الثورة نت:
2025-12-14@00:29:14 GMT

عربات جدعون: معركة الوجود والهوية

تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT

 

(عربات جدعون) توراتية الاسم والمضمون وعنصرية القتل، ليست إلا فصلًا إضافيًا للإبادة في محرقة غزة، يراد منها التهجير وكسر الإرادة. لكن غزة، كما عهدناها، عصيّة على الانكسار. بشعبها المقاوم، ووعيها المتجذر، تسدّ ثغرة الأمة في الدفاع عن فلسطين ومقدساتها. الأرض تُحمى بالوجود، والوجود يُصان بالصمود. نتنياهو، بتطرّفه اليميني، نسف أي مسار تفاوضي وضحى بأسراه، وعليه أن يترقب اشتعال الضفة والقدس والداخل، فضلًا عن انتفاضات أحرار العالم.

إنها معركة هوية وأرض، وغزة وفق تاريخها، شوكة دائمة في حلق المشروع الصهيوني، وجسر عبور إلى التحرير الشامل (ولتعلمن نبأه بعد حين).
بين ركام البيوت في غزة، وتحت قصف لم يعرف هدنة منذ سبعة أشهر، أعلنت إسرائيل عن بدء عملية “عربات جدعون” كحلقة جديدة في مشروع الإبادة والتهجير القسري، بإسناد أمريكي مباشر وتواطؤ إقليمي، في محاولة لإعادة إنتاج النكبة بصيغة أشد بشاعة، تطال البشر والحجر والوعي. ليست “عربات جدعون” مجرد عنوان عسكري لعملية اجتياح، بل هي جزء من خطة استراتيجية لإخضاع غزة وإفراغها، والتمهيد لفرض سيناريوهات الوطن البديل وخرائط جديدة للمنطقة.
هذه العملية، التي تأتي في ظل عنجهية (نتنياهو) بإغلاق المسار التفاوضي، وانكشاف هشاشة الجيش الإسرائيلي أمام صمود المقاومة، لا يمكن فصلها عن السياق الإقليمي والدولي العام. فالدور الأمريكي، ومن خلفه تحالفات النفط والتطبيع، أعاد تشكيل أجندته تحت لافتات “الاستقرار” و”إعادة الإعمار”، بينما الهدف الحقيقي هو سحق الإرادة الفلسطينية، وفرض وقائع تقسيمية ونهائية، تتجاوز حدود غزة إلى الضفة والقدس والداخل.
في المقابل، تقف غزة، كما عهدناها، عصية على الانكسار. بالمقاومة، بالإيمان، بالوعي العميق بأن هذه الأرض لا تُحمى إلا بالوجود، ولا يُصان الوجود إلا بالصمود. فالشعب الفلسطيني، في وجه هذه العربة الحديدية التي يقودها نتنياهو بعنجهية التطرف، يدرك أن الثمن كبير، لكن التراجع مستحيل، لأن البديل هو الاجتثاث.
وفيما يلهث الاحتلال نحو تصدير نصر مزيف عبر اجتياح بري متهور، تبدو الضفة والقدس والداخل المحتل على صفيح ساخن، وقد تشتعل في أية لحظة. فهذه المعركة لم تعد تخص غزة وحدها، بل باتت معركة هوية ووجود لكل فلسطين، بل وللمنطقة بأسرها. هي معركة إعادة تعريف “العدو”، وكشف زيف المشاريع التي تُطرح بلغة الإنسانية لكنها تُنفذ بأدوات التطهير العرقي.
ومع تصاعد العزلة الدولية لإسرائيل، وتراجع ثقة جمهورها بجيشها، وظهور ملامح نظام عالمي متعدد الأقطاب بقيادة الصين وروسيا، فإن ثمة نافذة استراتيجية بدأت بالتشكل. لكنها تحتاج لإرادة فلسطينية سياسية موحدة، ورؤية عربية جريئة تخرج من مربع الصمت إلى الفعل.
إن مواجهة “عربات جدعون” تتطلب تحركًا على مستويين:
1. الوطني الفلسطيني: عبر تثبيت الرؤية الجامعة، وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، واستعادة القرار الوطني المستقل، ورفض مشاريع الانقسام السياسي والجغرافي.
2. الإقليمي والدولي: من خلال رفض أي صيغ للتطبيع مع الاحتلال، وتعزيز الاصطفاف مع القوى المناهضة للهيمنة الأمريكية، واستثمار التحولات في الرأي العام العالمي، وتوسيع الجبهة الداعمة لفلسطين شعبيًا ورسميًا.
ما يجري اليوم في غزة ليس معركة عابرة، بل فصل مفصلي في مشروع “إسرائيل الكبرى”، التي تسعى لفرض واقع جديد بالقوة، تحت غطاء دبلوماسي مموّه. لكنها، كما التاريخ يُثبت، ستصطدم دومًا بجدار غزة: الإنسان، والكرامة، والإيمان بأن الأرض لا تُؤخذ إلا من شعب خانع، وشعبنا ليس كذلك.
ستبقى غزة الجسر، لا الممر. والسد، لا الثغرة. وستبقى، كما كانت، قبرًا لكل مشاريع الإبادة، وشرارة لكل مشروع تحرير.

* رئيس مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

معركة العقول: كيف تسيطر إسرائيل على السردية العالمية؟

 

وبحسب حلقة "معركة العقول" من برنامج "المقاطعة" التي بثت على موقع الجزيرة 360 بتاريخ (2025/12/11) ويمكن متابعتها من (هذا) الرابط، فإن منظومة متكاملة من الأدوات التي يستخدمها الاحتلال لفرض روايته، بدءا من تأسيس صحيفة "جيروزاليم بوست" عام 1948 لترويج السردية الإسرائيلية للرأي العام الغربي، وصولا إلى عقود بمليارات الدولارات مع عمالقة التكنولوجيا.

ورصدت الحلقة كيف تحولت حركة المقاطعة (BDS) إلى "خطر إستراتيجي" بنظر الحكومة الإسرائيلية، حيث نُقل ملفها عام 2013 من وزارة الخارجية إلى وزارة الشؤون الإستراتيجية التي كانت تُعنى بملفين فقط: البرنامج النووي الإيراني وحركة المقاطعة.

وأنفقت إسرائيل واللوبي الصهيوني، وفق تقرير مجلة "ذا نيشن"، نحو 900 مليون دولار لمحاربة حركة المقاطعة خلال سنوات قليلة، في حين تجاوزت ميزانية وزارة الشؤون الإستراتيجية 70 مليون دولار سنويا لإدارة عمليات "دعاية سوداء" وتشويه وتجريم للناشطين.

وفي سياق متصل، وثّقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أكثر من ألف حالة رقابة على محتوى داعم لفلسطين مارستها شركة "ميتا" خلال أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2023 وحدهما، في نمط ممنهج من الإقصاء الرقمي.

وسلّطت الحلقة الضوء على مشروع "نيمبوس" الذي وقّعته الحكومة الإسرائيلية عام 2021 مع شركتي "غوغل" و"أمازون" بقيمة 1.2 مليار دولار، ويوفر للجيش الإسرائيلي أدوات متقدمة للتعرف على الوجوه وتتبع الأشياء وتحليل المشاعر.

حملة مضايقات

وعرضت شهادة المهندسة زيلدا مونتيس، التي فُصلت من يوتيوب بعد مشاركتها في احتجاجات ضد المشروع، حيث وصفت كيف تعرّضت لحملة مضايقات منظمة واتُهمت بـ"معاداة السامية" لمجرد معارضتها تواطؤ الشركة مع الاحتلال.

ومن جهة أخرى، استعرضت الحلقة تجربة عمدة برشلونة السابقة آدا كولاو التي علّقت علاقات مدينتها مع تل أبيب، وواجهت حملات تشويه وشكاوى جنائية، مؤكدة أن "منع مظاهرات لصالح فلسطين أمر غير ديمقراطي وينتهك الحقوق الأساسية".

وعلى صعيد الأصوات اليهودية المعارضة للصهيونية، أبرزت الحلقة شهادة المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه الذي وصف كيف يُهندَس المجتمع الإسرائيلي ليصبح "عنصريا ومتفوقا"، محذرا من أن الجيل الجديد "أكثر عنصرية من الأجيال السابقة".

وأكد الحاخام يرحميئيل هيرش من حركة "ناطوري كارتا" أن الصهيونية "تناقض مطلق لما يجب أن يكون عليه اليهودي"، مشيرا إلى أن 99.9% من اليهودية الأرثوذكسية عارضت الفكرة الصهيونية تاريخيا.

وختمت الحلقة بشهادة الفنان البريطاني روجر واترز، مؤسس فرقة "بينك فلويد"، الذي تعرّض لحملات ممنهجة لتدمير مسيرته الفنية بسبب دعمه لفلسطين، مؤكدا أن "حركة المقاطعة حققت خطوات مذهلة" رغم كل محاولات التشويه والإسكات.

Published On 11/12/202511/12/2025|آخر تحديث: 20:07 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:07 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • من معركة دِفَا وصمود مرباط صُنع مجد "11 ديسمبر"
  • عاجل: رئيس هيئة الأركان: قبيلة أرحب في طليعة الصفوف دفاعًا عن الجمهورية.. وصمودها نموذج وطني في حماية الأرض والهوية
  • استشاري: تفعيل مبادرة «10KSA» في 115 مركزا صحيا وعربات متنقلة موزعة بالأحياء
  • المقرحي: قرار قصر الاستيراد على الاعتمادات خطوة ضرورية لكنها تصطدم بضعف الجاهزية المصرفية
  • مسيحيو لبنان.. هويات مشرقيّة صغيرة بين محدودية التمثيل وتحديات الوجود
  • خلافًا لرغبة ترامب.. النواب يقر بنودًا للحفاظ على الوجود الأمريكي في أوروبا
  • معركة العقول: كيف تسيطر إسرائيل على السردية العالمية؟
  • بحضور السيدة الأولى.. متحف بيروت يعزز الإبداع والهوية الوطنية عبر الفن والتعليم
  • وضع منظومة جديدة لضبط عمل عربات الحنطور ورفع كفاءة الخدمات السياحية بأسوان
  • حقيقة الأهداف الأميركية في سوريا