا أن نعيش حياة حالمة مفعمة بالسعي لتحقيق أحلامنا وطموحاتنا! علينا أن نموت كمدا لا لأجل أخينا الغزي؛ ولكن لأجل ضياع فرصة هنا، وظهور عقبة هناك! يا للعار!

x.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة الإسرائيلي الصحافيين إسرائيل فلسطين غزة اغتيال صحافي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ینضم إلى ممنوع أن

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 215 بعد استشهاد اصليح

#سواليف

قال “المكتب الإعلامي الحكومي” في #غزة إن عدد #الشهداء من #الصحفيين ارتفع إلى 215 شهيداً، منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وذلك بعد الإعلان عن #استشهاد_الصحفي_حسن_اصليح، الذي يعمل مديراً لوكالة “علم 24” للأنباء والذي اغتاله الاحتلال بقصفٍ أثناء تلقيه العلاج داخل #مجمع_ناصر_الطبي.

وأدان “الإعلامي الحكومي” بأشد العبارات “استهداف الاحتلال للصحفيين الفلسطينيين بشكل ممنهج”، ودعا الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، وكل الأجسام الصحفية في كل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة.

وحمّل “الاحتلال والإدارة الأمريكية والدول المشاركة في جريمة الإبادة الجماعية مثل المملكة المتحدة بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا؛ المسؤولية الكاملة عن ارتكاب هذه الجريمة النَّكراء الوحشية”.

مقالات ذات صلة ترامب يثير جدلا لدى استقباله في السعودية بسبب “القهوة” (شاهد) 2025/05/13

كما طالب “المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمنظمات ذات العلاقة بالعمل الصحفي والإعلامي في كل دول العالم إلى إدانة جرائم الاحتلال وردعه وملاحقته في المحاكم الدولية على جرائمه المتواصلة وتقديم مجرمي الاحتلال للعدالة، وممارسة الضغط بشكل جدي وفاعل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ولحماية الصحفيين والإعلاميين في قطاع غزة، ووقف جريمة قتلهم واغتيالهم”.

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة فجر 18 آذار/مارس 2025، بعد توقف دام شهرين في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طيلة فترة التهدئة.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبمساندة أميركية وأوروبية، ترتكب قوات الاحتلال إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 172 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 215 بعد استشهاد اصليح
  • المجلس الوطني الفلسطيني: اغتيال الصحفي حسن اصليح جريمة حرب مركبة
  • المجلس الوطني الفلسطيني يعقب على استشهاد الصحفي حسن اصليح
  • لأن كاميرته شاهدة على جرائمهم.. إسرائيل تغتال الصحفي الجريح حسن إصليح
  • العدو الصهيوني يغتال الصحفي حسن اصليح بمشفى ناصر جنوبي قطاع غزة
  • فصائل فلسطينية تُعقّب على اغتيال الصحفي حسن اصليح
  • استشهاد الصحفي حسن اصليح جنوب غزة.. استمع لرسالته الأخيرة (شاهد)
  • الاحتلال يغتال الصحفي حسن اصليح خلال تلقّيه العلاج في مستشفى ناصر بخان يونس
  • اغتيال الصحفي حسن اصليح داخل مجمع ناصر الطبي غرب خانيونس