علي بن سالم كفيتان

زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض في جولة شملت الدوحة وأبوظبي كانت بمثابة رسم خارطة جديدة للتحالفات في المنطقة ونهاية للفتور في العلاقات بين الرياض وواشنطن في عهد الرئيس السابق جو بايدن؛ حيثُ طغت لغة المال على لغة السياسة، ولا شك أنَّ سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية، يعرف فك شفرة الرئيس ترامب وقدَّم المملكة برؤيتها الجديدة للعالم من باب المال والأعمال.

والحقيقة السياسية التي بدت من خلف الكواليس تقول لأمريكا إذا أرادت التطور السلام والتنمية والشراكة فبابها هو الرياض التي احتضنت قمة خليجية أمريكية، وإذا أرادت الحروب والدمار وخنق طرق التجارة العالمية، عليها أن تتبع تلابيب وحكومة نتنياهو الإرهابية المتطرفة، التي كلَّفت واشنطن مليارات الدولارات، ورسمت صورة سيئة للولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تنصِّب نفسها حاميةً للحريات وحقوق الإنسان والتعبير عن الرأي. ونعتقد أنَّ الرئيس ترامب كرجل أعمال سينحاز للسلام والتنمية والازدهار الاقتصادي أفضل من لغة الحروب والدمار، ولا نستبعد عقد صفقة مع إيران؛ إذ إنَّ ترامب بات يؤمن أكثر من أي وقت مضى بأنَّ على إسرائيل التي لا تستمع له أن تخوض معركتها منفردة، وأن ذلك جليًا من خلال اتفاق وقف إطلاق النار مع صنعاء بعيدًا عن إسرائيل.

لعلها كانت الفرصة الكاملة لشرح تطلعات منطقة الشرق الأوسط للسلام مع رئيس أمريكي يؤمن بوقف الحروب، ويتبنى لغة الصفقات التجارية بين أمم وشعوب العالم لحل الأزمات، وما حصل عليه خلال جولته هذه كان خير شاهد على اختيار عرب الخليج الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الباب الذي يُمكن الولوج منه لحل نهائي للقضية الفلسطينية؛ فالرئيس ترامب هو الزعيم الأمريكي الوحيد الذي لديه القدرة على فرض السلام على الكيان الصهيوني في الوقت الحاضر.

إنَّ إقناع الرياض الرئيس ترامب برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا منذ عقد من الزمن، يُعد اختراقًا كبيرًا للعقلية الأمريكية التي دأبت على إلصاق تهمة الإرهاب بالمشرق العربي الذي عانى من ويلات الحروب والتشريد والحصار؛ فعودة الحياة إلى دمشق مجددًا هي استعادة النبض لعاصمة مُهمة، طالما شكلت محورًا مُهمًا في عالمنا العربي. وكُل مُحب للخير يرى في ذلك إنجازًا عظيمًا حققته هذه الزيارة مهما كانت كلفتها؛ حيث إنَّ عودة سوريا إلى الحضن العربي ورجوع ملايين اللاجئين إلى بلادهم لا يُقدَّر بثمنٍ، ولا شك أن سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز راهن بكل ثقله على ذلك، فما لم تحققه القمم العربية ولا قرارات الأمم المتحدة حققه بن سلمان في صفقة واحدة، وساهم في إحياء قطر عربي رزح تحت الظلم والطغيان لعقود.

العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية مُهمة لكل شعوب العالم؛ كونها القوة العظمى الوحيدة، فقد رأينا توقيع الصين لاتفاق الرسوم الجمركية مع أمريكا والوصول لحل وسط يُرضي الطرفين، رغم قوة الصين وأهميتها الاقتصادية التي تطمح لبلوغ سقف الاقتصاد العالمي، إلّا أنها آثرت الصُلح مع المارد الأمريكي، والتجاور معه بلغة المال التي يُفضِّلها ترامب على لغة التصعيد والحرب الاقتصادية التي سوف تعصف بالعالم وتتسبب في أزمات جديدة. لهذا لا نرى عجبًا ولا استنكارًا أن يتفاهم عرب الخليج بذات اللهجة مع ترامب لحماية استقرار المنطقة ونموها وازدهارها؛ فالكثير من المُنادين بالمناكفة لا يعون العواقب.

للأسف لم تنل القضية الفلسطينية حسب الظاهر الاهتمام الذي توقعناه من هذه الزيارة؛ حيث كنَّا نأمل إعلان اعتراف أمريكي بالدولة الفلسطينية من قلب جزيرة العرب وتراجعها عن حماية الكيان الصهيوني سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا ووقف الحرب الوحشية والتطهير العرقي الممنهج في قطاع غزة وقضم الأراضي في الضفة الغربية. وبيَّنت قطر أنَّها تحمل همَّ هذا الملف وأوصلته بمهنية إلى الرئيس ترامب، وعسى أن نرى تطورًا لافتًا خلال الأيام المقبلة وخاصة بعد إطلاق الأسير الأمريكي الجنسية عيدان ألكسندر كبادرة حُسن نية من حركة المقاومة الإسلامية حماس تزامنًا مع الزيارة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اليونيسف: طفل يُقتل أو يُشوه كل 15 دقيقة في الشرق الأوسط

صراحة نيوز-قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إن ما لا يقل عن 12.2 مليون طفل قُتلوا أو شُوهوا أو نزحوا في صراعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أقل من عامين، وهو ما يعادل نزوح طفل واحد كل 5 ثوان، وقتل أو تشويه طفل واحد كل 15 دقيقة.
٦وأضافت المنظمة، في بيان اليوم الأربعاء، أن تقارير تشير إلى نزوح أكثر من 12 مليون طفل، وإصابة أكثر من 40 ألف طفل، ومقتل ما يقرب من 20 ألف طفل.
وقال المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقي إدوارد بيغبيدر: “تنقلب حياة طفل واحد رأسا على عقب بمعدل كل 5 ثوانٍ بسبب الصراعات في المنطقة”، مشيرا إلى أن نصف أطفال المنطقة البالغ عددهم 220 مليون طفل يعيشون في بلدان متأثرة بالنزاعات.
وأشارت اليونيسف إلى أن نحو 110 ملايين طفل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعيشون في بلدان متأثرة بالصراعات، مبينة أن العنف يستمر في تعطيل كل جانب من جوانب حياتهم، حيث يتم تدمير المنازل والمدارس والمرافق الصحية.

مقالات مشابهة

  • الكرملين: بوتين أكد لترامب ضرورة تسوية الأوضاع في الشرق الأوسط بالوسائل السلمية
  • اليونيسف: طفل يُقتل أو يُشوه كل 15 دقيقة في الشرق الأوسط
  • الخارجية الأمريكية: الشرق الأوسط تغير جذريا إلى الأبد قبل أسبوعين
  • الرئيس السيسي يتلقى اتصالاً من زيلينسكي لبحث تطورات الأزمة الأوكرانية والأوضاع في الشرق الأوسط
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • تفكك مجلس العمالة المعيّن في الرياض.. صراع النفوذ السعودي-الإماراتي يهدد الكيان السياسي للعدوان
  • نادية صبرة تكتب: خدعة القرن فى الشرق الأوسط
  • الأمم المتحدة ترحب برفع جزء كبير من العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن سوريا
  • عبد الوهاب: السماح الكامل بالتعامل باليوان يُعزز السيادة الاقتصادية ويفتح أبواب استثمارية جديدة مع الصين
  • ملفات ساخنة في لقاء ترامب ونتنياهو.. من رهان وقف النار إلى تقارب الشرق الأوسط