ملوحة المياه وتلوثها هاجس صحي وبيئي متجدد بالبصرة
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
مع قدوم فصل الصيف والحرارة، تجدد أزمة المياه في محافظة البصرة مخاوف السكان والجهات المعنية، إذ تعاني المحافظة منذ سنوات من تحديات جمة في توفير مياه شرب ذات جودة مقبولة، وسط أزمة مستمرة تراوح أسبابها بين التغير المناخي جراء الجفاف وقلة التساقطات، وارتفاع درجة الحرارة، وسوء التخطيط وتراجع مياه الأنهار.
وتأتي هذه الموجة الجديدة من الأزمة وسط تحذيرات بشأن التداعيات الصحية والاجتماعية والبيئية الخطيرة، لا سيما مع الارتفاع الحاد في مستويات التلوث والملوحة التي بلغت مستويات عالية جدا في بعض المناطق.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4المياه الجوفية.. طوق النجاة المهدد في معركة العراق ضد الجفافlist 2 of 4تغير المناخ والجفاف يقوضان الثروة الحيوانية بالعراقlist 3 of 4العراق يخسر مليون دولار يوميا بسبب العواصف الرمليةlist 4 of 4تفاقم أزمة المياه بالعراق وجفاف نصف أراضيه الزراعيةend of listوتجاوزت نسب الملوحة في البصرة بحسب تقديرات رسمية مستويات خطيرة وغير مسبوقة، إذ وصلت في بعض المناطق إلى أضعاف الحدود العالمية المسموح بها لمياه الشرب والاستخدام البشري.
وتشير التقديرات إلى أن نسبة الملوحة بلغت 30 ألف جزء من المليون في منطقة الفاو و19 ألفا في مركز البصرة، وراوحت بين 5800 و6 آلاف في شمال الهارثة. ووفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية، يجب ألا تزيد نسبة الملوحة في مياه الشرب عن 1000 درجة من مقياس "تي دي إس" (TDS).
ويعود هذا التركيز الملحي بالأساس إلى شحّ الأمطار وتراجع التدفقات المائية من تركيا وإيران وخصوصا في نهري دجلة والفرات والسدود الداخلية، إضافة إلى تصريفات مياه الصرف الصحي، واختلاط مياه شط العرب، ملتقى نهري دجلة والفرات، بمياه الخليج العربي المالحة.
إعلانوبالإضافة إلى مياه الشرب الحيوية للسكان، أثرت ملوحة المياحة وتلوثها على القطاع الزراعي وتربية الماشية، إذ تشير التقديرات إلى تراجع المساحات الزراعية في المنطقة بسبب التركيزات العالية من الأملاح.
مخاطر صحية وبيئية
ويشير رئيس قسم الصحة العامة بالمحافظة الدكتور تحسين صادق النزال إلى أن النسب الحالية تتجاوز المعدلات الطبيعية وغير مقبولة لسلامة المياه، وتشكل مخاطر صحية مباشرة وغير مباشرة على الإنسان، خاصة أن المياه الملوثة تعتبر ناقلا للعديد من الأمراض الجرثومية مثل الكوليرا والتيفوئيد والطفيليات.
وأكد أن أغلب المشاكل الحالية تتركز في الجانب الكيميائي، وتحديدا ارتفاع نسبة الملوحة في المياه، وهو ما تتفق عليه نتائج فحوصاتهم مع نتائج مديرية الماء، مشيرا إلى أن هذه المشكلة مزمنة في البصرة نظرا لارتفاع نسبة الأملاح في نهري دجلة والفرات وتزداد حدتها في فصل الصيف.
وكشف النزال عن تباين كبير في نسب الملوحة بين مناطق البصرة، فقد تصل في بعض المناطق الجنوبية مثل أبي الخصيب إلى مستويات عالية جدا تتجاوز بكثير المعايير الصحية المعتمدة من قبل وزارة الصحة، والتي تحدد الحد الأقصى المسموح به بـ1000 وحدة قياس للملوحة (TDS).
وحول تداعيات ارتفاع نسبة الملوحة في البصرة، أوضح المالكي أن الإنسان هو المتضرر الأول، مشيرا إلى ورود شكاوى حول تلوث المياه برائحة المجاري في بعض المناطق، لافتا إلى تضرر القطاع الزراعي، خاصة مزارعي الحنطة والشعير والخضراوات الصيفية، نتيجة نقص الإطلاقات المائية.
وأوضح النزال أنه على الرغم من ارتفاع نسبة الملوحة، فإن الفحوصات الجرثومية الأخيرة أظهرت نتائج جيدة وصلاحية المياه في المشاريع، وذلك بفضل العمل المشترك مع مديرية ماء البصرة.
إعلانوبخصوص الآليات المتبعة لضمان جودة مياه الشرب في المحافظة، أشار النزال للجزيرة نت إلى أن فرق الرقابة الصحية تقوم برصد دوري لحالات المخالفة في مشاريع ومحطات المياه الحكومية والخاصة، بما في ذلك أكثر من 100 محطة لتحلية المياه منتشرة في عموم المحافظة، حيث يتم سحب عينات وفحصها شهريا في مختبر الصحة العامة.
وبيّن أن الفحوصات المختبرية تشمل الجوانب البيولوجية (الجرثومية) والكيميائية للمياه. وفي ما يتعلق بمشاريع المياه الحكومية والمحطات، يتم إجراء زيارات شهرية مشتركة مع مديرية ماء البصرة لسحب عينات المياه وفحصها.
وإلى جانب مراقبة جودة المياه في المحطات والمشاريع، لفت النزال إلى أن فرقهم الصحية تقوم أيضا برصد جودة المياه في شبكات التوزيع عبر أخذ عينات من 3 نقاط (بداية المشروع، ومنتصفه، ونهايته)، لرصد بعض المشاكل المتعلقة بالتكسر في الأنابيب.
من جهته، حذر عضو مجلس محافظة البصرة إياد المالكي من صيف لاهب وساخن ينتظر محافظة البصرة بسبب قلة الأمطار هذا الشتاء وتناقص الإطلاقات المائية من تركيا والسدود الداخلية الأخرى.
ودعا المالكي الحكومة العراقية ومجلس الوزراء إلى اتخاذ قرار شجاع ومصيري بإنشاء سد في محافظة البصرة كحل جذري للحفاظ على حصة المحافظة من المياه.
وقال المالكي للجزيرة نت إن البصرة شكلت خلية أزمة لمواجهة النقص المتوقع في المياه، مشيرا إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في عدم التزام تركيا بالإطلاقات المائية المتفق عليها دوليا، بالإضافة إلى استهلاك السدود الداخلية في العراق كميات كبيرة من المياه قبل وصولها إلى الجنوب.
وأشار إلى أنه بعد متابعات حثيثة وتواصل مع وزير الموارد المائية، تمت زيادة الإطلاقات المائية مؤخرا، مما أسهم في انخفاض نسبة الملوحة في قضاء المدينة من 2400 إلى 1500، واعتبر ذلك مؤشرا إيجابا إذا استمر هذا الوضع.
وفي ما يتعلق بدور الحكومة المركزية، ناشد المالكي مجلس الوزراء التواصل مع الجانب التركي لزيادة الإطلاقات المائية، لكنه أكد في الوقت نفسه ضرورة تبني الحكومة العراقية قرارا إستراتيجيا بإنشاء سد في البصرة لحماية مستقبل المحافظة المائي.
إعلانوأكد أن تصريف المياه إلى البحر دون الاستفادة منها أمر غير منطقي، وأن بناء سد سيسهم في الحفاظ على الثروة المائية والسمكية والحيوانية وإنعاش الأهوار في عموم العراق.
وأشار المالكي أيضا إلى أنه يجري العمل على توفير محطات تحلية بدلا من محطات التصفية في مناطق مثل سيحان وأبي الخصيب والفاو، وإلى وجود خطط لمد أنابيب من نهر دجلة في القرنة لتغذية قضاء المدينة ومنطقة عز الدين سليم ومركز محافظة البصرة. كما أكد أنه في حال استمرار الإطلاقات المائية الحالية، من المتوقع تجاوز الأزمة الحالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بيئي الإطلاقات المائیة فی بعض المناطق محافظة البصرة میاه الشرب فی البصرة المیاه فی أکد أن إلى أن
إقرأ أيضاً: