المرض ينهش جسد الطفلة نور على وقع القتل والمجاعة في غزة
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
تنهش الأمراض أجساد شريحة واسعة من الأطفال في قطاع غزة، على وقع استمرار القتل والماجاعة والحصار المطبق، الذي حال دون تمكين عشرات الآلاف من المرضى من تلقيهم العلاج اللازم والناجع، بفعل منع دخول الأدوية والطواقم الطبية، إلى جانب حرمان المحتاجين من السفر للعلاج في الخارج.
بجسد هزيل لا يتجاوز وزنه 8 كلغ، تواجه الطفلة نور الهدى حجاج (6 أعوام) من قطاع غزة مرضا جلديا نادرا وسوء تغذية حاد وسط نقص في الأدوية المنقذة لحياتها والمكملات الغذائية التي تعوض غياب الطعام الصحي الغني بالمغذيات والفيتامينات.
وتحاول والدتها التخفيف من أوجاعها بدهن البثور الحمراء والجروح التي غطت معظم جسدها النحيل بمراهم ومحاليل تخفف من وطأة الألم الذي ضاعفته حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل للشهر العشرين وتداعياتها إذ حرمتها من السفر للعلاج منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأصيبت الطفلة بهذا المرض الوراثي والذي يسمى "انحلال البشرة الفقاعي" (مرض الفراشة)، منذ ولادتها فيما يتفاقم وضعها الصحي جراء عدم تمكنها من إجراء عمليات جراحية عاجلة خارج قطاع غزة بسبب إغلاق المعابر وجراء عدم توفر الأدوية والمستلزمات الصحية اللازمة لها.
ويُسبب هذا المرض تكوّن طبقة رقيقة ولامعة من الأنسجة على الأطراف وسائر أنحاء الجسد، حيث غطت هذه الطبقة قدمي الطفلة مُغلّفة أصابعها بالكامل، بما يشبه "أجنحة الفراشات"، فيما بدأت هذه الطبقة بالتكون على أطرافها العلوية.
وحاليا، تفقد الطفلة نور، القدرة على تحريك أصابع قدميها فيما تنمو الأصابع تحت هذه الطبقة ما يتسبب بانحنائهم إلى الأسفل، ما يُعرض العظام لاحقا للتشوه والضرر.
ونور، واحدة من أكثر من مليون طفل يعيشون في قطاع غزة ويدفعون الفاتورة الأعلى لهذه الإبادة الجماعية، التي لم تستثنهم من القتل المتعمد وفق ما أكده مؤخرا زعيم حزب "زيهوت" اليميني المتطرف موشيه فيغلين، في حديث للقناة "14" العبرية اليمينية.
وقال فيغلين، وهو عضو كنيست سابق عن حزب "الليكود" الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: "كل طفل، كل طفل رضيع في غزة هو عدو"، فيما دعا للتخلص من الأطفال والرضع.
جوع ومرض
والدة الطفلة، تقول للأناضول، بصوت حزين وقد نال منها الجوع هي الأخرى، بعد أن باتت تعاني من سوء تغذية إثر تقليص وجباتهم اليومية إلى الحد الأدنى منذ إغلاق إسرائيل للمعابر في 2 مارس/ آذار الماضي، إن "نور" ذات الستة أعوام ونصف لم تعد تزن سوى 8 كيلوغرامات فقط.
وأضافت أن هذا المرض تسبب بجروح في سائر أنحاء جسدها وصلت إلى الفم ما تسبب بالتهابات أيضا.
وأكدت الأم، عدم توفر أي أدوية أو علاجات للطفلة "نور"، خاصة وأنهم يتحملون مسؤولية شرائها في ظل أوضاع اقتصادية صعبة للغاية إذ يعتمدون في معيشتهم على المساعدات الإغاثية وما تقدمه تكايا توزيع الطعام المجاني.
وبدلا من تناول الطفلة للطعام الصحي والفاكهة والمكملات الغذائية التي تدعم جسدها النحيل في محنتها هذه، إلا أنها تناولت كما باقي أفراد عائلتها "الخبز الناشف" بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية، ما تسبب بنزيف دموي حاد جراء خدش هذا الخبز للجروح في فمها.
ومنذ 2 آذار مارس الماضي، تواصل دولة الاحتلال سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
وتابعت الوالدة المكلومة قائلة إن فم طفلتها أصيب بالتهابات أيضا، إذ تعجز الطفلة عن تحريكه فيما تحتاج لأطعمة "طرية وناعمة" بما يتناسب مع وضعها الصحي.
وفي حديثها عن معاناة الطفلة، قالت والدتها إنها تعجز عن المشي بسبب هذا المرض الجلدي، فتحاول الزحف وهي جالسة الأمر الذي سبب لها خدوشا وأوجاعا في الأرداف ما يحرمها في أوقات كثيرة من الجلوس أو الحركة، فتقضي معظم أوقاتها هزيلة متوجعة نائمة على فرشة أرضية.
سوء التغذية
تفاقم سوء التغذية من التدهور الصحي للطفلة، حيث قالت والدتها إنها نجحت بتوفير المكملات الغذائية لها خلال الفترة السابقة حيث شهدت صحتها تحسنا لكن سرعان ما تراجعت بعد نفاد المتوفر منها.
وتابعت: "المكملات الغذائية غالية الثمن، ولا أستطيع شراءه على حسابي الخاص".
وأشارت إلى أن المرض الوراثي بالإضافة لسوء التغذية تسببا بمرض في عيني "نور" الاثنتين، إلا أن خضوعها لعملية في ظل وضعها الصحي المتدهور قد يُسبب لها فقدانا كاملا للبصر، وفق ما أكده أطباء لوالدتها.
كما أكدت على أن الطفلة بحاجة إلى عمليات جراحية لفك التصاقات أصابع القدمين واليدين، وإلا فإن استمرارهما لفترة أطول قد يضعا الطفلة في وضع صحي صعب على المدى البعيد، وفق قولها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات غزة المرضى فلسطيني فلسطين غزة الحصار المرضى نور حجاج المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا المرض قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
نثرت العدس وأخفت الجثة.. كيف فضح تقليد شعبى قاتلة طفلة فى سوهاج؟
لم تكن جريمة قتل الطفلة ذات الإعاقة في إحدى قرى محافظة سوهاج سوى واحدة من الجرائم الصادمة التي مرّ عليها الزمن، لكنها ما زالت حاضرة في ذاكرة رجال البحث الجنائي، باعتبارها نموذجًا لجرائم تُرتكب بدم بارد، ويُحاول مرتكبوها دفنها تحت الأرض، لكن الحقيقة لا تموت، كما يقول اللواء خالد الشاذلي، مدير مباحث سوهاج الأسبق، الذي كشف تفاصيل الواقعة الغريبة بعد سنوات من وقوعها.
في بداية القضية، تلقى رجال الشرطة بلاغًا من أسرة تقيم في إحدى قرى سوهاج، يفيد باختفاء طفلتهم من ذوي الإعاقة في ظروف غامضة.
بدأت فرق البحث في تتبع مسارات الطفلة المفقودة، وجرى تمشيط المنطقة بالكامل، وسؤال الجيران والمعارف، دون التوصل إلى أي خيط يقود لكشف لغز اختفائها.
الفرضيات كانت مفتوحة، لكن الأدلة غائبة، والقلق يزداد مع مرور الوقت.
رغم جهود رجال الأمن، لم يكن هناك ما يدل على تعرض الطفلة لأي أذى في البداية، خاصة أن العائلة والجيران شاركوا في عمليات البحث بشكل واسع.
رجال المباحث بدأوا في تفتيش عدد من المنازل المجاورة، آملين في العثور على أي مؤشر أو دليل، إلا أن كل محاولاتهم باءت بالفشل.
لكن ما لم يتوقعه أحد أن يكون مفتاح حل اللغز مدفونًا حرفيًا تحت الأرض، في مكان لتربية المواشي ملحق بمنزل عم الطفلة.
أثناء تفقد رجال المباحث للمنطقة، لاحظ اللواء خالد الشاذلي، الذي كان يشغل آنذاك منصب مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن سوهاج، أمرًا غريبًا.
كانت هناك كميات كبيرة من العدس منثورة على الأرض بشكل لافت للنظر.
في البداية، لم يكن الأمر مثيرًا للشبهات من الناحية الأمنية، لكن خبرته الطويلة ومعرفته بعادات وتقاليد أهل الصعيد قادته إلى ما يمكن اعتباره “الطرف الأول من الخيط”.
في هذه المنطقة، تنتشر بين الأهالي روايات شعبية تقول إن من يدفن جثة في الأرض ثم ينثر العدس فوقها يمنع ظهور “العفاريت” أو أي مؤشرات تدل على وجود جثة، ما قد يساعد على إخفاء آثار الجريمة، هذه المعلومة، التي قد تبدو للبعض خرافة، اعتبرها الشاذلي دلالة محتملة لا يمكن تجاهلها.
بناءً على حدسه وتحليله للواقع، أمر بحفر الأرض الموجودة أسفل العدس داخل حظيرة المواشي، وكانت المفاجأة الصادمة، فقد تم العثور على جثة الطفلة المفقودة مدفونة في ذات المكان، ما أكد أن الجريمة وقعت بالفعل، وأنها لم تكن مجرد واقعة اختفاء عارضة.
سرعان ما تم تضييق دائرة الاشتباه، وبعد إجراء التحريات، تبين أن مرتكبة الجريمة هي زوجة عم الطفلة، التي كانت تشارك أسرتها في البحث عنها وتذرف الدموع كأنها واحدة من الضحايا، بينما كانت في الحقيقة تخفي سرًا مظلمًا.
القاتلة اعترفت بارتكاب الجريمة بدافع السرقة، إذ استدرجت الطفلة إلى الحظيرة بهدف الاستيلاء على قرط ذهبي كانت ترتديه.
وبعد تنفيذ جريمتها، دفنت الجثة في ذات المكان، ونثرت فوقها العدس، في محاولة لطمس معالم الجريمة.
اللواء خالد الشاذلي، الذي تابع الواقعة منذ لحظاتها الأولى وحتى الكشف عن مرتكبتها، قال في تصريحات خاصة لجريدة "اليوم السابع" إن هذه القضية تظل مثالًا حيًا على أن "الجريمة الكاملة لا وجود لها"، مهما حاول الجناة إخفاء آثارهم.
وأكد أن الحس الأمني، والخبرة الميدانية، وفهم طبيعة البيئة التي وقعت فيها الجريمة، كانت عناصر حاسمة في الوصول إلى الحقيقة.
وأضاف الشاذلي أن المجرمة كانت تحاول التظاهر بالبراءة، لكنها لم تستطع الهروب إلى الأبد من حقيقة جريمتها، التي أُزيح عنها الستار بعد جهد مكثف وتحليل دقيق لأبسط التفاصيل.
وأشار إلى أن ما بدا للبعض أمرًا تافهًا أو غير منطقي، مثل وجود العدس على الأرض، كان في النهاية الدليل الحاسم الذي أعاد الحق لأصحابه وكشف عن بشاعة الجريمة.
ورغم مرور سنوات على تلك الواقعة، فإنها لا تزال ماثلة في ذاكرة كل من شارك في التحقيقات، كدليل على أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تغيب.
وتعد هذه الجريمة من أرشيف الحوادث الذي يؤكد أن العدالة تلاحق كل من يخرج عن القانون مهما تمتع بالدهاء.