الانتخابات البلدية في لبنان.. إقبال شبابي لكسر الجمود السياسي
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
بيروت- كشفت الانتخابات البلدية في لبنان، التي تجرى على 4 مراحل خلال مايو/أيار الحالي، عن إقبال غير مسبوق من الشباب على الترشح لمناصب عضوية المجالس البلدية والاختيارية (انتخاب المختار) في مختلف المحافظات.
ويأتي هذا الإقبال في إطار رغبة حقيقية في ضخ روح جديدة في الحياة السياسية المحلية، والسير قدما في مسار التغيير والمشاركة الفاعلة في صنع القرار، لا سيما في ظل العصر الرقمي الذي يشهد تطورا متسارعا في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
ووفق الجدول الزمني المعلن، تجري الانتخابات كما يلي:
يوم 11 مايو/أيار الجاري، تم التصويت في محافظتي الشمال وعكار. ويوم 18 مايو/أيار، تجري الانتخابات في بيروت والبقاع وبعلبك-الهرمل. وأخيرا يوم 24 مايو/أيار، من المقرر تنظيمها في الجنوب والنبطية.وتعود أسباب إقبال الشباب هذا على الترشح حسب مراقبين، إلى مجموعة من العوامل، أبرزها:
شعور فئة واسعة من الشباب بالتهميش في السياسات المحلية طوال السنوات الماضية، ورغبتهم في كسر حلقة "التوريث" السياسي والمحسوبيات العائلية والحزبية. أسهمت الأزمات المتلاحقة التي شهدها لبنان، من الانهيار الاقتصادي إلى تدهور الخدمات الأساسية، في تعزيز وعي الشباب بأهمية العمل البلدي، وضرورة أن يكون لهم دور مباشر في إدارة شؤون بلداتهم ومناطقهم. برزت في عدد من المناطق مبادرات شبابية مستقلة تدعو إلى العمل على تطوير البنية التحتية، وتحسين الخدمات البيئية، وتفعيل الحوكمة الرشيدة والشفافية.ويرى مراقبون أن هذا الحراك يشكل مؤشرا واعدا على نضج سياسي متنامٍ لدى الأجيال الجديدة التي بدأت تتحرر من الأطر التقليدية وتطمح إلى بناء نموذج جديد في العمل البلدي يرتكز على الكفاءة والشفافية وخدمة المواطن.
وأفاد مصدر رسمي مطلع على سير عملية الترشيح للانتخابات البلدية والاختيارية (المخاتير)، للجزيرة نت، بوجود "اندفاع لافت" من فئة الشباب والشابات للترشح لعضوية المجالس البلدية في مختلف المناطق ومن دون استثناء.
إعلانواعتبر أن ما يجري هو سابقة من حيث الأعداد، مرجحا أن يكون الدافع الأساسي وراء هذا الحضور الشبابي هو ارتفاع مستوى الوعي السياسي، لا سيما أن معظم المرشحين منهم يتمتعون بمؤهلات علمية وثقافية، وهم ناشطون في مجتمعاتهم ويُعوَّل عليهم في التغيير.
وأضاف المصدر ذاته: "لا تتوافر لدينا حتى الآن أرقام دقيقة، إذ إن جمعها وتحليلها يتطلب بعض الوقت، لكن من خلال متابعتنا ومراقبتنا، يمكننا الجزم بأن هذه المرة الأولى التي نشهد فيها هذا النوع من الإقبال، وقد اجتزنا مرحلة الترشيح بسلاسة، وبشكل حضاري ومنظم وناجح".
تحول نوعيمن جانبه، يرى أحمد سعيد عكرة، المرشح لمنصب نائب رئيس بلدية صيدا ضمن لائحة "سوا لصيدا"، أن ترشّح عدد كبير من الشباب في هذه الانتخابات يعكس تحولا نوعيا في المشهد المحلي، تقوده الرغبة في التغيير، والشعور بالمسؤولية، والتطلع إلى دور فاعل في صناعة القرار.
وأوضح للجزيرة نت أن أول ما يدفع الشباب إلى الترشح هو قناعتهم بأن المجالس البلدية لم تعد تعبر عنهم بشكل كافٍ، مشيرا إلى أن هذا الجيل يتميز باندفاعه نحو إدخال أفكار جديدة وأساليب عمل مبتكرة تساعد في خدمة أبناء المدينة بطرق أكثر كفاءة وسرعة.
ووفق عكرة، فإن الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع هو العامل الثاني الذي يحفز الشباب على خوض غمار العمل البلدي، مشددا على أنهم يدركون أن عليهم دورا حقيقيا في خدمة الناس ومعالجة قضاياهم خصوصا في ما يتعلق بالتعليم والتكنولوجيا والرياضة والصحة، لافتا إلى أن كثيرين من جيله أثبتوا جدارتهم بعد وصولهم إلى مواقع مؤثرة وتنفيذهم تغييرات ملموسة في مجتمعاتهم.
وتابع "نعيش في عصر الشباب والتطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، ومن الطبيعي أن يكون هذا الجيل هو الأقدر على التعبير عن روح العصر"، مؤكدا أن الشباب لم يعودوا مستعدين لدور المتفرج، بل يسعون بجدية لأن يكونوا شركاء فعليين في صناعة القرار المحلي ورسم ملامح المستقبل.
إعلان جيل واعٍمن ناحيتها، اعتبرت المهندسة آية عبد الباسط البلولي، المرشحة لعضوية المجلس البلدي في مدينة صيدا، أن مشاركة فئة الشباب مؤشر على تغيير واسع قادم.
وقالت للجزيرة نت إن مشاركة الشباب في العمل البلدي والسياسي هي مؤشر واضح على وعي الجيل الجديد، ورغبته في لعب دور فاعل في إدارة شؤون مدينته ومجتمعه، و"هذا الحضور ليس فقط كعدد، بل كنوعية ومبادرات، يدل على أننا أمام جيل لم يعد يرضى بدور المتفرّج، بل يريد أن يكون جزءا من صناعة القرار ورسم المستقبل".
وبرأي البلولي، فإن هذه المشاركة مقدمة لتحول أعمق في المشهد السياسي خاصة في المدن التي كانت تُعتبر الساحة السياسية فيها مغلقة أو محتكرة، وهي بداية تحول حقيقي، "فعندما يتحول الحماس والرغبة بالتغيير إلى برامج عمل ومواقع مسؤولية، يصبح من الممكن خلق دينامية جديدة على مستوى الأداء البلدي، وربما تنتقل العدوى إلى باقي المستويات السياسية، وهذا التحول يعكس نضجا سياسيا ورغبة في إصلاح فعلي".
وأشارت إلى أن ظاهرة ترشح الشباب ترتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم "العهد السياسي الجديد" الذي يطالب به الناس، وهو يقوم على الشفافية والمحاسبة والكفاءة والشراكة.
وأضافت أن هذه القيم يتبناها الشباب بقوة، ومشاركتهم اليوم تمثل تجسيدا عمليا لمبادئ هذا العهد، ومحاولة لبناء نموذج جديد في العمل البلدي يقوم على إشراك الكفاءات لا الولاءات، ويضع خدمة الناس فوق كل اعتبار، "فوجود الشباب في الحياة العامة يشكل رافعة حقيقية لهذا التغيير المنتظر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات العمل البلدی مایو أیار أن یکون
إقرأ أيضاً:
التمثيل بلا تجديد: التدوير السياسي يعمّق فقدان الثقة بالانتخابات
13 مايو، 2025
بغداد/المسلة:
افادت تحليلات بان المشهد الانتخابي العراقي سوف تمخض عن تكرار الوجوه ذاتها في الانتخابات المقبلة، مع بقاء الأحزاب النافذة في صدارة المشهد، رغم الدعوات المتكررة للتغيير والإصلاح.
وأكدت مصادر سياسية أن نسبة التغيير في الانتخابات المقبلة ضعيفة، مع عودة معظم الوجوه السياسية الحالية، خاصة تلك التابعة لأحزاب نافذة، مما يثير تساؤلات حول جدوى العملية الانتخابية في ظل هذه الظروف.
وتزايدت المخاوف من تأثير المال السياسي والضغوط على الناخبين، حيث بدأ حراك منذ أكثر من شهرين لجمع البطاقات الانتخابية باستخدام المال أو الضغط، حتى وصلت الأمور إلى مرحلة بيع الصوت مقابل مبالغ مالية، مما يهدد نزاهة العملية الانتخابية ويقوض ثقة المواطنين بها.
وتكررت هذه الظاهرة في الانتخابات السابقة، حيث شهدت انتخابات أكتوبر 2021 حالات فساد وعدم ثقة بالعملية الانتخابية.
وفي ظل هذه الظروف، أعلنت مفوضية الانتخابات اكتمال غالبية خطوات الجدول الزمني للتحضير ليوم الانتخابات، المقرر في 10 أكتوبر القادم، مشيدة بالدعم الدولي لإجراء الاستحقاق الانتخابي بشكل غير مسبوق، والذي أعطى زخمًا حقيقيًا لإنجاز ملف الانتخابات المبكرة .
وتدوير الوجوه السياسية القديمة في المشهد العراقي يمثل تكريسا لنمط من الجمود السياسي، حيث تُعاد الشخصيات نفسها إلى مواقع القرار، رغم تعاقب الأزمات وتبدّل الشعارات.
ويفسّر هذا التدوير بوصفه فشلاً للنظام السياسي في إنتاج نخبة جديدة قادرة على تمثيل الشارع وتمثّل تطلعاته، خاصة في ظل موجات احتجاجية متكررة عبّرت عن سخط عميق من الأداء السابق.
ويكشف استمرار هذه الوجوه عن وجود شبكات مصالح راسخة تفرض إيقاعها على الانتخابات، سواء من خلال القوانين المصممة على قياسها، أو من خلال أدوات التأثير كالإعلام والمال والسلاح غير الشرعي ما يبعث برسالة مفادها أن التغيير في العراق لا يتم عبر صناديق الاقتراع، بل يبقى محصورًا في إطار ضيق ترسمه إرادة القوى المهيمنة.
ويؤدي ذلك إلى إعادة تدوير الفشل، لا الأشخاص فحسب، إذ غالبًا ما ترتبط تلك الأسماء بتاريخ من التراخي أو الفساد أو تغليب المصالح الحزبية والطائفية على المصلحة الوطنية.
وتؤكد الدراسات السياسية أن النظم التي تعجز عن تجديد نخبها تميل إلى الاستبداد أو الانهيار، لأنها تقطع الصلة بين الشرعية الشعبية والتمثيل البرلماني.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts