ما الذي تغير في فكر الجماعات الجهادية في سوريا؟
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
ومع نهاية 2024 بدأت الجماعات الجهادية في سوريا تخوض تجربة جديدة، فمن حركة مقاومة مسلحة إلى سلطة حاكمة مسؤولة عن دولة ومؤسسات. فكيف أعادت هذه الجماعات صياغة مفاهيمها تجاه الدولة والسلطة والمجتمع؟ وهل هذه الجماعات أمام تحول فكري عميق أم أمام مراجعات ظرفية أملتها ضرورات الحكم؟
وعن جذور الفكر الجهادي في سوريا، يوضح عضو اللجنة الرئاسية للسلم الأهلي في سوريا، حسن صوفان، أن هذا الفكر مرتبط بالاحتلال، ولكنه كان كامنا في نفوس السوريين منذ انقلاب حزب البعث، وأن مجزرة حماة كانت مفترق طرق أمام عودة الفكر الجهادي إلى الشعب السوري من أجل الدفاع عن النفس.
ويقول إن الدور الجهادي لم يكن متاحا له التجلي في سوريا بسبب القبضة الأمنية لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، ولذلك أخذ منحى الاستفادة من التجارب ومواجهة المحتل في أماكن أخرى من أجل اكتساب الخبرة لتوظيفها في المعركة الأساسية في سوريا، مشيرا إلى أن التوجهات الإسلامية كانت مجمعة على أن النظام المخلوع كان جديرا بالتصدي له.
ويلفت إلى أن جميع الاتجاهات والمناهج داخل المجتمع السوري هي أصيلة الوجود وليست دخيلة، فلا يوجد أي فكر إسلامي دخيل سواء فكر جماعة الإخوان المسلمين أو الفكر السلفي أو الفكر السلفي الجهادي، أي أن هذه الاتجاهات والتيارات لها جذورها على مدار مئات السنين في سوريا.
إعلانوحول مسألة حدوث تحول داخل الفكر الجهادي عندما تولى أصحابه السلطة في سوريا، يرى صوفان -في حديثه لحلقة (2025/5/14) من برنامج "موازين" أن الأمر يتعلق بطبيعة وضرورات الحكم الذي لم يمارسه الإسلاميون والجهاديون خصوصا، مشيرا إلى أن التجربة الحالية هي المعيار في الحكم على الجماعات الجهادية.
مراجعاتبيد أن صوفان يكشف عن وجود مراجعات وتحولات حتى قبل وصول الجهاديين إلى الحكم، ويقول إنه في سجن صيدنايا مثلا عمل الكثير من الجهاديين مراجعات جريئة ومتميزة يغلب عليها الإثراء العلمي والاستدلال بالنصوص أكثر منها ضغط واقع، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بدخول في واقع جديد اقتضى المراجعة.
وفي حديثه عن مرحلة ما بعد تحرير سوريا من نظام الأسد، يقول صوفان- وهو أيضا قائد حركة تحرير الشام سابقا- إن السياسة هي عبارة عن لعبة لها قواعدها، وكل جهة لها مصالحها الخاصة، والرئيس أحمد الشرع يتقن هذه اللعبة السياسية، بحيث يمكنه أن يعطي كل صاحب حاجة حاجته بما لا يتعارض مع الخطوط الحمراء ومع أهداف الثورة السورية".
ويرى أن العالم لم تعد تحكمه جهة واحدة تفرض كل ما تريد على المجتمع الدولي، بل هناك تعارض مصالح بين الدول، مما يجعل الدول تلج منها لتحقيق مصالحها القطرية الخاصة، ويضيف في هذا السياق أن من حق الرئيس الشرع أن يبحث عن فرصة لنهضة سوريا وإعادة المهجرين وإيقاف الآلام عن الناس، ودعا إلى التفاف حول القيادة السورية مادام لديها الخطة والإجراءات الإصلاحية.
وعن مسألة الديمقراطية بالنظر إلى فكر الجماعات الجهادية، يوضح ضيف برنامج "موازين" أن جميع التيارات الإسلامية تجمع على أن فكرة الديمقراطية من حيث التشريع وإعطاء حق التشريع المطلق تكون للشعب وليس بما يخالف شرع الله سبحانه وتعالى، معربا عن اعتقاده أن الشرع أو أي جهة تكون على كرسي الحكم ستكون مرنة في موضوع الوسائل والآليات.
إعلانوبشأن تعامل القيادة السورية الجديدة مع التدخل الإسرائيلي في الأراضي السورية، يقول صوفان إنه "من الإجحاف تحميل الدولة الوليدة الجديدة إرث الصراع الطويل مع العدو الإسرائيلي في هذه اللحظة"، مشيرا إلى أن القيادة السورية سوف تبذل كل جهد متاح لتجنب إدخال الشعب السوري في معركة طويلة جديدة.
14/5/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجماعات الجهادیة مشیرا إلى أن فی سوریا
إقرأ أيضاً:
تحذيرات من تفاقم الأزمات الإنسانية والأمنية في مالي
أحمد شعبان (باماكو، القاهرة)
أخبار ذات صلةتواجه مالي أزمة إنسانية وأمنية متصاعدة، جراء الحصار الذي تفرضه جماعة إرهابية مرتبطة بتنظيم «القاعدة» على العاصمة باماكو منذ سبتمبر الماضي، مما أدى إلى نقص شديد في الوقود وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي أوقفت عمل قطاعات اقتصادية وخدمية حيوية.
وأوضح خبراء في الشأن الأفريقي والإرهاب الدولي، تحدثوا لـ«الاتحاد»، أن استمرار الحصار المفروض على العاصمة المالية وارتفاع حالات الاختطاف والنزوح، يدفع الآلاف من مواطنيها إلى اللجوء لدول الجوار، هرباً من الصراع المحتدم بين الجيش المالي والتنظيمات المتطرفة، مؤكدين أن الوضع يمثل مؤشراً خطيراً على تصاعد خطر الإرهاب في أفريقيا. وقال الباحث المتخصّص في شؤون الإرهاب الدولي، منير أديب، في تصريح لـ«الاتحاد»: إن الجماعات الإرهابية الموالية لتنظيم «القاعدة» باتت تمتلك اقتصاداً موازياً قوياً، يعتمد على مصادر تمويل ضخمة تتيح لها شراء الأسلحة وتنفيذ عمليات إرهابية واسعة، موضحاً أن هناك تقارير تشير إلى إمكانية إقامة كيان موالٍ لتنظيم «القاعدة» في مالي في حال استمرار الحصار وسقوط العاصمة. ولفت أديب إلى أن ترسيخ نفوذ تنظيم القاعدة في مالي يعني تمدده تلقائياً في دول الساحل وغرب أفريقيا، خاصة النيجر وبوركينا فاسو، مشدداً على ضرورة دعم الحكومة المركزية وإقامة تحالف إقليمي ودولي للقضاء على الجماعات المتطرفة، مع تعزيز التنسيق الأمني والاستخباراتي بين دول العالم والأجهزة المعنية في مالي، إضافة إلى فرض حصار اقتصادي مضاد على التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار القارة الأفريقية.
من جانبه، قال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير صلاح حليمة، إن التنظيمات المتطرفة في مالي حصلت على فرص أكبر للتحرك والتمدد بعد خروج القوات الفرنسية والأميركية، في ظل عدم قدرة الجيش المالي على مواجهتها منفرداً.
وأضاف حليمة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أنه رغم التعاون بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر في إطار التحالف المشترك، فإن هذه الدول لم تنجح في وقف تمدد الجماعات الإرهابية التي تسعى إلى السيطرة على السلطة، وتلقى دعماً متزايداً من أطراف خارجية لتحقيق هدفها، وتتعاون فيما بينها في تنفيذ العمليات الإرهابية، مما أدى إلى حصار باماكو.
ولفت إلى أن الوضع مرشح لمزيد من التدهور، مع انتشار الأنشطة الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، مما يشكل تهديداً مباشراً للاستقرار الإقليمي، موضحاً أن مواجهة هذا التهديد تستدعي تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، خصوصاً من دول الجوار، مع جهود جادة للتصدي للتطورات الحالية.
وشدد الدبلوماسي المصري على ضرورة أن يكون للاتحاد الأفريقي دور فاعل، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والقوى الدولية، لمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، داعياً إلى تضافر الجهود الأفريقية في إطار إقليمي ودولي شامل لمواجهة تمدد الجماعات المتطرفة واستعادة الاستقرار في مالي ومنطقة الساحل بأكملها.