#سواليف
كان ” #النظام_العالمي_الجديد ” مصطلحًا صاغه الرئيس الأميركي جورج بوش الأب عام 1990، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، وتحدث عنه حينها بثقة وفخر كبيرين.
لم يعد العالم ثنائي القطب كما كان إبّان #الحرب_الباردة، بل أصبح، وفقًا لتصور الولايات المتحدة، أحادي القطب بقيادتها، وكان من المفترض أن يصبح العالم أجمل وأكثر استقرارًا وسلامًا.
غير أن الأمور لم تسر على هذا النحو. وكالعادة، دفعت الدول النامية ثمن التناقضات الكبرى والخيال المفرط في خطط أميركا المرتجلة والبعيدة عن الواقع.
مقالات ذات صلة الاحتلال يقصف داخل أسوار مستشفى شهداء الأقصى ويرتكب مجزرة للمرة الـ12 / شاهد 2025/06/30فقد احتل بوش الأب العراق تحت شعار “النظام العالمي الجديد”، فكانت النتيجة مقتل مليون إنسان وتشريد الملايين، بينما ادّعت واشنطن أنها جاءت لتجلب الديمقراطية والازدهار إلى المنطقة. لكنها لم تجلب سوى التمزق الوطني، وانتعاش الإرهاب، وانتشار البؤس، والفقر.
ولم تقتصر تداعيات هذا التدخل الأميركي على العراق فحسب، بل وصلت إلى جورجيا، والشيشان، وأوكرانيا، أي إلى عمق المجال الحيوي لروسيا، حيث اندلعت حروب واضطرابات جديدة. فبدلًا من أن نخرج من ثنائية الأقطاب، أصبحنا نعيش ألمها من الجانبين معًا.
نظام يحوّل الحلفاء إلى أعداء
ربما كان الجانب الأكثر غرابة وإثارة للعبرة في “النظام العالمي الجديد” هو أن #الولايات_المتحدة تحوّلت لاحقًا إلى عدو للدول التي كانت حليفة لها يومًا ما. فقد دعمت أفغانستان ضد الاحتلال السوفياتي، ثم عادت فاحتلتها. وساندت العراق في حربه ضد إيران، ثم اجتاحته. ولم تجلب تدخلاتها في كوسوفو، والبوسنة، وأوكرانيا، وليبيا، والصومال، أي استقرار أو سلام لهذه البلدان.
استعمل #جورج_بوش الابن، ومن بعده الرئيسان #أوباما و #بايدن، المصطلح ذاته وتحدثوا كثيرًا عن السلام والرخاء، لكن حصيلة تدخلاتهم كانت المزيد من الدموع والمعاناة.
أما دونالد #ترامب، فقد أتى بسياسات صادمة وغير منطقية، مدّعيًا أنه سيجعل العالم مكانًا أفضل. لكنه لم يلبث عامًا في سدة الحكم حتى بدأت نتائج تصريحاته تسير في الاتجاه المعاكس تمامًا.
فمنذ حملته الانتخابية التي وعد فيها بإنهاء الحروب، شهد العالم اندلاع صراعات جديدة. دخل بنفسه على خط الحرب الإيرانية الإسرائيلية، وتصاعدت حدة #الحرب الروسية الأوكرانية، وتوسعت النزاعات في الشرق الأوسط.
وفي غضون عام واحد فقط، قُصفت خمس دول في المنطقة بأسلحة وطائرات وصواريخ أميركية. وبدأت إسرائيل – كما صرّحت المستشارة الألمانية سابقًا – تؤدي المهام الأمنية والعسكرية التي تتجنّب الدول الغربية القيام بها بشكل مباشر، وذلك تحت غطاء الحماية الأميركية.
لماذا ينهار النظام العالمي الجديد؟
في واقع الأمر، إن كل هذه العروض الاستعراضية للقوة، وهذه التطورات “الخيالية” كما يسميها ترامب، ليست سوى انعكاس لفزع مفرط من انهيار وشيك. إن “النظام العالمي الجديد” الذي حملت الولايات المتحدة شعاره، في طور الانهيار، وربما لا نلاحظ ذلك جيدًا؛ لأننا نعيش في قلبه.
والسبب في هذه الفوضى أن النظام العالمي الذي سعت أميركا إلى ترسيخه لم يتمكن من فرض نفسه فعليًا، أو أنه لم يُرضِ سوى الولايات المتحدة نفسها. فمنذ أن دخل بوش الأب الشرق الأوسط دخول الفيل- وهو شعار الحزب الجمهوري- لم يعرف الإقليم أي طمأنينة، بل زادت الأمور سوءًا.
تفتّت العراق إلى ثلاثة أجزاء، وظهرت من أراضيه المضطربة تنظيمات مثل القاعدة، وتنظيم الدولة، وحزب العمال الكردستاني (PKK)، مما جعل المنطقة غير قابلة للحياة. فجاء الرؤساء اللاحقون ليحتجّوا بهذه التنظيمات ويدخلوا المنطقة من جديد، وكانت النتيجة أن تحولت سوريا، ولبنان، واليمن إلى ساحات خراب لا تطاق.
ولم تقف الكارثة عند هذا الحد، بل ارتكبت الولايات المتحدة خطأً تاريخيًا حين استبعدت فلسطين من “اتفاقات أبراهام”- التي أُطلقت بذريعة تعزيز السلام وتقوية حلفاء إسرائيل- وها نحن اليوم نعيش نتائج ذلك انحرافًا هائلًا ومجزرة مستمرة. ولو سألت ترامب، لأجابك بأنه يستحق جائزة نوبل للسلام بسبب “إنجازاته الخيالية”!
لكن الواقع أن العالم أصبح أكثر سوءًا، وأكثر فوضى، وأكثر انعدامًا للأمن. لماذا؟ لأن:
الرأسمالية الأميركية جشعة ولا تعرف الشبع.
الإدارة الأميركية مفرطة في الثقة بالنفس، إلى حد التسمم بالقوة.
النخبة الفكرية الأميركية لم تعد تنتج قيمًا إنسانية أو أخلاقية.
حين تُهان أوروبا على يد أميركا
وليس الشرق الأوسط وحده من يدفع الثمن، فأوروبا أيضًا تواجه المصير ذاته بسبب الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا. ولا تكمن المشكلة في “التهديد الروسي” فحسب، بل في رؤية ترامب وفريقه للعالم، حيث يرون أن “أوروبا العجوز” لم يعد لها مكان في المعادلة، ويجب أن تتقاعد وتخرج من المشهد.
وقد تجلى ذلك في تصريحات مهينة لنائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس خلال مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير/ شباط 2025، وهو ما فجّر أزمة خفية لم تهدأ بعد بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.
بل إن التهديد بالانسحاب من الناتو، وفرض الرسوم الجمركية، لم يكن ذلك سوى امتداد لهذا الاستعلاء الأميركي على أوروبا. وبدلًا من أن تحاول أوروبا النهوض، آثرت أن تُذل نفسها أكثر، من خلال دعمها المطلق حروب إسرائيل الوحشية، وتملّقها ترامب في قمة الناتو الأخيرة، ما جعلها تستحق هذا الاحتقار في نظر الأميركيين أنفسهم.
أميركا لم تعد تدري ما تفعل
لقد تحولت الولايات المتحدة إلى دولة تفقد السيطرة على كل شيء تلمسه، فتعيث فيه فوضى ودمارًا. إنها في الحقيقة لا تعرف ما تفعل. فكلما أدركت أنها تخسر نفوذها، أصابها الهلع وراحت تضغط على كل الأزرار دفعة واحدة، على أمل أن تنقذ نفسها، لكنها لا تزداد إلا غرقًا.
وبينما تتراجع أمام الصين يومًا بعد يوم، تلجأ إلى آخر ما تثق به: “سلاح راعي البقر”. فترسل قنابلها المدمّرة، وصواريخها، وحاملات طائراتها إلى أصقاع الأرض، معتقدة أنها بهذا الترهيب ستعود إلى “أيامها السعيدة”. لكنها لا تجني سوى إنهاك اقتصادها، وخسارة حلفائها، وتعميق الكراهية العالمية تجاهها. ثم تعود لتسأل الشعوب: “لماذا تكرهوننا؟”، وتسيء معاملتهم أكثر.
وباختصار، كلما سعت أميركا لفرض نظام عالمي، زاد اختلال التوازن، وانهار الاستقرار. إن النظام العالمي الذي تقوده أميركا ينهار، وهذه القنابل التي نسمع دويها، والفوضى التي نراها، والاضطراب الذي نعيشه، ليست سوى مظاهر لهذا الانهيار.
عقدة غورديون لا تُحل إلا بالسيف
من الطبيعي ألّا نستوعب تمامًا ما يحدث، لأننا لا نزال في قلب هذا الانهيار. لا نعلم إلى أين تسير الأمور، ولا كيف ستكون النتائج، لكن الأمر شبه المؤكد أن البشرية لن تنجو من الحروب، والفوضى، والمعاناة.
فالولايات المتحدة عاجزة عن إقامة نظام عالمي حقيقي، وهي لا تدرك أنها لم تجلب للعالم سوى الحروب، والاستغلال، والدمار. ومع أن هناك مفكرين وأكاديميين أميركيين يلاحظون هذا الانحدار، ويرون أن “الحلم الأميركي” يشارف على نهايته، فإن إدارة ترامب، التي تنظر بريبة إلى المؤسسات الفكرية والأكاديمية، عمدت إلى قطع التمويل عن الجامعات واحدة تلو الأخرى.
ولذا لم تعد المؤسسات البحثية الكبرى والجامعات الأميركية قادرة على إنتاج حلول للأزمة العميقة التي تعصف بأميركا. وحتى لو أنتجت هذه الحلول، فلن تجد من يصغي إليها في أجهزة الدولة.
ولكن لا ينبغي أن ننسى أن أميركا قد نسجت علاقات شديدة التعقيد مع دول العالم، ومع النظام المالي العالمي، لدرجة أن هذه التشابكات تحولت إلى ما يشبه “عقدة غورديون” (عقدة تاريخية في الأساطير الإغريقية عُرفت باستحالة حلّها)، ولا يبدو أنها ستُحل إلا إذا جاء إسكندر جديد وقطعها بسيفه.
وباختصار، لقد بدأ النظام العالمي الجديد بالتشقق بعد مرور 35 عامًا على ولادته. لا أعرف متى سينهار بالكامل، ولا ما الذي سيأتي بعده، لكنني واثق بأن المسألة باتت مسألة وقت ليس إلا.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف النظام العالمي الجديد الحرب الباردة الولايات المتحدة جورج بوش أوباما بايدن ترامب الحرب النظام العالمی الجدید الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
"الشرق الأوسط الجديد" يفشل للمرة الثانية
جمال بن ماجد الكندي
مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، عبارة برَّاقة تُتداول في سياقات مختلفة لدى الغرب وإسرائيل؛ فهل يُراد منها الاستقلال السياسي والاقتصادي لدول المنطقة؟ أم المقصود تمكين دولةٍ تُعرف بأنها دولة احتلال منذ عام 1948 للتربع على المنطقة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا ألا وهي إسرائيل؟
في هذا المقال نسعى لشرح هذا المفهوم وتأكيد الفشل في تحقيق بنوده؛ بدءًا من تجربته الأولى في حرب لبنان عام 2006، ثم تجربته الثانية التي ما تزال قائمة، وانتهت جولتها الأولى بفشل ذريع لإسرائيل في عدوانها على إيران، وفق معطيات رسمتها إسرائيل ولم تُحقِّقها على الأرض، سنذكرها ونُحلِّلها.
مشروع الشرق الأوسط الجديد هو تصور أمريكي- صهيوني يقوم على إعادة رسم خرائط المنطقة، من خلال تقسيم دول كبرى مجاورة لإسرائيل إلى كيانات طائفية وإثنية تتنازع فيما بينها، وتُبعدها عن الصراع مع إسرائيل. ويُراد من ذلك تفتيت الجيوش العربية إلى جيوش طوائف، بحيث تكون الكلمة العُليا في المنطقة لإسرائيل، مع إجهاض أي جيش أو مُنظمة تعاديها. إنها عملية تدمير مُنظَّم للجيوش المركزية في دول الطوق المحيطة بإسرائيل، كما حدث في العراق وسوريا؛ وذلك عبر إيجاد عدو داخلي أو خارجي، تُغذّيه الولايات المتحدة تحت ذرائع متعددة، والهدف الثابت هو تفتيت هذه الجيوش.
هذه هي المرحلة العسكرية، تليها المرحلة السياسية، ومن أبرز ملامحها التطبيع مع إسرائيل، ضمن حلٍّ إقليمي يُنهي القضية الفلسطينية، وفقًا لرؤية "الشرق الأوسط الجديد". ولتحقيق هذا الغرض، والذي تتمثل نواته الأساسية في إضعاف الجيوش العربية، برز مصطلح "الفوضى الخلّاقة"، وهو مصطلح استخدمته وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق كوندوليزا رايس، للإشارة إلى أن الفوضى (مثل: الثورات، والانقسامات، والحروب الأهلية) مسألة ضرورية لولادة نظام جديد يخدم الغرب. وهذه رؤية استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا؛ بما يخدم مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، وخاصة إسرائيل. ومن أبرز بنود هذه الرؤية: تصفية القضية الفلسطينية، والقضاء على كل سلاح يُرفع في وجه إسرائيل.
فَشَلَ مشروع "الشرق الأوسط الجديد" في تجربته الأولى، والتي تمثّلت في نتائج حرب لبنان عام 2006، ففي يوليو من ذلك العام، شنّت إسرائيل حربًا مُدمّرة على لبنان، بعد قيام "حزب الله" بأسر جنديين إسرائيليين. وكما هي العادة، دعمت الولايات المتحدة إسرائيل بقوة، وقالت رايس تصريحها الشهير: "ما نراه الآن هو مخاض ولادة شرق أوسط جديد"؛ أي إن الدمار والقتل اللذين لحقا بلبنان، كانا- برأيها- من أجل ولادة هذا الشرق الموعود. وقد كانت تقصد بذلك القضاء على حركة المقاومة الإسلامية في لبنان، لكن العدوان الإسرائيلي فشل في تحقيق أهدافه؛ إذ لم تستطع الآلة الحربية الإسرائيلية القضاء على المقاومة اللبنانية، وتم وقف إطلاق النار بطلبٍ إسرائيلي. وقد تُرجم ذلك على الأرض بصدور قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي شكّل نهاية لتلك الجولة، وأجهض المشروع في نسخته الأولى.
النسخة الثانية من مشروع الشرق الأوسط الجديد كانت بوابتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بمعنى الإطاحة بالنظام الإيراني؛ إذ إنَّ هذا النظام، بحسب التوصيف الأمريكي- الصهيوني، يُعد العُمق الاستراتيجي لقوى المُقاوَمة والمُمانَعة في لبنان وفلسطين واليمن. وإذا أردنا تشكيل نظام جديد وفق الرؤية الأمريكية في المنطقة، فإنَّ العقبة الكبرى هي إيران!
ومُنذُ نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، واستبدال علم إسرائيل في السفارة الإسرائيلية بعلم فلسطين وتحويلها إلى سفارة فلسطينية، أصبح العدو الاستراتيجي لأمريكا وإسرائيل هو إيران. ومهما حققت إسرائيل من إنجازات هنا وهناك- حسب تعريفها لهذه الإنجازات- فإنها تظل ناقِصة، ما دام النظام الإيراني باقيًا ويدعم قوى المقاومة في المنطقة.
العدوان الإسرائيلي بتاريخ 13 يونيو 2025، على إيران كان بدايةً لتحقيق الحلم الصهيو-أمريكي في القضاء على القوة الفاعلة والباقية والوحيدة التي تُقاتل إسرائيل بشكل غير مباشر، عن طريق دعم حركات المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن والعراق، وبطريقة مباشرة عبر عمليتي "الواعد الصادق 1 و2". وجاء العدوان الإسرائيلي تحت مسميات مختلفة، من أبرزها: القضاء على البرنامج النووي الإيراني. لكن هذا العدوان كان أكبر من ذلك؛ إذ استهدف تغيير النظام الإيراني ومحاولة استبداله بنظام يدور في الفلك الصهيو-أمريكي. ومع افتراض نجاح هذه العملية، كان يُخطط لإسقاط باقي القوى المناهِضة والمُقاوِمة للمشروع الأمريكي- الإسرائيلي في المنطقة، والعقبة الأساسية مثلت في إيران.. فهل نجح المشروع؟!
لمعرفة ذلك، لا بُد من تحليل أهداف الحرب الصهيونية وطرح سؤال: هل تحققت؟ لأن الحرب لم تكن فقط لإجهاض المشروع النووي السلمي في إيران؛ بل كان الهدف أبعد من ذلك؛ إنه رأس النظام.
أهداف الحرب الإسرائيلية على إيران كانت أبعد من مجرد القضاء على البرنامج النووي الإيراني؛ فقد كانت الخطة الإسرائيلية تقضي باغتيال المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، إلى جانب القادة العسكريين والأمنيين في الصف الأول. ثم تنفيذ موجة من الاغتيالات، قدرَّها البعض بنحو 400 شخصية، وهو ما لم يتحقق. ومن خلال هذه الأهداف، يُمكن التعرف على الطرف المنتصر في الجولة الأولى من هذه الحرب.
أُولى بوادر الانتصار الإيراني كانت في الإعلان الأمريكي عن وقف إطلاق النار، بعد مجموعة من النتائج كالتالي:
1- فشل محاولة اغتيال رأس الهرم الديني والسياسي في إيران، وهو المرشد الأعلى علي خامنئي.
2- فشل تدبير محاولة الانقلاب من داخل إيران عبر أدوات زرعها الموساد الإسرائيلي، وقد تم الكشف عن كثير منها. وكانت هذه الأدوات من أكبر رهانات إسرائيل لضرب النظام الإيراني قبل بدء العمليات الحربية.
3- فشل القضاء على النظام الصاروخي الإيراني؛ بل إن هذا النظام كان من أبرز أسباب الإعلان الأمريكي عن وقف إطلاق النار، خاصةً بعد أن استخدمت إيران صواريخ متقدمة فرط صوتية، أذهلت العالم، وكانت مُدمِّرة ومُخيفة للكيان الصهيوني، وحققت أهدافها بدقة.
4- فشل الضربة الأمريكية على المفاعلات النووية الإيرانية، والتي كانت السبب الرئيسي وراء العدوان على إيران.
وهذه النقطة الأخيرة كانت الحاسمة في إعلان انتصار إيران في حرب الأيام الـ12.
فكيف ذلك؟!
من خلال ما تحدثت عنه وسائل الإعلام الأمريكية عن فشل الضربة الأمريكية على المفاعلات النووية الإيرانية؛ استنادًا إلى تقارير استخباراتية مُسرَّبة، مفادها أن الضربة لم تُدمِّر هذه المنشآت بشكل كُلي؛ بل ربما تؤخّر عملية التخصيب لبضعة أشهر فقط. وقد أغضبت هذه التسريبات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحرمته من إعلان "النصر المُؤزَّر" على إيران.
وبتحليل بسيط للوقائع، ندرك أن الضربة كانت فاشلة لسبب جوهري، وهو عدم تسجيل أي تسرُّب إشعاعي في إيران أو في المناطق المجاورة. وهذا يعني إما أن المنشآت قد فُرِّغت من اليورانيوم المخصب قبل الضربة، أو أن القنابل الثقيلة لم تصل إلى هدفها ولم تُدمّر اليورانيوم المُخصَّب؛ مما كان سيؤدي- لو حصل فعلًا- إلى كارثة نووية، قد تُستخدم ذريعة لإدخال البلاد في حالة من الفوضى، تُحمِّل النظام مسؤوليتها وتُمهِّد لسقوطه. لكن شيئًا من هذا لم يتحقق. وبالتالي، جاء وقف إطلاق النار نتيجة فاعلية الصواريخ الإيرانية، وفشل سيناريو "التغيير من الداخل" الذي راهن عليه الطرف الأمريكي والكيان الصهيوني.
لا ريب أن مشروع الشرق الأوسط الجديد كما فشل في نسخته الأولى بفضل صمود المقاومة اللبنانية عام 2006، قد فَشل مجددًا في نسخته الثانية أمام الصلابة الإيرانية خلال حرب الاثني عشر يومًا، مع عدم تحقق أهداف إسقاط النظام ولا تصفية البرنامج النووي، رغم ضخامة العدوان والتنسيق الصهيو-أمريكي. وبدلًا من "نصر مُؤزَّر" مُعلن، فرضت إيران معادلتها بالصواريخ والسيادة. وهكذا انتصرت طهران، ليس فقط في الميدان؛ بل في إعادة رسم معادلات الردع في المنطقة.
رابط مختصر