ميلان تحتفي بـ«مهرجان اللغة والثقافة العربية»
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
ميلان (الاتحاد)
أخبار ذات صلةتحت رعاية هيئة الشارقة للكتاب، تحتفي مدينة ميلان الإيطالية باللغة العربية وتاريخ نتاجها المعرفي والإبداعي، حيث تقام على مدار أربعة أيام فعاليات الدورة الثامنة من المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية، مستضيفة 30 باحثاً وأكاديمياً ونخبة من الأدباء العرب في المهجر من 18 دولة، تحت شعار «اللسان المهاجر: اللغة العربية بلا حدود».
وانطلقت فعاليات المهرجان، الذي ينظمه معهد الثقافة العربية في الجامعة الكاثوليكية للقلب المقدس بميلان، وبالتعاون مع مركز أبحاث اللغة العربية، بحضور ومشاركة كل من أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، والدكتور جيوفاني غوبر، عميد كلية العلوم اللغوية والأدب الأجنبي في الجامعة الكاثوليكية، والدكتور وائل فاروق، مدير معهد الثقافة العربية، والمنسق العلمي للحدث.
ويستضيف المهرجان أعلام الأدب والثقافة العربية في المهجر، منهم الكاتب الليبي إبراهيم الكوني، ومن العراق الكاتب سنان أنطون، والروائية إنعام كجه جي، ومن مصر الكاتب عزت القمحاوي، والروائية مي التلمساني، إضافة إلى الكاتب اليمني علي المقري. ومن خبراء اللغويات وتعليم العربية، يشارك في المهرجان كل من الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية في الشارقة، وزينب طه من الجامعة الأميركية بالقاهرة، ومخرجون وكتّاب مسرحيون من بينهم أحمد فوزي صالح وصالح زمانان، إلى جانب نقاد أدب وأكاديميين مثل فرانشيسكا كوراو وصبحي حديدي.
وعاء حضاري
وفي كلمته خلال حفل الافتتاح، نقل أحمد بن ركاض العامري، تحية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وأكد أن «شعار هذا المهرجان (اللسان المهاجر: اللغة العربية بلا حدود) يلخّص رحلةً عمرها قرون، لغة كانت معطاء، كريمة، وفيّة لمن أخذت عنهم، ومساهمة في بناء الحضارة الإنسانية، حين حملت المعارف والعلوم من الشرق إلى الغرب، ومن أطراف الجزيرة العربية إلى قلب أوروبا».
وقال العامري: «ونحن نلتقي اليوم، نستحضر تلك الرحلة التي بدأت قبل أكثر من ألف عام، حين قصد الطبيب قسطنطين الإفريقي إيطاليا حاملاً معه كتباً طبية باللغة العربية، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة فتحت فيها العربية أبواب علومٍ لم تكن معروفة بعد. ومن تلك الرحلة إلى لحظتنا هذه، ظل التفاعل مستمراً، متجسداً في رؤى وجهود صاحب السمو حاكم الشارقة، صاحب الرؤية والريادة، الذي لطالما أكد أن اللغة ليست أداة تواصل فحسب، بل هي وعاء حضاري وجسرٌ يعبر بنا من التباعد إلى التفاهم، ومن العزلة إلى الحوار».
تحول في العلاقة بين الثقافتين العربية والغربية
قال الدكتور وائل فاروق مدير المهرجان: «في العقدين الأخيرين، ومع الهجرات الواسعة من العالم العربي باتجاه الغرب، أصبحنا نقف على أعتاب تحول جديد في العلاقة بين الثقافتين العربية والغربية، حيث تلعب اللغة العربية وأدبها دوراً مركزياً فيها، فبجانب ملايين المهاجرين الذين أصبحوا من أصحاب اللسانين، هناك عدد كبير من المبدعين والأدباء العرب الذين انتقلوا للحياة في الغرب، يكتب عدد لا بأس به منهم إبداعه بلغة من اللغات الأوروبية، لتتشكل تجربة جديدة من أدب المهجر التي تميزت بها بدايات القرن الماضي، ويتزامن مع ذلك اتساع كبير في تدريس اللغة العربية المعاصرة، ودراسة أدبها الحديث والمعاصر في الجامعات الغربية».
ويتطلع المهرجان في دورته الثامنة إلى استكشاف حضور اللغة والثقافة العربية في السياقات الغربية، وتعزيز فهمها وتفاعلها في بيئات جديدة، من خلال محورين رئيسين: الأول يتناول قضايا تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، مع التركيز على تطوير مناهج النحو والصرف والبلاغة بما يواكب متطلبات تعلّم العربية في المجتمعات الغربية. فيما يركّز المحور الثاني على الأدب العربي المعاصر في بلدان المهجر، عبر شهادات وقراءات نقدية لأعمال كتّاب عرب مقيمين في الغرب، ومناقشة قضايا الترجمة، وتلقي النص العربي بلغات أخرى، وعلاقته بهويات الكتّاب واندماجهم الثقافي والاجتماعي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: ميلان هيئة الشارقة للكتاب الشارقة اللغة العربية الثقافة العربية والثقافة العربیة اللغة العربیة العربیة فی
إقرأ أيضاً:
من التحدي إلى الفرصة.. خارطة طريق لتطوير تعليم العربية في الجامعات البنغلاديشية
في سياق الاهتمام المتنامي باللغة العربية وتحدياتها في المحيط الآسيوي، تنشر "عربي21" الجزء الثاني من الورقة البحثية الخاصة التي أعدها الدكتور أبو القاسم محمد عبد القادر، أستاذ اللغة العربية في جامعة شيتاغونغ بجمهورية بنغلاديش الشعبية. ويأتي هذا الجزء استكمالًا للجزء الأول الذي تناول الخلفية التاريخية والتعليمية للغة العربية في بنغلاديش، ليسلط الضوء هذه المرة على أبرز التحديات التي تواجه تعليم اللغة العربية في الجامعات البنغلاديشية، ويقترح خطة استراتيجية شاملة للنهوض بجودة تعليمها وضمان استدامة حضورها في المؤسسات الأكاديمية.
يهدف هذا الجزء إلى تشخيص العقبات البنيوية التي تحول دون تطور تعليم العربية في بنغلاديش، وتقديم رؤية تطويرية تأخذ في الاعتبار المعايير الدولية، والمتغيرات المحلية، وضرورة دعم التعاون بين الدول العربية والجامعات البنغلاديشية في هذا المجال الحيوي.
أبرز المشكلات التي تواجه تعليم اللغة العربية في جامعات بنغلاديش
ورغم الجهود المبذولة، إلا أن تعليم اللغة العربية في جامعات بنغلاديش يواجه جملة من التحديات التي تعيق تحقيق الجودة المنشودة، ومن أبرز هذه المشكلات:
1 ـ ندرة المصادر والكتب الدراسية المقررة، نتيجة لبعد الجامعات عن العالم العربي والإسلامي وصعوبة الحصول على أحدث المراجع.
2 ـ قلة الأساتذة المتمكنين، بسبب محدودية فرص استكمال الدراسات العليا في الجامعات العربية.
3 ـ ضعف الإمكانيات التعليمية، ونقص الوسائل الحديثة والأجهزة التعليمية المتطورة، فضلا عن قلة خبرة الأساتذة والطلاب في استخدامها.
إن جمهورية بنغلاديش الشعبية تحتل موقعا استراتيجيا بالغ الأهمية من الناحية الجغرافية. فرغم أن غالبية سكانها من المسلمين المتدينين، إلا أنها محاطة بدول يغلب عليها الطابع الهندوسي والبوذي، مما جعلها ساحة مفتوحة أمام أنشطة التبشير والتنصير التي تتلقى دعما متواصلا من الأوروبيين والمنظمات غير الحكومية.4 ـ قصور برامج تدريب المعلمين، مما يؤدي إلى ضعف في بعض المهارات اللغوية الأساسية لدى عدد من أعضاء هيئة التدريس.
5 ـ انخفاض فرص المشاركة في الندوات والمؤتمرات الدولية المتعلقة باللغة العربية وآدابها، إضافة إلى ضعف الإلمام بمستجدات التربية الحديثة وأساليبها المتطورة.
6 ـ هيمنة الفكر العلماني على الدساتير وغياب العناية الرسمية بالدين الإسلامي واللغة العربية، الأمر الذي يولد في نفوس الطلاب نظرة سلبية تجاه هذه اللغة العريقة.
7 ـ تفاوت المستويات اللغوية بين الطلاب في الصف الواحد، مما يشكل عقبة تعليمية تعيق التقدم الجماعي.
8 ـ الانشغال بالمناهج التقليدية والاعتماد المفرط على الكتب القديمة والمصادر غير الكافية، إلى جانب ضعف الجهود الرسمية التي تبذلها الدول العربية وسفاراتها في دعم ونشر اللغة العربية في بنغلاديش.
9 ـ ضيق آفاق سوق العمل داخل البلاد وقلة الفرص المتاحة في الخارج، مما يُضعف الحافز لدى الطلاب لتعلُّم اللغة العربية وتطويرها.
الخطة الاستراتيجية لضمان جودة تعليم اللغة العربية في جامعات بنغلاديش:
الخطة الاستراتيجية هي الإطار العام الذي يرسم بعناية لتحديد المبادئ والأهداف الرئيسة لأي مؤسسة تعليمية، ويعينها على بلوغ تلك الأهداف من خلال رصد الإمكانات المادية والمعنوية، وتوفير المستلزمات الفنية والإدارية، مع تحديد الوضع الراهن بدقة واستشراف النقطة التي يراد الوصول إليها في المستقبل، ومن ثم رسم المسارات البديلة لتحقيق هذا الوصول بأعلى قدر من الكفاءة.
تعد الخطة الاستراتيجية من أبرز أدوات الإدارة الحديثة، وتستوجب امتلاك مهارات التفكير العلمي العميق والتحليل المنهجي الرصين لاتخاذ قرارات رشيدة وحكم موضوعي يستند إلى رؤية مستقبلية نافذة. وقد باتت هذه الخطة ضرورة ملحة في هذا العصر الذي تشابكت فيه أنماط الحياة وتعقدت مساراتها، وتعددت تحدياته وتشعبت مجالاته.
محاور الخطة الاستراتيجية لتطوير جودة التعليم الجامعي:
عند صياغة الخطة الاستراتيجية للنهوض بجودة التعليم في الجامعات البنغلاديشية، ينبغي التركيز على خمسة أولويات جوهرية:
1 ـ تحديث نوعية التعليم الجامعي بما ينسجم مع المعايير الدولية ويواكب تطورات العصر.
2 ـ توفير فرص التعليم المتميز للطلاب بما يعزز قدراتهم المعرفية والمهارية.
المدارس الدينية، والمعاهد الإسلامية، وأقسام اللغة العربية في الجامعات تعاني من ضعف الإمكانات الميدانية، وقلة الكفاءات العلمية، وضعف التمكن من العلوم والمعارف الدينية، مما يجعلها عاجزة عن التصدي الفاعل لهذه الحملات المنظمة.3 ـ ترسيخ مبادئ الهوية الوطنية لدى الطلاب، وربطهم بأصالتهم الثقافية والقيمية.
4 ـ إعداد كوادر قيادية مؤهلة وقادرة على أداء دورها الفعال في خدمة مشروعات التنمية الوطنية.
5 ـ الاستجابة السريعة لمتطلبات النظام التعليمي من خلال تنمية المهارات الضرورية التي يتطلبها سوق العمل.
يتعين عند إعداد الخطة الاستراتيجية لضمان جودة التعليم في الجامعات أن تؤخذ في الاعتبار جملة من المسائل الجوهرية، ومن أبرزها:
1 ـ آفاق التطوير والتحسين والتعديل.
2 ـ تحديد الأولويات في اختيار المواد الدراسية وتطوير المقررات وفق الحاجات الواقعية.
3 ـ وضع خطة استراتيجية قابلة للتنفيذ تراعي الواقع وتستجيب لمتطلبات المرحلة.
4 ـ اعتماد خطط تعليمية عبقرية تتسم بالسهولة والمنهجية والمنطق والموضوعية.
5 ـ تحديد الآليات والوسائل المتاحة لتحقيق الأهداف المنشودة.
6 ـ استشراف البعد العالمي في التخطيط والتنفيذ لتحقيق التكامل مع التجارب الدولية.
7 ـ الاستفادة القصوى من التقنيات الحديثة وربط التعليم باحتياجات سوق العمل.
8 ـ توفير فرص التعليم الجيد والمتكافئ للجميع دون استثناء.
9 ـ الاستعانة بأصحاب الخبرات العريقة ومراجعة الدراسات والبيانات التقليدية للاستفادة منها.
10 ـ وضع قواعد وتدابير إيجابية تتماشى مع المعايير العالمية.
11 ـ تمكين الأساتذة من المشاركة في الأنشطة اللغوية والأدبية العالمية وتبادل الخبرات.
12 ـ إبرام اتفاقيات بين الحكومات الإسلامية لتبادل الأساتذة والطلاب وتوسيع آفاق التجربة الميدانية.
13 ـ استيراد الوسائل التعليمية الحديثة لنشر اللغة العربية بأساليب عصرية.
14 ـ مراجعة وتطوير المناهج التقليدية مع تبني المناهج الحديثة والأساليب الفعالة.
15 ـ الاهتمام بتدريب وتأهيل المعلمين وتعويدهم على ممارسة اللغة العربية بتمكن.
16 ـ إنشاء المكتبات المتخصصة والنوادي الإلكترونية لتعزيز المهارات اللغوية.
17 ـ تنفيذ برامج تدريبية نوعية لرفع كفاءة مشرفي التعليم.
18 ـ إعداد معلمين متميزين يتولون مهمة تدريب وتأهيل زملائهم.
19 ـ منح الجامعات استقلالية ذاتية في تطوير وتقييم المواد والمناهج.
20 ـ تحفيز الأساتذة والطلاب على إتقان اللغة العربية عبر الجوائز والمكافآت التشجيعية.
21 ـ إصدار الصحف والمجلات باللغة العربية لنشر الثقافة والأدب العربي.
22 ـ توسيع نطاق تعليم اللغة العربية ليشمل كافة الجامعات في البلاد.
23 ـ تعزيز التعاون مع السفارات العربية لتأسيس معاهد متخصصة تسهم في تسهيل تعليم اللغة العربية في مختلف أنحاء البلاد.
الخاتمة:
وفي خاتمة هذا الحديث، يمكننا أن نقول بثقة: إن جمهورية بنغلاديش الشعبية تحتل موقعا استراتيجيا بالغ الأهمية من الناحية الجغرافية. فرغم أن غالبية سكانها من المسلمين المتدينين، إلا أنها محاطة بدول يغلب عليها الطابع الهندوسي والبوذي، مما جعلها ساحة مفتوحة أمام أنشطة التبشير والتنصير التي تتلقى دعما متواصلا من الأوروبيين والمنظمات غير الحكومية.
وفي مواجهة هذه التحديات المتصاعدة، نجد أن المدارس الدينية، والمعاهد الإسلامية، وأقسام اللغة العربية في الجامعات تعاني من ضعف الإمكانات الميدانية، وقلة الكفاءات العلمية، وضعف التمكن من العلوم والمعارف الدينية، مما يجعلها عاجزة عن التصدي الفاعل لهذه الحملات المنظمة.
لذلك تبرز الحاجة الماسة إلى تطوير مناهج التعليم، والارتقاء بكفاءات المعلمين، وصياغة استراتيجيات فاعلة لتحسين جودة تعليم اللغة العربية في جامعات بنغلاديش، حتى يتمكن طلابها من فهم القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، والاطلاع العميق على أمهات الكتب الإسلامية المكتوبة باللغة العربية. فبهذا وحده يمكن التصدي للتحديات الفكرية المعاصرة، والمضي قدما في نشر رسالة الإسلام الخالدة، وتوثيق عرى التعاون مع دول العالم الإسلامي، ولا سيما مع الدول العربية الشقيقة.
*أستاذ بقسم اللغة العربية ـ جامعة شيتاغونغ، بنغلاديش
إقرأ أيضا: اللغة العربية في بنغلاديش.. من التجذر التاريخي إلى التحديات الأكاديمية