في أول أيام زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض، وقّع مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "وثيقة الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية"، التي وصفتها واشنطن بأنها تمثل تحولا نوعيا في العلاقة بين البلدين، وتفتح آفاقا واسعة للتعاون في مجالات الطاقة والدفاع والتكنولوجيا والصناعات الحيوية.

وفي مداخلتها من العاصمة السعودية، أفادت مراسلة الجزيرة وجد وقفي بأن الإدارة الأميركية تنظر إلى هذه الوثيقة باعتبارها خطوة محورية لدعم الاقتصاد الأميركي، عبر توفير آلاف الوظائف وتعزيز الشراكات الحكومية، خصوصا في مجالي الطاقة والدفاع.

وأوضحت أن الوثيقة تتضمن مذكرات تفاهم في مجالات حيوية، أبرزها المعادن النادرة والطاقة النووية السلمية، إلى جانب التدريب العسكري والإسناد الدفاعي.

ويأتي هذا التوقيع متزامنا مع إعلان البيت الأبيض في بيان التزام السعودية باستثمارات تاريخية في الولايات المتحدة تصل إلى 600 مليار دولار، تشمل صفقات دفاعية كبرى بقيمة 142 مليار دولار، من خلال تزويد المملكة بمعدات متطورة وخدمات تدريبية من أكثر من 12 شركة دفاعية أميركية.

كما تشمل الاتفاقيات المبرمة دعما كبيرا لبناء قدرات القوات المسلحة السعودية.

إعلان توطين الصناعات الدفاعية

من جهته، أوضح مراسل الجزيرة بدر الربيعان من المركز الإعلامي في الرياض أن الشراكة المنتظرة تشمل وزارات وهيئات سعودية وأميركية، منها الدفاع والطاقة، إلى جانب التعاون في الفضاء والتصنيع العسكري.

وأكد أن جزءا من الاتفاقيات يسعى لتوطين الصناعات الدفاعية بالمملكة، بما يعزز رؤيتها الإستراتيجية نحو الاكتفاء الذاتي.

وأشار الربيعان إلى أن الشراكة الجديدة تضم عددا من مذكرات التفاهم لم يُكشف عن قيمتها المالية، كونها اتفاقيات بين حكومات.

ولفت إلى أن التوقيع تزامن مع انطلاق منتدى الاستثمار السعودي الأميركي الذي يستضيف أكثر من ألف مشارك، ويتضمن جلسات وورش عمل ستتوج بتوقيع شراكات تجارية بمبالغ ضخمة بين شركات سعودية وأميركية.

وأعادت وقفي التأكيد على أن الرئيس الأميركي اعتبر الالتزام السعودي بهذه الاستثمارات انتصارا لسياساته الاقتصادية الخارجية، مشيرة إلى أن البيت الأبيض وصف الاتفاق بأنه سيعزز أمن الطاقة الأميركية، ويساهم في تقدم صناعات الدفاع والتكنولوجيا، ويمثل ركيزة للأمن الاقتصادي الأميركي على مدى الأجيال القادمة.

تفصيلات الاستثمارات

كما بيّنت أن البيان الأميركي فصل توزيع الاستثمارات، منها 20 مليار دولار مخصصة للطاقة والأنظمة التقنية، إلى جانب شراكات مع شركات كبرى كـ"أوراكل"، في مجالات البنية التحتية والمعادن.

واعتبرت أن هذا التعاون يعكس اختلاف نهج ترامب عن سلفه جو بايدن الذي ركّز على ملفات أوكرانيا وإسرائيل، من دون أن يقدم خطوات مماثلة في العلاقات مع الخليج.

وعلى الجانب السعودي، شدد الربيعان على أن هذه الشراكة تأتي ضمن رؤية المملكة 2030 الهادفة إلى تنويع الاقتصاد وتطوير القطاعات الحيوية، لا سيما الدفاع والتعليم والصحة.

وأوضح أن السعودية ترى في الاتفاقية فرصة لتعظيم الإنتاج المحلي وتوسيع قاعدة الشراكات مع الشركات الأميركية الرائدة.

إعلان

وأوضح أن الوفد الأميركي ضم 32 من كبار رؤساء الشركات الأميركية الذين اجتمعوا مع ولي العهد في قصر اليمامة للعمل على توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري.

مشروعات كبرى

ولفت إلى أن السعودية تستعد لمشروعات كبرى كمؤتمر "إكسبو" وكأس العالم 2034، ما يجعلها مركزا محوريا للاستثمار الإقليمي والدولي في السنوات المقبلة.

كما أشار إلى أن وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان كان قد زار واشنطن قبيل زيارة ترامب للرياض، وتمهيدا لهذه الاتفاقيات، ما يعكس أهمية الشق الدفاعي في الوثيقة الإستراتيجية، خاصة مع التوسع في التسليح والتدريب الأميركي للقوات السعودية.

وعقد ابن سلمان وترامب مباحثات في قصر اليمامة بالرياض اليوم بأعقاب وصول ترامب إلى العاصمة السعودية بمستهل جولة إقليمية تستمر 4 أيام.

وكان ولي العهد السعودي استقبل الرئيس الأميركي في قصر اليمامة، حيث التقى ترامب بنحو 40 شخصية من القيادات السعودية بمجالات الاقتصاد والسياسة والأمن.

كما استقبل ولي العهد السعودي الوفد الرسمي المرافق لترامب ورؤساء الشركات الأميركية الكبرى، ومنهم الملياردير إيلون ماسك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ولی العهد إلى أن

إقرأ أيضاً:

ترامب يحث الصين على شراء النفط الأميركي

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الصين يمكنها مواصلة شراء النفط الإيراني، داعيا إياها إلى شراء كميات كبيرة من النفط الأميركي.

وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال أمس الثلاثاء "يمكن للصين الآن مواصلة شراء النفط من إيران. ونأمل أن تشتري كميات كبيرة من الولايات المتحدة أيضا"، وذلك بعد أيام قليلة من إصداره أوامر بقصف 3 مواقع نووية إيرانية.

ونقلت رويترز عن مسؤول كبير في البيت الأبيض قوله إن ترامب كان يقصد عدم وجود محاولات من جانب إيران حتى الآن لإغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط، إذ إن إغلاقه كان سيؤدي لعواقب وخيمة على الصين أكبر مستورد للنفط الإيراني في العالم.

وأضاف المسؤول "يواصل الرئيس دعوة الصين وجميع الدول إلى استيراد نفطنا الرائع بدلا من استيراد النفط الإيراني في انتهاك للعقوبات الأميركية".

وبعد إعلان وقف إطلاق النار، كانت تعليقات ترامب بشأن الصين إشارة انخفاض أخرى لأسعار النفط التي هوت بنحو 6% أمس الثلاثاء.

وسيمثل أي تخفيف للعقوبات المفروضة على إيران تحوّلا في السياسة الأميركية بعد أن قال ترامب في فبراير/شباط الماضي إنه سيعيد فرض سياسة "أقصى الضغوط" على إيران بسبب برنامجها النووي وتمويلها جماعات مسلحة في الشرق الأوسط.

عقوبات على إيران

وفرض ترامب جولات من العقوبات المتعلقة بإيران، بما في ذلك على عدد من المصافي الصينية المستقلة ومشغلي الموانئ بسبب شراء النفط الإيراني.

وقال سكوت موديل المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية والرئيس التنفيذي الحالي لمجموعة الطاقة رابيدان إنرجي، "الضوء الأخضر الذي منحه الرئيس ترامب للصين لمواصلة شراء النفط الإيراني يعكس عودة إلى تطبيق متساهل" للعقوبات.

وبالإضافة إلى عدم تطبيق العقوبات بشكل فعال، ربما يعلق ترامب أو يصدر إعفاءات من تنفيذ العقوبات بأوامر تنفيذية أو بموجب صلاحيات ممنوحة للرئيس عبر القوانين التي يقرها الكونغرس.

إعلان

وقال موديل إن ترامب لن يتنازل على الأرجح عن العقوبات قبل الجولات المقبلة من المحادثات النووية الأميركية الإيرانية، وتمثل هذه الإجراءات مصدر نفوذ في ظل طلب طهران بأن يشمل أي اتفاق رفعها نهائيا.

وقال الشريك في شركة هيوز هوبارد آند ريد للمحاماة جيريمي بانر إنه إذا اختار ترامب تعليق العقوبات المتعلقة بالنفط الإيراني، فسيتطلب ذلك الكثير من العمل بين الوكالات، إذ سيتعين على وزارة الخزانة إصدار تراخيص، وستضطر وزارة الخارجية إلى إصدار إعفاءات، مما يتطلب إخطار الكونغرس.

وقال متعاملون في النفط ومحللون في آسيا إنهم يتوقعون ألا يكون لتعليقات ترامب تأثير في الأمد القريب على مشتريات الصين النفطية سواء من إيران أو الولايات المتحدة.

ويمثل النفط الإيراني نحو 13.6% من مشتريات الصين من النفط هذا العام، إذ يوفر الخام المنخفض السعر شريان حياة للمصافي المستقلة التي تعمل بهوامش ربح ضئيلة، ويشكل النفط الأميركي 2% من واردات الصين، كما أن الرسوم الجمركية التي تفرضها بكين بنسبة 10% على النفط الأميركي تعوق المزيد من المشتريات.

وقال محللون إن الأسواق ستستغرق وقتًا لاستيعاب تصريحات ترامب نظرًا للتقلبات في المنطقة.

وقال مدير المخاطر الجيوسياسية في شركة رابيدان إنرجي الاستشارية فرناندو فيريرا "سنرى ما إذا كانت الإدارة ستنفذ بيان الرئيس ترامب برفع العقوبات رسميا عن إيران.. يظل هذا مستبعدًا من دون اتفاق يتناول المسائل العالقة بشأن البرنامج النووي الإيراني".

يأتي هذا التراجع في الوقت الذي يُجري فيه المفاوضون التجاريون الأميركيون محادثات مع الصين سعيًا لحل بعض القضايا الأساسية في الحرب التجارية بين البلدين. وقد انتقدت الصين مرارًا العقوبات الأميركية، التي تصفها بأنها محاولة لتقويض الاقتصاد الصيني.

ضغط على الصين

دأبت الصين على معارضة ما وصفتها بأنها "إساءة استخدام واشنطن للعقوبات الأحادية الجانب غير القانونية".

وردا على سؤال في مؤتمر صحفي دوري حول منشور ترامب، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جيا كون إن بكين ستتخذ تدابير معقولة لتحقيق الأمن في مجال الطاقة وفقا لمصالحها الوطنية.

ومن شأن زيادة الصين ومستهلكين آخرين مشترياتهم من النفط الإيراني أن تزعج منتجين آخرين للنفط.

مع ذلك، كان تأثير العقوبات الأميركية على صادرات إيران محدودا منذ ولاية ترامب الرئاسية الأولى عندما اتخذ إجراءات صارمة ضد طهران.

وقال موديل إن ترامب "لوّح بالمسدس" هذا العام بعقوبات على شركات تجارية وموانئ صينية. وأضاف موديل أن النتائج كانت "أقل الضغوط" وليس أقصاها.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس للصحفيين إن ترامب أشار إلى ما يريد أن يحدث وما تركز إدارته على تحقيقه، لكنها لم تفصح عن طبيعة الأمر.

وأضافت بروس "لكن من الواضح أننا نركز على التأكد من أن إرشادات الرئيس ترامب تسود وتدفع هذه الحكومة إلى الأمام، لذا سيتعين علينا أن ننتظر ونرى كيف سينتهي الأمر".

مقالات مشابهة

  • بقيمة 30 مليون دولار لكل منهما.. الرياض وواشنطن تقدمان مساعدات مالية متزامنة للفلسطينيين
  • بوتين: العلاقات بين موسكو وواشنطن بدأت تتحسن وترامب يسعى بصدق إلى حل الصراع في أوكرانيا
  • بريطانيا تجدد التأكيد على تشبثها بتعزيز الشراكة الإستراتيجية مع المغرب
  • “جازين” تُعزِّز حضور القهوة السعودية عالميًا في إصدار “مونوبولي الرياض”
  • بريطانيا تؤكد أهمية الشراكة الإستراتيجية مع المغرب وتدعو شركاتها إلى توسيع استثماراتها بالمملكة
  • ما ملامح الإنفاق الدفاعي الأوروبي في ظل ضغوط ترامب المتجددة على الحلفاء؟
  • انقسام في إسرائيل بين شكر ترامب وصفقة إنهاء محاكمة نتنياهو.. وواشنطن تطالب بمحاسبة مسرّب تقرير اليورانيوم الإيراني
  • منتدى نجران للاستثمار 2025 يعزز الشراكة الاقتصادية السعودية اليمنية ويفعّل منفذ الوديعة كبوابة تنموية استراتيجية
  • اتحاد الكرة يحدد موعد غلق فترة القيد الأولية ويكشف أبرز ملامح اللائحة الجديدة
  • ترامب يحث الصين على شراء النفط الأميركي